اللغة والتنمية: مدينة خنيفرة نموذجا … بوجمعة وعلي

تقرير تقدم به الطالب الباحث بوجمعة وعلي في موضوع “اللغة والتنمية: مدينة خنيفرة نموذجا” لنيل شهادة الدكتوراه تحت إشراف الأستاذ الدكتور عبد النور الحضري بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن طفيل المغرب.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه.
السيد رئيس اللجنة العلمية الموقرة.
أساتذتي الأفاضل، أعضاء اللجنة العلمية المحترمة، أيها الحضور الكريم:

إنه لمن دواعي سعادتي الغامرة أن أقف بين يديْ لجنتكم الموقرة في هذا المحفل الأكاديمي الجليل، لأستعرض أمامكم الخطوط العريضة للأطروحة التي حضّرتها تحت عنوان: “اللغة والتنمية: مدينة خنيفرة نموذجا”. واسمحوا لي، بداية أن أتوجه بالشكر الجزيل لأستاذي الجليل الدكتور عبد النور الحضري على قبوله الإشراف على هذه الأطروحة، وحرصه على رعايتها علميّا، طيلة مراحل إعدادها وكتابتها وطبعها، بتوجيهات ونصائح قيّمة أغنت مضامينَها. وأرجو أن تُسعِفني الكلمات لأعرب له عن خالص شكري وتقديري على ما خصني به من كريم العناية وعظيم الاهتمام، وطيب المعاملة ولطف التوجيه, كما أشكر الأساتذة الكرام أعضاء اللجنة العلمية : الأستاذ الدكتور محمد حفيظ، والأستاذ الدكتور محسن أعمار، والأستاذ الدكتور إبراهيم الكعاك، على قبولهم الاطلاع على هذه الأطروحة وتقييمها وإغنائها بملاحظات وتوجيهات ستكون بإذن الله مصابيح تنير لي الطريق، كما أشكر رئيسة وأعضاء «مختبر اللغة والمجتمع» على ما بذلوه من مجهودات قيمة لإعداد وتكوين طلبة الدكتوراه المنتسبين للمختبر. واسمحوا لي ختاما أن أتوجه بالشكر الجزيل لكل الحاضرات الحاضرين، ولكل من أسهم من قريب أو بعيد في إخراج هذه الأطروحة إلى حيّز الوجود.. شكرا لكم جميعا. أمابعد:

  • أهمية الموضوع:

إن موضوع اللغة والتنمية يكتسي همية بالغة لاعتبارات كثيرة أهمها:

أ – إن اللغة تقوم بالإضافة إلى التواصل وتبادل المعلومات والمعارف، بوظيفة التشارك الاجتماعي والثقافي اللذين يؤسسان لقانون الجماعة (المجتمع)، فهي التي تعيد إنتاج القيم الرمزية للجماعة، وتفرض قانونها الاجتماعي التشاركي، الذي يشكل أساس تطور الحضارة الإنسانية.

ب – إن الإنسان لا يتحرر من إكراهات رغباته الطبيعية ولا يكشف عن طاقاته الإبداعية المكنونة إلا إذا كان منغرسا في لغته وثقافته، لذلك لا يتصور أن يجد الفرد امتداده الطبيعي والثقافي والعاطفي والنفسي خارج لغته، لأن لغة الإنسان منطقة سرية تضمن له توازنه وانسجامه الاجتماعي والثقافي[1].

ج – إن اللغة هي الأساس الذي يقوم عليه صرح الأمم، وبها تستطيع أن تتحدث أية مجموعة قومية باعتزاز عن هويتها الخاصة (العرقية أو الوطنية)، ولا شك أن التحقيق النفسي للذات الإنسانية يتجسد في أفضل صوره من خلال الشعور بالانتماء إلى هوية محددة، أول عناصرها الجوهرية هو اللغة، يقول رولان بارث: ” كل ا مرئ سجين لغته، عندما يكون بعيدا عن طبقته، فإن أول كلمة ينطق بها تشير إليه وتحدد موقعه[2]”.

دإن ارتباط اللغة بالإنسان وحده دون غيره من الكائنات، باعتباره كائنا اجتماعيا هو ارتباط بفكره، وثقافته، وعلاقاته الاجتماعية، وهويته، وتنميته في شتى أبعادها الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية والفنية. لذلك لا يمكن تصور حدوث هذه التنمية خارج اللغة ودون إشراك المتكلمين بها في التفكير، والتنظير، وصياغة السياسات والبرامج التنموية وتنفيذها، وهذا لن يتم إلا من خلال لغتهم وثقافتهم الخاصة المتداولة بينهم والتي تختزل أفكارهم وتمثلاتهم وتاريخهم

لاشك أن كل فعل بشري، تحكمه أسباب وبواعث ذاتية، وموضوعية، ذاتية مرتبطة بالذات الفردية، وتصوراتها ورغباتها وربما مصالحها، وموضوعية مرتبطة بالمحيط الخارجي، والعناصر المؤثرة فيه، والمستقلة عن الذات لكنها مرتبطة بها بعلاقات، وتفاعلات وتبادلات، وتأثيرات سطحية عرضية أحيانا أو عميقة أحيانا، تمتزج فيها الذات والموضوع إلى حد كبير أحيانا أخرى.

والحقيقة أن اختياري لهذا الموضوع (اللغة والتنمية، مدينة خنيفرة نموذجا)، تحكمه أيضا:

2.1 – بواعث ذاتية، تتمثل في:

أ – الاهتمام الشخصي بالقضايا والظواهر الاجتماعية، لمعرفة العلاقات القائمة بينها والقوانين التي تحكمها أو تتحكم فيها، وخاصة القضايا ذات البعد الثقافي واللغوي والديني (اختلاف اللغات، اختلاف الثقافات، اختلاف الأديان، اختلاف التقاليد والعادات).

ب – تأكيد أهمية اللغتين الوطنيتين العربية والأمازيغية، ودورهما الاستراتيجي في التنمية الوطنية، لكونهما ترتبطان بالهوية والتاريخ والدين والثقافة لدى الإنسان المغربي، بل إن الحضارة العربية الإسلامية – التي يشهد لها التاريخ البشري بالتفوق والتميز- هي حضارة بناها العرب، الأمازيغ، الفرس والأكراد باللغة العربية، وعلى أنقاضها نشأت الحضارة الغربية التي تتزعم العالم اليوم.

2.2 – بواعث موضوعية، تتمثل في:

أ – المساهمة في البحث العلمي بما يفيد المجتمع واللغتين العربية والأمازيغية اللتان تشكلان عنصران أساسيان من عناصر الهوية الوطنية والحضارية للإنسان المغربي الأمازيغي والعربي.

ب – إبراز دور اللغة في التنمية، وخاصة اللغات الوطنية (اللغة العربية أساسا)، علما أن كل الدول الصناعية والمتقدمة في العالم هي دول تعتمد لغاتها الوطنية في التعليم والبحث العلمي، بهدف فهم هذا الدور واستخلاص القوانين والقواعد التي تحكمه، في أفق توظيفها في إعداد سياسات واستراتيجيات ثقافية وعلمية وتعليمية واقتصادية تساهم في تنمية الوطن وتطويره ونهضته.

ج – الرغبة في تسليط الضوء على العلاقة بين اللغات واللهجات الوطنية، في إطار سياسة توزيع الوظائف والأدوار بينها على أساس التكامل والتعاون وليس الصراع والحرب، فاللغات التي لها صفة الرسمية يجب أن تقوم بالأدوار والوظائف الأساسية في مجال التعليم والبحث العلمي والاقتصاد والإدارة، بينما تلعب اللهجات والعاميات دور التواصل والتفاعل أو بعض الأدوار الأخرى كمحو الأمية والتوعية الصحية والاجتماعية والثقافية والدينية. غير أن هذا الأمر، يحتاج إلى فهم واستيعاب العديد من المفاهيم اللغوية، مثل مفهوم اللغة الرسمية، اللغة الوطنية، اللغات الأجنبية، السياسة اللغوية، التخطيط اللغوي، الثنائية اللغوية، الازدواجية اللغوية، التعدد اللغوي وما يرتبط بها من قضايا وإشكالات ثقافية وسياسية وتدبيرية.

  • إشكالية الموضوع:

يعالج موضوع اللغة والتنمية إشكالية أساسية هي:

  • كيف يمكن أن تكون اللغة أداة للتنمية؟

من خلال محاولة الإجابة على مجموعة الأسئلة الفرعية المؤطرة للإشكالية الأساسية ومن أهمها:

  • بأي معنى تصبح اللغة عاملا اقتصاديا، وذات عائد استثماري؟
  • كيف تكون اللغة عملة وبضاعة(سلعة)؟
  • أي دور للغات الوطنية في تحقيق التنمية؟
  • هل يمكن للتنمية أن تتحقق خارج اللغة – اللغات الوطنية؟
  • ما الذي يجعل من اللغة العربية لغة التنمية في بلادنا؟
  • ما هي العوامل المساعدة والمعرقلة لدور اللغة العربية في التنمية ببلادنا؟
  • ما الدور الذي يمكن أن تقوم به اللغة الأمازيغية في تنمية الوطن؟
  • ما هو دور العامل اللغوي في ظاهرة الهدر المدرسي التي تعيشها مؤسساتنا التعليمية؟
  • كيف تساهم الثنائية والازدواجية اللغوية في هذه الظاهرة؟
  • المنهج:

تطرح الدراسة السوسيولسانية للغة صعوبات منهجية متعددة، لكونها تقارب موضوعا تتداخل فيه عوامل متعددة ومتشابكة، نفسية، واجتماعية، وثقافية، لذلك يتحتم على الدارس توخي العلمية، والابتعاد عن الذاتية والأحكام المسبقة والتمثلات الجاهزة، والانتصار للمنهج العلمي القائم على الموضوعية والتجرد والملاحظة والتجربة. وعليه، فإننا، سنحاول مقاربة هذا الموضوع منهجيا من خلال المقاربة المتعددة المناهج، وذلك باعتماد المنهج المناسب لكل حالة أو ظاهرة :

أ – المنهج الوصفي: كلما كان الأمر متعلقا بوصف ظاهرة معينة وتحديد مكوناتها والعلاقات القائمة بين عناصرها.

ب – المنهج التاريخي: كلما كان الأمر متعلقا بعرض كرونولوجي (تاريخي) للوقائع والأحداث أو التأريخ لظاهرة معينة ومراحل تطورها التاريخي.

ج – المنهج التفسيري: كلما تطلب الأمر تفسير ظاهرة من الظواهر المكونة للموضوع أو المرتبطة به، ومعرفة الخيوط الرابطة بين عناصرها.

د – المنهج التحليلي: كلما تطلب الأمر تحليل الظواهر والوقائع والتصورات والسياسات والقرارات والمواقف وردود الأفعال، وأبعادها ودلالاتها وأهدافها المعلنة والخفية، المباشرة وغير المباشرة.

  • هيكلة الموضوع:

تنبني مقاربتنا لموضوع “اللغة والتنمية مدينة خنيفرة نموذجا” على المنهجية التالية:

أ ببليوغرافيا.

ب – مقدمة عامة: تتناول لمحة موجزة عن الموضوع وأهميته العلمية والثقافية، والدواعي الذاتية والموضوعية لاختياره، والإشكالية التي يطرحها ويحاول الإجابة عنها، وخطة البحث، والمنهج / المناهج المعتمدة في مقاربته.

ج – الفصل الأول: فصل نظري، يتناول:

  • المفاهيم الأساسية للبحث: اللغة، التنمية.
  • العلوم اللسانية التي تناولت اللغة بوصفها موضوعا للدراسة من قبيل : علم اللسانيات، علم اللسانيات الاجتماعية، علم اللغة الاجتماعي.
  • مظاهر العلاقة بين اللغة والمجتمع من قبيل: اللغة والعلاقات الاجتماعية، اللغة والهوية ، اللغة والاقتصاد.

د – الفصل الثاني: يتناول بالدراسة والتحليل:

  • أهم العوامل التي تجعل من اللغة العربية لغة للتنمية في بلادنا.
  • العوامل المساعدة للغة العربية على أداء دورها التنموي مثل: السياسة اللغوية، التخطيط اللغوي، الترجمة، التعريب.
  • العوامل المعيقة للدور التنموي للغة العربية مثل: التعدد اللغوي، الثنائية اللغوية، الازدواجية اللغوية، الدعوة إلى العامية، الفرنكوفونية.

ه – الفصل الثالث: هو الفصل التطبيقي للبحث، يتناول:

  • أهمية اللغة الأمازيغية باعتبارها لغة وطنية ورسمية، ودورها في
  • التنمية ببلادنا، وخاصة في مجال التواصل، التعليم، محو الأمية، التوعية الدينية والثقافية والسياسية.
  • المحددات الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية لمنطقة خنيفرة بوصفها مجال للدراسة الميدانية.
  • دور اللغة في الهدر المدرسي، من خلال دراسة ميدانية شملت تلاميذ وأساتذة السلك الثانوي التأهيلي، بالثانويات التأهيلية: محمد الخامس، طارق، أبو القاسم الزياني، فاطمة الزهراء؛ بمدينة خنيفرة.
  • و- خاتمة عامة: تتناول أهم الخلاصات والاستنتاجات والنتائج المتوصل إليها من خلال البحث، والتساؤلات العالقة، والتوصيات المقترحة، وآفاق البحث المستقبلية.

5 الصعوبات

لا شك أن أي عمل تواجهه صعوبات متعددة ومتنوعة، فما بالك إذا كان بحثا في اللغة من جانبها الأكثر تعقيدا وغموضا، ينفتح على حقول معرفية متعددة ومناهج علمية مختلفة، وتتداخل فيه عدة عوامل وعناصر ومؤثرات بعضها ذاتي نفسي، والآخر موضوعي اجتماعي، واقتصادي، وسياسي، وحضاري، وهذه الصعوبات يمكن إجمالها عموما فيما يلي:

  • قلة المصادر والمراجع في موضوع اللغة والتنمية وخاصة باللغة العربية، اللهم بعض الدراسات والمقالات والفقرات المتناثرة داخل بعض الكتب والمجلات.
  • قلة الكتب والمراجع والدراسات حول اللغة العربية والتنمية.
  • قلة الأطاريح الجامعية حول الموضوع.
  • صعوبة تحديد تصور دقيق للموضوع لمدة زمنية طويلة.
  • صعوبات ترجمة المقالات والأبحاث من اللغتين الفرنسية والانجليزية.
  • صعوبة تكييف ما تم الحصول عليه من مصادر ومراجع مع التصور الذاتي للموضوع.
  • صعوبة تناول الموضوع وفق منهج واحد، بسبب انفتاحه على حقول معرفية متعددة تتطلب الانفتاح على مناهج متعددة.

6– صعوبات البحث الميداني.

حاولنا في هذا البحث المتواضع، أن نقارب علاقة اللغة بالمجتمع بصفة عامة، وعلاقة اللغة بالتنمية بصفة خاصة، في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، في عالم العولمة؛ الذي يتميز باقتصاد المعرفة. غير أنه إذا كان الجميع متفقا على كون اللغة خاصية بشرية وأداة ضرورية لأي فعل بشري، فإن النقاش حول علاقة اللغة بالمجتمع؛ الذي تحيا فيه، وأدوارها التنموية، مازال مستمرا، خصوصا وأن كل التجارب الدولية، والإقليمية الناجحة للتنمية، ارتكزت على اللغات الوطنية في المجالات الأساسية المرتبطة بشكل مباشر بصناعة الإنسان وثقافته وفكره وعلمه، وأن محاولات استيراد هذه التجارب من أي بلد في العالم، مهما كان تقدمه وتطوره العلمي والحضاري هي محاولات فاشلة ومكلفة اجتماعيا وثقافيا وحضاريا، ولن تزيد الأمم التي تسعى إلى ذلك إلا تخلفا، وتبعية وبعدا عن طريق النهضة والتطور.

7 النتائج:

وقد أوصلتنا هذه الدراسة إلى نتائج عدة من أهمها:

  • إن اللغات كالحضارات ترتقي في سلم التطور بفعل قوة المجتمعات الناطقة بها وتنكمش بفعل ضعفها، وهي كالإنسان تحيا بالغذاء وغذاؤها الثقافة والإبداع، وسعة مساحة المتكلمين بها وجهاز المناعة المعطى لذاتيتها.
  • إن النظريات الاقتصادية الحديثة تؤكد أن التنمية البشرية الشاملة لم تعد متوقفة على مجتمع الزراعة والصناعة، وإنما على مجتمع المعرفة القائم على توظيف المعلومات والمعارف في الإنتاج والخدمات.
  • إن تبادل المعلومات والمعارف في مجتمع المعرفة أشبه بتبادل السلع والنقود، وكلما كانت العملة موحدة وذات رصيد هام، كلما أدت دورها بفاعلية في عملية التبادل.
  • إن أساس التنمية في كل بلاد العالم قائم على تعميم الثقافة والمعرفة العلمية والخبرة التقنية بواسطة اللغة الوطنية التي يعرفها ويفهمها ويستعملها الجميع، وغير ذلك يجعل المعرفة والثقافة والخبرة مقتصرة على فئة صغيرة وهو الأمر الذي يعرقل التنمية.
  • إن السياسات اللغوية لم تعد ترفا فكريا أو سياسيا أو مضيعة للوقت والجهد، بل ضرورة سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية وتربوية، هدفها تنظيم استعمال اللغات في كل البلاد وتوزيع الأدوار بينها في إطار التكامل وليس التنافس والصراع، وهي جزء أساسي من السياسة العامة للدول.
  • إن التعدد اللغوي والثنائية اللغوية ظواهر إنسانية عرفتها العديد من المجتمعات البشرية، لها وجهان:
    • وجه إيجابي: حينما تكون منظمة ومؤسسة ومقننة، تحدد فيها وظائف كل لغة على أساس التكامل وليس التنافس، وحينا تصبح عامل إغناء وإثراء للمجتمع، ومن الدول التي تعيش التعدد اللغوي الإيجابي بلجيكا ألمانيا، سويسرا، وهي كلها دول متقدمة ومتطورة.
    • وجه سلبي: حينما تكون عشوائية وفوضوية وغير مؤسسة، تتداخل فيه وظائف اللغات، في إطار التنافس المؤدي إلى الصراع والحرب، وحينما يكون عامل فرقة وتمزيق وصراع إثني ولغوي، يهدد وحدة الدول وتماسكها الاجتماعي، وهذا النوع نجده في الدول المتخلفة والنامية.
  • إن مجتمع المعرفة يستوجب حماية الهوية الوطنية وتطوير لغاتها، لأنها تجسيد حي لمعارفه وخبراته، ودليل على شخصيته وهويته الثقافية والاجتماعية والدينية والحضارية.
  • إن اللغات مثل العملات النقدية تستمد قيمتها ومكانتها الاقتصادية، من طبيعة الاستعمالات المتاحة لها في المجتمع.
  • إن الاقتصاد الرقمي أصبح يرتكز بصورة أساسية على اللغة بوصفها أداة فاعلة في صناعة القرار وإقناع الزبناء بما توفره مواقع التجارة الإلكترونية إمكانات وفرص.
  • إن اللغة العربية تمثل أساس التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في الوطن العربي عموما وفي بلادنا خصوصا، بها يمكن ولوج مجتمع المعرفة والعلم، ويستحيل أن نتصور أنفسنا داخل هذا المجتمع بلغة أخرى أيا كانت درجة تطورها وتقدمها العلمي والتكنولوجي.
  • إن مجتمع المعرفة يستوجب حماية الهوية الوطنية وتطوير لغاتها، لأنها تجسيد حي لمعارفه وخبراته، ودليل على شخصيته وهويته الثقافية والاجتماعية والدينية والحضارية.
  • إن اللغات مثل العملات النقدية تستمد قيمتها ومكانتها الاقتصادية، من طبيعة الاستعمالات المتاحة لها في المجتمع.
  • إن الاقتصاد الرقمي أصبح يرتكز بصورة أساسية على اللغة بوصفها أداة فاعلة في صناعة القرار وإقناع الزبناء بما توفره مواقع التجارة الإلكترونية إمكانات وفرص.
  • إن اللغة العربية تمثل أساس التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في الوطن العربي عموما وفي بلادنا خصوصا، بها يمكن ولوج مجتمع المعرفة والعلم، ويستحيل أن نتصور أنفسنا داخل هذا المجتمع بلغة أخرى أيا كانت درجة تطورها وتقدمها العلمي والتكنولوجي.
  • إن اللغة العربية -رغم معاناتها- لها عائد اقتصادي ومعرفي كبير نحن في حاجة ماسة إلى توظيفه واستغلاله في عالم يتسابق نحو تحقيق المكاسب المادية والاقتصادية.
  • إن اللغة العربية عنصر قوة وعامل توحيد بين الشعوب العربية والإسلامية، لكونها لغة الحضارة والتاريخ والثقافة والدين، وهي العناصر الأساسية لأي وحدة بشرية ممكنة، وهو ما يغيب في اللهجات المحلية واللغات الإقليمية والوطنية الأخرى.
  • إن نشر المعرفة والثقافة والخبرة على أوسع نطاق داخل المجتمع يستوجب تعريب العلوم والتدريس باللغة العربية في مختلف أسلاك التعليم، واستعمالها في كل الإدارات والمؤسسات والمصالح الإدارية والاقتصادية والتربوية.
  • إن التعريب في بلادنا وفي البلاد العربية ضرورة وطنية وقومية وحضارية وتنموية لا بديل عنها.
  • إن تدريس العلوم والمعارف باللغة العربية يساهم في تحصيل أعلى درجات المعرفة النظرية والمهارة التطبيقية، تحول دون حدوث ما يسمى بالاغتراب المعرفي والقيمي، لأن العقل والوجدان لا يتوحدان إلا عندما تكون لغة العلم والمعرفة هي لغة الثقافة والهوية والآداب والعلوم والتواصل.
  • إن الدعوة إلى اعتماد العامية في الوظائف العليا للسان (التعليم، البحث العلمي، الاقتصاد، الإدارة) هي اغتيال معنوي للغة العربية، ومحاولة إفقاد الثقة فيها بوصفها لغة للعلم والمعرفة والأدب، وهي اللغة التي أضاءت البشرية قرونا طولة من الزمن.
  • إن اللغة العربية من أكثر اللغات الطبيعية استجابة لتطبيقات الهندسة اللسانية، لأنها مبنية وفق ضوابط لسانية مستقرة وثابتة لا تتوافر في كثير من اللغات الطبيعية، إذ فيها الجذر والوزن اللذان يتم توليد المفردات بهما عن طريق التفاعل الخوارزمي الرياضي، كما أن بنياتها التركيبية تنضبط في إطار صوري لا مثيل له، إضافة إلى نظامها الصوتي المتكامل.
  • إن الدعوة إلى تقعيد العامية / الدارجة، يتطلب عقودا من الزمن وهذا يعطي فرصة زمنية أطول للغة الفرنسية من أجل الاستمرار في احتكار الوظائف العليا للسان في مجالات (التعليم، البحث العلمي، الإدارة، الاقتصاد، الإعلام) وهذا هو الهدف الأساسي والحقيقي من هذه الدعوة.
  • إن الدعوة إلى العامية دعوة استعمارية قديمة تتجدد مع الزمن في أشكال متعددة، غايتها الأساسية تجزيئ الأمة إلى كيانات لغوية وسياسية وعرقية صغيرة ومتصارعة، وهي دعوة تشير إلى الاتجاه المعاكس للتاريخ نحو الكيانات السياسية والاقتصادية الكبرى (الاتحاد الأوروبي مثلا).
  • إن شرعية ومشروعية اللغة العربية تتأسس على عدة حجج:
    • حجة دينية: هي لغة الدين الإسلامي والقرآن الكريم، والدين الإسلامي هو دين الدولة والمجتمع المغربي والعربي.
    • حجة تاريخية: باعتبارها لغة المدرسة الوطنية منذ زمن بعيد.
    • حجة ثقافية وعلمية: باعتبارها حاملة وناقلة لإرث حضاري، أدبي وعلمي وفني وفلسفي عريق يمتد لأزيد من 14 قرنا من الزمن.
    • حجة إيديولوجية: باعتبارها رابطة رمزية وعنصر وحدة وأداة تواصل بين شعوب الأمة العربية والإسلامية (حوالي 500 مليون نسمة).
  • إن محاولة إخضاع اللغة العربية لقانون تطور اللغة اللاتينية غير ممكنة لأن قانون تطور الظاهرة اللغوية في الغرب مبني على تقعيد اللهجات اللاتينية (الفرنسية، الإيطالية، الإسبانية…) وفي العالم العربي مبني على تفصيح اللهجات وتقريبها أكثر من اللغة العربية الفصحى، كما أن قانون تطور اللغات ليس أحاديا كما يعتقد الغربيون بل متعدد كما تؤكد الحالة العربية.
  • إن الفرنكوفونية من خلال دفاعها على الفرنسية والعامية معا تسعى إلى:
    • عرقلة التنمية في بلادنا والعالم العربي، من خلال إبعاد اللغة العربية التي هي أساس التنمية في هذه البلدان.
    • عرقلة مسيرة الاندماج بين الأقاليم داخل الوطن الواحد، وبين الدول العربية داخل الوطن العربي، لأن اللغة العربية هي عنصر الوحدة والاندماج.
    • تحقيق أهداف ومصالح استراتيجية واقتصادية وسياسية لفرنسا وعملائها وأتباعها في بلادنا والعالم العربي.
  • إن دعاة الفرنكوفونية والمتحمسين للغة الفرنسية يجهلون أو يتجاهلون أن هذه الأخيرة هي التي كانت لغة الوظائف العليا للسان ببلادنا منذ أزيد من قرن (1912- 2016م)، ومع ذلك لم تنتج لنا لا نهضة علمية ولا تنمية اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو فنية، كما يجهلون أو يتجاهلون أن مساهمة هذه اللغة بين باقي اللغات العالمية في البحث العلمي العالمي لا يتعدى % 2.5، إضافة إلى أنها لغة لا يفهمها إلا أقل من % 10 من مجموع ساكنة المغرب، وهي نسبة لا تسمح بانتشار المعرفة العلمية لدى فئات عريضة من المجتمع باعتبارها شرطا من شروط حدوث التنمية ونجاحها.
  • إن اللغة الأمازيغية باعتبارها لغة وطنية ورسمية هي اللغة الثانية للتنمية في بلادنا، ويمكن أن تؤدي أدوار أساسية في التوعية المجتمعية ومحو الأمية.
  • إن إدماج الأمازيغية في التعليم والإعلام والقضاء والإدارة والاقتصاد يجب أيتم بالتدرج والتوازي مع عملية التهيئة والتقعيد والتطوير التي تخضع لها، وهذا أمر ضروري تقتضيه الظروف والخصوصيات الثقافية والاجتماعية وضرورات تأهيل العنصر البشري الوطني لإشراكه في جهود التنمية التي لن تتحقق إلا بنشر المعرفة والثقافة العلمية باللغة الأم والأمازيغية لغة أم لفئة عريضة من المجتمع المغربي تصل إلى حوالي % 30 من سكانه.
  • إنه لا ثقافة بغير هوية حضارية، ولا هوية بغير إنتاج فكري، ولا فكر بدون مؤسسات علمية متينة، ولا معرفة ولا تواصل ولا تنمية إلا بلغات الوطن.
  • إن ضعف الترجمة من وإلى اللغة العربية من مظاهر التخلف الذي تعيشه الأمة، فلا تنمية ولا نهضة ولا تقدم بدون مشروع وطني وقومي للترجمة، لأن كل مشاريع النهضة الحضارية في التاريخ بنيت على الترجمة، والحضارة العربية الإسلامية خير نموذج لذلك من خلال “بيت الحكمة”.
  • إن اللغة الفرنسية هي اللغة العائق في مسيرة المتعلمين الدراسية، وهي العامل الأساسي في الهدر المدرسي من ضمن العوامل المرتبطة بالمدرسة.
  • إن اللغة العربية (الفصحى) هي اللغة المناسبة والضرورية لتدريس جميع المواد بما فيها المواد العلمية والتقنية، وفي كل المستويات الدراسية (من الروض إلى الجامعة).
  • إنه كلما كانت لغة التدريس هي اللغة الأم أو لغة وطنية أخرى، كلما تحقق النجاح والتفوق اللغوي والدراسي.

وفي الختام أجدد شكري وتقديري لأستاذي الكريم الدكتور عبد النور الحضري الذي شرفت بتأطيره لهذه الأطروحة، على توجيهاته القيمة وملاحظاته الدقيقة، وأسأل الله تعالى أن يحفظه لطلبة العلم سندا ومعونة. كما أشكر السادة الأساتذة أعضاء اللجنة الأستاذ الدكتور محمد حفيظ والأستاذ الدكتور محسن أعمار والأستاذ الدكتور إبراهيم الكعاك على قبولهم مناقشة هذه الأطروحة، وأعدهم أنني سأتلقى ملاحظاتهم وتوجيهاتهم بصدر رحب، وسأعمل بها على تجويد الأطروحة وتصحيح ما ورد فيها من أخطاء ونقائص، والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.

الهوامش:

  • خلفي، عبد السلام، (2000)، اللغة الأم وسلطة المأسسة، مبحث في الوضعية اللغوية والثقافية بالمغرب، ص. 8.
  • رولان، بارث، (2002)، درجة الصفر في الكتابة، ترجمة محمد نديم خشفة، حلب، مركز الإنماء الحضاري، ص. 108.

نشر منذ

في

,

من طرف

الكلمات المفاتيح:

الآراء

اترك رد