ذ. الخشاب علي – المغرب
العنوان: أهل البيت رضي الله عنهم في القرآن الكريم
النص: ملخص المقالة :
أضحت خيرية الصحابة –أهل البيت- وأفضليتهم في الآونة الأخيرة مثار نقاش يتعاظم يوما بعد يوم، مع أن قضية خيرية جيل الصُّحْبة كانت ولا تزال محل إجماع علماء الأمة وصلحائها، لم ينازعهم في ذلك الإجماع إلا ناكر جحود، أو متمذهب حقود، أعماه التعصب المذهبي عن رؤية الحق الجلي.
ومن تم ،فإن أي انتقاص منهم على سبيل الإجمال، أو قدحا في بعضهم أو في فرد منهم على سبيل التخصيص، إنما هو تعبير عن محنة الأمة في هذا العصر، وأحد مظاهر الفتنة التي نعانيها، والفرقة التي نكابد تبعاتها المدمرة. إن القدح فيهم رضي الله تعالى عنهم وتتبع هفواتهم لا يضيرهم في شيء، وقد أفضوا إلى ربهم بما قدموا من جليل الأعمال. أنما يقع الضرر على الأمة حين يهان جيل القدوة فيها، وتقع بذلك المسؤولية على العلماء والدارسين، إذ هم أهل البيان والنصح للغافلين، وهم خط الدفاع الأول في مواجهة المغرضين والأفاكين.
إن اصطفاء الله تعالى لهم أولا، وصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثانيا، وتضحياتهم المشهودة ـ في سبيل إعلاء كلمة الدين وتحقيق مراد الله تعالى في تبليغه للعالمين ـ ثالثا، يجعل الاعتراف لهم بالجميل والفضل مسألة خُلق ومروءة قبل أن تكون مسألة دين وعقيدة، كما يجعل من تِعداد حقوقهم وتأديتها على أكمل وجه من القربات التي يرجى بها رضوان الله تعالى.
مقدمة
خص الله أهل البيت النبوي الشريف بمزايا عظيمة، ومكانة عالية ورفيعة، وفضائل لا تحصى ولا تعد، إلا أن الناس تنوعت مشاربهم في التعامل معهم. فقد غلت الرافضة في بعض آل البيت غلوا مفرطا أخرجوهم فيه من صفات البشرية إلى صفات رب البشرية، واعتقد بعضهم عصمتهم وعصمة ذريتهم وأئمتهم، وكان على نقيضهم النواصب ومن سلك مسلكهم من خوارج ومعتزلة، الذين أبغضوا آل البيت وتنقصوهم، وفرطوا في حقوقهم، وجعلوا العداوة قائمة بينهم وبين آل البيت.
وهذه الدراسة التي أقدمها تبين عقيدة أهل السنة والجماعة الصحيحة في أهل البيت انطلاقا من القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وسأتناول فيها ثلاث قضايا أساسية، ليتضح المقال لأهل الضلال.
_ القضية الأولى: معنى الأهل والآل والبيت لغة واصطلاحا.
_القضية الثانية: منزلة أهل البيت في القرآن الكريم.
_القضية الثالثة: منزلة أمهات المؤمنين خاصة في القرآن الكريم.
1:التعريف اللغوي:الأهل والآل والبيت.
1.1: تعريف الأهل
تدور معاني الأهل في اللغة عند المعجميين على روابط النسب والدين وغيرها.
قال ابن فارس: “أهل الرجل زوجه، والتأهل التزوج، وأهل الرجل أخص الناس به، وأهل البيت سكانه، وأهل الإسلام من يدين به.”
وقال ابن منظور: “وأهل المذهب من يدين به، وأهل الإسلام من يدين به، وأهل الأمر ولاته، وأهل البيت سكانه، وأهل الرجل أخص الناس به،… والتأهل التزاوج، والآهل الذي له زوجة وعيال، والعزب الذي لا زوجة له… وآل الرجل أهله، وآل الله ورسوله أولياؤه.”
ولخص ذلك الراغب في مفرداته قائلا: “أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب أودين، أو ما يجري مجراهما، من صناعة وبيت وبلد، فأهل الرجل في الأصل من يجمعه وإياهم مسكن واحد، ثم تجوز به فقيل: أهل بيت الرجل لمن يجمعه وإياهم نسب.”
والملاحظ أن كلمة “أهل” تضاف للنكرة (أهل كرم)، وتضاف للمعرفة (أهل فلان)، وتضاف للصفة (أهل العالم)، وتضاف للمكان (أهل مكة)، وتضاف للحرفة (أهل النجارة).
ورود الأهل في القرآن:
ورد الأهل في القرآن الكريم مئة وستا وعشرين مرة مضافا إلى شخص أو جهة ما لإفادة الاختصاص.
يقول الشيخ ابن عاشور: “الأهل هم الفريق الذين لهم مزيد اختصاص بما يضاف إليه اللفظ ” .
من ذلك أهل القرية، وأهل المدينة، وأهل التقوى، وأهل المغفرة، وأهل مدين، وأهل يثرب، وأهل النار، وأهل الكتاب، وأهل الإنجيل، وأهل الذكر، وأهل التقوى، وأهل القرى.
وأما أهل الرجل في القرآن الكريم فقد جاء بمعنى الزوجة وبمعنى الأولاد والأبوين والأخوة.
فجاء بمعنى الزوجة قوله تعالى: فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ . ولم يكن معه ساعتها غير زوجه . ويقول تعالى عن إبراهيم عليه السلام: فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ ، يقصد زوجه. وقال تعالى عن أيوب عليه السلام: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ، والمقصود بأهله زوجته. وامرأة العزيز خاطبت زوجها فقالت: مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا أي بزوجتك.
وجاء بمعنى الأولاد في قوله تعالى عن لوط عليه السلام: فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ أي لوط وأولاده.
وجاء بمعنى الأخوة في قوله تعالى عن موسى عليه السلام: وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي .
وجاء بمعنى الأبناء والزوجات قوله تعالى في قصة يوسف على لسان إخوته: وَنَمِيرُ أَهْلَنَا ومَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ ، وعلى لسان يوسف عليه السلام: اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ .
والملاحظ أن أهل الرجل في القرآن الكريم يتضمن الأصول والزوجات، والفروع والعصبة.
1. 2: تعريف الآل
اختلف المعجميون في كلمة الآل من حيث اشتقاقها، ومن حيث معناها.
فمن حيث الاشتقاق، قيل إن أصلها “أول”، وقيل إن أصلها “أهل”:
فذهب الخليل بن أحمد إلى أن كلمة (آل) مشتقة من الأول، قال: (آل يؤول إليه، إذا رجع إليه) . وافقه ابن فارس فقال: (آل يؤول أي رجع… يقال: أول الحكم إلى أهله، أي أرجعه ورده إليهم) .
وقال ابن الجوزي: (والأصل في ذلك قولنا: آل، وهو بمعنى: رجع).
وذهب فريق آخر إلى أن أصل كلمة (آل): أهل.
جاء في مقاييس اللغة قوله: “آل الرجل أهل بيته، لأنه إليه مآلهم وإليهم مآله، وهذا معنى قولهم يا آل فلان.”
وقال ابن منظور: “وآل الرجل أهله، وآل الله وآل رسوله أولياؤه، أصلها (أهل) ثم أبدلت الهاء همزة، فصار التقدير (أأل)، فلما توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفا.”
وقال الراغب: “الأهل مقلوب من الآل.”
إلا أن ابن القيم ضعف القول الثاني لأمور:
“أحدهما: عدم الدليل عليه.
الثاني: أنه يلزم منه القلب الشاذ من غير موجب، مع مخالفة الأصل.
الثالث: أن الأهل تضاف إلى العاقل وغيره بخلاف الآل.
الرابع: أن الأهل تضاف إلى العلم والنكرة، والآل لا يضاف إلا إلى معظم من شأنه أن يؤول غيره إليه.
الخامس: أن الأهل تضاف إلى الظاهر والمضمر، أما الآل فإضافتها إلى المضمر قليلة شاذة.”
ثم “إن لفظ (الآل ) لا يستعمل إلا فيما فيه شرف غالبا، فيقال لحملة القرآن: (آل الله)، ومثله (آل محمد)، ولا يقال (آل الحجام)، و(آل الخياط) ونحوهما.” وهو ظاهر في القرآن إذ ارتبط (الآل) بالعقل والرفعة والشرف.
ورود الآل في القرآن الكريم
وقد ورد لفظ الآل في القرآن الكريم ستا وعشرين مرة مخصوصا بالإضافة إلى أعلام الناطقين فجاء: آل فرعون أربعة عشر مرة، وآل لوط أربع مرات، وآل إبراهيم مرتين، وآل عمران مرة واحدة، وآل داود مرة واحدة، وآل موسى وآل هارون مرة واحدة، وآل يعقوب مرتين. ولم يرد في القرآن الكريم ذكر لآل محمد .
ونلاحظ أن لفظ الآل لم يرد في القرآن مضافا إلى غير الناطقين كآل البيت، لأن الآل يؤول إلى عاقل والبيت غير عاقل فلا يصح هذا اللفظ بناء على ما ذكره أهل اللغة.
وعليه كان معنى (الآل) في اللغة يدور على أمرين كبيرين:
الأول: الآل بمعنى الأهل.
الثاني: الآل خصوص من الأهل، وهو الارتباط مع العقل والشرف، ومنه آل إبراهيم، وآل محمد، وآل عمران…
والملاحظ أن “الآل” في القرآن الكريم تعني الأتباع.
1. 3: تعريف البيت
يقول ابن فارس: (الباء والياء والتاء أصل واحد، وهو المأوى، والمآب، ومجمع الشمل. والبيت: عيال الرجل والذين يبيت عندهم) .
وقال ابن الأثير: “وبيت الرجل داره وقصره وشرفه”.
وسميت الكعبة بيتا “لأن قلوب المؤمنين تهفو إليه، والنفوس تسكن فيه، وهو القبلة، وإذا قيل: أهل البيت في الجاهلية، انصرف الناس إلى سكانه من قريش خاصة، وبعد الإسلام إذا قيل: أهل البيت، فالمراد آل بيت رسول الله .”
ورود أهل البيت في القرآن الكريم
ورد أهل البيت (معرفة) في القرآن مرتين:
• الأولى مع إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة رضي الله عنها:
يقول تعالى:قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ .
وخلاصة معناها: قالت الملائكة لزوجة إبراهيم: أتعجبين من أن يأتيكما ولد على كبركما، وهو من أمر الله الذي لا يعجزه شيء؟ رحمة الله وبركاته عليكم أهل بيت النبي إبراهيم، إنه سبحانه وتعالى حميد مجيد. ومن يخرجها إلى غير أهل بيت إبراهيم فإنه يخالف اللغة وسياق الآيات والعقل.
• وأما الآية الثانية: بيت محمد صلى الله عليه وسلم.
فيقول تعالى:وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً . ونعني به زوجاته وبناته.
2: التعريف الاصطلاحي لأهل البيت
اختلف العلماء في المراد بـ (أهل البيت)على أقوال منها :
1.2: أنهم أهل الكساء
وهم علي وفاطمة والحسن والحسين، إلى هذا ذهب جمهور الزيدية.
وتمسك هؤلاء بحديث أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “خَرَجَ النَّبِيُّ غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ:إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا” . وذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن الزوجات رضي الله عنهن لا يدخلن في أهل البيت، لأن آية سورة الأحزاب بينها الحديث.
ومنه، فإن آل البيت هم أهل الكساء: فاطمة وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم دون غيرهم.
1.2: أهل البيت، أهل النبي : وهم زوجاته وذريته
واستدل من ذهب إلى ذلك بما يلي:
قوله تعالى:إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا، ووجه الدلالة أن سياق الآية قاض بإرادة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقط، فقد قال تعالى قبلها:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا .
نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ،يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ، وقال تعالى بعدها:وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا.
“فالسياق قبل وبعد الآية خطاب لزوجات النبي ، ففصل الآية عما قبلها أو بعدها يجعل الآية في أهل الكساء خاصة، وما قبلها وما بعدها متعلق بزوجات النبي ، فيأتي تناسب سياق الآيات، فتعين أن المراد بأهل البيت صاحبات الحجرات، أهل السكنى المأمورات بذكر ما يتلى في بيوتهن من القرآن وما يتعلمن من السنة النبوية المطهرة، فالبيت يراد به مساكن النبي .”
وقد جاء الخطاب بصيغة التذكير: “رعاية للفظ (الأهل)، والعرب كثيرا ما يستعملون صيغة المذكر في مثل ذلك، رعاية للفظ” ، كما في قوله تعالى: فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ.
وما جاء في الصحيح من حديث حميد الساعدي: “أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :”قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.”
وما جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله: «اللهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا».
“ومعلوم أن هذه الدعوة المستجابة لم تنل كل بني هاشم ولا بني المطلب لأنه كان فيهم الأغنياء وأصحاب الجدة، وإلى الآن. وإنما أزواجه وذريته فكان رزقهم قوتا، وما كان يحصل لأزواجه بعد من الأموال كن يتصدقن به ويجعلن رزقهن قوتا.”
3.2: هم الذين حرمت عليهم الصدقة من قرابة رسول الله :
وهم بنو هاشم، وبنو المطلب لقوله : «إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو المُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ».
وقد استدل هؤلاء بما يلي:
أ- ما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُؤْتَى بِالتَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ، فَيَجِيءُ هَذَا بِتَمْرِهِ، وَهَذَا مِنْ تَمْرِهِ حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهُ كَوْمًا مِنْ تَمْرٍ، فَجَعَلَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَلْعَبَانِ بِذَلِكَ التَّمْرِ، فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا تَمْرَةً، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ، فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ، فَقَالَ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ لاَ يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ».
ب- ما ورد عن عبد المطلب بن ربيعة أنه والفضل بن العباس رضي الله عنهم طلبا من رسول الله أن يستعملهما على الصدقة، فيؤديا إليه كما يؤدي الناس، ويصيبا كما يصيبون، فقال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ).
ج- و”عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ، بِنْتَ النَّبِيِّ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وَفَدَكٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا المَالِ»”
4.2: كل من اتبعه فهو من آله، وفي مقدمتهم قرابته وأزواجه وذريته
واستدلوا بقوله تعالى:أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ، والمراد جميع أتباعه، وقوله تعالى:إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ فالمراد به أتباعه، المؤمنون من أقاربه وغيرهم.
وبما جاء في الحديث عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: “دَخَلْتُ عَلَى وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، وَعِنْدَهُ قَوْمٌ، فَذَكَرُوا عَلِيًّا، فَلَمَّا قَامُوا قَالَ لِي: أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَا رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَتَيْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا أَسْأَلُهَا عَنْ عَلِيٍّ، قَالَتْ: تَوَجَّهَ إِلَى رَسُولِ اللهِ . فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللهِ وَمَعَهُ عَلِيٌّ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، آخِذٌ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِهِ، حَتَّى دَخَلَ فَأَدْنَى عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ، فَأَجْلَسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَجْلَسَ حَسَنًا، وَحُسَيْنًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبَهُ – أَوْ قَالَ: كِسَاءً – ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَقَالَ: ” اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، وَأَهْلُ بَيْتِي أَحَقُّ “، قال واثلة: فقلتُ من ناحية البيت: وأنا يا رسول الله، من أهلك؟ قال: “وأنت من أهلي”، قال واثلة: إنها لمن أرجى ما أرتجي..”
وأن اشتقاق لفظ (الآل) دال على هذا المعنى: “(فإنه من آل، يؤول):إذا رجع، ومرجع الأتباع إلى متبوعهم لأنه إمامهم وموئلهم ” .
قال صاحب معارج القبول: “آله : وهم أتباعه وأنصاره إلى يوم القيامة، كما قيل:
آل النبي هم أتباع ملتـه
على الشريعة من عجم ومن عرب
لو لم يكن آله إلا قرابته
صلى المصلي على الطاغي أبي لهب
ويدخل الصحابة في ذلك من باب أولى، ويدخل فيه أهل بيته من قرابته، وذريته وأزواجه من باب أولى.”
5.2: أزواجه وقرابته الذين حرموا الصدقة
لما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن يزيد بن حيان قال: “انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ، وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ، إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، رَأَيْتَ رَسُولَ اللهِ ، وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ، وَغَزَوْتَ مَعَهُ، وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ لَقَدْ لَقِيتَ، يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي وَاللهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وَقَدُمَ عَهْدِي، وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللهِ ، فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا، وَمَا لَا، فَلَا تُكَلِّفُونِيهِ، ثُمَّ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: ” أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ” فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ”
والرأي الراجح: جميع المسلمين يعتبرون من آل بيت رسول الله ، وأما من حازوا شرف القرب إليه فهم أهله. ومنه فكلمة الأهل لخصوص القرابة وكلمة الآل للعموم.
ومن ثمة، عندما أراد رسول الله أن يزيد سلمان الفارسي شرفا أدخله في أهل البيت حيث قال: «سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ» ، فهو في الأصل داخل في الآل لكونه مؤمنا، لكن عندما أراد رسول الله أن يزيده شرفا أدخله في أهل بيته.
3: من فضائل أهل البيت في القرآن الكريم.
أما النصوص التي تشير إلى فضائل ومناقب أهل البيت، والتي تدل على رفعة منزلتهم، وعلو درجتهم لما لهم من الصلة المباشرة بالنبي كثيرة وهي:
1.3: التطهير وإذهاب الرجس
من أشرف التزكيات الواردة من لدن رب العزة سبحانه من فوق سبع سماوات، وبعبارات بليغة الدلالة والمعاني قوله تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا .
فالآية دالة على فضل أزواج رسول الله وذريته، وسد لأبواب التنقيص من شأنهم والخوض في أعراضهم.
يقول صالح الدرويش: “هذه الآية منبع فضائل أهل البيت النبوي، حيث شرفهم الله بها، وطهرهم، وأذهب عنهم الرجس من الأفعال الخبيثة، والأخلاق الذميمة.”
إنه: “تكريم بالغ من الله لأهل بيت نبيه الأطهار، من حيث إن الله الذي في قبضته ملكوت السماوات والأرض يريد لهذا البيت أن يذهب عنه كل ما تعافه النفس ويأنفه الطبع، ويريد كذلك أن يطهرهم تطهيرا مؤكدا نقيا.”
وفي قوله تعالى: “أَهْلَ الْبَيْتِ هكذا بحذف حرف النداء إشعار بالتقريب والتكريم، وأن خطاب الله تعالى لهم، هو خطاب قرب وملاطفة”.
وفي نسبة التطهير إلى الله تعالى حكم بليغة لعل أبرزها أن الأمر قدر رباني تكريمي لأهل البيت، ففي ذلك مزيد تكريم وتأكيد حصول الطهارة والرفعة.
“وفي التعريف باللام في قوله الْبَيْتِ إشارة إلى أنه بيت متعالم مشهور، لا ينصرف الذهن إلى غيره، والإضافة في قوله تعالىأَهْلَ الْبَيْتِ تفيد التعظيم والتشريف، أي: يا أهل البيت القائم في العالمين رمز الهداية، والرشاد، والطهر والنور”.
“ومن تطهيرهم تحريم الصدقة عليهم، لأنها أوساخ الناس، مع كونها تنبئ عن ذل الأخذ، وعز المأخوذ منه. ولله در القائل:
الله شرفهم والله أكرمــــهم
والله فضلهم في الخلق تفضيلا
الرجس أذهبه عنهم وطهرهم
وزادهم في الورى عزا وتبجيلا”
وهكذا تولى سبحانه وتعالى تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم بذاته العلية، وهذا شرف لهم وأي شرف، وكيف لا؟ وهم أهل بيت الحبيب . وفي ذلك الدليل الواضح على مكانتهم العظيمة عند ربهم، توجب علينا توقيرهم وتعظيمهم واحترامهم، لمحبة الله لهم وقربهم منه عليه السلام. ولكن هذا لا يعني عصمتهم من الذنوب والخطايا كما ادعت الشيعة، وأنهم أولى بالخلافة من غيرهم، بل التطهير قد يقع لغيرهم من المسلمين إن أخذوا بأسبابه، لأن الإرادة هنا إرادة شرعية وليست كونية. كما في قوله تعالى:خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، وقوله تعالى:إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ، وغيرها من الآيات.
ومن ثمة، فأهل السنة يتبرؤون من طريقة المجافين لأهل البيت، والمغالين في أهل البيت، لا يسبون أهل البيت، ولا ينتقصون من حقهم، ولكن في المقابل لا يطوفون على قبور أهل البيت، ولا يغالون في أوصافهم، ولا يدعون لأهل البيت العصمة، بل يعتقدون أنهم بشر تقع منهم الذنوب كما تقع من غيرهم.
2.3: الصلاة على أهل البيت.
من حقوق آل البيت مشروعية الصلاة عليهم، وذلك في الآذان، وفي التشهد آخر الصلاة، وعند الصلاة على النبي ، قال تعالى:إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.
وفي ذلك منقبة عظيمة ودرجة عالية شريفة، حيث أمر سبحانه وتعالى بالصلاة عليهم تبعا له ، ويوضح ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا التَّسْلِيمُ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: “قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ” قَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ: «عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ» ”
قال ابن حجر الهيتمي المكي: “دليل ظاهر على أن الأمر بالصلاة على أهل بيته وبقية آله مراد من الآية.”
وقال ابن تيمية: “وهذه الصلاة لجميع آل محمد، لا تختص بصالحهم، بل تتناول كل من دخل في آل محمد،كما أن الدعاء للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات يتناول كل من دخل في الإيمان والإسلام، ولا يلزم من الدعاء للمؤمنين عموما، ولأهل البيت عموما أن يكون كل منهم برا تقيا، بل الدعاء لهم طلبا لإحسان الله تعالى إليهم، وتفضله عليهم وفضل الله سبحانه وإحسانه يطلب لكل واحد، ولكن يقال إن هذا حق لآل محمد أمر الله به، ذلك بسبب رحمة الله تعالى لهم بهذا النسب فهم مخصصون بأحكام لهم وعليهم، وهذه الأحكام تثبت للواحد منهم، وإن لم يكن رجلا صالحا بل كان عاصيا”.
ويرحم الله الإمام الشافعي القائل في ديوانه:
“يا أهل بيت رسول الله حبكم
فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم المجد أنكم
من لم يصل عليكم لا صلاة له”
والأمر بالصلاة عليهم، والتسليم عليهم، فيه تشريف لهم وتعظيم، ودعاء لهم برفع المنزلة، وبلوغ الدرجات العالية في الآخرة.
3.3: جعلهم الله أشرف الناس نسبا
وشرف النسب تابع لشرف الإيمان، ومن جمع الله له بينهما فقد جمع له بين الحسنيين، ومن لم يوفق للإيمان، فإن شرف النسب لا يفيده شيئا.
قال تعالى:فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ .
في هذه الآية فضيلة عالية ومنقبة جليلة لأصحاب الكساء وهم: فاطمة وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم. فالله سبحانه وتعالى أراد أن يطهرهم ويزكيهم، ويرفع منزلتهم، لكنهم ليسوا معصومين كسيدنا محمد . فقد روى مسلم في صحيحه من حديث سعد بن أبي وقاص قال: “وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ دَعَا رَسُولُ اللهِ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: «اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي».”
وفي هذا يقول الدكتور علاء بكر:” أنه لما خرج لمباهلة وفد نصارى نجران، أخذ معه عليا وفاطمة والحسن والحسين من أهله، وعادة العرب عند المباهلة أن يخرج الرجل أحب الناس وأقربهم إليه للمباهلة، فإخراجهم تشريف لهم، وبيان لمنزلتهم عند النبي ، ومكانتهم وقربهم منه، وبالتالي منزلتهم الرفيعة، ومكانتهم العظيمة عند ربهم عز وجل” .
ولاشك أن هؤلاء الأربعة من أحب خلق الله إلى رسول الله ، وخاصة خاصته، والاختصاص بالمكرمة لا يعني نفيها عن الغير، فباقي الأهل داخلون في التطهير.
قال الخطيب البغدادي -وهو يبين شرف ذريته عليه الصلاة والسلام-: “دخل يحيى بن معاذ على علوي زائرا له، ومسلما عليه، فقال له العلوي: ما تقول فينا أهل البيت؟ فقال: ما أقول في طين عجن بماء الوحي، وغرست فيه شجرة النبوة، وسقي بماء الرسالة، فهل يفوح منه إلا مسك الهدى، وعنبر التقى. فقال العلوي ليحيى: إن زرتنا بفضلك علينا، وإن زرناك بفضلك علينا، فلك الفضل زائرا ومزورا.”
وقال ابن تيمية: “وانظر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهم حين وضع الديوان، قالوا له: يبدأ أمير المؤمنين بنفسه، فقال: لا، ولكن ضعوا عمر حيث وضعه الله، فبدأ بأهل بيت رسول الله ، ثم من يليهم، حتى جاءت نوبته في بني عدي، وهم متأخرون عن أكثر بطون قريش.”
وهكذا نال أهل البيت رضي الله عنهم فضل الصحبة، وفضل القرابة، فهم أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخرا وحسبا ونسبا وعلما وأدبا.
“لقد حاز آل المصطفى أشرف الفخر
الفخر بنسبهم للطاهر الطيب الذكر
محبتهم فرض علـى كل مؤمن
أشار إليه الله في محكم الذكر
ومن يدعـي من غيرهم نسبـة لهم
فذلك ملعون أتى أقبح الوزر”.
4.3: المحبة والموالاة
فإن كان هذا حقا لكل مسلم، فإنه لآل البيت آكد، بل يستحقون زيادة في المحبة والمودة والموالاة، والتوقير والإجلال والتبجيل، وذكرهم بالخير، والدعاء لهم، ودفع كل ما يؤذيهم أو يسيء إليهم إكراما لنبيه صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى .
فمحبة آل البيت من محبة رسول الله ، ومحبته من محبة الله عز وجل، فمن أحبهم فقد أحب النبيّ، ومن أحب النبي فقد أحب الله تعالى، ومن أحب الله تعالى أحبه كل شيء.
فقد روى مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم قال: “قَامَ رَسُولُ اللهِ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ:”أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ” فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي»” . فأهل السنة أسعد الناس بتنفيذ وصية رسول الله ، كما يقول ابن عثيمين: “فنحن نحبهم لقرابتهم من رسول الله ، ولإيمانهم بالله فإن كفروا فإننا لا نحبهم، ولو كانوا من أقارب الرسول ، فأبو لهب عم الرسول ، لا يجوز أن نحبه بأي حال من الأحوال، بل يجب أن نكرهه لكفره، ولإيذائه النبي ، وكذلك أبو طالب يجب علينا أن نكرهه لكفره لكن نحب أعماله، ولأفعاله التي أسداها إلى رسول الله من الحماية والذب عليه” .
ويقول ابن تيمية: “وأبعد الناس عن هذه الوصية الرافضة، فإنهم يعادون العباس وذريته، بل يعادون جمهور آل البيت ويعينون الكفار عليهم.”
“… وهكذا يقال للشيعة: نحن معكم في محبة أهل البيت، ومحبة علي وأرضاه، وأنه ومن سار على نهجه على هدي، وأنه من خيرة أصحاب رسول الله، بل هو أفضلهم بعد الصديق وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ولكن لسنا معكم أنه معصوم، ولسنا معكم في أنه الخليفة لرسول الله ، بل قبله ثلاثة، ولسنا معكم في أنه يعبد من دون الله، ويستغاث به، وينذر له، ونحو ذلك، لسنا معكم في هذا، لأنكم مخطئون في هذا خطأ عظيما، ولكن نحن معكم في محبة أهل البيت الملتزمين بشريعة الله.”
وهكذا ربط بين كتاب الله، وأهل بيته رضي الله عنهما لنفاستهما وعظم حرمتهما، وصعوبة القيام بحقهما، وأنهما طريقا النجاة في الدنيا والآخرة لمن عرف حقهما. ولا ينبغي إسقاط هذا الحق بدعوى الحذر من الغلو في الصالحين، بل نعتقد فضل آل البيت، وأنهم بشر غير معصومين، وأن تفضيلهم لا يعني تفضيلهم على كل الأشخاص، بل يوجد من غيرهم من هو أفضل منهم، لكننا ننزلهم منازلهم اللائقة بهم، من غير غلو ولا جفاء، فإن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما، إذا مرّ العباس ، وهما راكبان نزلا حتى يجاوزهما إجلالا لعم رسول الله .
5.3: تحريم الصدقة على أهل البيت
مما خص الله به آل البيت تحريم الصدقة عليهم، وذلك لكرامتهم وتنزيههم عما فضل عن الناس. قال : «إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» .
وعن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَخَذَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «كِخْ كِخْ» لِيَطْرَحَهَا، ثُمَّ قَالَ: «أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ».
وكان يتحرى في الصدقات، فيروي أبو هريرة أن رسول الله قال: «إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي، فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً، فَأُلْقِيهَا».
والسبب في تحريم الصدقة عليهم بينه الإمام القرطبي فقال: “والظاهر من هذه الأحاديث أنها محرمة على رسول الله وعلى آله فرضا ونفلا تمسكا بالعمومات، ومن جهة المعنى بأن الصدقة أوساخ الناس، واليد العليا خير من اليد السفلى، ولا يد أعلى من يد رسول الله وعلى آله وسلم، ولا أيدي آله، فقد أكرمهم الله وأعلى مقاديرهم، وجعل أيديهم فوق كل يد” .
6.3: الحق في الخمس والفيء
من حقوق آل البيت حقهم في الخمس، قال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وقال سبحانه: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ.
“فإن هذا حق لهم من الركاز والغنيمة، غنيهم وفقيرهم، وذكرهم وأنثاهم، وصغيرهم وكبيرهم، وصالحهم وطالحهم فيه سواء، ولاحظ فيه لمواليهم ولا لحلفائهم، ولا لبني بناتهم من غيرهم، ولا لأحد من خلق الله تعالى سواهم، ولا لكافر منهم” .
“أما ذوي القربى فهم بنو هاشم، وبنو المطلب على أظهر الأقوال دليلا، وإليه ذهب الشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور، ومجاهد، وقتادة، وابن جريج، ومسلم بن خالد” .
والغاية من هذا الخمس في الغنيمة والفيء تكريم لهم، ورفع لهم فوق كل شبهة، حتى لا يقول أحد من الناس أنهم يعيشون على زكاة المسلمين وصدقاتهم. وهذا ما أشار إليه ابن تيمية بقوله:”وهذا –والله أعلم-من التطهير الذي شرعه الله لهم فإن الصدقة أوساخ الناس فطهرهم من الأوساخ، وعوضهم بما يقيتهم من خمس الغنائم، ومن الفيء الذي جعل منه رزق آل محمد ، حيث قال فيما رواه أحمد وغيره:” بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ، وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ.”
“وانظر إلى عمر بن الخطاب حين وضع الديوان، وقالوا له: يبدأ أمير المؤمنين بنفسه، فقال: لا، ولكن ضعوا عمر حيث وضعه الله، فبدأ بأهل بيت رسول الله ، ثم من يليهم، حتى جاءت نوبته في بني عدي وهم متأخرون عن أكثر بطون قريش” .
ولعل من أبواب الاجتهاد المفتوحة أمام المسلمين، أن ينظروا إلى مصدر أخرى يمكن للدولة المسلمة الصرف منه على المحتاجين من أهل بيت النبي ، في عصر اختفت منه ظاهرة الغنائم بمعناها المعروف.
4: ثناء القرآن الكريم على أمهات المؤمنين رضي الله عنهن عموما
إضافة إلى ما تقدم من فضائل واردة في حق آل البيت عموما من الكتاب، فإن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، قد وردت فيهن خصوصا آيات قرآنية في مدحهن، والثناء عليهن، تدل على علو مرتبتهن وارتفاع منزلتهن، ومن ذلك:
1.4: القرار القرآني بالأمومة
قال تعالى:النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا .
في هذه الآية منقبة عظيمة ومنزلة رفيعة لزوجاته ، حيث رفع الله مقامهن، وبوأهن أعلى منزلة على جميع المؤمنين، وهي منزلة الأمومة، فجعلهن أمهات في التحريم والاحترام، فضلا عن شرف الصحبة له ، قال تعالى:وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا .
قال القرطبي: “شرف الله تعالى أزواج نبيه ، بأن جعلهن أمهات المؤمنين، أي: في وجوب التعظيم، والمبرة والإجلال، وحرمة النكاح على الرجال، وحجبهن رضي الله عنهن بخلاف الأمهات” .
وكان اعتبار زوجات النبي أمهات المؤمنين بمثابة وسام وضع على صدورهن تكريما لهن، وتقديرا لدورهن في مسيرة الدعوة إلى الله عز وجل، فرضي الله عنهن وأرضاهن.
ولك أن تعجب من أناس ينتسبون للإسلام وكل همهم التنقيص من عدد من أمهات المؤمنين، واتهامهن زورا وبهتانا، فأي عقوق هذا؟
2.4: الدعوة إلى السمو والرفعة
وهذه شهادة ربانية أخرى برفعة شأنهن وإيثارهن ما عند الله، فقد سار النبي بالدعوة في طريق الزهد وترك الزينة، ونذب نساءه إلى ذلك، فترفعن عن إرادة الدنيا وحضيضها وزينتها وزوالها، فتطلعن لزينة ونعيم لا انقطاع له في جنة الفردوس.
قال تعالى:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا.
الآية دالة على فضل زوجات الرسول ، كونهن خيرن بين إرادة الدنيا وزينتها، وبين إرادة الله ورسوله والدار الآخرة، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة رضي الله عنهن وأرضاهن، وهو السبيل الذي سلكه رسول الله فقد: “كانت نفسه الكريمة ترغب في أن تعيش فيما اختاره لها من طلاقة وارتفاع ورضا، متجردة من الانشغال بمتع الدنيا والاحتفال بها أدنى احتفال، وأن تظل حياته وحياة من يلوذون به على ذلك الأفق السامي الوضيء المبرأ من كل ظل لهذه الدنيا وأوشابها، لا بوصفه حلالا وحراما، فقد تبين الحلال والحرام، ولكن من ناحية التحرر والانطلاق والفكاك من هواتف هذه الأرض الرخيصة”.
روى البخاري في صحيحه بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: “لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِي، فَقَالَ: «إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ» قَالَتْ: وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ:” إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا إِلَى أَجْرًا عَظِيمًا ” قَالَتْ: فَقُلْتُ: فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ” . وانتصرت فيهن جميعا النزعة التي خلقها الله في الإنسان، نزعة السمو والقابلية بالترفع عن صغائر الأمور من أجل نيل المعالي. فقد اخترن الله ورسوله والدار الآخرة على الحياة الدنيا وزينتها، بعد ذلك رفع الله قدرهن، فحرم على نبيه أن يطلق واحدة منهن، أو أن يتزوج عليهن امرأة أخرى، فقال تعالى:لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا . وجعلهن سبحانه وتعالى أمهات المؤمنين فقال:وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا فحازوا الشرف كله في الدنيا، والمنزلة الرفيعة معه عليه السلام في الجنة، إذ هن زوجاته في الدنيا والآخرة.
3.4:عظم المسؤولية
ويُصقل خلق أمهات المؤمنين -رضوان الله تعالى عنهن-بتوجيه من القرآن الكريم، ليبلغ درجة الكمال الأخلاقي، المؤهل لمعاشرة نبي الله وصيانة كرامة بيته، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى:يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا.
“فهن اللواتي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، وهن اللواتي استقر أمرهن تحت رسول الله ، وهن اللواتي حزن منزلة رفيعة، فناسب ذلك كله أن يخبرهن بحكمهن وتخصيصهن دون سائر النساء، بأن يجعل الذنب لو وقع منهن مغلظا صيانة لجنابهن، وحجابهن الرفيعّ.”
ومن لطيف ما قاله الفخر الرازي: “عند إيتاء الأجر ذكر المؤتي وهو الله، وعند العذاب لم يصرح بالمعذب، وهذا إشارة لكمال الرحمة والكرم”. ومن ثمة فأن الله يحب من عبده أن يكون طائعا، ونساء النبي أولى بهذا لأنهن القدوة والأسوة في القول والعمل.
4.4: لسن كأحد من النساء
ومن مناقبهن العامة التي شرفهن بها رب العالمين، وأخبر بها عباده في كتابه العزيز، أنهن لسن كأحد من النساء في الفضل والشرف وعلو المنزلة، قال تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا.
إنه خطاب مباشر من الله تعالى لنساء من البشر، غير معصومات، نلن شرفا لن تنله غيرهن من النساء على وجه الأرض، شرف الارتباط الزوجي بخاتم النبيين محمد. ومن هنا جاءهن الوعد المشروط بالتقوىيَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ.
قال أبو بكر بن العربي: “قوله تعالى:لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ يعني في الفضل والشرف، فإنهن وإن كن من الآدميات، فلسن كإحداهن، كما أن النبي وإن كان من البشر جبلة، فليس منهم فضيلة ومنزلة، وشرف المنزلة لا يحتمل العثرات، فإن من يقتدى به، وترفع منزلته على المنازل جدير بأن يرتفع فعله على الأفعال، ويربوا حاله على الأحوال”.
ومنه، فليست المسألة مسألة قرابة من الرسول ، بل لابد من القيام بحق هذه القرابة، بطاعة الله ورسوله . وقد وقعت منهن ولله الحمد، التقوى البينة، والإيمان الخالص، والمشي على طريقة رسول الله في حياته وبعد مماته، فكن الأُسوة والقدوة لكل نساء المؤمنين، بل أصبحت أسماؤهن في كل بيت.
5.4: شدة ارتباطهن بآيات الله
قال تعالى:وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا.
من مناقبهن رضي الله عنهن أن الله شرفهن بتلاوة آياته والحكمة في مساكنهن، وفي ذلك منقبة كبيرة ومفخرة عظيمة، تدل على أنهن جليلات القدر، رفيعات المنزلة.
قال القشيري: “اُذكرن عظيم النعمة وجليل الحالة التي تجري في بيوتكن، من نزول الوحي، ومجيء الملائكة، وحرمة الرسول ، والنور الذي يقتبس في الآفاق، ونور الشمس الذي ينبسط على العالم، فاعرفن هذه النعمة وراعين هذه الحرمة”.
وقال ابن جرير الطبري: “وعنى بقوله:وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ، واذكرن ما يقرأ في بيوتكن من آيات كتاب الله والحكمة، ويعني بالحكمة ما أوحي إلى رسول الله من أحكام دين الله، ولم ينزل به قرآن، وذلك السنة… وقوله:إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا يقول تعالى ذكره: إن الله كان ذا لطف بكن إذ جعلكن في البيوت التي تتلى فيها آياته والحكمة، خبيرا بكن إذ اختاركن لرسوله أزواجا”.
فالآية تضمنت مكانة أزواج النبي كلهن جميعا، حيث شرفهن الله بتلاوة آيات الله والحكمة، وجعل مساكنهن مهبط الوحي والملائكة، وهذا دليل واضح على أنهن جليلات القدر رفيعات المنزلة.
يقول ابن حزم-ملخصا لما سبق قوله- وهو يبين فضل ومكانة أمهات المؤمنين: “لَا تَعْظِيم يسْتَحقّهُ أحد من النَّاس فِي الدُّنْيَا بِإِيجَاب الله تَعَالَى علينا بعد التَّعْظِيم الْوَاجِب علينا للأنبياء عَلَيْهِم السَّلَام أوجب وَلَا أوكد مِمَّا ألزمناه الله تَعَالَى من التَّعْظِيم الْوَاجِب علينا لِنسَاء النَّبِي بقول الله تَعَالَى: النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم، فَأوجب الله لَهُنَّ حكم الأمومة على كل مُسلم، هَذَا سوى حق إعظامهن بالصحبة مَعَ رَسُول الله ، فَلَهُنَّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُن مَعَ ذَلِك حق الصُّحْبَة لَهُ كَسَائِر الصَّحَابَة، إِلَّا أَن لَهُنَّ من الِاخْتِصَاص فِي الصُّحْبَة ووكيد الْمُلَازمَة لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام ولطيف الْمنزلَة عِنْده عَلَيْهِ السَّلَام والقرب مِنْهُ والحظوة لَدَيْهِ مَا لَيْسَ لأحد من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم، فَهن أَعلَى دَرَجَة فِي الصُّحْبَة من جَمِيع الصَّحَابَة ثمَّ فضلهن سَائِر الصَّحَابَة بِحَق زَائِد وَهُوَ حق الأمومة الْوَاجِب لَهُنَّ كُلهنَّ بِنَصّ الْقُرْآن، فَوَجَدنَا الْحق الَّذِي بِهِ اسْتحق الصَّحَابَة الْفضل قد شاركنهم فِيهِ وفضلهم فِيهِ أَيْضا ثمَّ فضلنهم بِحَق زَائِد وَهُوَ حق الأمومة ثمَّ وجدناهن لَا عمل من الصَّلَاة وَالصَّدَقَة وَالصِّيَام وَالْحج وَحُضُور الْجِهَاد يسْبق فِيهِ صَاحب من الصَّحَابَة إِلَّا كَانَ فِيهِنَّ فقد كن يجهدن أَنْفسهنَّ فِي ضيق عيشهن على الكد فِي الْعَمَل بِالصَّدَقَةِ وَالْعِتْق ويشهدن الْجِهَاد مَعَه عَلَيْهِ السَّلَام وَفِي هَذَا كِفَايَة بَيِّنَة فِي أَنَّهُنَّ أفضل من كل صَاحب ثمَّ لَا شكّ عِنْد كل مُسلم وبشهادة نَص الْقُرْآن إِذْ لَا خَيره الله عز وَجل بَين الدُّنْيَا وَبَين الدَّار الْآخِرَة وَالله وَرَسُوله فاخترن الله تَعَالَى وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فهن أَزوَاجه فِي الْآخِرَة بِيَقِين فَإِذا هن كَذَلِك مَعَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَا شكّ فِي دَرَجَة وَاحِدَة فِي الْجنَّة فِي قصوره وعَلى سرره إِذْ لَا يُمكن الْبَتَّةَ أَن يُحَال بَينه وبينهن فِي الْجنَّة وَلَا أَن ينحط عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى دَرَجَة يسفل فِيهَا عَن أحد من الصَّحَابَة هَذَا مَا لَا يَظُنّهُ مُسلم فَإِذا لَا شكّ فِي حصولهن على هَذِه الْمنزلَة فالبعض وَالْإِجْمَاع علمنَا أَنَّهُنَّ لم يؤتين ذَلِك اختصاصاً مُجَردا دون عمل بل باستحقاقهن لذَلِك باختيارهن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة إِذْ أمره الله عز وَجل أَن يُخَيِّرهُنَّ فاخترن الله عز وَجل وَنبيه وَهُوَ أفضل النَّاس ثمَّ قد حصل لَهُنَّ أفضل الْأَعْمَال فِي جَمِيع الْوُجُوه السَّبْعَة الَّتِي قدمنَا آنِفا أَنه لَا يكون التَّفَاضُل إِلَّا بهَا فِي الْأَعْمَال خَاصَّة ثمَّ قد حصل لَهُنَّ على ذَلِك أوكد التَّعْظِيم فِي الدُّنْيَا ثمَّ قد حصل لَهُنَّ أرفع الدَّرَجَات فِي الْآخِرَة فَلَا وَجه من وُجُوه الْفضل إِلَّا ولهن فِيهِ أَعلَى الحظوظ كلهَا بِلَا شكّ.”
خاتمة
ومنه، فقد اتضح لنا من خلال هذا الموضوع منزلة آل البيت وفضلهم، وموقف أهل السنة منهم، وتبين لنا أن مجرد الانتساب إلى بيت النبوة لا يكون شرفاً بحد ذاته، إذا لم يصاحبه عمل صالح يقرب صاحبه من الله تعالى. وكم من أناس صالحين من خارج النسب النبوي أفضل من كثير ممن هم من سلالة آل البيت الذين لا يعرفون من الدين إلا اسمه ولا من القرآن إلا رسمه! وهل أغنى عن أبي لهب قربه من الرسول؟! وهل أغنى عن أبي طالب قربه من رسول الله وقد مات على ملة الأسياد والآباء من قريش؟! وقد قال الحسن بن الحسن لرجل يغلو فيهم: (ويحك! أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا، وإن عصينا الله فأبغضونا، ولو كان الله نافعاً أحداً بقرابة من رسول الله بغير طاعة، لنفع بذلك أباه وأمه، قولوا فينا الحق، فإنه أبلغ فيما تريدون، ونحن نرضى منكم) .
وقال علي بن أبي طالب :
“لعمرك ما الإنسان إلا بدينه
فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب
على النسب
لقد رفع الإسلامُ سلمانَ فارس
وقد وضع الشركُ الشقيَّ أبا لهب
فما الحسب الموروث إن در دره
لمحتسبٍ إلا بآخـر مكتسب
إذا الغصن لم يثمر وإن كان شعبة
من الثمرات اعتده الناس في الحطب” الالحطبالحطب”
المـــصادر والمراجع
• القرآن الكريـــــم
• أحكام القرآن، القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان الطبعة: الثالثة، 1424 هـ – 2003 م.
• أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن،محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت – لبنان عام النشر: 1415 هـ – 1995 مـ
• إعلام الأنام بحقوق آل البيت الكرام، أبي العباس أحمد بن محمد الرحموني التطاوني، تحقيق: نور الدين الغياط، الطبعة الأولى، 1435هـ-2004م دار الأمان للنشر و التوزيع الرباط.
• اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم،تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشق، المحقق: ناصر عبد الكريم العقل الناشر: دار عالم الكتب، بيروت، لبنان الطبعة: السابعة، 1419هـ – 1999م.
• آل البيت وحقوقهم الشرعية، الشيخ صالح بن عبد الله الدرويش، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع موقع الكتيبات الإسلامية 1430م-2009ه.
• التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي، الناشر: الدار التونسية للنشر – تونس سنة النشر: 1984
• تفسير القرآن العظيم (ابن كثير)، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي، المحقق: محمد حسين شمس الدين الناشر: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون – بيروت الطبعة: الأولى – 1419 هـ.
• جامع البيان في تأويل القرآن،محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري، المحقق: أحمد محمد شاكر الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة: الأولى، 1420 هـ – 2000م.
• جامع المسائل لابن تيمية، تقي الدين أبو العَباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشق، تحقيق : محمد عزير شمس، إشراف : بكر بن عبد الله أبو زيد، الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع الطبعة : الأولى، 1422 هـ.
• الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة الطبعة: الثانية، 1384هـ – 1964 م.
• جلاء الأفهام في فضل الصلاة على محمد خير الأنام، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية، المحقق: شعيب الأرناؤوط – عبد القادر الأرناؤوط الناشر: دار العروبة – الكويت الطبعة: الثانية، 1407 – 1987.
• ديوان الشافعي، الإمام الفقيه أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق الدكتور مجاهد مصطفى بهجت دار القلم دمشق، الطبعة الأولى 1460هـ-1999م.
• ديوان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب،جمع وترتيب عبد العزيز الكرم الطبعة الأولى:1409هـ -1988م
• روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني،شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي، المحقق: علي عبد الباري عطية الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، 1415 هـ.
• شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي اللالكائي، تحقيق: أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي الناشر: دار طيبة – السعودية الطبعة: الثامنة، 1423هـ /2003م.
• شرح العقيدة الواسطية، محمد بن صالح بن محمد العثيمين، المحقق: سعد فواز الصميل الناشر: دار ابن الجوزي، الرياض، المملكة العربية السعودية الطبعة: الخامسة، 1419هـ
• الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة، أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري، شهاب الدين شيخ الإسلام، أبو العباس، المحقق: عبد الرحمن بن عبد الله التركي – كامل محمد الخراط الناشر: مؤسسة الرسالة – لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ – 1997م
• عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وأهل البيت والرد على الشيعة الإثنى عشرية، علاء بكر، راجعه ياسر برهامي، دار العقيدة الإسكندرية الطبعة الأولى:2002م-1423هـ.
• الفصل في الملل والأهواء والنحل، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، الناشر: مكتبة الخانجي- القاهرة
• في ظلال القرآن، سيد قطب إبراهيم حسين الشاربي، الناشر: دار الشروق – بيروت- القاهرة الطبعة: السابعة عشر – 1412 هـ.
• القاموس المحيط، مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف: محمد نعيم العرقسُوسي الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت– لبنان الطبعة: الثامنة، 1426هـ – 2005
• القول البديع في معرفة ذوي الفضل والشرف الرفيع،الشيخ أبي عبد الله يحيى بن محمد بن القاسم الديلمي، دار الكتاب والسنة للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة،إيداع2005 م
• كتاب العين، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري، المحقق: د مهدي المخزومي، دإبراهيم السامرائي الناشر: دار ومكتبة الهلال.
• لسان العرب، محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى، الناشر: دار صادر – بيروت الطبعة: الثالثة – 1414 هـ.
• لطائف الإشارات = تفسير القشيري، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري، المحقق: إبراهيم البسيوني الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب – مصر الطبعة: الثالثة.
• مجموع الفتاوى، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، المحقق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية عام النشر: 1416هـ/1995م.
• مجموع فتاوى ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز، أشرف على جمعه وطبعه: محمد بن سعد الشويعر.
• المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبيالطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع ، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، 1411 – 1990.
• مسند الإمام أحمد بن حنبل، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، المحقق: شعيب الأرنؤوط، عادل مرشد وآخرون، إشراف: د عبد الله بن
عبد المحسن التركي، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى،1421هـ-2001م.
• المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت.
• معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول، حافظ بن أحمد بن علي الحكمي، المحقق: عمر بن محمود أبو عمر الناشر: دار ابن القيم – الدمام الطبعة : الأولى، 1410 هـ – 1990 م.
• معجم مقاييس اللغة،أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين، المحقق: عبد السلام محمد هارون، الناشر: دار الفكر، عام النشر: 1399هـ – 1979م
• مفاتيح الغيب = التفسير الكبير، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت الطبعة: الثالثة – 1420 هـ.
• المفردات في غريب القرآن،أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى،المحقق: صفوان عدنان الداودي، الناشر: دار القلم، الدار الشامية – دمشق بيروت الطبعة: الأولى – 1412 هـ.
• من أسرار التعبير القرآني دراسة تحليلية لسورة الأحزاب، الدكتور محمد محمد أبو موسى، طبعة مكتبة وهبة القاهرة الطبعة 2، 1416هـ-1996م.
• منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي، المحقق: محمد رشاد سالم الناشر:جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الطبعة: الأولى، 1406 هـ – 1986 م.
• نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي المحقق: محمد عبد الكريم كاظم الراضي الناشر: مؤسسة الرسالة – لبنان/ بيروت الطبعة: الأولى، 1404هـ – 1984م.
• النهاية في غريب الحديث مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير، المكتبة العلمية بيروت 1399ه-1979م، تحقيق طاهر أحمد الزاوي- محمود محمد الطناحي.
• نيل الأوطار، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني المتوفى، تحقيق: عصام الدين الصبابطي، الناشر: دار الحديث، مصر، الطبعة: الأولى، 1413هـ – 1993م.
الكلمات المفتاحية: أهل البيت-آل البيت-أمهات المؤمنين
اترك رد