في إطار فعاليات الدورة الثانية لربيع العلوم الاجتماعية المنعقدة يوم السبت 26 مارس 2022 بمركز التكوينات التابع لجامعة الأخوين بإفران والتي تمحور موضوعها حول “الهجرة والعلوم الاجتماعية الديناميات الهجروية وتحديات التعدية الثقافية”، انعقدت على الساعة الثانية والنصف بعد الزوال الجلسة العلمية الأولى بالقاعة الكبرى.
تمحورت هذه الجلسة العلمية حول موضوع “الهجرة أفقا للتفكير”، التي ترأست أطورها الأستاذة الدكتورة حنان ازعيرك، وهي أستاذة باحثة، بجامعة محمد الخامس بالرباط، حيث توزعت أشغالها على أربع مداخلات على الشكل الاتي:
المداخلة الأولى:
• حنان بوكطاية، أستاذة باحثة، جامعة ابن زهر، أكادير: “القراءات العلمية الجديدة لوضعية المهاجرين: الأطروحات المعاصرة وتحليل ديناميات التغيير الاجتماعي”.
استهلت الأستاذة حنان بوكطاية مداخلتها بالحديث عن بدايات التفكير سوسيولوجيا في موضوع الهجرة، لاسيما مع مدرسة شيكاغو التي لعبت دورا هاما في تأسيس أحد أهم فروع السوسيولوجيا المعاصرة في مطلع القرن الماضي، وبعد ذلك عرجت الأستاذ على طرح تجربتها البحثية في موضوع الهجرة الداخلية وأثارها في تغير بنية ووظائف الأسرة المغربية المهاجرة من القرية إلى المدينة، وهي الفكرة التي قادتها إلى مساءلة الفعل الهجروي النسائي الذي ظهر بوصفه مفهوما في رحاب المجال العلمي في ثمانيات القرن الماضي، مقدمة بذلك نموذج المهاجرات السوريات والمعاناة التي يتلقونها نتيجة الحرب والفقر والعنف، لتخلص في النهاية على أن التحليل الاجتماعي للديناميات المجتمعية يبدأ من المهاجرين وتمثيلاتهم وممارساتهم ودينامياتهم، وتوقعاتهم وتطلعاتهم فيما يتعلق بالبلد المضيف.
المداخلة الثانية:
• كوثر لبداوي، أستاذة باحثة، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس: “من الهجرة الدولية إلى الهجرة الدولية النسائية: مداخل سوسيولوجية من أجل الفهم”.
ناقشت كوثر البدوي في مداخلتها موضوع الهجرة النسائية من منطلق تساؤلي يروم فهم الكيفية التي تسمح بها دراسة الهجرات الدولية بإعادة التفكير في التوازن بين البنى والأفعال أي بين أشكال الهيمنة وأشكال المقاومة، ذلك أن تناول موضوعات الفعل الهجروي يفترض التساؤل حول التوترات بين المحددات الاجتماعية، السياسية، المؤسسات من جهة، وبين حرية التصرف وقدرة المهاجرين على الفعل ضمن هوامش الإفلات والمناورة ومواجهة تأثير هاته البنى من جهة ثانية. وقد خصت الأستاذة حديثها أيضا عن أهم ملامح سوسيولوجيا الهجرة النسائية التي تعكس بحسبها تطورا مزدوجا مفارقا/ متناقضا: تأنيت الفقر من جهة، وتحرير المرأة وتحسين وضعيتها الثقافية، الاجتماعية والقانونية من جهة ثانية، الشيء الذي يجعل محددات هجرة النساء مرتبطة بالجندر.
انتهت الباحث في حصيلة مداخلتها إلى أنه بالرغم من حضور المرأة ضمن تيارات الهجرة الدولية، فإن العلوم الاجتماعية لاتزال بحسبها قاصرة عن الخروج بخلاصات واضحة بشأن الوضعية الحالية للنساء المهاجرات، لاسيما وأن موضوع الهجرة بصيغة التأنيث لا يختص بها فقط آل العلوم الاجتماعية، وإنما هي حقل تتداخل فيه كل التخصصات والعلمية.
المداخلة الثالثة:
• هاجر لمفضلي، أستاذة باحثة، جامعة ابن زهر، أكادير: “الهجرة بصيغة المؤنث في الدراسات الجندرية”.
أثارت هاجر لمفضلي في مسائلتها للفعل الهجروي موضوع تأنيث الهجرة ضمن الدراسات الجندرية، تبتغي من وراءه التفكير في القرارات النسائية وقدرتها على تعميق السؤال حول الهجرة بصيغة المؤنث، بوصفه موضوعا يرتبط بمجموعة من الانساق التي تجعل مسارات الهجرة متعددة الأبعاد، والتي تتحدد وفق مجموعة من الأدوار الاجتماعية للنساء وفق ثقافة عابرة للحدود، وقائمة على التشبيك.
إنما يميز حركية النساء بحسب الباحثة وجود شبكات نسائية تتشكل في غالبيتها من النساء المهاجرات، من أجل الدفاع عن حقوق النساء، ذلك إن هذه الحركية تروم تكسير جدار العديد من النظريات والاتجاهات الكلاسيكية والحديثة التي ظلت تقارب إشكالات الهجرة وفق مؤسسة الأسرة ووفق هجرة النساء وفق تصور جديد، وإقامة قطيعة في المقابل مع الدراسات الفائتة. اختتمت الباحثة مداخلتها إلى التأكيد على أن مجموعة من التغيرات الحاصلة في هجرة النساء، قائمة على واقع هؤلاء النسوة في ذاته.
المداخلة الرابعة:
• نزار الفراوي، صحافي، وكالة المغرب العربي للأنباء، فاس: “الحكامة الدولية للهجرة ورهانات ميثاق مراكش”
تطرق نزار الفراوي من مقترب صحفي وقانوني إلى مسألة الحكامة الدولية للهجرة، ذلك أن منذ الخمسينيات من القرن الماضي، بدأت حركة أحداث وتطوير مؤسسات دولية وجهوية ذات صلاحية في مجال الهجرة، مواكبة لتطور واتساع خطوط الهجرة عبر العالم وتشعب اشكالياتها. بحيث دخلت الهجرة إلى الجانب التشريعي لمنظمة العمل الدولية من زاوية التعامل مع واقع حقوقي واقتصادي يجسد تنامي حضور العمالة الأجنبية في القطاعات الإنتاجية بالدولة الغربية.
تساءل الباحث في مداخلته عن رهانات ميثاق مراكش التي بالرغم من تباين وجهات النظر تجاه الإضافة النوعية المنتظرة منه، إلا أنه يبدو جليا أنه كنص في مسار الحكامة التشريعية والمؤسساتية الدولية للهجرة تجسد لطبيعة الأزمة التي يوجهها المنتظم الدولي في بلورة محاور عامة متفقة عليها للعمل في هذا الميدان.
النقاش
أثارت هذه المداخلات مجموعة من الأسئلة لدى الحاضرين في فعاليات هذه الجلسة، ساهمت في تعميق النقاش حول الهجرة بوصفها أفقا للتفكير داخل العلوم الاجتماعية.
الهجرة أفقا للتفكير في رحاب العلوم الاجتماعية
من طرف
الكلمات المفاتيح:
اترك رد