إيمان توهامي: جامعة محمد خيضر – الجزائر
شعرية الجسد في رواية ” أنثى السراب” لواسيني الأعرج الباحثة: إيمان توهامي المستوى العلمي: السنة رابعة دكتوراه علوم جامعة محمد خيضر-بسكرة- كلية الآداب و اللغات قسم الآداب و اللغة العربية تمهيد: الكتابة إدراك للجسد في تمثل القوة الروحية و سبر أغوار الذات و الكون الداخلية، فالكتابة متنفس الذات و هي اختزال للجسد في كل شيء لكونها تؤسس مرجعيته الشعرية حينما تتداخل لغة الشعر بلغة السرد الروائي و هذا ما نجد عن الروائي واسيني الأعرج، لأن الكاتبة عنده فعل جسدي في المقام الأول لأنه يرسم جسد الرواية في حالة تشكل الصورة الجسدية الشعرية. ليستيقظ الجسد في مدونة” أحلام مريم الوديعة” بوصفه جمرة يشكل الصورة الشعرية الحالمة للجسد ببعدها الضبابي، المغلفة بمشاعر التوق نحو الآخر، بفاعلية تمثيله الاستيعاري بوصفه كائنا حسيا مرئيا و موجودا، تتذوق الذات الحلمة طعم الأشياء من خلاله. يتحول الجسد فيها إلى الإحساس و الاندماج في بؤرة الدلالات المنتج لها و المتلقيها. فتتحول اللغة مع الجسد من كائن مسموع إلى كائن موجود بفعل الكتابة، إلى كائن محسوس يأخذ شبقه و غوايته من غواية الجسد في تلبس معجم الجسد، تتجاوز فيه اللغة البعد الحسي و تتجاوزه إلى البعد الروحي، بحيث يتجلى فاعلية التصور الشعري في مدونة أحلام مريم الوديعة على ارتكاز السارد واسيني الأعرج منح تمثلات الجسد بعد قدسيا أسطوريا مغلفا بظلال طيفية، من خلال اللغة الشعرية القائمة على تكثيف الرموز.
تجليات الشعرية الجسدية في رواية أحلام مريم الوديعة
تشتغل رواية” أحلام مريم الوديعة” على الكتابة كلحظة تخيلية قائمة بذاتها ممتلئة بالرغبة المتحولة اتجاه الآخر، فيرتقي السرد إلى مستوى اللغة الشعرية عن طريق تكثيف الصور الشعرية المؤطرة للصورة الجسدية، لتجعل من حضور الجسد في الرواية كسراب أو لحظة وهم، لا يستطاع الإمساك به لانزياحه في المخيلة، حيث يسعى السرد في تسريده للجسد إلى تحويل اللغة إلى لحظة نداء وهمية و صرخة تتصاعد دراميا المشبع بالتوق و الرغبة للجسد . فتتجلى شعرية الجسد في اللغة السردية المؤسسة لهوية الجسد المتخيل و لكيانه و حضوره، لكن هذه اللغة مفعمة بطفرة شعورية و فيض خيالي هما اللذان يغذيان السرد، لذا تكثر الطيوف و الأصداء المحملة بعبق الأنثى المشتهاة و شذاها الذي يرغب في التوحد مع الأخر. حيث حاول السارد تكريس اللغة السردية لتجسد الحالة التي يكون عليها الجسد من أجل الإشارة إلى غيابه و ضبابيته وجوده، في حالة أقرب إلى البعد الصوفي. فيصبح الجسد كونا دلاليا، يستقطر السارد من فضاءاته رؤى سردية جديدة، فقد أصبح عطر الجسد مزيجا من عطر الربيع، الذي تغذيه الأزهار و الورود من كل نوع، من رائحة البحر الذي تغيب الإنسان في عالم أخر، فقد صبغ شعر مريم بنزعة تعبدية لا تقف إلا أمام الأنبياء، فواسني الأعرج يضعنا أمام لحظة تأملية تكثف فيها الدلالة ، فتتسرب من مخيلة الكاتب لتتحقق كواقعة نصية سردية تؤسس لشبكة الدلالة و المنتجة لها في الرواية .
تبرز الصورة الشعرية للجسد هنا من خلال الحس الإبداعي للسارد في تفعيل لغة الحواس بتقنية عالية، في البعد الصوفي في تصوير الجسد في انعتاه من رغباته حيث نجد بوحا حيميا للجسد في وعيه و إحساسه و انشطاره في المدونة، كما يقول السارد: . فالجسد هنا يحتفي بنزعة طهرانية تبتعد عما هو دنيوي، حيث يختلط الجسد بالحلم منسلخا عما هو واقعي، فهو منبع النور في توهجه غير العادي من البياض الذي أدهشت عيني العاشق، ليلج عالما من الأسطورية من شدة نعومة هذا الجسد، إذ يصبح ملمسه كالغيوم عاكسا الرقة الفائقة فيه، مما يكسبه صفات خيالية تنأى به بعيدا عن الواقع، فيقول السارد: . إن النور و الغيوم يحتفيان باللون الأبيض، ويصبغانه على الجسد لكون البياض ارتبط بالضوء خاصة ضوء النهار و الشمس، فأطلقت العرب النور على البياض وللدلالة على الإشراق و الإضاءة وبياض الوجه ونقائه و صفائه . يقول السارد : ، فأول الدلالات التي نستشفها من خلال هذه المشاهد، صفاء روح مريم و نقاؤها، فانعكست إشراقات الروح على جسدها نورا يلفها إلى أن غشي بصر عشيقها الهاذي بروح الجسد الطافية بعيدا عما يشدها إلى البعد الدنيوي يقول فالدلالة المبثوثة في الجسد والمستمدة من المشهد السردي، تتمظهر عبر وسائل لفظية تشترك جميعها في إنتاج وتأويل الدلالة، وفك شفرة الرمز الجسدي المقدس. على صعيد الوضع اللفظي ترسم منظومة الألفاظ، من النور و النعومة و الغيوم ،ترسم علامات تتجه إلى بؤرة الجسد لتنشر دلالاتها وصفاتها فتحيط بها حقل الجسد، ليكون جسد النور وجسد النعومة وجسد الغيوم، مركزا تتساقط دلالاته في أعماق الصورة المقدمة من خلال هذه المشهد السردي. كما هو مشهد واسني الأعرج أراد أن يبث من خلال الجسد دلالات العذرية، لكون واسيني يتصرف بالجسد عن طريق انزياحية صورة الغيوم و استعارة صفتها، من اللون إلى الملمس، فبياض جسد مريم كبياض الغيوم و نعومته في الملمس الحريري و القطني كملمس الغيوم، فانزاحت صورة الغيوم من طبيعتها الأصل مجرد سحاب في السماء، لتستحيل إلى جسد مريم ليكون في صفائه و بياضه، حيث جسد مريم من شدة رقته لا يحس به عاشق مريم إلا يطفو به حينما يلامسه، كأننا أمام معيارية جديدة للجسد. لكون النور يتمتع بدلالات إيمانية كبيرة و روحية، فهو صفة من صفات الإيمان الذي يجلى هالة تحيط بجسد الإنسان، دليلا على طيبته و هدايته، بصورة نور ظاهري، لكونه نتيجة للأيمان و الأعمال الصالحة ، ليكون النور الأبيض دلالة على القلب الأبيض الطاهر، في نقائه، لكون اللون الأبيض رمز الصفاء و نقاء السريرة و الهدوء، والأمل فقد اعتبره القدماء لونا مقدسا ومقصورا على الآلهة، عند المسيح يرمز إلى الصفاء و النقاء والعفاف. كأن السارد يرفع الجسد بالفعل السردي إلى ميدان خلقي جديد، من خلال هذه الصفات واشتغالها بصورة حسية متخيلة، منها ينبثق البعد الروحي السامي الطهراني، يعمل النسيج اللغوي فيها على استدعاء المخزون الدلالي لكل من النور، و النعومة، و الغيوم ليفرغ الجسد المثقل بالبعد الشهواني الرغبوي، إلى بعد دلالي لتطهير الجسد .
تبث هذه المشاهد السردية إحساس السارد الوجداني، وما يرتبط به من عالم النور لكونه يتطلع إلى حياة يخلص فيها من قيود الطين إلى مدارج النور، لذلك يؤلف النور ومشتقاته من نور الغيوم محورا هاما ليصل إلى الدلالة الروحية من إشعاع الجسد، فالنور هنا لفظة محورية تدور عليها صورة المبدع في خلق جسد جديد، لمريم نور جسد المسيح دلالته على نقائها و صفائها و طهارتها، تحيل على دلالات الجمال الفائق وما يرسله من إشعاع بصري ياسر القلوب . لتكون الشبكة اللغوية من النور والغيوم و النعومة، توحي بمعان الطهر، و البراءة والعفة و العبادة، لتكون هذه التعابير دلالة على الإشراق النفسي و الفرح، أو البهجة التي تعيشها الذات العاشقة لحظة اكتشافها لجسد مريم، مع ما يتصل به من مظاهر الطبيعة يتخذ منها منطلقا لتجسيم خلجات النفس، في إطار من المعاني الأساسية المتصلة ببعضها البعض، في ربط دلالات النور و الإيمان، في اللفظة المحورية الثانية التي تشع بدلالاتها على الجسد من الرقة و النعومة بالإضافة إلى اللون البياض. إن المثلث التصوري المتبادل الدلالة، والذي يحيط بالجسد من النعومة، و النور والغيوم تتداخل صفاتها بصفات الجسد فتطفو عبر نسيج اللغة، ليتكون السياقات التالية لها تكون مفردات الصورة، محيلة على فعل تطهيري للجسد تدعمه دلالات تسمح لهذا الفعل بصلاحيات أكبر و مشروعية، على التدليل تشكيل الرؤيا السردية المبثوثة في ثناياها :
. . وما يلاحظ هنا هو تجاذب أطراف الحديث بين الجسد و الطبيعة، ليصبح كل منهما دالا لمدلول واحد، فالعناصر الخارجية للكون تتصارع مع العناصر الجسدية بمسحة الأنثوية لتكون متآلفة متناغمة، يخفق إيقاعها ويعزف على إيقاع الجسد، في تواصل متحاور منسجم.كما يشحن واسيني مظاهر الطبيعة بشحنة متوقدة لينسلخ بها الجسد من مفردات المعجم وليكون الجسد مضيئا كقطعة البرونز . إن هذه الرموز الطبيعية ترسم صورة مركبة للجسد، صورة الجسد الطاهر الذي يحيا حياة روحية خاصة، الجسد في حياته الفطرية الحرة في أرجاء الطبيعة، لكون السارد لا يلجأ إلى مشاهد الطبيعة لذاتها، بل ليربط بين الجسد و الصورة التي أراد أن يرسمها، فنجد شبكة الدلالات التي هي عماد هذه الصورة تتأسس على صفة قدسية الجسد، من الجمال الفائق والنقاء، بينما الفراشات تمثل الانطلاق في رحاب الجمال بهدوء، وبهذا تكون أجزاء لوحة واسيني الجسدية مكتملة الدلالة. لكون الجسد الشعري عند واسيني الأعرج لا تكتمل شعرتية إلا في الغياب بين ثنايا هذا الجس ضمن شعرية الظل و النور، إلي فيه تحقيق لوجود الذات و بحث عن الحقيقة المطلقة و الإنسانية في أسمى معانيها يقول واسيني الأعرج: . و الجسد الشعري عند واسيني هو سحر أسطوري مدهش له القدرة على اقتحام كل الصعاب و طل الأماكن لا زمن له ألا زمن الرواية و لا مكان له ألا فضاء السرد .
إن شعرية الجسد هنا هي تموضعه كحقل دلالي داخل البناء الشعري للرواية واشتغاله داخل دوال النص والعلاقات الشبكية للكلمات والمدلولات أنها ترتسم تبعاً لمستوى الصورة الشعرية، فالبناء الذي تتركب عليه الصورة وفضائها الدلالي والأثر الذي تتركه في ذهن المتلقي ودرجة الانزياح الذي تصنعه الجملة الشعرية والجسد بعلائقه، حيث تتجلى شعرية الجسد في صياغتها بصورة تفعل آليه الإغواء للتوصل مع الأخر في توق تعمدت تركيب كل مجموعة شعرية على حدة في بناء متطابق يقوم على اللوحات الشعرية للجسد يقول السارد: . إن الذات لتكشف تحقق الجسد المستهام فيها في لحظة حٌلُمِيَةٍ، انسلخت فيها الذات عن واقعها لتعيش اللحظة الحلمية بنفس انفعالاتها الأصل، لكون معطياتها الإدراكية ملموسة و حقيقية، لتتضخم هذا المعطيات في لحظة الاستيهام لتنتج عنها صور جديدة ، لأن هذه الصور تعد مرحلة غياب الذات في الجسد الآخر، لكون هذه الصور المستهامة تأتي في مرحلة النبوءة و الوعي في الوصول إلى التحقق، في توق الذات إلى الاندماج الكلي مع هذه الصورة في صراع الحلم مع الواقع عن طريق ربط العناصر الأولية للجسد بالمتخيلة عن طريق الاستذكار. تنبعث منها دلالات الشهوة الملتبسة بروحانية حيث القيم الذات من الارتباطات المقدّسة مغلفة برغبوية الجسد، من خلال عملية تسريده وتصويره، تعزز الرغبة و الفتنة تتجلى فيها شبقية الجسد المشتهى. انتقل إلى وصف الجسد بين العالمين،عالم الظلمة وعالم النور،مما يجعل الشبقية تلتصق كصفة دائمة في هذه المشاهد السردية، التي ترصد حالة الجسد المنتشي باللذة الفانية في عالمها، مما يجعل النظرة الإيروستية تنبثق منها لا تكتفي بألفاظ و صور للجسد بل تتبدى فيها طاقة ذكورية معبئة بالرغبة الجنسية، للجسد الأنثوي وفي الطاقة الأنثوية المستوعبة لهذه الطاقة يقول السارد: شعرية الحضور و الانعتاق: تتجلى شعرية الانعتاق و الحضور في الثوب الصوفي الذي أضفاه السارد واسيني الأعرج على جسد مريم، متناصا بهذا الثوب مع التراث الصوفي الذي ارتبط بالله بفكرة الحلول و التواجد و الوصول إلى مقام الشهود و التجلي، ليكون الجسد معراج السارد في عبوره في حركية الزمن من الآلام و المعاناة التي تلوثه جسده نحو الخلاص و الطهرانية: لو تتحول النبوة إلى النساء، ستكون مريم مسيحا جديدا،عطرها الخاص يأسرني ورائحة جسدها تشبه رائحة النباتات المتوحشة.، هي الطفلة التي قاومت سخافات النظرات السود >>. . >.
إن الكاتب يأخذ من الجسد مذاقه و نكهته لتتحول إلى الكتابة، ليخرج من تخوم فضاء الجسد، إلى رحاب الكون و الوجود ليتعالق معهما، ليمارس العلاقة التواشجية بينهما لتصبح الأنوثة ذلك الوجود البكر الذي يتدفق نبعه بالمعاني اللانهائية،. حيث تقوم الصورة البلاغية لصورة الجسد في علاقتها الوطيدة بمنظومة الجسد، على سبر أغواره في الرواية لتتأتي الصورة الشعرية من لغة الظل و النور التي يلون بها السارد صورة الجسد في طهرانيته و نقاءه. فيستحيل جسد مريم إلى جسد المسيح مقدمة نفسها قربانا، من أجل الخلاص ولتطهر نفسها من الخطيئة، ، خطيئتها في أن حاربت المجتمع في معتقداته خرجت على عرفه ونظامه، خطيئتها في بحثها عن حريتها فتتطهر بتحمل الألم، لكن المسيح تحمل العذاب من أجل أن يخلص البشرية من خطاياها و يطهرها، و مريم قدمت جسدها و نفسها وتحملت كل العذابات، لتطهر نفسها من دنس المدينة، والسارد يجد في جسد مريم المسيح الذي سيخلصه من دنس، ما أرضعته إياه المدينة من دنس و زيف، ليصل إلى مرحلة الطهرانية بعدما يحل في جسد مريم، فمثلما المسيح متجسد في كل شخص بروحه. فالسارد متجسد في جسد مريم، ليكون جسدها البرزخ الذي يعبر منه إلى الروحانية الكاملة، حيث يلتقي بروح مريم، ليكون جسدا المسيح الذي سيحتوي هذا الجسد المنهك من عذابات المدينة، ليبعث الحياة فيه و يخلد فيها وأن السارد يرى في مريم /المسيح . حيث قوي الارتباط بروح مريم عبر جسدها، فهو مرسله إلى عالم الروحانية المطلقة وعالم المثل، متخلصا من الخطايا، فجسد مريم معراج من دنيا الخطايا إلى دنيا الطهارة والخلود، فالجسد هنا بوابة التي تتفتح فيها مشارف النورانية . مريم جسد المسيح الذي صلب على اللوح، ليخلص البشرية من خطاياها ضحت مريم جسدها من أجل أن تزكي روحها، ومن أجل أن تحارب السلطة الأسرية و تحديدا السلطة الذكورية، فجسدها قربان حريتها هو انفلات الجسد الأنثوي من رقابة القيم المفروضة فكانت ديته الألم و العذاب، لتكون جسدا لا يقبل المساس به جسد المسيح المتحرر من كل الوصايا و كل السلالات المتحدرة منها، باحثة عن المستحيل، فقد حطم التابو و خالف الأعراف و تصادم معها، مثلما كان حال جسد المسيح، فكان أن صلب بسياط المجتمع لكونه جسدا باحثا عن روحية عالية منفصل عن الدونية و الابتذال، لكون هذا الجسد هو قربان مسيحي سيطرت عليه طاقات العطاء و الخصب و الحياة. مريم جسد في صراع مع مجتمعه لكنها الطرف الأضعف في هذه المعادلة ، لكون الفرد منهزما قبل أن تبدو عليه علامات الهزيمة خسرت براءة الحياة الطفولية، أخيرا لتصل إلى جسدها هي و ليس جسد المجتمع الذي سجنها فيه، لذلك كانت المسيح الذي قبل بالألم و العذاب و الموت من أجل الخلاص و التجدد . لكون مريم جسدا محكوما عليه منذ الطفولة، دون أن تعرف من حكامها ولا تهمتها سوى أنها علامة للجسد الأنثوي، لكنها المسيح الذي حكم عليه مجتمعه بتهمة مخالفة تعاليم و أعراف المجموعة مثل المسيح حكم عليه بالصلب لكن على صليب القيم الاجتماعية لا لذنب سوى أنها متمردة بتهمة الوجود . مريم جسد يرمز إلى التضحية، في سيبل الآخر، والآخر هنا قد تعدد بالنسبة إلى مريم الآخر نفسها، والآخر حبها، الأخر جنسها و أنوثتها. مريم هي دلالة التضحية والفداء و التنازل عن سلطة الأنا، والسارد وجد في الرمز المسيح تعبيرا عن التضحية، كان واسيني يخلق تماهي بين شخصية المسيح و شخصية مريم، فمريم /المسيح المخلص . كما يلتقي المسيح و مريم في كونهما مصدرا للعطاء، يمنحان الحب و الخير ويتعرضان للنكران وللعذابات، لكون حضور المسيح في مدونة أحلام مريم الوديعة يشير إلى دلالات الصبر و الموت و الصلب و البحث عن الأحلام المخنوقة، ويظل المسيح هنا رمز البعث المنتظر والتجدد حينما يقول السارد لمريم .
هكذا تتجلى شعرية الجسد في تلبيته لنداء الذات و التعبير على هواجسها فالجسد منبع الكتابة بصوره و إحساسه و لونه، فسحر الصور الشعرية تكمن في الهالة القدسية التي أضفاها واسيني الأعرج على صورة الجسد في استقطار سحرة و بلاغة حضوره في المدونةفي مجموع الصور التخيلية المنزاحة على تعبيريتها المعهودة، لتفعل آلية التخيل عند القارئ لنتقه من عالم الواقع إلى عوالم الوهم في رصده لشعرية الجسد. ولا ننسى أن المفاهيم و القيم المرتبطة بالجسد هي التي تتحكم بكينونة الصورة الجسدية الشعرية، وما تعمد إلى تجسيده من الانفعالات بصورتها الواقعية، الألم و اللذة، لأن الصورة هنا تعتمد على لعبة الغواية والفتنة مما يصبغها ببعد جمالي داخل المتخيل السردي وما تخلقه من عوالم الوهم، و لا يخفى أن الصورة الشعرية تكمن أساسا في إستيهام الوهم على أنه واقع. كما تتجلى الشعرية الجسدية في الحيز العاطفي و المساحة الرومانسية التي يطلق لها العنان السارد في تغلف صورة الجسد المسرود، بشحن كم هائل من الوحدات السردية المتماسك بعضها البعض في مدى احتواؤها للجسد الشعري، مما يسمح للطاقة الخيالية بالعبور و النفاذ لما وراء الأشياء.
المراجع المعتمدة:
1. ص الأخطر السائح، سرد الجسد و غواية اللغة قراءة في حركية السرد الأنثوي و تجربة المعنى، عالم الكتب الحديثة، إربد، الأردن،ص 195
2. ينظر نفس المرجع، ص180.
3. ينظر،كوتسي بنديلي، الجنس بمعناه الإنساني، الجزء الأول،ط1،منشورات النور، بيروت،لبنان،دت،ص18،17.
4. واسني الأعرج، رواية “أحلام مريم الوديعة” دار الفضاء الحر، بيروت لبنان، ط1، 2001، ص 87.
5. ينظر، المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة، ص15.
6. المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة، ص210.
7. المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة، ص144.
8. ينظر ،أحمد مختار عمر ،اللغة و اللون ،عالم الكتب ،ط1982،1،ط1998،2،القاهرة ،مصر ،ص41.
9. نظر،محمد صابر عبيد ،الفضاء التشكيلي لقصيدة النثر و الكتابة بالجسد وصراع العلامات،قراءة في الأنموذج العراقي ،عالم الكتاب الحديث ،اربد ،الأردن،ص192،191.
10. حجي الزويد،لادلالة مفردة النور في القران الكريم ،منتدى الأحياء الثقافي ،2008،07،25.
11. رسول بلاوي، دلالة الألوان في الذاكرة الشعبية ،مجلة المثقف،http/www.facebook.com/almothaqaf !ref
،2012،03،14.
12. محمد صابر عبيد، الفضاء التشكيلي لقصيدة النثر و الكتابة بالجسد،ص192.
13. عبد القادر قط،الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر،دار النهضة العربية ،بيروت ،لبنان،ط3،ص356،354.
14. المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة، ص47.
15. المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة،ص81.
16. ينظر، الأخضر بن السائح ،سرد الجسد و غواية اللغة،عالم الكتب الحديث ،الأردن،ط،2011،1،ص130.
17. المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة، ص65.
18. المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة، ص47.
19. المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة، ص45.
20. المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة، ص15.
21. ينظر، الأخضر بن السائح ،سرد الجسد و غواية اللغة، ص133
22. ينظر، الأخضر بن السائح ،سرد الجسد و غواية اللغة، ص 135.
23. المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة، ص108.
24. المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة، ص78.
25. ينظر، المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة
26. ينظر، المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة
27. ينظر، المرجع نفسه، رواية “أحلام مريم الوديعة
28. أحمد يوسف،يتم النص، الجينيالوجيا الضائعة، ص192.
29. ينظر، المرجع نفسه الجينيالوجيا الضائعة، ص233.
30. ينظر، المرجع نفسه، الجينيالوجيا الضائعة، ص233.
31. إحسان عباس، اتجاهات الشعر العربي، عالم المعرفة ،المجلس الوطني للثقافة و الفنون ،كلية الآداب ،الكويت،ط،1978.ص157
32. وليد بوعديلة ،شعرية الكنعة ،تجليات الأسطورة في شعر عز الدين مناصرة ،ص234.
33. ينظر،وليد بوعديلة ،شعرية الكنعة، تجليات الأسطورة في شعر عز الدين مناصرة ،ص214،213.
34. ينظر،المرجع نفسه ،213.
اترك رد