تنظم مؤسسّة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث ندوة علمية تحت عنوان: ” الدين والمواطنة ” في الجزائر بتاريخ 27 -28 فبراير 2015.
أرضية الندوة:
يغلب على التاريخ، أن يتبَع الهزات الكبرى، سعي حثيث إلى خلق التوازن أو استعادته، في نظم الحياة وأساليبها، وينطبق ذلك على التجربة التاريخية للعالم العربي في علاقته مع الظاهرة الاستعمارية التي أفقدته توازنه، ودفعت به إلى مشكلات؛ بعضها جذري، وأخرى ناشئة عنها وتابعة لها. من ذلك أزمة الانتماء ومصدريته، إذ المألوف هو شكل الانتظام التقليدي في إطار الصلات القبلية، أو التراتبات المذهبية، في شكل الطائفة، أو الدولة القبيلة، خاصة مع انحسار المنظومة المركزية، والمتمثلة في نظام الخلافة، وتحولها إلى حضور باهت شكلاني، لا يؤدي عن المجتمعات العربية والإسلامية، عبئها التاريخي، فتركها بين صورة حالمة توارت أو تكاد، وبين واقع تاريخي جاثم بقوته الحضارية، والحامل لمشروع حياتي متأسس على عقلانية تعاقدية، تمكنت في إطار وعيها وتجربتها، من خلق فضاء انتماء تجاوز الأشكال التقليدية للهويات وأزماتها، واستطاع بناء نموذج للدولة، الممكنة لأفرادها من المشاركة في تكوينها وتسييرها، والتداول الديمقراطي على هيئاتها المختلفة، وكذا خلق الآليات المحافظة عليها، والداعمة لاستمرارها وبقائها، وهنا نجد كل فرد له حقوق/ واجبات، المواطن، التي تجعله مساوياً تماماً للجميع، تحت شعار الفرد للمجموع، والمجموع للفرد.
ومع ذلك، لا زال العالم العربي لم يتجاوز بعد؛ الأزمة الأم، المرتبطة بالهوية والانتماء الخاص، والعام، في إطار الصلات والعلاقات بين أفراده ببعضهم من جهة، وبينهم والعالم من جهة ثانية، ما أدى في الغالب إلى تشنجات وانغلاقات قادت باستمرار، ولا تزال، إلى شكل من الصراع الدائم، حيث حرمه ذلك من خلق فضاءات عامة، تُستدمج فيها كل ألوان الحضور والوجود، ويتحقق لها شكل من الاستقرار الذي يدفع بها إلى البناء والتعمير في هذا العالم. كما حصل لدى بعض الانتماءات التاريخية الأخرى، حال تمكنت من تشييد أنماط من العلاقات، محمية بعُدّة من التنظيرات والتشريعات التي سمحت لأفرادها من تحصيل مقدار من الحقوق والواجبات يكاد يكون واحداً، وليس ذلك إلا المواطنة، بشرطية إنسانية تعاقدية، مدنية علمانية.
والعالم العربي يراوح مكانه، رغم المحاولات الدؤوبة لتحقيق ذلك، إلا أنه لم يتمكن لا من الامتداد في الشكل القديم المبني على نظام الانتماء والهوية الذي يعتبر الدين مركزه وقلبه، ولا من استدرار الشكل الحديث منه، بداعي مخالفة العلمانية وقيمها لتاريخ الأمة وهويتها، ما مكن لنمط خاص من التفكير يقوم على رفض المواطنة بحسب القانون المدني، ويدعو إلى تركيزها في تربة الدين، وإقامتها على أحكام الشريعة والفقه، ونظم الحاكمية كما تصورتها بعض الحركات الدينية، ونذكّر هنا بالمشروع الفكري لكل من سيد قطب ونظرية الحاكمية ومعالم في الطريق، وأبي الأعلى المودودي ومفهوم نظام الحكم في الإسلام.
قُبال رأي يذهب إلى أن هذه الأخيرة تم تجاوزها، ولا يمكن بحال، قيام شكل حديث وتاريخي للدولة، يهب للأفراد المنتمين له، الحظوظ نفسها، بما أنها لا تزال تقيّم الناس تبعاً لدينهم، وإيمانهم، وأعرافهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وأعراقهم وعصبياتهم، لذا من الواجب القطع مع ذلك كله، والارتماء في حضن الشكل الحديث للدولة، بقيمه المنبثقة عن دساتير توافقية، والمتضمنة لآليات خلق المجتمعات المتساوية، والضامنة للحقوق التامة للجميع، بحسب الوضعية القانونية للمواطنين، وما يؤدونه جميعاً لأوطانهم، خاصة وأنها تنظر إليهم كمكانة مدنية مُثبتة ومؤكدة، لا كوجود متعال على الآخرين ومتجاوز لهم، وهنا يرى هذا الاتجاه أن تخطي الديني والإثني، هو سبيل التعايش وخلق الفضاءات العامة المانحة لفعالية الآداء التاريخي، لهذه الجماعة أو تلك، وتندرج في هذا الإطار، أعمال علي عبد الرازق ونظرية مدنية الدولة، وأصول الحكم الطبيعي، وصولاً إلى أطروحات علمانية الدولة مع محمد أركون، أبو القاسم حاج حمد، سعيد العشماوي، وعبد الجواد ياسين.
لكن ألا يلاحظ بأن الموقف الثاني بدوره، يختزل تاريخاً بأكمله، في سياق استنساخي يتخطى الخصوصيات، ويقضي على المتمايزات التي هي في الأساس، السمة الأنطولوجية للبشر، وقتما يمارسون حضورهم في تنوع شديد، لا يمكن للمواطنة التعاقدية الحديدية إتاحته لهم، خاصة وأن الأديان تعرف مذاهب شتى، ومدارس عديدة، والكل محفوظ القدر والشأن، بحسب المقولة العقائدية الأساسية، لا إكراه في الدين، وتجربة الإسلام الحضارية التاريخية، صنعت حضارة متقدمة، يمكن استلهامها والمضي بها في تجدد ممكن، يحفظ للعالم العربي كينونته التاريخية، كما ويعطيه المقدرة النظرية والعملية على خلق مواطنة قيمية، أساسها التراحمية العادلة، لا التعاقدية المساواتية الميكانيكية التي تحفظ لفئات حقوقهم، وتحرم أخرى بداعي اللامواطنية، وهنا تنشأ أشكال من التجاذب الجذري بين طبقات وجماعات، بعضها يحافظ على مكاسبها، وأخرى تعمل على تحصيلها بالسعي لإلغاء الأخرى ومحوها. وقد استفاضت الماركسية بتراثها المهم، في مقاربة الصراع السالف، وبسطته في إطار نظرياتها، وكذا المقاربات النقدية المنبثقة عن مصادرها. والرصيد الأساسي الذي تحقق للفكر الإسلامي النقدي، المستفيد من الإمكانات النظرية التي يتيحها التدين المفتوح، وكذا استلهما للدرس المنهجي والنقدي الغربي، فانتهوا جميعاً، إلى أن التجاذب السالف، مفض إلى العنف، آن تمارسه السلط القاصدة إلى إقامة مواطنية أحادية الجانب، وتؤطره شموليات ماحقة لكل فرادة وتمايز.
الإشكالية:
لذا نجدنا أمام سؤال مركزي: هل الدين يملك مقدرة نظرية وثقافية وتاريخية على خلق فضاء المواطنة؟ أم أنه حيث ما وجد انبثق العنف وتولد؟ لتناوله للناس، تقسيماً وتصنيفاً، على منوال ليس فيه من المدنية إلا المصطلح؟ ثم أيمكن للمواطنة المتجاوزة للانتماءات الجزئية، بما فيها تدينات الناس وأعراقهم؛ أي المواطنة المتأسسة على القيمة العلمانية الجذرية أن تعطي مواطنة متوازنة، وتجعل الناس يتفاعلون، ويتبادلون الحقوق والواجبات، في خضم تجربة تاريخية إنسانية؟ هل يمكن بناء مواطنة عادلة في العالم العربي، بأطروحة إسلامية المجتمع، وعلمانية الدولة؟ كما يعرضها عبد الوهاب المسيري، ومحمد أبو القاسم حاج حمد؟ أم أن الشرط المدني التعاقدي هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك؟
المحاور:
·المقاربات المفهومية للمواطنة، الدولة، الدين.
·تاريخية تشكل الدين والمواطنة وعلاقاتها.
·أهم النظريات المفسرة للعلاقة ومقارباتها النقدية.
·المكاسب النظرية والفتوح المعرفية المحصلة في مقاربة العلاقة بينها، في التجربة الفكرية الحداثية والمعاصرة.
·الفكر الإسلامي وتجديده لنمط تفهم الصلات بين الدين/المواطنة- الدولة-الأمة.
·إمكان قيام مواطنة لاعنفية، إنسانية، عالمية…
شروط المشاركة:
وقصد المشاركة في هذه الندوة العلمية، خاصّة من لدن الباحثين والمختصّين في الجزائر، يُطلب:
– أن تكتب البحوث ببرنامج (word) بخط (simplified arabic) بحجم16 في المتن و12 في الهامش.
– ألاّ يتجاوز ملخّص البحث 500 كلمة.
– ينبغي أن يكون نصّ البحث ما بين 6000 و 8000 كلمة.
– آخر أجل للتوصّل بملخّص البحث مصحوبا بالاستمارة الشخصيّة هو: 20 ـ 10 ـ 2014.
– سيتم إخبار ذوي الملخصات المقبولة قصد إرسال بحوثهم.
– آخر أجل للتوصل بالبحث كاملاً هو: 20 ـ 01 ـ 2015.
– تخضع جميع البحوث للتحكيم العلمي.
– لا يعتمد البحث للمشاركة، إلا إذا تم استلامه كاملاً وفق الآجال المحددة أعلاه.
-ترسل الملخصات والبحوث على العنوان التالي:
وتتكفّل المؤسّسة:
ـ بنفقات التنقّــل والإقامة.
ـ بنشر أعمال الندوة.
ملاحظة: الأولويّة في المشاركة للمقيمين بالجزائر.
منسق أعمال الندوة: د. الحاج دواق.
اترك رد