السياسة الخارجية الليبية خلال حقبة حكم القذافي:
مدخل نظري لمأسسة السياسة الخارجية الليبية
(1969-2011)
Libyan Foreign policy During Gaddaffi”s Rule:
Approach to Libya’s Foreign Policy Institutionalization
(1969-2011)
تندرج هذه الورقة تحت إطار رصد التجربة الذاتية من خلال التدريس الجامعي لمادة السياسة الخارجية الليبية لفترة من الزمن، بجامعة بنغازي، حيث كونت تجربة تدريس هذه المادة جملة من الأسئلة والتي لاتزال إلى الآن تحتاج لأجوبة وهي غائبة. وهى أيضاً ترصد اتجاهات السياسة الخارجية الليبية خلال “حقبة حكم القذافى” في الفترة الممتدة من 1969 إلي 2011.
والأسئلة التي نود الإشارة إليها في هذه الورقة تتعلق بطبيعة التنفيذ والتخطيط واتخاذ القرار في هذا الحقل الذي يرتبط ارتباطا وثيقاً بالسياسات العامة للدولة حيث أصبحت الأخيرة ليست المعنية الوحيدة باتخاذ وتخطيط وتنفيذ مثل هذه السياسات، وإنما هناك أطرافاً أخرى يهمها الأداء العام لمخرجات نظامها السياسي العام كيفياً وكمياً .
ملخص تجربة تدريس مفردات السياسة الخارجية الليبية في جامعة بنغازي طيلة الفترة الماضية تخلق وباستمرار أسئلة وأجوبتها دائماً غائبة ويصعب الحصول عليها، نظراَ لشخصنتها، وبعدها عن مأسسة وسائلها وإمكانياتها وعواملها وأهدافها ومبادئها العامة ومصالحها العليا .
فقضايا التخطيط والتنفيذ واتخاذ القرار في السياسة الخارجية إنما ترتبط بوضوح ثوابت ومتغيرات وتغيرات السياسة العامة للدولة .بمعنى آخر، مدى وضوح المصلحة الوطنية المراد تحقيقها بعد تعريفها ، فالمصلحة الوطنية للدولة من خلال تعريفها وتوصيفها وتحديد عناصرها وأبعادها الزمنية والمكانية ومعرفة الإمكانيات المتوفرة لعكس هذه المصلحة الوطنية National Interest إلى برامج وقرارات من خلال آليات تنفيذية قابلة لتحقيق الأهداف ، تكون قضايا التخطيط واتخاذ القرار والتنفيذ في منتهى اليسر لمراقبتها وتقييمها وتقويمها . وبالتالي في غياب هذه المشروطية المنهجية للتخطيط والتنفيذ واتخاذ القرار في السياسة الخارجية لأية وحدة سياسية في ظل غياب تحديد المعاني والمقاصد لمفهوم مصلحتها الوطنية ، فإنها سوف تشكل أسئلة لأجوبة غائبة يصعب على المراقب تتبع مدخلات ومخرجات مثل هذه السياسات الخارجية.
لماذا القول بذلك ؟ السياسة الخارجية المعاصرة لم تعد تعتمد على ” الأفعال وردود الأفعال ” ولم تعد تعتمد على عنصر المفاجاءة الوقتية ،وإنما تعتمد على عنصر “عدم التيقن” و”التنبؤ والحرفية “في الأداء ووضوح مفهوم المصلحة الوطنية والتوافقية بين السياسات الداخلية والخارجية والتخطيط المسبق لأي وحدة صنع قرار سياسي مرشحة للرصد والتحليل .
الإشكالية كالتالي، التجربة الليبية في حقل السياسة الخارجية من حيث اتخاذ القرار والتخطيط والتنفيذ تمثل حالة تحتاج إلى المزيد من الرصد والتحليل، بمعنى صعوبة وضوح من الذي كان يخطط؟ ومن الذي كان ينفذ؟ ومن الذي كان يتخذ القرار في السياسة الخارجية في ظل غياب الكيفية ومعرفتها . ليس ذلك فقط ولكن غياب المفهوم والتوصيف للمصلحة الوطنية التي تنطلق منها هذه السياسة . ليس ذلك فقط ولكن الكيفية التي تتم بها عمليات التخطيط واتخاذ وتنفيذ القرار الخارجي ومدى وضوحها من خلال قاعدة للمعلومات والبيانات يمكن من خلالها استقراء طبيعة النتائج المنجزة وغير المنجزة منها إن وجدت تلك العمليات. هذه الدراسة سوف تحاول استقراء هذه المشكلة من خلال تقديم تأصيل مفاهيمي ومعرفي للفكرة المركزية للدراسة، والتي تتمحور حول التخطيط واتخاذ وتنفيذ القرار في السياسة الخارجية الليبية وكيفية التحول من الشخصنة إلى المأسسة في السياسة الخارجية وشرعنتها في ظل ثورة السابع عشر من فبراير لسنة 2011.:
أولاً: تأصيل مفاهيمي ومعرفي.
ثانياً: إمكانيات وفرص التخطيط في السياسة الخارجية الليبية.
ثالثاُ : طبيعة اتخاذ القرار في السياسة الخارجية الليبية .
رابعاً : طبيعة تنفيذ القرار في السياسة الخارجية الليبية .
والجزء الأخير يتضمن خلاصة لما تقدم للمعالجات التحليلية لعناصر الورقة وكذلك توصيات عامة .
* د. ميلاد مفتاح الحراثي: مركز البحوث والاستشارات والتدريب، جامعة بنغازي، ليبيا.
اترك رد