الكاتب: د. محمد ابراهمي
التخصص: دكتوراه الفقه وأصوله ” وحدة فقه الأسرة والتحولات المعاصرة” شعبة الدراسات الإسلامية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الأول وجدة، سنة 2012. البريد: [email protected] |
تقديم:
يعرف العالم تحولات عميقة في بنياته الاجتماعية والثقافية، ساهم الإعلام بقسط وافر منها، فبعد الثورة التي حققها بظهور الأقمار الصناعية، وما تلاها من ظهور وسائل تقنية مكنت من تحقيق التواصل بشكل يسير، وتقريب المسافات بين الأقطار والبلدان، وإزالة الحواجز الثقافية والسياسية أمام الأفكار والقيم والثقافات، بعد هذه الثورة عرف العالم مع بداية الألفية الجديدة مرحلة جديدة لثورة نوعية في عالم الاتصال الاجتماعي، خاصة مع ظهور ما يسمى ” بالفايس بوك، والتوتير، والواتساب، والفايبر”… اتصال مكن من تحقيق عملية تفاعل بين مختلف فئات المجتمع، وفي مقدمتهم الشباب، وأتاح الفرصة لهم لاختيار المعلومة التي يريدونها متى شاءوا، وبالشكل الذي يريدون، وأزاح سلطة الرقابة السياسية، والأمنية، والاجتماعية من طريقهم، كما تحقق اندماج غير مسبوق بين وسائل الاتصال السمعي والبصري، ساهم بدوره في توسيع وتعميق عملية الإغراء والتسويق للمنتجات المادية والقيمية والثقافية التي تعرضها وسائل الإعلام.
وقد نتج عن هذا التطور السريع في بنية الاتصال ووسائله، وأدواته وتقنياته، تحول كبير في سلطة وأدوار مؤسسات المجتمع وهيئاته، وتغيير في سلطات هذه المؤسسات وأدوارها ووظائفها، خاصة في عملية التنشئة على القيم، وفي طبيعتها.
وبتتبع الاستعمالات لوسائل الاتصال، خاصة الحديث منها من طرف الشباب، يمكن الوصول إلى نتائج تفيد الارتفاع الكبير في الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعي، والتفاعل المتواصل مع الأحداث الاجتماعية والسياسية والقيمية في عالم الافتراض الذي أتاحته هذه الصفحات، إلى درجة جعلت منها فاعل مؤثر في موازين القوى، وفي توجيه الأحداث السياسية، وتشكيل منظومة القيم الجديدة لدى الشباب، كما يمكِن إدراك الاستعمال السلبي لهذه الصفحات، والإدمان الكبير عليها على حساب الكثير من المهام الوظيفية، والالتزامات التعليمية والاجتماعية في واقع الحياة، وهو ما ستحاول هذه الصفحات بيانه بعد الوقوف عند طبيعة مؤسسات الإعلام الحديث، ودورها في تشكيل منظومة قيم ذات أبعاد وحمولة مرجعية، تنهل من نموذج ثقافي يرتبط بالبيئة التي تشكلت فيها وسائل الإعلام الحديث.
اترك رد