ينظم المعهد العالمي للفكر الإسلامي بالتعاون مع الجامعة الأردنية مؤتمرا علميا دوليا في موضوع: الأسرة المسلمة في ظل التغيرات المعاصرة 28-30 جمادى الأولى 1434ﻫ الموافق 9-11 أبريل(نيسان) 2013م عمّان، الأردن.
أولاً: فكرة المؤتمر:
انطلقت الحياة البشرية في أول عهدها من علاقة فطرية تكاملية بين زوجين: رجل وامرأة، أصبحا أباً وأماً، وكونا أسرة بشرية كانت الوحدة الأولى في بناء المجتمع البشري. ومن تلك الأسرة الواحدة تفرعت أُسَر عديدة تجمع بينها علاقات الأصل الواحد، وعلاقات القربي بين الأسر، ومن هذه الأسر تكونت الشعوب والقبائل والأمم. وكانت هذه هي السُّنة الإلهية التي فطر الله الناس عليها؛ لإعمار الأرض وتحقيق الاستخلاف فيها. ومنذ تلك البداية والأسرة هي وحدة البناء الأساسية في كل مجتمع بشري، الكفيلة بحماية المقومات الأساسية التي تعطي للمجتمع خصائصه البشرية العامة، وهويته القومية أو العرقية أو الدينية الخاصة. فكيف يمكن أن نربط اليوم بين قيام المجتمع البشري الأول على أساس الأسرة، وبقاء الأسرة أساساً لكل التكوينات البشرية عبر التاريخ؟
لكنَّ العالم شهد تغيّرات واسعة في مجال العلاقة بين مكونات الأسرة، ففقدت الأسرة في كثير من المجتمعات، وإن بدرجات متفاوتة، مفهومها في الطبيعة الفطرية، وموقعها في البناء الاجتماعي، ووظيفتها في التنشئة والتربية، كل ذلك لصالح اتجاهات فردانية، تُعْلي من قيمة الفرد، وتجعلُه بؤرةَ الاهتمام، وتَحُدُّ من دور الأسرة في تشكيل بنيته النفسية والعقلية. ولم تكن الأسرة العربية والإسلامية بمنأى عن هذه التغيّرات؛ إذ شهدت الأسرة نسباً متنامية في حالات الطلاق، وارتفاع سن الزواج، وتطوير أنواع من الزواج لا تحقق هدفه السامي في بناء الأسرة. وبذلك اضطرب مفهوم الأسرة؛ فشاع مصطلح الشريك والقرين، ووُصِف الزواج الطبيعي بالتقليدي أو النمطي، وظهرت دعوات إلى بناء الأسرة اللانمطية. وغدت العلاقة بين أفراد الأسرة علاقة اقتصادية استهلاكية، مرتبطة بالتمويل والمنفعة والمصلحة، لا بالانتماء إلى المنظومة القيمية للمجتمع الإنساني. وأصبحت القيم الفردية المنظمة للحياة الأسرية تحكم التفاعل الأسري. ولم تعد الأسرة تقوم بوظائفها الفكرية والنفسية من صحة نفسية، وأمن اجتماعي، وهوية فكرية وثقافية، ولا الوظائف الاجتماعية من حضانة ورعاية وتربية…، ولا الوظائف البيولوجية من إشباع غريزي وتناسل طبيعي…، ولا الوظائف الاقتصادية من تدبير المأكل والمسكن والملبس… . فما هي الملامح التي تشكل مفهوم الأسرة وواقعها في المجتمع الإنساني المعاصر بصورة عامة؟ وما مدى تأثر المجتمعات الإسلامية المعاصرة بهذه التغيّرات في مفهوم الأسرة وبنائها ووظائفها؟.
ثمة تشويه واضح، وربما مقصود، لمفهوم التنشئة الاجتماعية، فقد كانت التنشئة الاجتماعية تعني العملية التي يتم بها انتقال الثقافة والقيم من جيل إلى جيل، وإكساب الفرد أنماط السلوك في مجتمعه، متمثلاً القيم والمعايير التي يتبناها المجتمع، ليغدو الشخص كائناً اجتماعياً وعضواً صالحاً في الأسرة والمجتمع، لكن هذا المفهوم للتنشئة قد أخذ مساراً آخر؛ إذ بدأت الأسرة العربية والإسلامية تتبنى النمط الغربي والمنظومة الغربية في التنشئة الاجتماعية. فما مفهوم التنشئة الاجتماعية في المجتمعات العربية والإسلامية؟ وما الخصائص التي أصبحت تمتلكها التنشئة الاجتماعية في هذه المجتمعات؟
لعلَّ أهمَّ ملامح التغيُّر في مفهوم الأسرة في العالم الحديث سيادة مفهوم الأسرة النووية على شكل التفاعل الأسري، واضمحلال الأسرة الممتدة، بفعل عوامل التحديث والتطور الاجتماعي والاقتصادي، والتبرير الفكري والمعرفي لتأثير هذه العوامل، في مفهوم الأسرة ووظيفها، مما أدى إلى شيوع مظاهر التفكك في البناء الأسري وضعف المشاعر الفطرية المعبرة عن المودة والتراحم الأسري، واختفاء مظاهر التكافل والتعاون، وبروز الفردية والانعزالية. فكيف نفهم دور الأسرة الممتدة في تماسك البناء الاجتماعي؟ وما أهمية هذا المفهوم للأسرة الممتدة في تحقيق الصحة النفسية للشخصية الإنسانية المتكاملة والمتوازنة؟
لقد أثّرت منظومة التفكير الاجتماعي الغربية القائمة على الداروينية الاجتماعية، في سائر المنظومات المعرفية لباقي الشعوب، بتأثير العولمة والهيمنة السياسية والاقتصادية والأكاديمية…، دون مراعاة للخصوصيات الثقافية، والاجتماعية، والدينية،… للمجتمعات والشعوب، ورأت بعض التيارات الفكرية الغربية أنَّ الأسرة شكلٌ من أشكال السيطرة الأبوية السلطوية، وأنَّ شرط الإبداع والتجاوز يتم من خلال التمرد على كل أشكال الأبوية ومنها الأسرة. وثمة تيارات تنادي بالتطابق المطلق بين الرجل والمرأة، دون مراعاة لما أودعه الله عزَّ وجلَّ من خصائص فطرية ونفسية وجسمية لكلا الصنفين؛ فانتشرت الحركات النسوية، وبرز مفهوم النوع الاجتماعي “الجندر” تجلياً واضحاً للقضاء على سمات التفرُّد والتمايز الطبيعي بين الجنسين. ولعلَّ انتشار مصطلح الأم العزباء في البنية المجتمعية الغربية، يشير إلى تآكل مؤسسة الزواج؛ وسائر مفاهيم الرابطة الأسرية المتأصلة في البناء التشريعي للديانات السماوية، الذي تكون فيه الأسرة الأساس في إقامة العلاقات، ويكون الزواج بين رجل وامرأة هو أساس الأسرة، ومن هذا التكوُّن تتشكل دوائر القربي في الصهر والنسب، وسائر عناصر التكامل المجتمعي الأخرى. ولقد حاولت المؤتمرات الدولية أن تغذي هذا الإحساس بالتمرُّد، والتفلُّت من القيام بالمسؤلية الأدبية والأخلاقية تجاه الأسرة، بإعطاء الشرعية للقوانين التي تقوّض عُرى الأسرة؛ مفهوماً وبناءً ووظيفةً. فما الموقف الذي يلزم اتخاذه من قرارات المؤتمرات الدولية التي تحاول فرض التشريعات وأنماط السلوك والقيم، التي تتناقض من الموروث الثقافي والخصوصيات الحضارية والدينية للمجتمع العربي المسلم؟
إنَّ التغيُّرات التي طرأت على واقع الأسرة في المجتمعات الغربية، لم تقتصر على تلك المجتمعات، بل إنَّ مظاهر العولمة والتحديث، وأنماطَ الحياة الغربية، لا سيما الأمريكية، مثّلت خطراً على ثقافات الشعوب الأخرى، لكنَّ هذا التأثير لم يكن واحداً في جميع المجتمعات؛ فثمَّة مجتمعات استطاعت أن تحافظ على دور الأسرة في بناء مجتمعها وأهميتها، ووعت أهمية الترابط الأسري في المحافظة على الهوية، ونجحت في الموازنة بين التطور والتحديث، والمحافظة على قيم الأسرة. فما المجتمعات التي تمتلك تجارب فريدة في المحافظة على قيم الأسرة؟ وكيف استطاعت هذه المجتمعات المواءمة بين التطور التقني والتمسك بالهوية الوطنية أو الدينية؟ وما دور هذه المواءمة في تحقيق التقدم الصناعي والنهوض الحضاري؟
كان للإعلام دور كبير في تغيّر مفهوم الأسرة في عالمنا العربي والإسلامي، وغدت الأفلام والمسلسلات الغربية أو المستغربة تؤدي المهمة التي كان على الأسرة أن تؤديها في إحداث التنشئة الاجتماعية، ومن ثم أصبحت تلك البرامج الإعلامية مصدراً لإنتاج القيم والمعايير الاجتماعية، التي تتناقض مع البنية المعرفية الإسلامية، مما أثّر سلباً في شخصية الفرد المسلم، فانحرفت العلاقات بين الجنسين عن الصورة التي كانت تقتضيها الفطرة البشرية والأعراف الاجتماعية والأحكام الشرعية. فما البرامج الإعلامية البديلة للبرامج الحالية، التي تكون قادرة على تعزيز القيم وحماية عناصر الهوية في المجتمعات العربية والإسلامية؟ وما خصائص هذه البرامج؟ وكيف يمكن إعدادها؟
ثَـمَّة حديثٌ في الفكر الإسلامي المعاصر عن التربية الوالدية، التي يلزم أن تتطور برامجها لإعداد الشباب والشابات قبل الزواح وبعده، للقيام للمهمة الإنسانية المقدسة التي تتطلبها مسؤولية البناء السليم للأسرة، وقيامها بمهمتها في تربية الأبناء وتنشئتهم، بصورة تعزز لديهم قيم الانتماء للمجتمع والأمة، وتوفر لهم القدوة الحسنة في استلهام هذه القيم وتمثلها، وتتيح لهم البيئة الغنية للتزوُّد بأنماط التفكير السليم، والسلوك القويم، والمعرفة الحقة، والخبرة الوفيرة. وإذا كانت التربية الوالدية تعبِّر عن الحاجة لإعداد الوالدين وتزويدهما بما يلزم من معارف وخبرات للقيام بهذه الأمانة، فإنَّ التربية الأسرية في الإطار الإسلامي توفر المتطلبات التربوية اللازمة لضبط العلاقات الاجتماعية القائمة على طبائع الفطرة وأحكام الشرع بين جميع أفراد الأسرة، في بُعْدَيْها المتكاملين: النَّسَب والصهر، لتتكامل فيها قيم الأبوّة والبنوّة، مع قيم العمومة والخؤولة، وعلاقات المودّة والرحمة بين الأجداد والآباء والأبناء والأحفاد، فتلك هي مكونات الأسرة في الهدي الإلهي والنبوي الكفيلة بصلاح الحال في البناء الاجتماعي السليم، وأيَّ اختلال في العلاقات الفطرية والشرعية في هذه المكونات سيكون السبب في اختلال الاجتماع الإنساني عامة. فما أهمية التربية الوالدية والتربية الأسرية التي تلزم لإعادة بناء المجتمع العربي والإسلامي؟ وما مكونات هذه التربية؟ وكيف يمكن تطويرها وتوظيفها؟
ثانياً: أهداف المؤتمر:
1. بيان مفهوم الأسرة في النظام الإسلامي، واستلهام موقعها في البناء الاجتماعي في ضوء الوحي الإلهي والهدي النبوي.
2. تأكيد أهمية التربية الوالدية والتربية الأسرية بما يعين على تكوين الأسرة وقيامها بمهمتها في التنشئة الاجتماعية للأبناء والأحفاد.
3. فهم طبيعة التغيرات التي طرأت على الأسرة وموقعها في المجتمع الحديث والمعاصر.
4. تشخيص التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة في الوقت المعاصر، وضرورة مواجهة هذه التحديات، والحد من تأثير الاستلاب والاختراق الثقافي.
5. حماية الأسرة في المجتمع العربي المسلم من الآثار السلبية للعولمة والحداثة والتيارات الفكرية الغربية، وإبراز خطورة التشريعات المحلية المتغربة والعالمية الخاصة بالأسرة على الخصوصيات الثقافية لهذا المجتمع.
6. بناء برامج عملية للتربية الوالدية والأسرية قادرة على النهوض بالأسرة، لتمكينها من بناء الشخصية الإسلامية المنشودة في أبناء الأمة.
ثالثاً: محاور المؤتمر:
المحور الأول : مفهوم الأسرة ومكانتها في الفكر الإسلامي
1. الرؤية القرآنية للأسرة في أصل تكوينها وتفرعها.
2. الأسرة الممتدة وضرورتها في بناء الشخصية الإنسانية المتوازنة والمتكاملة؛ أسرة النسب والصهر، وأسرة البنين والحفدة.
3. الهدي النبوي في تشكيل الأسرة والمحافظة عليها.
4. الحقوق والواجبات الأسرية في الرؤية الإسلامية التربية والإنفاق والقوامة والتكامل… .
5. الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، وكبار السن، والأيتام.
6. مشاهد أسرية في القرآن الكريم: ثقافة يا أبَتِ، ويا بُنَيّ.
المحور الثاني: أدبيات الأسرة في التراث الإسلامي والفكر الغربي
1. أدبيات الأسرة في التراث الإسلامي: رؤية تحليلية نقدية
2. أدبيات الأسرة في الفكر الغربي الحديث: رؤية تحليلية نقدية.
3. أدبيات الخطاب الإسلامي المعاصر: رؤية تحليلية نقدية.
المحور الثالث : التحولات في مفهوم الأسرة واتجاهات التغيّر في البناء الأسري في العالم المعاصر: رؤية نقدية تحليلية
1. التحول في تحديد مفهوم الأسرة.
2. التحول في وظائف الأسرة وفي موقع التنشئة الاجتماعية.
3. التحول في تشكيل الأسرة ( ارتفاع سن الزواج، وأنواع الزواج، الزواج العرفي، الأمهات المنفردات،…).
4. التحول في مهام أفراد الأسرة.
5. التحول في طبيعة الرابطة الأسرية (الطلاق، الخلع، العنف الأسري…).
المحور الرابع: تجارب وخبرات عملية في المحافظة على دور الأسرة.
1. تجارب وخبرات من المجتمعات الإسلامية في المحافظة على دور الأسرة.
2. تجارب وخبرات من المجتمعات الشرقية في المحافظة على دور الأسرة.
3. تجارب وخبرات من المجتمعات الغربية في المحافظة على دور الأسرة.
4. تجارب وخبرات حول دور الأديان في ضبط توجهات التغيّر الأسري.
المحور الخامس: معوقات تعرقل بناء الأسرة السليمة ومخاطر تواجهها:
1. غياب برامج التربية الوالدية والتربية الأسرية.
2. التشريعات المحلية والعالمية التي تتناقض مع خصوصيات التكوين القيمي للمجتمع.
3. البرامج الإعلامية (القنوات الفضائية والأفلام والمسلسلات، الإنترنت، …).
4. المناهج التعليمية الجامعية: نظريات علم النفس وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا.
5. المناهج الدراسية في التعليم العام (ابتدائي، ثانوي).
المحور السادس: برامج ومشاريع وخطط عملية مقترحة لبناء مناهج النهوض بالأسرة.
1. برامج مقترحة للتربية الوالدية لضمان بناء الأسرة المهتدية الهادية.
2. برامج مقترحة للتربية الأسرية لضمان تكامل عناصر البيئة الأسرية الصحية.
3. برامج إعلامية مقترحة لتفعيل دور الأسرة في بناء المجتمع والأمة.
رابعاً: مواصفات الأوراق المطلوبة
1. يتصف البحث بما هو متعارف عليه من: التحديد الدقيق للموضوع، والأصالة العلمية، والمنهجية الواضحة، والتوثيق الكامل للمراجع والمصادر في مواقعها في صلب البحث، وليس على شكل قائمة ببليوغرافية، على أن لا يكون البحث قد سبق نشره أو تقديمه للنشر، أو عرضه في أي مؤتمر آخر.
2. أن يقع البحث ضمن أحد محاور ورقة العمل هذه، أو متعلقاً بأحدها بصورة مباشرة.
3. أن يبدأ البحث بمقدمة (في حدود خمسمائة كلمة) تبين موضوع البحث وأهميته وأهدافه ومنهجيته، وطبيعة البحوث السابقة فيه. وينتهي بخاتمة (في حدود خمسمائة كلمة) تبين خلاصة مركزة للنتائج التي توصل إليها البحث، وما تتطلبه هذه النتائج من توجهات أو تطبيقات عملية، والقضايا التي أثارها البحث وتحتاج إلى مزيد من الجهد البحثي. وتقسم مادة البحث إلى عدد من العناوين الفرعية.
4. أن يكون حجم البحث ما بين ستة آلاف كلمة في الحد الأدنى، وعشرة آلاف كلمة في الحد الأقصى. (25-35 صفحة).
5. يرسل ملخص البحث مع السيرة الذاتية في موعد أقصاه 28 شوال 1433هـ الموافق 15/9/2012م.
6. ترسل البحوث عن طريق البريد الإلكتروني في موعد أقصاه 3 ربيع الأول1434هـ الموافق 15/1/2013
7. الموعد المحدد لانعقاد الموتمر من 28-30 جمادى الأولى 1434ﻫ الموافق 9-11 أبريل(نيسان) 2013م.
8. ترسل جميع المواد إلى اللجنة التحضيرية مرقونة على صورة ملف Word على عنوان مراسلات المؤتمر وهو: [email protected] ويرفق بالبحث نسخة من سيرة الحياة وصورة شخصية ملونة.
9. تتحمل الجهات المنظمة للمؤتمر نفقات الإقامة، ووجبات الطعام طيلة أيام المؤتمر، ويتحمل المشارك نفقات السفر إلى الأردن.
اترك رد