القيادة في المؤسسات التعليمية ودورها في العملية التعليمية
ملخص الورقة:
تحتاج المؤسسات التعليمية بكل مراحلها المتنوعة واختلاف مستوياتها إلى قيادات واعية مسئولة وقادرة على تحقيق أهداف هذه المؤسسات على أكمل وجه، كما أن اختيار النمط القيادي الملائم لكل مؤسسة يحتاج إلى دراسة ظروف المؤسسة التعليمية التي تمارس فيها القيادة واختلاف العاملين واختلاف مستوياتهم العلمية .
تهدف هذه الورقة إلى التعرف على الأنماط القيادية التربوية اللازمة في المؤسسات التعليمية ودورها في العملية التعليمية.
المقدمة:
تواجه منظومة التعليم في الآونة الأخيرة ضغوطات وتحديات نتيجة لثورة التكنولوجيا الحديثة، وبالتالي أدت إلى سلسلة من التغييرات التي طرأت على العلاقات الإنسانية. وقد أدى هذا التطوير السريع الذي تعيشه الإدارة الحديثة إلى ضرورة احتياجها إلى إدارة تربوية يكون لها أثر كبير في نجاح العملية التعليمية ، فبدون تلك القيادات الواعية والمسئولة فإنه يتعذر على المؤسسات التعليمية القيام بأهدافها التعليمية والتربوية على أكمل وجه. وقد برزت اتجاهات جديدة في الإدارة المدرسية من خلال العناية بكل المجالات ذات الصلة بالعملية التربوية، فكانت الإدارة بوصفها مهارة في القيادة وفي العلاقات الإنسانية وتهيئة الظروف الملائمة للعمل، وفي تنظيم العمل الجماعي. وبناء ًعليه فقد ظهر مفهوم جديد للمدرسة ووظيفتها، تمثل في اعتبار أن المدرسة إحدى مؤسسات المجتمع التي لا بد لها من المساهمة في حل مشكلات هذا المجتمع، وتحقيق أهدافه بالإضافة إلى أداء وظيفتها الأساسية المتمثلة بنقل التراث الثقافي من الآباء إلى الأبناء فكانت أولى الاهتمامات هي مسألة المدير أو القائد.
والقيادة في المؤسسات التعليمية تتميز بأنها عملية مستمرة الفعالية وتأثيرها كبير في سير العملية التعليمية، فيرتبط نجاحها أو فشلها بنوع العلاقة التي تربط القائد بالمعلمين، وبالتالي لهذه العلاقة دور أكبر في إنجاح العملية التعليمية. وكلما ساد هذه العلاقات الاحترام المتبادل والتقدير كان مستوى الأداء أفضل. وتستمد القيادة الإدارية والتربوية في المؤسسات التعليمية أهميتها من قدرتها على استخدام كافة الوسائل المتاحة بحيث تتلاءم مع أهداف العملية التعليمية من أجل تحسين أداء العنصر البشري. وبذلك تختلف القيادة الإدارية عن القيادة بشكل عام في أن الاخيرة تستمد قوتها من السمات والصفات الشخصية التي يتمتع بها القائد، بينما القيادة الإدارية تعتمد على ما يتوفر لها من السمات والصفات الشخصية” [1].من هنا تحظى القيادة التربوية باهتمام كافة المجتمعات ، فهي تتعلق بالتأثير في الأفراد والجماعات وإنجاز الأعمال المنوطة بالقيادة من قبل مؤسسات الدولة. إن ترشيح القيادات التربوية في المؤسسات التعليمية التي لاتتناسب مع خبراتهم ومؤهلاتهم قد يؤدي إلى عدم تحقيق أهداف العملية التعليمية.
وتأسيساً على ذلك لابد من طرح بعض المشاهدات للبدء في دراسة بعض أنماط القيادة حتى تكون نقطة إنطلاق للنقاش، وهذا هو هدف هذه الورقة التي تطرح بعض الأفكار الخاصة عن الأنماط القيادية والتربوية اللازمة في المؤسسات التعليمية ودورها في العملية التربوية وذلك من أجل اختيار النمط القيادي التربوي المناسب لهذه المؤسسات والذي يؤثر إيجابياً في تطوير العملية التعليمية لهذه المؤسسات. وتتمحور هذه الورقة في السؤال الرئيس الآتي:
ماهي الأنماط القيادية التربوية اللازمة في المؤسسات التعليمية؟ وما هو دورها في العملية التعليمية؟
أولاً: مفهوم القيادة
ورد في الأدبيات عدد من التعريفات لمفهوم القيادة، عرفها (ليكرت) بأنها “هي قدرة الفرد على التأثير في شخص أو جماعة، وتوجيههم وإرشادهم لنيل تعاونهم وحفزهم للعمل بأعلى درجة من الكفاية من أجل تحقيق الأهداف المرسومة. ” أما ( عياصر 2006م) فقد عرف القيادة “بأنها السلوك الذي يقوم به الفرد حين يوجه نشاط جماعة نحو هدف مشترك “[2].أما تعريف(الطبيب 2002م) يذكر بأنها” هي عملية التأثير وإلهاب الحماس في الأفراد للقيام بعملهم بحماس وطوعية دون الحاجة إلى استخدام السلطة الرسمية”.[3] والقيادة “هي القدرة على التأثير على سلوك أفراد الجماعة وتنسيق جهودهم وتوجيههم لبلوغ الغايات المنشودة”[4] .ويضيف علي (2002م) بأنها[5] “هي الجسر الذي يستعمله المسئولون ليؤثروا على سلوك وتوجهات المرؤوسين ليربكوا به بين تحقيق أهداف المؤسسة وأهداف الفرد”. وفي ضوء التعريفات السابقة تتضح بأن القيادة ماهي إلا عملية مشتركة بين القائد والمرؤوسين من أجل الوصول إلى أهدف مشتركة متفق على تنفيذها من قبل كلٍّ منهما.
ثانياً : أنماط القيادة:
يمكن تقسيم القيادة إلى عدة أنماط بينما تتركز دراستنا الحالية على ثلاثة أنماط قيادية هي:
1-النمط الديمقراطي: الأفراد في ظل هذا النظام لهم حق المشاركة في وضع الأهداف، والتخطيط، والتنفيذ، والتقويم. وترتكز هذه النظرية على ثلاثة مرتكزات أساسية وهي: العلاقات الإنسانية، والمشاركة، وتفويض السلطة، وتتسم هذه القيادة بالإحترام المتبادل بين القائد والمرؤوسين.
2-النمط الأوتوقراطي:( التسلطي- الديكتاتوري) ويُطلق عليها القيادة التسلطية أوالقيادة الاستبدادية، يعتبر القائد الأوتوقراطي أو المتحكم أقرب إلى الرئيس منه إلى القائد،” فهو يركز كل السلطات في يده ويحتفظ لنفسه بالقيام بكل صغيرة وكبيرة بمفرده ويصدر أوامره وتعليماته في كافة التفاصيل ويصر على إطاعة مرؤوسيه له، تعتبر ليس لديه ثقة في مرؤوسيه”[6].
3-النمط الترسلي:( المتساهل-الفوضوي) يتولى القائد إمداد المجموعة بالمعلومات والتوجيهات، ولا يشترك في تحمل أية مسئولية، يترك اتخاذ القرارات للأفراد، وتصبح الجماعة غير مستقرة مفككة، ويتأخر العمل بغياب القائد، وتظهر الغوغائية في العمل الإداري.
الفرق بين الإدارة والقيادة:
“إن الفرق بين الإدارة والقيادة أن الإدارة فن جمع المصادر في إطار المؤسسة أو المنظمة بطريقة تؤدي للوصول إلى تحقيق أهداف هذه المنظمة، أما القيادة هي فن وحث العناصر البشرية في إطار المؤسسة أو المنظمة للتركيز في أهداف المنظمة كاملة بدون التركيز على أهداف الجماعات الفرعية ، وهي تعتمد على القدرة على إقناع العاملين في المنظمة بتعديل أهدافهم لتتحدد مع الأهداف العامة للمنظمة، فالمدير يعتمد على سلطته التي تخولها له الوظيفة التي يشغلها، لذلك تلقى تعليماته وقراراته، والقائد يعتمد على استمالة وإقناع الآخرين بالوسائل السليمة من أجل التعاون في تحقيق الهدف”[7]. وقد اختلفت آراء علماء الإدارة حول العلاقة بين الإدارة والقيادة فهناك من يرى أن القيادة جزء من الإدارة، وهناك من يرى الإدارة جزء من القيادة بينما فريق آخر يرى بأن القيادة فن وأن الإدارة علم، ويمكن توضيح العلاقة بين الإدارة والقيادة في الجوانب الآتية:
1-الجانب التنظيمي للإدارة:يظهر الجانب التنظيمي للإدارة من خلال كونها عملية تنظيم للمشاركين من الأفراد، ويتمثل في قيام المدير أو القائد بتنظيم نشاطات المعلمين أو العاملين، وفي ربط القائد أقسام النظام الإداري بالعاملين فيه، وبالأهداف التي يسعى لتحقيقها .
2-الجانب الاجتماعي للإدارة: يتمثل هذا الجانب في قيام المدير أو القائد بتنظيم نشاطات اجتماعية وتنظيمات إنسانية للعاملين في المؤسسة أو المدرسة لتحقيق أهداف مشتركة ، والقيادة هنا يتمحور هدفها في تنسيق جهود العاملين .
3-الجانب الإنساني للإدارة:إن التنظيم الإداري تنظيم إنساني وليس تنظيم آلي ويمثل العنصر الإنساني المكانة الأولى بين مختلف العوامل الاخرى التي تسهم في تحقيق الأهداف المنشودة .[8]
ومن هذا المنطلق فإن محور السلوك الإداري في التنظيم هم الأشخاص وليس الأدوات، أو الطرق، ومن هنا أيضاً يتضح دور القائد التربوي في توجيه العنصر الإداري في المؤسسة أو المدرسة، وجعله أكثر فاعلية من خلال قيام القائد بعلاقات إنسانية متبادلة بينه وبين مرؤوسيه وإشراكهم في مناقشة أمورهم والإستماع إلى آراءهم حول المواضيع ذات الأهمية للعملية التعليمية. لذا فالإدارة والقيادة متلازمتان، لا يمكن لأي منهما أن تعمل بفاعلية دون الأخرى إذ إن القيادة هدف والإدارة وسيلة.
الإدارة المدرسية:
يخلط بعض المشتغلين بالإدارة التعليمية بين مفهومي الإدارة التعليمية والإدارة المدرسية، فالإدارة التعليمية تعني الأعمال التي يقوم بها الإداريون في المستويات العليا في الجهاز التعليمي في عمليات (التخطيط ،التنظيم، اتخاذ القرارات، تحديد الأهداف العامة ، وضع المناهج والمقررات المدرسية، تحديد سن القبول بالمدرسة، تحديد السلم التعليمي، تحديد مواعيد الامتحانات في الشهادات العامة)، والإدارة التعليمية تكون داخل الإدارات الفرعية والأقسام في وزارةالتعليم، بينما الإدارة المدرسية هي الوحدات القائمة بتنفيذ السياسة التعليمية وتختص الإدارة التعليمية برسم هذه السياسة، وتكون الإدارة المدرسية داخل المؤسسات التعليمية (المدارس)، وبهذا فإن الإدارة المدرسية تُعتبر جزء من الإدارة التعليمية، وصورة مصغرة لتنظيماتها، واستراتيجية محدودة تتركز فيها فعاليتها .
وفي تعريف للإدارة المدرسية هي “جميع تلك الجهود المنسقة التي يقوم بها مدير المدرسة مع جميع العاملين معه من مدرسين وإداريين وغيرهم بغية تحقيق الأهداف التربوية داخل المدرسة تحقيقاً يتمشى مع ما تهدف إليه الأمة من تربية أبنائها تربية صحيحة وعلى أساس سليم.[9]”
من هنا نرى بأن الإدارة المدرسية هي التنسيق الإداري والتنظيمي وتخطيط جداول العمل على المعلمين والفنيين في المدرسة والذي يقوم به المدير بطريقة فنية مدروسة جيداً، بحيث تتمشى وأهداف الإدارة التعليمية وسياساتها المرسومة مسبقاً من أجل الوصول إلى الأهداف التربوية والتعليمية داخل المدرسة.
وخلاصة القول إن الإدارة المدرسية هي الجهة المسئولة عن تنفيذ البرامج الدراسية وإعدادها ومناقشة المناهج وتهيئة الجو العام في المدرسة، وتحديد العلاقات، ووضع محكمات التقويم. لذا أصبح من الضروري للمشتغلين بالإدارة المدرسية معرفة المعلومات الأساسية لهذه الإدارة لاسيما بعد أن اتسع مجالها ليشمل النواحي الإدارية والفنية، وبعد أن أصبحت الإدارة توجه كامل جهدها واهتمامها للتلميذ أو الطالب في المدرسة، بالإضافة إلى البيئة والمجتمع.
ويمكن استخلاص تعريف شامل للإدارة المدرسية من خلال التعريفات السابقة بأنها: عمليات التخطيط، والتنسيق، والتوجيه التي تتفاعل بإيجابية ضمن مناخ مناسب داخل المدرسة وخارجها وفقا لسياسة عامة تصنعها الدولة بما يتفق وأهداف المجتمع والدولة.
خصائص الإدارة المدرسية الناجحة:
أصبحت الإدارة المدرسية من الأولويات التي تتركز عليها الدراسات والأبحاث وذلك لما لها من دور في تربية وتعليم النشء، وأضحت من أولويات الدول العمل الجاد لتحسين نوعية التعليم، وهو شعار لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المدرسة والطريقة الناجحة التي تدار بها .وتشمل واجبات المدير جوانب العملية التربوية والتعليمية، بالإضافة إلى جوانب الحياة المدرسية المختلفة، ويدخل تحت هذه المهمات العديد من الواجبات والمسؤوليات الفرعية، ومن خصائص الإدارة الناجحة مايلي:
1- أن تكون متمشية مع الفلسفة الاجتماعية والسياسية للبلاد.
2- أن تتسم بالمرونة، في التعامل مع المستجدات، والتكيف حسب مقتضيات المواقف والظروف.
3- أن تتميز بالكفاءة والفاعلية، ويتحقق ذلك بالاستخدام الأمثل للإمكانات المادية والبشرية.
4- رسم خطة عمل ناجحة ومدروسة بحيث لا يشوبها أي تغيير أوتعديل أو نسيان.
5- التقييم المستمر والتطوير الدائم وعدم الإسراف في الإشراف أو المتابعة .
نظريات القيادة:
1-نظرية الرجل العظيم:
تعد هذه النظرية من أقدم نظريات القيادة ويرجع تاريخها إلى عهد الإغريق، واستندت إلى افتراض أن الأحدات والنتائج العظيمة يقوم بها رجال عظماء، وأن القادة يولدون قادة ولديهم ميزات وخصائص يرغبون بها أتباعهم. وتفترض هذه النظرية أن التغيرات التي تطرأ على الجماعة إنما تتم عن طريق شخص ما له قدرات غير عادية. وقد وجهت لهذه النظرية العديد من الانتقادات منها أن هذه النظرية لا تؤمن بتنمية المهارات القيادية، بل إن القائد يولد وله صفات القوة وهذا لا يمكن أن ينطبق على كافة المجتمعات، فلكل مجتمع ظروفه وخصائصه. ومنها أن القائد قدرته على التغيير ترتبط بالزمن الذي يتولى فيه القيادة.
2 -نظرية السمات:
اهتمت هذه النظرية بالسمات أو الصفات الشخصية للقائد، حيث تشير إلى أنه إذا اجتمعت لدى فرد سمات وصفات معينة، فإنه يكون مؤهلاً للقيادة. وتنادي هذه النظرية بتحديد السمات المشتركة بين القادة الفاعلين.[10] ويرى أنصار هذه النظرية أن الصفات القيادية تتمثل في المبادرة، والفعالية، والأمانة والإخلاص، والطموح والشهامة والذكاء، والاستقلال والتفاؤل. وهناك من حدد السمات القيادية في مجموعة من الخصائص القيادية :
1- القدرة (مثل الذكاء-الاستعداد-القدرة على التحدث).
2-الإنجاز (مثل التقييم- المعرفة-القدرات الرياضية-المهارات).
3- المسؤولية (مثل الاعتماد على النفي –المبادأة-المثابرة).
4-( المشاركة مثل النشاط –حسن العلاقات-التعاون).
5- المركز الاجتماعي (مثل الحالة الإجتماعية-الإقتصادية_الشهرة).[11]
3-النظريات السلوكية:
ساعدت الانتقادات التي تناولت نظرية السمات على ايجاد محددات أخرى للقيادة، وركزت النظرية اهتمامها على سلوك القائد من خلال تقييم مرؤوسيه لتحديد سلوكياته وكيفية تأثيره فيهم وفي أداء مهمته.
4- النظرية الوظيفية:
تعتمد هذه النظرية على أن خصائص القيادة تتباين وفقاً لكل وظيفة، ويكتسب القائد كافة الصلاحيات التي يمارسها على المرؤوسين دون الاعتماد على ثقافته أو قدرته على الإقناع. وقد ظهر نمطان من القيادة في إطار النظرية الوظيفية:1-القيادة التي تستخدم الوظيفة لغرض السلطة الشخصية بأسلوب متشدد لتنفيذ المهام، 2- القيادة التي تفرض على العاملين بأسلوب علمي لدعم جهودهم وتنمية مهاراتهم.
4-نظرية الموقف:
تعتمد هذه النظرية على أن أن سمات القائد ترتبط مع المواقف القيادية، وأن نوعية القادة تختلف وفقاً لاختلاف المواقف والظروف، كما تفترض النظرية عدم وجود أسلوب قيادي مثالي، وأن نجاح القائد لايعود إلى أسباب خارجية وإنما يرجع إلى الربط بين السمات الشخصية والموقف القيادي.
5-النظرية التفاعلية:
جمعت هذه النظرية بين نظرية السمات ونظرية الموقف، وتستند إلى أن القيادة عملية تفاعل اجتماعي بين القائد ومرؤوسيه وتحقيق أهدافهم وحل مشكلاتهم. وحدد أنصارها إلى تحديد الأبعاد والخصائص التي تمكن القائد من النجاح مع جماعة معينة وهي المجموعة العاملة، والمناخ الاجتماعي للجماعة، ودرجة الألفة بين أفراد الجماعة، ومدى الاختلاف في وجهات النظر.
6- النظرية التبادلية:
تنظر هذه النظرية إلى وجود علاقة تبادلية بين القادة والمرؤوسين، وترجع أهمية النظرية التبادلية في القيادة إلى تشجيعها لزيادة الوعي بمعرفة حاجات الآخرين، وحرصها على التبادل العادل الذي يحدث بين القائد والمرؤوس.
ولما كانت الظواهر الاجتماعية والطبيعية معقدة ولا يمكن تفسيرها بنموذج واحد، اتجهت الدراسات الحديثة التي تناولت القيادة إلى دمج كل النظريات السلوكية، والمعرفية، والاجتماعية في تفسير القيادة باعتبارها ظاهرة تصعب الإحاطة بها.
إن القيادة المدرسية المأمولة لابد وأن تكون مهيأة ومعدة للقيام بدورها القيادي بكفاءة وفعالية من أجل تطوير البيئة التربوية في المدرسة، وأن تبني علاقات إنسانية سواء داخل المدرسة أو خارجها لتمكنها من تحقيق أداء فعال وتكوين فريق عمل يحقق الأهداف التربوية المنشودة من العملية التعليمية. وذلك كله يشترط أن تتوافر مهارات أداء محددة في كل قائد تربوي حتى يتمكن من القيام بدوره بكفاءة.
مواصفات مدير المدرسة:
ورد في الأدبيات التربوية أن العملية التعليمية تتمثل في ثلاثة عناصر أساسية : المعلم والطالب والمنهاج. ومن باب الضرورة أن يُضاف مدير المدرسة بوصفه عنصرا رابعا، فهو يشكل ركيزة للنظام التعليمي في بلوغ أهدافه. و نظراً لأهمية الدور الهام الذي يقوم به مدير المدرسة لا بد له من مواصفات ومميزات تؤهله للقيام بأعباء هذا المركز، كالتأهيل( المعرفي والمسلكي والقيادي والإنساني) لكي يتمكن من القيام بالواجبات المنوطة به. فمدير المدرسة هو القائد التربوي الذي يمتلك المؤهلات العلمية والخبرة والصفات الشخصية، ما يجعله يقوم بالأدوار لبلوغ أهدافها المنشودة. والقيادة المدرسية هي التي تقوم بتوجيه القوى العاملة في المدرسة نحو تحقيق الأهداف التربوية بأسلوب علمي ديمقراطي يدفع العاملين للانقياد له والتعاون في سبيل تحقيق الأهداف التربوية، والقائد هو المشرف على تنفيذ الخطط التربوية.[12] كما يجب على مدير المدرسة الناجح أن يكون ملماً بمجموعة من الأشياء منها: أهداف التنظيم ومبادئه وغاياته، والواجبات والمسئوليات، والهيكل التنظيمي وتوجهاته، ومبادئ الإدارة العلمية.[13]
ومن الصفات التي يجب أن تتوافر في المدير الجيد والكفء ما يأتي:
1-القدوة الحسنة والنضج الكامل.
2-الإحساس بالمسئولية الموضوعة على عاتقه.
3-سرعة التفكير في إيجاد حلول للمشكلات التي تواجه الإدارة والمدرسة ومرافقها.
4-أن يكون مرنا وقابلا للتطور والتجدد في العمل التربوي.
5-المهارة في تنسيق العمل وفي إعداد وتقديم التقارير الرسمية للعاملين والمعلمين.
6-الربط الكامل مع كافة الإدارات في وزارة التعليم لتنسيق الجهود.
والأهم يجب على مدير المدرسة إعطاء موضوع الإدارة أهمية كبرى من خلال التنظيم الجيد، والخبرة الداعمة، والسلوك الجيد، والإخلاص في العمل، والاتصال المباشر مع المعلمين والعاملين في المدرسة حتى يصل إلى الأهداف التي تسعى إليها العملية التربوية والتعليمية في المجتمع.
إن المدير قائد تربوي في المؤسسة التربوية يؤثر في كافة العاملين، ويلهب فيهم المشاركة الكفؤة وتحمل المسؤولية في تحقيق الأهداف التربوية المنشودة ويجني معهم النجاح المأمول القابل للتحقيق من خلال سياسته الحكيمة وتنسيقه المميز.
ومن خلال ما تقدم نستطيع أن نخرج ببعض التوصيات المرتبطة بتعزيز ممارسة القادة للنمط القيادي الديمقراطي عبر الممارسات التالية:
1- العمل على رفع الروح المعنوية للمعلمين والعاملين بالمدارس وإشعارهم بدورهم الفاعل في المدرسة وبالعملية التعليمية وزرع روح العمل الجماعي بينهم.
2- ضرورة قيام القادة بتشكيل فرق عمل وتوزيع المهام على كافة المعلمين والعاملين بالمدرسة وكلا حسب تخصصه للحد من المركزية في اتخاذ القرارت.
3- بناء علاقات شفافة أساسها الاحترام والتقدير بين القائد والمعلمين ، ومشاركتهم في مناسباتهم الاجتماعية والتي من شأنها الرفع من درجة الكفاءة من خلال الانتماء الواحد داخل المدرسة.
4- نبذ النمط القيادي الترسلي، والنمط القيادي الأوتوقراطي في الإدارة التربوية للوصول للأهداف التعليمية المرجوة.
5- ترشيح مديري المدارس إلى البرامج التدريبية المتنوعة مع الاهتمام ببرامج السلوك الإداري والتربوي.
الهوامش:
[1] . . الشريف. طلال عبد الملك.2004م. الانماط القيادية وعلاقتها بالأداء الوظيفي من وجهة نظر العاملين بإمارة مكة المكرمة.رسالة ماجستير غير منشورة. قسم العلوم الإدارية. جامعة نايف.ص 34
[2] . عياصر. علي أحمد. 2006م.القيادة والدافعية في الإدارة التربوية.عمان : دار ومكتبة الحامد.ص 34..
[3] . الطبيب. أحمد محمد.2002م. الإدارة التربوية أصولها وتطبيقاتها المعاصرة. ص149 . ط 3. بنغازي: دار الكتب الوطنية.
[4] الشريف. مرجع سابق .ص 42.
[5] علي. محمود محمد. 2002م..مقومات القائد الناجح. جدة: دار المجتمع للنشر والتوزيع.ص24-25.
[6] . عياصر . علي أحمد. 2006م. مرجع سابق ص38.
[7] السبيعي. عبيد بن عبد الله .2009م. الأدوار القيادية لمديري التربية والتعليم في ضوء متطلبات إدارة التغيير. رسالة ماجستير غير منشورة.كلية التربية . جامعة أم القرى.ص39.
[8] السريف. مرجع سابق.ص49
[9]محضر. حسين عبد الله.1978 م.الجديد في الإدارة المدرسية. جدة: دار الشروق. ص84.
[10] .أحمد.ابراهيم أحمد.2000م. الإدارة المدرسية في الألفية الثالثة. الإسكندرية: مكتبة المعارف الحديثة.ص94.
[11] . الشريف. طلال عبد الملك.2004م. الانماط القيادية وعلاقتها بالأداء الوظيفي من وجهة نظر العاملين بإمارة مكة المكرمة. رسالة ماجستير غير منشورة. قسم العلوم الإدارية. جامعة نايف.
[12] – عبد الفتاح مراد. 1998م . موسوعة البحث العلمي وإعداد الرسائل والأبحاث والمؤلفات ، ،ص853
[13] علي.مرجع سابق. ص59.
المراجع:
1- أحمد.ابراهيم أحمد.0200م. الإدارة المدرسية في الألفية الثالثة. الإسكندرية: مكتبة المعارف الحديثة.
2- الشريف. طلال عبد الملك.2004م. الأنماط القيادية وعلاقتها بالأداء الوظيفي من وجهة نظر العاملين بإمارة مكة المكرمة. رسالة ماجستير غير منشورة. قسم العلوم الإدارية. جامعة نايف .
3- الشيباني.عمر التومى. 1971م. مناهج البحث الاجتماعي.بيروت: طبعة 1. دار الثقافة.
4- الطبيب. أحمد محمد.2002م. الإدارة التربوية أصولها وتطبيقاتها المعاصرة. ط 3. بنغازي: دار الكتب الوطنية.
5-بحر. حسن محمود.2010م. الأنماط القيادية وعلاقتها بالأداء الوظيفي في المنظمات الاهلية
الفلسطينية. رسالة ماجستير.الجامعة الأسلامية.كلية التجارة.
6- عياصر. علي أحمد. 2006م.القيادة والدافعية في الإدارة التربوية.عمان : دار ومكتبة الحامد.
7-محمود. محمد علي.2002م.مقومات القائد الناجح. جدة: دار المجتمع للنشر والتوزيع.
* فردوس محمد التويجيري: ماجستير في الرسم من أكاديمية الفنون الجميلة – إيطاليا روما 2005.
– إعداد الدكتوراه بقسم التربية بجامعة العلوم الإسلامية الماليزية.
اترك رد