د.معاذ عليوي: باحث في الإدارة والسياسة العامة – فلسطين
أصبحت مراكز الأبحاث والدراسات في معظم دول العالم بشكل عام، والولايات المتحدة الإمريكية وأوروبا بشكل خاص تلعب دورا مهما في إنتاج المعرفة والبحث العلمي، لما لها من دور هام في صياغة السياسة العامة للدول في مختلف المجالات الإقتصادية، والإجتماعية، والسياسية، والتعليمية، وغيرها.
إن دور وتأثير مراكز الدراسات والإبحاث في الدول الغربية عموما، والولايات المتحدة الإمريكية خصوصا، في عملية صنع القرار ورسم السياسات العامة يتفاوت بشكل كبير عن دورهم، وتأثيرهم في دول العالم الثالث بما في ذلك العالم العربي.
في ضوء تلك السياقات السابقة، هناك مجموعة من الأدوار الرئيسية لتلك المراكز بما يخدم السياسة العامة للدولة والمجتمع وذلك على النحو الأتي:-
الخدمات الإستشارية للقطاع الحكومي:- عموما تأخذ الخدمات الإستشارية عدة أشكال منها:-
a. تكليف أفراد متخصصون لإعداد تقارير مركزة ومختصرة لصناع القرار، والقيادات العليا حول قضايا معينة.
b. تكليف خبراء لمراجعة وتنقيح التقارير الخاصة أو الداخلية التي يتم إعدادها للقيادات العليا، والتي تتعلق بالدول التي سيقومون بزيارتها، والقضايا موضوع البحث والنقاش.
c. تكليف فرق بحثية لتقييم قضايا حساسة أو موضوع جدل ونقاش.
عموما تأخذ الأدوار الإستشارية طابع تشيخص المشكلات، وتحليلها، واقتراح الحلول والمواقف والسياسات المناسبة للتعامل معها، وغالبا ما يكون ذلك في القضايا ذات الطبيعة العاجلة أو الساخنة.
2)ممارسة الدبلوماسية السياسية:- ينحصر دورها الرئيسي في الخبراء والإكاديمين العاملين في مراكز الأبحاث من قبل وزارة الخارجية أو مؤسسات أمنية أو غيرها، لمعرفة أفاق التسوية، أو المشاركة في وساطة أو مفاوضات حول أزمة سياسية معينة، ويكون ذلك بشكل رسمي أو غير رسمي، أو بشكل معلن أو في مسار موازي.
مثال بشكل غير معلن:- قبل الوصول لإتفاق أوسلو قام تيد لارسون رئيس معهد أبحاث السلام في أوسلو بترتيب عملية المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في النرويج بشكل سري. وأحيانا يتم تكليفهم للمشاركة في مؤتمرات دولية للإطلاع على أحداث المعلومات والإطروحات السياسية أو بناء العلاقات.
3)العمل كمستشارين خبراء:- تتمثل من خلال زيارات رسمية لبعض الدول مع كبار المسؤولين، أو الوفود الرسمية الحكومية من أجل البحث في قضايا معينة تكون موضوع النقاش على جدول أعمال المسؤولين.
4)الوساطة السياسية:- تلعب دورا مهما كقناة اتصال غير مباشرة ، أو غير رسمية بين الشخصيات السياسية أو كبار المسؤولين خاصة الشخصيات الخارجية أو الدولية من أجل التعرف على أطروحاتهم وأرائهم السياسية وطبيعة أهتماماتهم من خلال دعوتهم للمشاركة في مؤتمرات أو ندوات تعقدها هذه المراكز البحثية.
5) المستقبليات:- ما يعرف بالمجال الإستشرافي خاصة مع تطور علم المستقبليات في العالم الغربي ، والتي أصبحت نتائجه في جزء منها من المتطلبات الأساسية للتخطيط الإستراتيجي في الدول المتقدمة.
6) عقلنة أو ترشيد أتخاذ القرار:- من خلال المساهمة في التقليل من مخاطر احتمالية الخطأ أو الفشل لدى صناع القرار، أو من خلال إعداد السياسات العامة وحسن التخطيط وتوفير الرؤى والأفكار العلمية والإبداعية في الدولة.
في النهاية فإن تلك الأدوار تتفاوت من دولة لإخرى، إلا أن نجاحها يزداد أكثر في الدول المتقدمة خاصة دول العالم الأول نظرا للإمكانيات، والإهتمام المباشر من قبل صناع القرار وواضعي السياسيات، أما دول العالم الثالث يقلُ الإهتمام بها نظرا لقلة الدور والتأثير المباشر لها مع صناع القرار وواضعي السياسات، مما يجعل منها مؤسسات هامشية في غالبية الإحيان أو تابعة لشخصيات سياسية تخدم أجندة معينة.
اترك رد