أ.د. تمار يوسف: استاذ بكلية علوم الإعلام و الاتصال – جامعة الجزائر 3
لا شك أن هناك في دولنا العربية، من الباحثين و المفكرين من هم على درجة عالية من الاجتهاد و البحث، و هم لازالوا على درب المناقشات و التوضيحات و المشاركات العلمية، و من هؤلاء من هم أعضاء في لجان القراءة للمجلات المحكمة، يؤدون أدوارهم العلمية بإخلاص و تفاني و موضوعية عالية، لكن الأمر لا يمكن تعميمه على كل المجلات العلمية التي تختلف أهدافها عن الأهداف التي أنشئت من أجلها المجلات العلمية في كل العالم، و يعود الخلل في عمل هذه الأخيرة حسب اعتقادنا إلى:
– قلة الاهتمام بمعيار التخصص لدى الكثير من المجلات العلمية، فهي تلتزم فقط بوجود أساتذة من الدراجات العالية (شرط قانوني)، أو على شهرة أسماءهم في الساحة العلمية، لتجعلهم أعضاء هيئة التحكيم، لكن الترابط بين تخصص هؤلاء و المادة العلمية التي يحكّمونها يغيب في الكثير منها، مما ينعكس سلباً على قيمة المقال أو الدراسة و أهميتها، كما أنه قد يفتح الباب على معايير أخرى غير علمية في عملية التحكيم.
– لا تخضع عملية التقييم للمقالات و الدراسات لدى الكثير من المحكمين، إلى منهجية علمية واضحة و صارمة، بل إلى خلفياتهم الفكرية و الإيديولوجية و السياسية .. التي تجعل من التقييم إجراء شخصي و امتحان يجتازه صاحب المقال، و ربما قد يؤدي ذلك إلى إجبار أصحاب المقالات للكتابة إرضاءً لأهواء هؤلاء و ليس فيما ينبغي أن يُطرح من إشكاليات.
– لا تريد بعض المجلات في صفحاتها النقد البناء للواقع المعاش و محاولة إيجاد حلول جادة و موضوعية للمشاكل التي يعيشها المجتمع، و بهذا تصبح منبر الدعاية السياسية، فهي تستعمل سيف الرقابة بنوعيه الذاتي أو الحكومي لكسب رضا جهات معينة.
– إذا كان المتغير الرئيسي لبعض المجالات العلمية، هو الربح المادي، فكيف ننتظر منها تقديم أرقي أنواع المعرفة؟، فهي خاضعة لمبدأ العرض و الطلب.
– تُعد بعض المجلات العلمية الصادرة عن بعض الجامعات عندنا، إمبراطوريات المحسوبية و العلاقات الشخصية بل و العائلية أيضاً، يتصرف فيها المسؤول بأهوائه و أهواء حاشيته دون أدنى ميول للعلم و البحث العلمي.
لا يستغني و بكل موضوعية، إلا أن أشكر شبكة ضياء، على هذه المنافذ التي تفتحها من حين إلى آخر للأساتذة و الباحثين للتعبير عن آراءهم في القضايا العلمية الحساسة.
ملف: قضية للنقاش (2) التحكيم العلمي في المجلات والمؤتمرات: تشخيص واستشراف
اترك رد