إعداد: نادية بوطاهر وعبد الحكيم جابري
نظم المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالجديدة بتنسيق مع مختبر السرديات بالدار البيضاء، ونادي القلم فرع آسفي يوم الجمعة 22 ماي 2015 ابتداءً من الساعة التاسعة والنصف صباحا الدورة الثانية من ملتقى الرواية بجهة دكالة عبدة في موضوع السرد والتخييل والتاريخ.
أدار الجلسة الافتتاحية محمد مستقيم الذي رحب بالحضور، ثم تلتها كلمة السيد مدير المركز الجهوي جواد رويحن الذي ثمن هذا اللقاء التواصلي الأدبي وتطرق إلى مهام المركز التي لخصها في ثلاث: دوره في تكوين الأساتذة والتكوين المستمر للأطر ثم البحث العلمي. فيما دعا شعيب حليفي رئيس مختبر السرديات إلى دعم مثل هذه المبادرات والعمل على فسح المجال من أجل لقاءات وندوات أخرى. أما رئيس نادي القلم فرع آسفي عبد الرحمان شكيب فقد تحدث عن القضايا والهموم المشتركة بين نادي القلم ومختبر السرديات وهي هموم أدبية .
أشغال الجلسة الأولى حول الرواية في عبدة ،نسقها نور الدين صدوق الذي مهد لهذه الجلسة بورقة نقدية تحت عنوان ” الكتابة الروائية وسؤال الاستمرارية ” تناول فيها خمس نقط عن السؤال الأدعى إلى التمثل في الراهن على مستوى المنجز الروائي بالمغرب خاصة، والعربي ؛ ثم تثبيت سؤال الاستمرارية بالإثارة، ذلك ان ما يمكن وعيه وإدراكه تمام الوعي والإدراك، أن الكتابة كممارسة، ممكن ومحتمل، لا يمكن أن تتوقف، فقد بات المؤكد أن من اشتراطات الكتابة الروائية بما هي تخييل، وإنتاج وعي بالتاريخ ليس في مفهومه العام كوقائع وأحداث انتهت إلى التدوين والأرشفة، وإنما كتاريخ خاص تتحكم في آليات إنتاجه حصيلة مرجعيات يضبط الرؤية إليها شخص المؤلف.
أولى الأوراق، بعد التمهيد العام ، كانت للحبيب الدايم ربي بعنوان “رواية مجنون مليلية لحفيظ لزرك بين الجَرح والتعديل” حاول فيها إبراز اشتغال سارد الرواية على مخطوطة سلمها له احد أصدقائه، معتمدا في ذلك على إجراءات تقنية تقوم أولا على تقنية الجرح الذي عرفه بالنقد والطعن والاعتراض وثانيا تقنية التعديل، التي برزت في تغيير الكثير من العبارات والألفاظ ونشر الرواية دون علم صاحبها.
أما ابراهيم العدراوي في ورقته “الهامش على هوامش رواية “مسار صالح بن بوشعيب الشبيهي” لمصطفى حاكا فقد أشار الى وجود تحول في الرواية المغربية وتركيزها على الهامش، باعتباره حاملا لبذور مستقبل جديد. والهامش في الرواية المدروسة لا ينفصل عنها ومثال ذلك الشخصية الرئيسة في رواية حاكا التي كانت مجرد شخصية هامش بسيطة وفقيرة انتقل بعدها الى الهامش الجغرافي الذي مثله بفضاءين؛ فضاء القرية وهامش المدينة، ثم الهامش الديني تجلى في حضور اليهود في الرواية وعلاقتهم بالمسلمين، وأخيرا الهامش السياسي تمثل في الأحزاب الإدارية مقابل الأحزاب الوطنية.
في حين ركزت ورقة محمد محي الدين المعنونة ب “شعرية البوح في “مجهولة وغريب لمحمد أفار” على استلهام النص من الخطاب الصوفي والحداثي الراهن واعتبار السارد الكتابة طقسا صوفيا أو عبارة عن صلاة حضرت بشكل مقدس، والرحلة في الرواية تحولت الى سفر روحي بحثا عن الذات. وقد استلهم الكاتب كثيرا من الأقوال الصوفية التي طبعت كلام الشخصيات وعلاقاتها فيما بينها، إضافة إلى حضور تيمات أخرى كتيمة الجنون وكتم السر وتيمة الاحترام وتيمة البحر الذي أضحى نموذجا للاغتسال والتطهر. وصنف هذا النص الروائي في التخييل الذاتي.
وفي ورقة عبد الفتاح الفاقيد الموسومة ب “الكون السردي والمتخيل التاريخي في رواية باب الشعبة لأحمد السبقي” انطلق فيها من أن كل خطاب روائي يحمل تاريخه الخاص وكل رواية تحمل فترة تاريخية لشخصية تاريخية عاشت ومازالت تعيش، وكل خطاب روائيا ينتج خطابا روائيا تاريخيا من الدرجة الثانية من خلال استعارة العلم التاريخي. ويحضر التخييل التاريخي والسياقي في الرواية المدروسة انطلاقا من مبدأ نظام التحول من وضعية الاحتلال إلى وضعية التحرر وبالتالي نهاية العنصر السلبي وبداية العنصر الإيجابي نهاية الهدم وبداية التأسيس.
وتطرّق محمد عبد الفتاح في ورقته المعنونة ب “البنيات السوسيونصية وتشكل الرؤية والصوت في العالم السردي لأحمد الفطناسي رواية الخطايا نموذجا” إلى ثنائية البطولة والخيانة الأمر الذي جعل الرواية صاخبة باختلاط الأصوات وشخصيات النذالة والحقارة في مقابل الشهامة. وعلى المستوى الفني تطرق إلى الخطاب العتباتي وحاول فيه دراسة العنوان والغلاف ثم التناص في الرواية من خلال ثلاث مستويات وهي: المتناص ـ الميتانص ـ والتناص، ثم السارد وتشكل الرواية من خلال زاوية الرؤية.
وافتتحت الجلسة الثانية الخاصة بالرواية في منطقة دكالة والتي نسق أشغالها أحمد بلاطي بورقة لكبير الدادسي المعنونة ب “جدلية الديني والجنسي في رواية “العفاريت لإبراهيم الحجري” وأكد ان الرواية تقوم على توازي بين حكايتين أو بالأحرى روايتين؛ الأولى يؤطرها الخطاب الديني، خصوصا مع شخصية الواعظ المحارب للبدع والمفاسد واللهو، أما الثانية فيهمن عليها الجانب الجنسي، بحضور شخصية مبتذلة تناصر الباطل وتفرط في العلاقات الجنسية والشهوات. ليخلص الباحث إلى أن الرواية تقوم على تقابل بين تصورين للجنس؛ الأول تمثله شخصية الحكاية الأولى التي تغلف الجنسي بطابع ديني، والثاني تمثله شخصية الحكاية الثانية اللاهثة وراء شهواتها.
أما كريم ترام في ورقته الموسومة ب “شعرية السرد في رواية غابت سعاد لبوشعيب الساوري” فقد تطرق إلى البناء الفني للرواية انطلاقا من هيكلة الرواية وتقسيمها واستراتيجية التناص التي نهجها الكاتب؛ سواء من العنوان أو من داخل الرواية تناص مع النص القرآني أو مع الملفوظ الشعري أو مع المسرحي أو الرسالة ثم تقنية الخبر وتقنية الحوارات الخاصة والأسلبة وغيرها من التقنيات البانية لجمالية هذا لنص الروائي.
في حين حاول عبد الرزاق المصباحي في ورقته المعنونة ب “أسئلة الناقد في جبة الرواية في الكوندليني لصدوق نور الدين” اختبار فرضية مؤداها مدى قدرة الناقد/الروائي في التحكم في مراسه وقراءاته النقدية وجعلها خلفية في الكتابة الروائية. وأكد أن رواية الكوندليني هي تنزيل للتجريب الذي يراها صدوق نور الدين اختيارا كتابيا، عبر تداخل السيري والتخييل. وإضافة إلى ذلك تحضر أسئلة الثقافة ومن خلال قضايا ثقافية كالمقرؤئية ومشكلات النشر، أو نقدية مثل القراءة والتأويل النقديين، ناهينا عن حضور مقالات نقدية كاملة تقارب قضايا إبداعية. وتخلص القراءة إلى أن الرواية تجسد دفاعا لصاحبها عن نموذج بعينه هو الروائي/ الناقد الذي يضيق المسافة بينهما.
الورقة الأخيرة كانت لعبد الفتاح إيشار بعنوان “جدلية الظهور/التخفي وسؤال التيمة في رواية المدينـــــــــــة التي…. لهشام ناجح” تناول فيها عتبة الغلاف وحضور الأسطورة والشعر والواقع في بناء الرواية. كما أشار إلى انبنائها سرديا على وجود سارد يخترق سكون الصفحة وينقل حديث سارد آخر متوار خلف السرد. ثم تطرق إلى زمن الحكاية وفضائها ـ الدار البيضاءـ والمدينة هنا هي نص تخيلي متعال وإن كانت في الرواية تناصات كثيرة تحيل على روايات أخرى (الخبز الحافي مثلا ) .
اترك رد