العراق والعام 2018!

د. جاسم الشمري – صحفي في صحيفة البصائر العراقية

مع بداية كل عام تحلم شعوب الأرض بانطلاقة جديدة نحو الحياة تكون مليئة بالأماني والأحلام، والكثير من دول العالم المتحضر تحلم بالغد ليكون باباً مشرعاً نحو مزيد من التقدم والرفاهية للإنسان وللأرض، ومقابل ذلك هنالك العديد من دول العالم، ومن بينها بعض الدول العربية لا تحلم سوى بأمن مستتب وأمان حقيقي وحياة إنسانية بأبسط مقومات العيش.
العراقيون كبقية الشعوب المنكوبة في شرقنا الأوسط يحلمون بعام مليء بالسلام والأمن وسيادة القانون وبناء دولة المواطنة، لأنهم تعبوا من الانتظار لسنوات عديدة، وهم لم يجنوا سوى الكثير من الوعود والكلام المعسول، والقليل من التطبيق الفعلي لتلك الوعود.
ومع اقتراب الساعات الأخيرة للعام 2017 امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالأمنيات والأحلام بأن يكون العام 2018 في العراق عاماً بلا هموم، وبلا آلام، وبلا قتل، ولا تهجير، ومخيمات، ولا طائفية، ولا مليشيات، وهذا ما نتمناه.
عراقياً العام 2018 سيكون حافلاً بالكثير من الفعاليات السياسية، ومنها:
– الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجالس المحافظات في 12 من شهر أيار/ مايس المقبل، والتي ستكون في أجواء غير صحية، وذلك بسبب بقاء أكثر من مليوني مواطن من محافظات الأنبار وديالى وصلاح الدين والموصل ومناطق حزام بغداد خارج مدنهم، وهم لم يجدوا من يمد لهم يد العون في تهيئة أرضية مناسبة، وبتوفير ابسط مقومات الحياة لعودتهم لمنازلهم، ولو بنصب خيام كبيرة لهم، أو كرفانات على أرض منازلهم المدمرة، فكيف يمكن لهؤلاء أن يشاركوا في الانتخابات، وهل هؤلاء مستعدون نفسياً للتصويت، وسط معاناة وإهمال وتضييع واضح لهم ولحقوقهم الإنسانية في مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة الإنسانية، وكذلك إصرار حكومي كبير على المضي بإجراء تلك الانتخابات في موعدها؟!
فهل القضية شكلية، ومجرد إجراء روتيني للانتخابات، أم هي وسيلة ديمقراطية ليدلي المواطن برأيه، وقراره فيمن يمثله تحت قبة البرلمان وفي مجالس المحافظات؟!
– برلمان جديد، ومن ضمن المتغيرات المتوقعة في العام 2018، بروز برلمان جديد، لا نعرف كيف ستكون شكل التحالفات بداخله التي ستقود لترتيب شكل الحكومة ومناصب رئيس البرلمان والجمهورية ونوابهم.
– ولادة حكومة جديدة لأربع سنوات قادمة، ولا ندري من سيكون رئيسها، وربما المرشح الأبرز هو الرئيس الحالي، حيدر العبادي، وهنالك من يتوقع عودة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، لكنني أرى أن حظوظ العبادي أقوى، وبالنتيجة فإن العبادي والمالكي كلاهما من ذات المنظومة الحزبية، حزب الدعوة!
– تغيير رئيس الجمهورية، بحسب المحصاصة السياسية فان منصب رئيس الجمهورية ضمن حصة الكرد منذ العام 2003، ولا أدري هل سيبقى الرئيس فؤاد معصوم في منصبه، أم أن الخلافات بين بغداد وأربيل ستطيح بحصة الكرد في هذا المنصب الفخري؟
برأيي سيفقد الكرد هذا المنصب، وأظن أنه ستحاول بعض الزعامات الممثلة لسنة العراق السعي للحصول عليه، مقابل “تضييع” منصب رئيس البرلمان، ومعلوم أن منصب رئيس الجمهورية في العراق هو منصب فخري، أو شكلي لا توجد له أيّ صلاحيات فعلية مفصلية واسعة، وذلك بموجب الدستور الذي جعل نظام الحكم في العراق “برلماني اتحادي”!
العراقيون يتمنون برلماناً لا يُبنى على أسس طائفية، وحكومةً لا تنظر إليهم إلا عبر منظار المواطنة، ورئيساً يمثلهم جميعاً، ويمتلك صلاحيات حقيقية للقيام بمهام منصبه على أتم وجه.
أحلام العراقيين ليست بعيدة المنال، فهم يمتلكون الرجال والمال، وقادرون على إدارة بلادهم إن هم تخلوا عن الخيمة الخارجية، ولاذوا بالخيمة الوطنية البعيدة عن الطائفية وتغييب الآخرين.
خيمة العراقيين هي خيمة جامعة للمواطنين على الخير والسلام والأمن والرفاهية، وحامية لهم من قوى الشر والإرهاب المتوغلة في بعض دوائر الدولة، وبالذات المؤسسات الأمنية التي تحتاج لجهد مميز لتنقيتها من العناصر غير المحبة للشعب، والعناصر التي لا تفقه لغة الحب والبناء والتسامح، والمُتَشَبِّعة بالكراهية والهَدْم والانتقام.
فهل ستتحقق أحلام العراقيين، أم ستبقى مجرد أحلام في مهب الريح؟!


نشر منذ

في

من طرف

الكلمات المفاتيح:

الآراء

اترك رد