الآثار المتبادلة للاستثمار و النمو … صياد شهيناز

صياد شهيناز: باحثة دكتوراه – جامعة بلقايد وهران

التقديم: إن الموضوع الذي تتناوله هده الدراسة يتعلق بتعاظم دور الاستثمارات الأجنبية المباشرة على الصعيد العالمي، حيث أن جميع دول العام مهما كانت مستويات تطورها تتعامل مع هذه الاستثمارات و هذا نظرا لما تحققه من عوائد على الدول المضيفة، حيث أنه في بداية هذا العقد و في الظروف العالمية المتحولة و المعروفة باسم العولمة، أصبحت العديد من الدول النامية في حاجة ماسة إلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة نظرا لانخفاض المصادر الداخلية بسبب عدم كفاية المدخرات المحلية، كما أن البديل الآخر الخاص بالقروض الأجنبية أثبت عدم فعاليته نظرا للنتائج المترتبة عنه، حيث أصبحت أغلبية الدول النامية تعاني من عجز عن الوفاء بالتزاماتها. وهكذا فإنه في ظل تصاعد مؤشرات المديونية و تضخم التكاليف المرافقة لاقتراض الدول النامية من العالم الخارجي فإن مصادر التمويل التي تبقى متاحة أمامها تنحصر في العمل على جلب الاستثمار الأجنبي المباشر من جهة، و تنشيط الاستثمار المحلي من جهة أخرى.

إن الاستثمار الأجنبي المباشر يشكل أحد أهم رؤوس الأموال التي شهدت تطورا كبيرا نظرا للدور المهم و الحيوي الذي يلعبه في نقل التكنولوجيا و التقنيات الحديثة و المساهمة في تراكم رأس المال، و رفع كفاءة رأس المال البشري و تحسين المهارات و الخبرات و هذا ما أكدته نماذج النمو النيوكلاسيكية (Solow-Swan) و نماذج النمو الداخلي .

من هذا المنطق اشتد التنافس بين الدول على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وذلك من خلال إزالة الحواجز و العراقيل التي تعيق طريقها، و منحها الحوافز و الضمانات التي تسهل قدومها و دخولها السوق المحلي. و رغم عوامل جذب الاستثمار الأجنبي المباشر المتوفرة في الجزائر ، فإن هناك جملة من العوائق التي تحد من جاذبيتها للاستثمار.

أ. الإشكالية:

لمعالجة الموضوع تطرح الدراسة الإشكالية التالية:

ماهو أثر الاستثمار الأجنبي المباشر على النمو الاقتصادي في الجزائر.

من خلال ما سبق يمكن طرح التساؤلات التالية.

– ما المقصود بالاستثمار الأجنبي المباشر؟

– ماهو حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الجزائر ؟

– ما هي القطاعات التي استحوذت على قدر أكبر من هذه التدفقات؟

المحور الأول : الإطار النظري

أولا : تعريف الاستثمار الأجنبي المباشر

لقد تعددت تعاريف الاستثمار الأجنبي المباشر و هي كالأتي:

-ينطوي الاستثمار الأجنبي المباشر على تملك المستثمر الأجنبي لجزء من أو كل الاستثمارات في المشروع المعين ،هذا بالإضافة إلى قيامه بالمشاركة في إدارة المشروع مع المستثمر الوطني في حالة الاستثمار المشترك آوسيطرته الكاملة على الإدارة والتنظيم في حالة الملكية المطلقة لمشروع الاستثمار في جميع المجالات في الدول المضيفة

-الاستثمار الأجنبي المباشر هو وسيلة تحويل الموارد الحقيقية و رؤوس الأموال من دولة إلى أخرى الخاصة في الحالة الابتدائية عند إنشاء مؤسسة

-الاستثمار الأجنبي المباشر عبارة عن تلك المشروعات التي يقيمها ويملكها ويسيرها المستثمر الأجنبي داخل بلد غير البلد الأصلي، إما بسبب ملكيته الكاملة للمشروع، أو لاشتراكه في رأس مال المشروع بنصيب يبرز له حق في الإدارة وذلك بقصد المشاركة الفعالة معتمدا على موارده المالية الخاصة بالإضافة إلى الموارد غير مالية كالمؤهلات التكنولوجية والتسويقية زيادة على الخبرة الفنية في جميع المجالات ويكون الغرض من وراء هذا المشروع هو تحقيق الأرباح وعوائد تغطي تكاليف الاستثمار .

ثانيا : النظريات المفسرة لحركة الاستثمار الأجنبي المباشر :

هناك العديد من النظريات التي تفسر حركة الاستثمار الأجنبي المباشر , و التي سوف نذكرها بدون شرح كمايلي :

نظرية الأسواق الكاملة – نظرية عدم اكتمال السوق – التحليل الكمي – نظرية جانب الطلب

ثالثا : محددات الاستثمار الأجنبي المباشر :هناك الكثير من العوامل المؤثرة على قرارات الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول المضيفة، منها :

-1 المحددات الاقتصادية: التي تشمل على مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الدالة على مستوى أداء الاقتصاد الوطني من أهمها

-درجة الانفتاح الاقتصادي على العالم: نعني انه كلما زادت درجة التفتح كلما كان الاقتصاد الوطني جاذبا للاستثمار الأجنبي المباشر والعكس صحيح ويمكن الاستدلال على ذلك بقياس نسبة الصادرات إلى الناتج الوطني و درجة تركز الصادرات.

-القوة التنافسية للاقتصاد الوطني: كلما زادت تلك القوة كلما كان الاقتصاد الوطني جاذبا للاستثمار الأجنبي و العكس صحيح.

– مدى القدرة على إدارة الاقتصاد الوطن ي: هذا يعني انه كلما تميزت إدارة الاقتصاد الوطني بالكفاءة كلما كان الاقتصاد الوطني جاذبا للاستثمار الأجنبي و العكس صحيح

-قوة الاقتصاد الوطني: كلما زادت قوة الاقتصاد الوطني زادت احتمالات نموه وتقدمه كلما كان جاذبا للاستثمار الأجنبي و العكس صحيح

-الخوصصة : حيث تساعد الخوصصة على تدفق الاستثمارات الأجنبية

-تثمين الموارد البشرية: إن وجود يد عاملة مؤهلة وسياسة موجهة في استغلال رأس المال، الإنسان له دور هام في قرار الشركة من خلال نظام تربوي وتكويني عالي. فالموارد البشرية هي القاعدة الأساسية لاستيعاب وتطوير جميع الابتكارات التكنولوجية وزيادة المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

-العمل على تشجيع رؤوس الأموال المهاجرة : أي يصعب الاحتفاظ بها محليا لذلك فإن رؤوس الأموال التي هربت خلال سنوات السبع الأخيرة تقدر ب 3،72 مليار دولار وهذا مما يؤدي إلى التخلي عن مشاريع الاستثمار المبرمجة ويؤدي إلى التفاقم ولهذا نعرف ظاهرة هروب الأموال المحلية تفقد الدولة مصداقيتها لدى المستثمرين الأجانب فإجراءات تفضيل النمو المدعم استقرار في اقتصاد كلي يمكن أن يساهم في خلق الثقة وجدب المستثمرين الأجانب.

2 المحددات الخاصة بالنظام الاقتصادي و السياسي والبيئي والمؤسسي :

كلما كان النظام الاقتصادي يعمل آليات السوق و الحرية الاقتصادية كلما كان جاذبا للاستثمار الأجنبي ، و العكس صحيح و كلما تميز النظام السياسي بالديمقراطية و الاستقرار السياسي و الأمني وعدم وجود احتمالات و مخاطر و حروب كلما كان ذلك جاذبا للاستثمار ، والعكس صحيح وكلما انطوى النظام البيئي على مجموعة من القيم و العادات والتقاليد الايجابية و المواتية للاستثمار

الأجنبي كلما كان ذلك جاذبا له و العكس صحيح.

-3 السياسات الاقتصادية الكلية :

فكلما كانت تحررية ، و مرنة ، و واضحة وتتميز بالاستقرار و غير متضاربة الأهداف وتتسم بالكفاءة و الفعالية وتتواءم مع التغيرات والتحولات الاقتصادية على مستوى الاقتصاد الوطني وعلى مستوى التحولات العالمية كلما كانت في مجموعها جذابة للاستثمار الأجنبي.

4 المحددات القانونية والتشريعية :

التي تعمل على تنظيم التعامل مع الاستثمار الأجنبي وتعمل على تحفيزه و بالتالي كلما انطوت على قانون موحد للاستثمار واضح وغير متضارب مع باقي التشريعات الأخرى ذات العلاقة و به الضمانات الكافية من عدم مصادرة و عدم تأميم وخلافه ويكفل حرية تحويل الأرباح للخارج وحرية دخول وخروج رأس المال. وكلما تتضمن مجموعة من الحوافز الضريبية المتوافقة مع كفاءة السياسة الضريبية كلما أدى ذلك إلى جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

-5 العائد على الاستثمار: القاعدة العامة هي أن المستثمر الأجنبي لا يتجه إلى الاستثمار في الخارج إلا توقعًا للعائد العلى بعد تعديله بمعدل المخاطر التجارية و غير التجارية .

-6 الطاقة أو المقدرة الاستيعابية للاقتصاد الوطني:

نعني بصفة عالمة كمية رأس المال التي يمكن أن تستثمر بكفاءة أو بعائد في الدول محل الاعتبار و تتوقف هذه الطاقة على ثلاثة عوامل أساسية :

أولها – المجالات الاستثمارية المتاحة داخل الاقتصاد .

ثانيها-القيود التي تحد من استغلال المجالات الاستثمارية المتاحة في هذا الاقتصاد.

ثالثها- نوع وحجم العائد المطلوب على رأس المال المستثمر.

7 الصحة الاقتصادية واثبات المقدرة على النمو: عندما يكون التطور الداخلي للدولة الراغبة في جذب المستثمر الأجنبي محدودًا فان ذلك لا يهيئ ظروفا مناسبة لعمل الاستثمارات الأجنبية .

رابعا : أهداف الاستثمار الأجنبي :يمكن تقسيم أهداف الاستثمار الأجنبي إلى اثنين أهداف المستثمرين الأجانب و أهداف الدولة المستثمر فيها.

-1 أهداف المستثمرين الأجانب :

-الحصول على المواد الخام من الدول المستثمر فيها لأجل استخدامها في صناعتها

-إيجاد أسواق جديدة لمنتجات وبضائع الشركات الأجنبية خاصة لتسويق فائض كبير من السلع الراكدة و التي لا تستطيع هذه الشركة تسويقها في موطنها الاستفادة من ميزة انخفاض عناصر التكلفة في الدول المستثمر فيها و على سبيل المثال أجرة العامل في تلك الدول تكون عادة اقل من أجرة العامل ي الدول المتقدمة صناعيا الاستفادة من قوانين تشجيع الاستثمار و الإعفاءات الضريبية التي تمنحها كثيرا من الدول المستثمر فيها من اجل جذب الاستثمارات الأجنبية إليها

-الاستفادة من فرص تحقيق الربح في الدول المستثمر فيها إذ إن الشركات الأجنبية قد تحقق أرباحا من استثماراتها الأجنبية تفوق بالكثير أرباحها من عملياتها داخل موطنها

-سهولة قيام الشركات الأجنبية بمنافسة الشركات المحلية و الصناعات المحلية من حيث الجودة و الأسعار و نوع الخدمة ، وذلك بسبب تملكها للتكنولوجيا المتقدمة ووفرة رأس المال لديها

-تقليل مخاطر التي تتعرض إليها استثمارات الشركات الأجنبية إذ انه كلما توزعت و انتشرت الاستثمارات على عدد اكبر من الدول كلما قلت مخاطر هذه الاستثمارات

-2 أهداف الدولة المستثمر فيها : 3 دوافع الدول المستثمر فيها من وراء قبولها و تشجيعها للاستثمارات الأجنبية فيمكن تلخيصها كما يلي :

-الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة و الخبرات الإدارية في الدول الأجنبية إذ أن قيام الشركات الأجنبية باستثمار اموالها في مشاريع محددة في دولة معينة يتضمن نقل التكنولوجيا و توظيف الخبرات الإدارية النادرة في كثير من الأموال

-الإسهام في حل مشكلة البطالة و ذلك تشغيل عدد من العاطلين عن العمل في المشروعات التي يتم إنشاؤها الإسهام في زيادة الصادرات و تحسين ميزان المدفوعات للدولة المستثمر فيها التقليل من الواردات و ذلك من خلال زيادة الإنتاج المحلي حيث يساهم الإنتاج المحلي باستبدال السلع المستوردة بالسلع المنتجة محليا تدفق رؤوس الأموال الأجنبية.

-الاستغلال والاستفادة من الموارد المالية والبشرية المحلية والمتوفرة لهذه الدول.

-المساهمة في خلق علاقات اقتصادية بين قطاعات الإنتاج والخدمات داخل الدولة المعنية

-خلق أسواق جديدة للتصدير

-نقل التقنيات التكنولوجية في مجالات الإنتاج والتسويق

-تنمية وتطوير المناطق الفقيرة

المحور الثاني : واقع الاستثمار الأجنبي المباشر و النمو الاقتصادي في الجزائر :

أولا : مؤهلات الاستثمار الأجنبي المباشر الخاصة بالجزائر:

-1 الأداء الاقتصادي : إن النتائج الإيجابية للاقتصاد الجزائري تحققت نتيجة الإصلاح الشامل الذي ساعد على وقف التدهور الاقتصادي وبدل جميع المعطيات و المؤشرات ومن أهداف هذا البرنامج

-تحقيق الانفتاح الاقتصادي .

— خفض معدل التضخم الذي بلغ مستويات قياسية سنوات 94 -98-

-استقرار سعر صرف الدينار و التخلص من التقلبات الصعبة .

-زيادة معدل النمو الاقتصادي .

-استعادة قوة ميزان المدفوعات.

-التحكم في التوسع النقدي .

-التحكم في المديونية و الحد من نموها و تخفيض تكلفة خدماتها.

-تحرير التجارة الخارجية في الاتجاهين.

-تحرير الأسعار و اعتماد اقتصاد السوق.

-2 المؤهلات أخرى : تتمتع الجزائر بالكثير من المؤهلات الخاصة و العناصر التنافسية فلديها –موقع جغرافي مميز يتوسط بلدن المغرب العربي وعلى مقربة أوربا وتمثل مدخلا لإفريقيا و تملك ثروة من الموارد البشرية وطاقات نباتي بكفاءات عالية ، كما تملك كذلك قاعدة صناعية كبرى تم بنائها خلال عقود عدة إذ تحتاج إلى استثمارات في هذا المجال لزيادة الإنتاج بهدف كفاية السوق المحلية و التصدير مع العلم أن المؤسسات الاقتصادية الجديدة أنشأت وفق مواصفات

عالية في حين عمدت الصناعات القديمة إلى برنامج تأهيل مواكبة التطور، ومن جهة أخرى باشرت الجزائر عملية الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، وعقد الشراكة الأورومتوسطية ، وهذا الأمر سيوسع من آفاق التصدير ويفرض مجالات لنجاح المشاريع الاستثمارية بالإضافة لما تملكه من بترول و غاز و معادن نفيسة ومتنوعة، بالإضافة للإنتاج الفلاحي المتنوع و ثروة كبيرة من المواد الأولية بالإضافة إلى مؤهلات أخرى. متباينة من حيث حجم هدا التدفق و دلك من خلال الأوضاع الأمنية و الاجتماعية و الاقتصادية التي شهدتها الجزائر مرحلة 1980 إلى 1995 : شهدت هده المرحلة نقص شديد في تدفق للاستثمارات الأجنبية إلى الجزائر ودلك نظرا للأوضاع التي كانت تعرفها أسعار البترول أنداك و كذلك الظروف الأمنية التي مرت بها البلاد و الجدول التالي يوضح دلك :

16 15 14 13 12 11 10 08 06 04 02 00 97 95 السنوات
1500 -584 1507 1693 1499 2571 2299 2646 1796 882 1065 438 260 25 تدفقات FDI

الوارد الى

الجزائر

بالمليون دولار

المفاهيم العامة للنمو الاقتصادي

ليس من السهل التطرق إلى المفاهيم العامة على النمو الاقتصادي و إنما سوف نلمح لها في ما يلي حيث العديد من الاقتصاديين امثال S. Kuznets : م ن الو.م.أ و w. A .leuis. من انجلترا و F. Perrous من فرنسا اهتموا بمفهوم النمو الاقتصادي فهم يعتبرونه مرادف لارتفاع الدخل الوطني و البعض يعتبرون النمو هونمو السلع و الخدمات و لقد تعددت التعاريف و المفاهيم من مفكر لآخر و من اتجاه فكري لآخر

تعريف سامويلسن المؤشر الأساسي للنمو الاقتصادي يتمثل في الناتج الوطني الحقيقي :PNN) الناتج الوطني الصافي، أو الناتج الوطني الخامPNB )

حيث النتائج التي تحصل عليها على مستوى النمو الاقتصادي كانت متقاربة باستعماله لأحد المؤشرين السابقين لكن من الأحسن و الأجدر في رأيه استعمال الناتج الوطني الصافي PNN لقياس النمو الاقتصادي بسبب سهولة الحصول على المعطيات الخاصة بهذا المؤشر

تعريف لويس W.A. Lewis يرى أن النمو الاقتصادي يتمثل في نمو الإنتاج بالنسبة للفرد . أي ما يحصل عليه الفرد من الإنتاج

تتغير معدلات النمو الاقتصادي في الجزائر حسب الأوضاع الاقتصادية مرهون بالنمو في قطاع المحروقات و الجدول التالي يوضح تطورات معدلات النمو

17 16 15 14 13 11 10 08 06 04 02 00 97 95 السنوات
1,5 3,8 3,9 3,8 2,7 4,2 2,5 3 5 5,2 4,7 2,2 1,1 3,8 معدل

النمو

الاقتصادي (%)

من خلال ملاحظة الجداول التالية نلاحظ ان النمو الاقتصادي في الجزائر يشهد تقلبات من فترة

لأخرى وكدا من سنة لأخرى ودلك راجع الى الأوضاع العالمية التي يشهدها العالم اليوم من تغيرات أسعار البترول وما شابه


نشر منذ

في

من طرف

الكلمات المفاتيح:

الآراء

اترك رد