نال طالب الدراسات العليا في كلية أصول الدين بالجامعة العراقية محمد عبد علي ضاحي شهادة الدكتوراه بأطروحته الموسومة ( الديانة النصرانية – دراسة مقارنة من خلال كتب أبن تيمية ).
وتألفت لجنة المناقشة من الاستاذ الدكتور حميد مرعيد رحيم رئيسا وعضوية كلا من الاستاذ المساعد الدكتور أبراهيم درباس موسى والاستاذ المساعد محمد محمود عبود والاستاذ المساعد الدكتور سعدي محمد عواد أستاذ الاديان في كلية التربية للبنات جامعة الانبار والاستاذ المساعد أحمد جاسم أستاذ الفلسفة في كلية التربية الاساسية الجامعة المستنصرية، فضلاً عن الاستاذ المساعد الدكتور حسين علي عبد الله عضواً ومشرفاً.
وتقدم الباحث في أطروحته بأيجاز أشار فيه الى أن الاطروحة تعالج الاحتكاك الثقافي والديني بين المسلمين وأهل الكتاب وتسلط الضوء على الجوانب الحضارية الاسلامية الخاصة بمناقشة المخالفين في الدين من خلال الجهود التي بذلها شيخ وعلامة من أعلام المسلمين الا وهو ( أحمد بن تيمية ) عليه الرحمة والرضوان .
وبعد انتهاء المناقشة وتقييم الاطروحة تم منح الطالب شهادة الدكتوراه بدرجة جيد جداً.
خلاصة الأطروحة
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن هذه الأطروحة الموسومةَ بـ((الديانة النصرانية دراسة مقارنة من خلال كتب ابن تيمية)) تعالج علاقة الاحتكاك الثقافي والديني بين المسلمين وأهل الكتاب، كما أنها تبرز جانبًا من الجوانب الحضارية الإسلامية الخاصة بمناقشة المخالفين في الدين، من خلال المؤلفاتِ التي صنّفها والجهودِ التي بذلها شيخٌ جليلٌ وعلامةٌ من أعلامِ الإسلامِ والمسلمين، ألا وهو [أحمد ابن تيمية] عليه الرحمة والرضوان.
إنَّ الإسلام دين يدعو إلى الإيمان بالله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، وذلك من خلال الحوار الهادف للإصلاح والهداية، بل إن المعاملة بالرفق والمجادلة بالحسنى مطلوبة حتى مع تعنت المخالفين منهم، وتهافت آرائهم، وبطلان اعتقادهم، إلاّ إذا اعتدوا وظلموا، فقال (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) [العنكبوت:46]، فما تهدف إليه هذه الأطروحة هو إبراز الديانة النصرانية مقارنة مع عقائد الإسلام الراسخة وحقائقه وشرائعه الثابتة، مع بيان أسس الحوار مع النصارى والمنهج القويم في ذلك، هذا علاوة على إبعاد الصورة المشوهة التي حاول أعداء الإسلام إلصاقها به، حيث اتهموا المسلمين بالعنف والتشدد إزاء الرأي المخالف وإكراه الناس على الإسلام. والناظرُ اليوم في أحوال المسلمين من حيث ثقافة الحوار مع المخالفين بصفة عامة وأهل الأديان بصفة خاصة، يتبين له أنّ هذه الثقافة مالت عن السنّة القويمة في الدرس والتقصي والنقد الرصين، فتحولتْ إلى موقف ردود الأفعال العاطفية، وهو يفضي إلى نتائج خاطئة من التوتر والعنف بدلاً من التعايش والتعاون والوئام التي تنشأ من ثقافة الحوار، وقد آن الأوان لأن تقوم جهود المهتمين بالشأن الإسلامي والصحوة الإسلامية بتعديل هذا الميل الثقافي في العلاقة بالأديان والمذاهب المخالفة وأهلها، وأن تعود إلى سنتها الحوارية معها، فمن شأن ذلك أن يُرشِّد من مسيرة العلاقة بين المسلمين وغيرهم نحو أن تكون علاقاتهم علاقة التعارف والوئام والشراكة الحضارية العامة بين بني الإنسان.
ويمكن أن نلخص أبرز الأسباب التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع في ما يأتي:
1- إنَّ دراسة الأديان الأخرى -غير الإسلام- تخدم العقيدة الإسلامية والفكر الإسلامي، إذ تؤكد باليقين والبرهان صحة دين الإسلام، وما احتواه من عقائد وأحكام.
2- إبراز أهمية علم مقارنة الأديان وأصالته عند المسلمين، إذ لم يزل علماء المسلمين منذ بدايات الإسلام يناقشون أصحاب الديانات الأخرى -وخصوصًا أهل الكتاب-، فيحتجون عليهم بنصوص كتبهم ويبرزون حقائق معانيها ويبيّنون الصحيح فيها من الزائف؛ لذا توجهت عزيمتي إلى إبراز كنوز سفر عظيم (كمًا ونوعًا) من أسفار علماء الإسلام الذين لهم باعٌ في هذا المجال، فكان أن وقع الاختيار على كتاب (الجواب الصحيح) لابن تيميةرحمه الله علاوة على ما احتوته مؤلفاته الأخرى من فوائد وأبحاث بخصوص الديانة النصرانية.
3- الانتفاع من مناظرات الأئمة السابقين وتجاربهم في مجادلة ومناظرة المخالفين، ولاسيما مع هذا الانفتاح الهائل والتواصل الحضاري والثقافي الذي يعيشه العالم اليوم، فإبراز هذه المناظرات يعطي نماذج متميزة وتطبيقات عملية محكمة في هذا المقام.
4- إظهار أهمية علم (الكلام) و(المنطق) و(المناظرة والجدل) ونحوها من العلوم الآلية الإسلامية، والكشف عن الجانب العملي فيها.
5- كما تكمن أهمية هذه الدراسة في تناولها واحدًا من أكثر الديانات انتشارًا في العالم، فحريٌّ بالمسلمين أن يعتنوا بالدعاية والتبشير للإسلام في ربوع أتباعها، فكثيرٌ من أبنائها يتمتعون بحرية الفكر مع عزوفهم عنها وشكهم فيها.
خطة البحث ومنهجية الباحث:
اشتملت الأطروحة على جملة كبيرة من المباحث والمسائل، لذا اقتضت طبيعة الموضوع توزيع دراستها على مقدمة وثمانية فصول وخاتمة، وعلى النحو الآتي:
المقدمة: تضمنت تعريفًا عامًا بموضوع الأطروحة، وأسباب اختياره، والصعوبات التي واجهت الباحث، وخطة البحث، ومنهج الباحث في دراسته.
الفصل الأول: وهو فصل تعريفي بالديانة النصرانية وبالشيخ ومنهجه، وجعلته في مبحثين.
الفصل الثاني: دراسة لتاريخ الديانة النصرانية وأبرز فرقها العقدية، وجعلته في مبحثين.
الفصل الثالث: دراسة لأدلتهم النقلية والعقلية واستدلالهم بالقرآن والسنة، وكان في أربعة مباحث.
الفصل الرابع: دراسة لعقيدة النصرانية المتعلقة بالإلهيات، وتضمن ثلاثة مباحث تناولت: دراسة لعقيدة التثليث، ودراسة لعقيدة الحلول والاتحاد، ودراسة لعقيدة صلب الإله ونظرية الفداء.
الفصل الخامس: عقيدة النصرانية المتعلقة بالنبوات والمسيح u، وتضمن مبحثين تناولت: دراسة لمفهوم الوحي والنبوة في الديانة النصرانية، ودراسة لعقيدة إلوهية المسيح عند النصارى.
الفصل السادس: دراسة لعقيدة النصرانية المتعلقة بالغيبيات، وتضمن ثلاثة مباحث، تناولت دراسة لعقيدة النصارى في: (الملائكة) و(الروح القدس)، و(اليوم الآخر)، و(القضاء والقدر).
الفصل السابع: (التشريعات) و(الأخلاق) في الديانة النصرانية، وكان في مبحثين.
الفصل الثامن: دراسة لشبهات النصارى على دين الإسلام ورسوله الكريم محمد e، وكان في مبحثين.
الخاتمة: وتضمنت أهم النتائج والمقترحات والتوصيات.
وقد التزمتُ في هذه الدراسة روح الإنصاف، مع بيان الحقيقة جهد الطاقة، سعيًا لأن يكون بحثًا علميًا موضوعيًا، يخضع للعقل والمنطق لا للعاطفة والشعور، فحاولتُ أن أُجلِّي حقيقة الديانة النصرانية، وأبِّينُ ما قام حولها مِن مناقشات وخلافات، إلاَّ أنَّي ما أحصيتُ فرقهم العقدية عدًا ولا فصَّلتُ آراء كل فرقة تفصيلاً، بل اعتنيتُ بالفِرق الكبرى وبتفصيل عقائدها المتعلقة بذلك.
ويمكن أن ألخص أبرز ملامح منهجي في هذه الأطروحة وما قمت به وقصدت إليه فيها بما يأتي:
- لقد جعلتُ منهجي في هذه الأطروحة منهجًا استقرائيًا تحليليًا نقديًا، فلا يخلو من المعيارية التي يمتزج فيها الوصف بالتحليل، فكانت الأطروحة بذلك دراسةً مستفيضةً تشرح الديانة النصرانية تاريخًا وعقيدةً وشريعةً وأخلاقًا، وبأسلوب علمي، كما تناقش أدلتهم المجملة والتفصيلية.
- حاولت جمع ما ذكره ابن تيمية متفرقا من عقائدهم ومسائلهم وجوابه عليهم، ثم رتبتُ ذلك بحسب مواضيع الأطروحة، وأوضحت في بداية كل مبحث مسائل النصارى وعقائدهم هذه من كتبهم ومراجعهم، كما ذكرت ما احتجوا به من أدلة عقلية أو نقلية إن وجدت. مستعينًا في ذلك -بعد التوكل على الله- بما كتبه العلماء والباحثون الأفاضل، بعد إعادة صياغة أساليبها بما يتلاءم مع طبيعة الموضوع وروح العصر، كما أضفت إليها ما يسّره الله لي من نقدٍ وتحليلٍ أو تسهيلِ عباراتٍ أو زيادةِ فائدةٍ أو حذفِ ما لا طائل فيه.
- إنّ للشيخ كلامًا ومناقشاتٍ حول مسائل النصرانية وموضوعات تتعلق بها في أماكن متفرقة ومبثوثة في مؤلفاته، سأحاول أن أستفيد منها وأذكرها في مواضعها من أطروحتي هذه، ولكن سيكون التركيز بشكل كبير على كتابه (الجواب الصحيح)، فغالب كلام ابن تيمية عن ديانة النصرانية وأجوبته على أدلتها وشُبَه أصحابها موجودٌ في هذا المؤلف الضخم الرصين، وأما باقي كتبه ورسائله فليس فيها عنهم غالبًا إلا ما كان استطرادًا في صفحات كتبه وفتاويه، ومن كتبه هذه: (مجموع الفتاوى، واقتضاء الصراط المستقيم، ودرء التعارض).
- حاولتُ أن أكون منصفًا، وأن أنظر في كلام النصارى نظرًا غير متحيز، وبقبسٍ من هذه الروح السمحة تناولت دراسة لمعتقدات الديانة النصرانية وشرائعها وأدلتهم عليها، مع تحليل أسبابها ومفرداتها الأساسية، متعرضًا لها بالنقد وبيان مواطن الخلل والخطأ والزلل فيها إن وجد، فهو بمثابة التقويم والتقييم للديانة النصرانية بالاستعانة بالحقائق الإسلامية والفنون العلمية.
- إنَّ كثيرًا ممّا ذُكِرَ في هذه الأطروحة -من النصوص المنقولة عن طريقهم- مبني على التسامح الجدلي وإرخاء العنان للخصم؛ فلا يخفى أنّ ذلك أتمَ في إقناعه، إذ يُحتَجُ على الخصم بما هو مُسلَّم عنده وإلزامه بما ألزم به نفسه.
وبعد هذه الرحلة العلمية الشاقة توصل الباحث إلى جملةٍ من النتائج والمقترحات، وهي على النحو الآتي:
أولاً: النتائج:
1. مواكبة علماء الإسلام للتطور والحضارة ومستجدات الحياة، ويتجسد ذلك في صور متعددة، ومنها التأليف في مجال مقارنة الأديان والحوار مع أهلها بالحجة والبرهان والدعوة إلى الإسلام. وهذا يوضح مدى حرص علماء المسلمين على خدمة الدين وتلبية احتياجات أمتهم، والسعي إلى كل ما يحرس لواء الشريعة وينصرها.
2. كان ابن تيمية على معرفة بعقائد الديانات السابقة من يهودية ونصرانية وفرقها المختلفة، ويشهد له بهذا كتابه (الجواب الصحيح) الذي ردّ فيه على النصارى، وقد أكثر فيه من الاستطراد على عادته في العديد من كتبه ورسائله، ويُعَدّ من أهدأ ما كتبه ابن تيمية في الجدال.
3. من خلال استعراضنا لأناجيل النصارى وبيان قيمتها التاريخية وقدسيتها عند أصحابها، تبين أنها تخلو من القداسة والإلهام؛ وذلك للمجاهيل التي تكتنفها، سواء في مصنفيها أو لغة تدوينها أو تاريخ تأليفها، بل إن دعوى أنها موحى بها من الله وأن أصحابها ملهمون هي دعوى باطلة من أساسها، ليس لعدم إقامة الدليل فحسب؛ بل لأن الشواهد والأدلة كلها قائمة ضد هذه الدعوى، ولأن ما كان وحيًا أو إلهامًا لا يختلف ولا يتناقض ولا يهدم بعضه بعضا، بخلاف حال هذه الأناجيل.
4. ثبت لنا أنَّ هناك تشابهًا كبيرًا بين الوثنيات والفلسفات القديمة وبين المسيحية في عقائدها وطقوسها الدينية، فلا شك حينئذ في أنَّ المسيحية قد أخذت كثيرًا عنها.
5. (الملكية) و(اليعقوبية) و(النسطورية) هي الفرق النصرانية المشهورة زمن ابن تيمية، وقد اعتنى بالردّ عليها، والملكية (الكاثوليك) واليعقوبية (الأرثوذكس) هي فرق موجودة إلى عصرنا هذا، وأما البرتستانت فهي من الفرق التي حدثت بعد زمن ابن تيمية، وإن كانت كسابقتها اعتقدت التثليث ولكنها اختارت السكوت عن بيانها.
6. بيّن ابن تيمية أنّ التثليث مخالف للعقل، وأنّ الرسلعليهم السلام لا يجوز أن يخبروا بما يحيله العقل، ولكن يجوز أن يخبروا بما يحار به ولا يمنعه. وذكر أنّ النصارى إذا طولبوا بتفهيم مذهبهم أجابوا بأنه فوق العقل، ولكن مَن تدبر كلامهم وجد في عقائدهم من مناقضة صريح المعقول ما لا يخفى. وقد أكّد ابن تيمية على مكانة العقل عند المسلمين وأنه عاضد للنقل وليس منازعًا وناقضًا له.
7. تكلّم ابن تيمية عمّا احتواه الإنجيل من الأخلاق والدعوة إليها، وأنَّ شريعتهم تعتمد في غالب حالها على أحكام شريعة موسى u، مع بيانه أفضلية شريعة الإسلام بما تضمنته من تفاصيل الأحكام وما اشتملته عليه من الكمال والإحسان في الأخلاق والأعمال، وهذا كله في القرآن، وهو في القرآن أكمل، لكن النصارى لم يتبعوا لا التوراة ولا الإنجيل، بل أحدثوا شريعة لم يبعث بها نبي من الأنبياء.
8. يوضح ابن تيمية مدى إهمال النصارى للشرائع الإلهية، من ذلك ما يتعلق بإباحة الزواج بأكثر من امرأة والطلاق والختان والقبلة، بينما يقابل كل ذلك التزام المسلمين بالأمر الإلهي والأخذ بالتعاليم الشرعية التي لا تتعارض مع ما جاء به الأنبياء السابقون.
9. ردّ ابن تيمية على الشبهات التي وردت من النصارى في إنكار نبوة سيدنا محمد e، وكان سنده القرآن الكريم والسنة النبوية والاستدلال بنصوص الكتب السماوية والنبوات السابقة التي بأيدي اليهود والنصارى، بكل ما أوتي من قوة الحجة والبيان، وبذل جهده في إثبات ما جاء في القرآن الكريم وفي كتب أهل الكتاب من بشارات الأنبياء السابقين عليه.
10. كان موقف النصارى من الكتب التي أنزلها الله U على رسله موسى وعيسىعليهم السلام سلبيًا، إذ بدَّلوا وحرَّفوا وأضافوا وانقصوا، ثم كذّبوا القرآن الكريم، وعارضوه بأدنى شبهة؛ للتشكيك في حقيقة تنزيله من عند الله I، فافتروا على رسول الله e أنه تعلّم القرآن الكريم من غيره من البشر. وقد أجاب عنها ابن تيمية من وجوه متعددة: وذلك بالرد على دعوى تأليف رسول الله e هدي القرآن من أهل الكتاب، ثم أبطل تنصلهم من إتباع القرآن الكريم، كما بيّن فساد قدحهم بأخبار القرآن الكريم.
11. سعى ابن تيمية إلى تأكيد معاني عموم الدعوة الإسلامية واستيعابها كل البشر في مقابل خصوصية دعوة الأنبياء السابقين، وهو ما يفسّر حرصه على شرح خصائص الإسلام للنصارى حتى يتبينوا الحق ويتخلصوا من سلطان التقليد.
ثانيًا: المقترحات والتوصيات:
1. إقرار مناهج أكثر عمقًا وتخصصًا وفاعليةً -في مجال العقيدة والأديان والأفكار الهدامة- والتي تبين مواطن الخطأ والغلط في تلك العقائد والديانات والتيارات، وخصوصًا في الدراسات العليا.
2. تفعيل دور الجامعات والكليات الإسلامية في مجال الدعوة والتوجيه والإرشاد، وذلك بإخراج دعاة صادقين ومحصنين عقائديًا وعلميًا، وتأهيلهم للقيام بواجب الدعوة والتبليغ، وإرسالهم في رحلات وبعثات دعوية وعلمية حقيقية: داخلية وخارجية؛ لجعلهم يخوضون هذه المهام الدعوية بجدية وواقعية.
3. كما أوصي الجامعات والكليات الإسلامية بإحياء فن المناظرات، وذلك بالإكثار من المحاورات والندوات النقاشية والمؤتمرات العلمية، وتحفيز الطلبة على المشاركة الفعالة فيها.
4. الإكثار من ترجمة أمهات الكتب في العقيدة الإسلامية والدين الإسلامي، بعد تبسيطها وشرحها وتقديمها بصيغة عصرية جديدة للقارئ غير المسلم؛ لتبصيره بحقيقة الإسلام.
5. العناية بالأقليات الإسلامية الموجودة في أنحاء متفرقة من العالم، إذ إنَّ كثيرًا منهم يعانون من الجهل والتأثر والخضوع لأعراف هذه المجتمعات الفاسدة وقوانينها الكافرة.
6. فتح أبواب الحوار مع النصارى وغيرهم من أهل الديانات الأخرى، وعدم التهيب من ذلك، وتوضيح الحق لهم بأساليب الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، وخصوصًا في هذه الأوقات التي كثرت فيها خطابات الاستسلام والميوعة، ممَّا يعطي صورة مشوهة لما يجب أن يكون عليه الحوار بين الأديان، والحذر والتحذير من خطورة دعاوى التقريب المبنيّة على أسس زائفة تُلِّبس الحق بالباطل وتمنع وصول دعوة الإسلام إلى الناس.
وختامًا، فقد أردتُ من وراء عملي هذا الإسهام -قدر طاقتي البشرية المحدودة- في حركة التأصيل الفكري الإسلامي في مجال العقيدة ومقارنة الأديان، بما يعود بالنفع على الأمة الإسلامية خاصةً وعلى الإنسانية عامةً. وأسأله تعالى العفوَ والمغفرة في أعمالنا كلها، وأن يتجاوز سبحانه عن كل سهو منّا وتقصير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربَّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين
سيدنا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اترك رد