رعى معالي وزير التعليم الدكتور عزام بن محمد الدخّيل يوم الأحد 1436/12/28هـ حفل افتتاح مؤتمر القضاء والتحكيم والذي تنظمه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلة بالمعهد العالي للقضاء وذلك في قاعة الشيخ عبدالعزيز التويجري بمبنى المؤتمرات .
بدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم ألقى بعد ذلك أمين عام محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي الدكتور (سيفيلزهوك) كلمة المشاركين بين فيها سعادته أهمية المشاركة في هذا المؤتمر الهام في المملكة العربية السعودية وفي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والذي يتناول الدور الذي يؤديه القضاء والتحكيم في إرساء قواعد العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع .
ثم ألقى بعد ذلك مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالنيابة الدكتور فوزان بن عبدالرحمن الفوزان كلمة أوضح فيها أن فكرة هذا المؤتمر جاءت انطلاقاً من مكانة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الريادية في تلمس القضايا التي يحتاجها المجتمع ، والتي تسعى الجامعة لتحليلها وإفادة المجتمع منها ولكون الجامعة تحتضن هذا المعهد الفريد ” المعهد العالي للقضاء”، والذي لم تقتصر جهوده على العناية بالقضاء في المملكة فقط ، بل تعدى ذلك إلى تدريب عدد من القضاة في الدول العربية والإسلامية وإقامة الدورات المتخصصة لهم.
وأضاف أن هذا المؤتمر يأتي بالتعاون مع فريق التحكيم السعودي ويتناول الدور الذي يؤديه القضاء والتحكيم في إرساء قواعد العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع، ويعد فرصة للتشاور والتفاؤل وتبادل الرؤى والخبرات بين المختصين ، وصولاً إلى توصيات تخدم الحركة العلمية والمهنية في المجتمع ، وهو موجه بالأساس إلى أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في الجامعات ، وأعضاء السلك القضائي ، وأعضاء هيئة التحكيم ، والمحامين والمستشارين القانونين ، ورجال الأعمال وطلاب كليات الشريعة والأنظمة.
و أشار الدكتور الفوزان إلى أن المشاركون قدموا في هذا المؤتمر عدداً من الدراسات والبحوث المتعلقة بآليات القضاء والتحكيم خصوصاً ما يتعلق بوسائل تطويرها والرقي بوسائلها والتسريع فيها لمواكبة زيادة أعداد السكان وكثرة القضايا وتنوعها وتنامي الاقتصاد المضطرب.
وأوضح أن اللجنة العلمية للمؤتمر التي يرأسها فضيلة عميد المعهد العالي للقضاء حرصت على وضع محاور تواكب التطور الجديد للمحاكم في المملكة العربية السعودية ، وأهمية وجود تحكيم بجانب كل اختصاص قضائي ، يسهم في الحد من الاعتماد الكلي عليه ، ويقلل من القضايا المعروضة على المحاكم مما يسهم في تقليل فترات الانتقال ويقلل العناء على المتخاصمين وعلى القضاة.
وبيّن أن هذا المؤتمر يهدف إلى بيان الدور التكاملي بين القضاء والتحكيم ، والتأكيد على الدور الفاعل الذي يؤديه التحكيم باعتباره وسيلة حل نزاع بديلة مما يخفف الضغط على المحاكم ، كما يهدف إلى توثيق أواصر التعاون وتبادل الخبرات بين المختصين في مجالات القضاء والتحكيم، وتوحيد الجهود فيما يتعلق بتطوير آليات القضاء والتحكيم في ضبط تسارع وتيرة التقنية الحديثة ، والاطلاع على الدور الحكومي والخاص فيما يتعلق بموضوع المؤتمر، وإحاطته بالتجارب العلمية عبر استقطاب ثلة من الخبراء والمختصين في مجالات التحكيم على المستوى الدولي ، فقد شارك في المؤتمر 146 باحثاً ينتمون إلى 21 دولة وغطت البحوث وأوراق العمل محاور المؤتمر الستة .
وفي الختام قدم خالص الشكر لمعالي وزير التعليم على تشريفه لهذا الحفل و المؤتمر ، ولأصحاب الفضيلة العلماء والباحثين الذين أثروا جلسات المؤتمر ببحوثهم وأوراق عملهم الرصينة ، وإلى الشركاء في تنظيم هذا المؤتمر فريق التحكيم السعودي الذي يرأسه سمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود و فضيلة وكيل الجامعة للشؤون التعليمية المشرف على لجان هذا المؤتمر رئيس اللجنة التنظيمية الدكتور عبدالعزيز المحمود ، وفضيلة عميد المعهد العالي للقضاء رئيس اللجنة العلمية ، وجميع اللجان العاملة بالمؤتمر .
ثم ألقى بعد ذلك صاحب السمو الأمير بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين كلمة أوضح فيها أهمية مؤتمر القضاء والتحكيم الذي تنظمه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والذي يشارك فيه نخبة مميزة من القضاة والمتخصصين من المملكة ومن مختلف دول العالم .
وقال سموه : إن هذا المؤتمر مهم لأنه يسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين القضاء في الشريعة الإسلامية وطرق تطبيقه وفق آليات قانونية ، وكونه يتناول التحكيم الذي يعد مسانداً للقضاء وليس منافساً له ، إضافة لما يتمتع به التحكيم من السرعة والسرية في التقاضي ، مما يجعله ذا أهمية ولا أدل على ذلك من أبحاثه التي وصلت إلى أكثر من مائة وأربعين بحثاً مقدماً لهذا المؤتمر معتبراً أن هذا الرقم يعتبر من الأرقام الكبيرة بالمؤتمرات الدولية ، كما تنبع أهمية المؤتمر من كونه يساعد في إرساء قواعد العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع .
وأضاف سموه أن المملكة منذ تأسيسها قامت على تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع شؤونها وهذه الشريعة صالحة في كل زمان ومكان ، والقضاء هو أساس العدل الذي بناء عليه يتحاكم الناس والتحكيم هو أحد الوسائل لحل هذه النزاعات فلا نقول إن التحكيم منافس للقضاء ولكنه مكملٌ له.
وأكد سموه أن الشريعة الإسلامية امتازت بميزات جعلتها تفوق أكثر القوانين الدولية ومثال ذلك أنها أجازت التحكيم الجنائي وأجازت التحكيم في الأحوال الشخصية فيما عجزت الأنظمة الدولية عن ذلك وما زال الفقهاء القانونيون يكثرون النقاش في ذلك ، وهذا الاتساع والمرونة لا نجدها في الأنظمة الأخرى.
وبين سموه أن القضاء في المملكة العربية السعودية يتمتع ولله الحمد باستقلالية تامة في جميع المعاملات ، و يعمل وفق الكتاب والسنة ، وهما دستور هذه البلاد المباركة منذ تأسيسها على يد المؤسس الباني جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- وسار على ذلك أبناؤه الملوك من بعده حتى وصل إلى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – مقدماً شكره لجميع اللجان العاملة بالمؤتمر .
وعقب الحفل كرم معالي وزير التعليم الجهات المشاركة بالمؤتمر كما قام معاليه بافتتاح المعرض المصاحب للمؤتمر .
ثم انطلقت صباح يوم الأحد جلسات (المؤتمر الدولي للقضاء والتحكيم الواقع والآفاق) الذي يقام يومي الأحد والاثنين 28-1436/12/29هـ. ففي الجلسة الأولى التي رأسها مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالنيابة الدكتور فوزان الفوزان وتناولت محور القضاء في الشريعة الإسلامية والقانون، حيث رحب في بدايتها بالمشاركين وبالحضور، وأكد سعادته أن المؤتمر يركز على دور القضاء والتحكيم في إرساء قواعد العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع، وعده فرصة للتشاور والتفاعل وتبادل الرأي والخبرات بين المختصين وصولاً إلى توصيات تخدم الحركة العلمية والمهنية في المجتمع.
تحدث في مطلعها الدكتور ناصر بن إبراهيم المحيميد ممثل المجلس الأعلى للقضاء عن (التجارب الحديثة في تطوير آليات التقاضي) تناول فيها عدداً من الجوانب المتعلقة ببعض هذه التجارب الخاصة بجهاز التقاضي، حيث بين الجهود المبذولة من أجل تحسين جودة الإحصاءات القضائية وأثرها في جودة العمل القضائي، ومدى رضا المتعامل مع الجهاز العدلي، وسبل تنظيم العمل الجماعي، وكيفية قياس الحصة القضائية وفق التدفق القضائي، وتناول مشروع الإسناد القضائي وكيف يمكن أن يسهم في فلترة القضايا قبل وصولها للمحاكم.
بعد ذلك تحدث الدكتور خالد بن عبدالله الخضير ممثل ديوان المظالم، وقدم ورقة بعنوان: (القضاء الإداري في المملكة العربية السعودية) أعطى من خلالها نبذة عن نشأة القضاء الإداري في المملكة العربية السعودية، وكيف تطور حتى وصل إلى ما يعرف بديوان المظالم، بعدها استعرض مكونات الجهاز الإداري ومكوناته، ثم تناول اختصاصات القضاء الإداري (ديوان المظالم) الست.
فيما قدم أستاذ الفقه المساعد المنتدب في قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية الأساسية عضو هيئة التدريس في لجنة المناصحة والإرشاد – وزارة الداخلية الكويت الدكتور فراج محمد فراج الرداس المطيري ورقة بعنوان (القضاء عند فقهاء الشريعة) حاول من خلالها تسليط الضوء على القضاء عند الفقهاء في الشريعة الإسلامية، ومعرفة ما اتفقوا عليه، وما اختلفوا فيه.
وتناول الدكتور المطيري في ورقته مفهوم القضاء، والفرق بينه وبين الإفتاء، كما تناول حكم القضاء بين الناس وأهميته، والأدلة على مشروعية تقليد القضاة، إضافة إلى شروط تعيين من يتولى القضاء، واختصاصات القضاء واستقلاليته.
المتحدث الأخير في الجلسة هو الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله السليّم وقدم ورقة بعنوان (دور القضاء في نظام التحكيم السعودي الجديد) أوضح أن أهـمية الـموضوع تكمن في الاهتمام الـمتزايد من الأفراد والشركات بنظام التحكيم، وأحكامه، وكذلك قيام القضاء الوطــنـي بدور الضَّامن لاستمرار العملية التحكيمية وفق القواعد القانونية، والأصول الإجرائية، إضافة إلى الصلة الوثيقة بين قضاء الدَّولة والتحكيم التجاري الوطـنـي والدولـي، والدَّور التكاملي بينهما فـي كــثــير من الإجراءات، وتـعلُّــق كــثير من الأحكام الـمنظمة لأدوار القضاء فـي العملية التحكيمية بأحكام النظام العام، ونصوص الاتفاقيات والـمعاهدات الدولية الـمنظمة لذلك.
وتناول الباحث دور القضاء قبل إصدار الـحكم التحكيمي من خلال دور القضاء فـي الاتـفاق على التحكيم، ودوره فـي اختيار الـمُحَكَّميـن وتشكيل هيئة التحكيم، ودوره أثـناء إجراءات التحكيم.
كما شملت الورقة دور القضاء فـي إصدار الـحكم التحكيمي وما بعده، حيث استعرضت الورقة دور القضاء فـي إصدار الـحكم التحكيمي، ودوره فـي دعوى بطلان الـحكم التحكيمي، ودوره فـي تــنفيذ الـحكم التحكيمي. بعد ذلك فتح المجال للمناقشة.
تناولت الجلسة الثانية من جلسات مؤتمر القضاء والتحكيم ـ الواقع والآفاق محور التحكيم في الشريعة الإسلامية والقانون، وترأس الجلسة رئيس المحكمة الإدارية العليا معالي الشيخ إبراهيم الرشيد، وشارك فيها نخبة من الباحثين من أهل العلم والاختصاص من السعودية ومصر واشتملت على التحكيم عند فقهاء الشريعة، والتحكيم عند شراح القانون، والمقارنة بين الشريعة والقانون.
واستهل الجلسة الأستاذ المشارك في قسم الفقه بكلية الشريعة في جامعة الإمام الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور عبدالله الجهني ببحث عنوانه (التحكيم عند فقهاء الشريعة أحكامه وضوابطه وأهميته)، تضمن نبذة عن تاريخ التحكيم عند العرب، و عرف التحكيم، والفرق بين التحكيم والقضاء، وأهمية التحكيم والحكم الشرعي للتحكيم من حيث الجواز وعدمه، وشروط التحكيم ،ووقت لزوم حكم المحكم ،وكذلك رجوع أحد المتخاصمين عن التحكيم، والمسائل التي يجوز للمحكم الحكم فيها، إلى أن تطرق إلى أهمية التحكيم في بلاد الأقليات المسلمة.
وشارك الأستاذ المساعد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن قسم الدراسات الإسلامية والعربية د.خالد آل سليمان ببحث عن(حقيقة التحكيم في الشريعة والقانون)،وضح فيه أن التحكيم من الطرق المهمة التي يغفل عنها كثير من الناس؛ لعدم اتضاح صورته وحقيقته ما دفعه لتناول هذا البحث للتوضيح والإجابة على عدة تساؤلات منها: ما المقصود بالتحكيم عند فقهاء الشريعة ؟وما المقصود به عند شراح القانون؟ وما الفرق بين تناوله عند الفقهاء والقانونيين ؟وحدد الهدف من بحثه “إعطاء القاريء مزيداً من الثقة والطمأنينة تجاه الأحكام الشرعية، والتوعية بجدوى وفاعلية التحكيم في فصل الخصومات” .
فيما تطرق د.عادل الفجال أستاذ القانون المساعد من جامعة حائل والمشرف على وكالة كلية إدارة الأعمال للجودة والتطوير في ورقته (اتفاق التحكيم أساسه وضوابطه) قال فيها:” إن التحكيم وسيلة فنية لها طبيعة قضائية غايتها الفصل في النزاع ،وركيزته اتفاق خاص يستمد المحكمون منه سلطاتهم فيتولون مهامهم بإسناد من الدولة”وأضاف:” إن اتفاق التحكيم ليس مطلقاً بل يُبنى على أسس وضوابط شكلية وموضوعية بين الخصوم” لافتاً إلى أهمية البحث الذي “أساسه الاتفاق بين الخصوم لتحقيق العدالة”.
وتناول الأستاذ المساعد بكلية العلوم الإدارية والمالية في جامعة الملك خالد بأبها الدكتور طاهر خليفة في بحثه (اتفاق التحكيم ماهيته ونسبيته وامتداده للغير) الحديث عن ماهية اتفاق التحكيم باستعراض صوره سواء كان شرط التحكيم قبل النزاع أو مشارطة التحكيم والتي تنشأ بعد النزاع، وبيّن خصائص الاتفاق وشروطه الموضوعية والشكلية، وكذلك نسبية اتفاق التحكيم ببيان مفهومه، ونطاق سريانه من حيث أطراف الاتفاق والخلف العام والخلف الخاص، وأشار إلى امتداد اتفاق التحكيم للغير تناول فيه مفهوم الغير وحالات امتداد اتفاق التحكيم للغير وآثاره الإيجابية والسلبية.
ودار بحث د.محمد سويلم من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الإحساء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عنوانه( فض منازعات المرافق الاقتصادية العامة بين التحكيم والقضاء المتخصص) حول محاور ثلاثة رئيسة ابتدأها بمبحث تمهيدي عن مفهوم المرافق العامة الاقتصادية، وأهميتها وخصائصها، ثم التحكيم كوسيلة لفض منازعات المرافق العامة الاقتصادية، و تطبيق القانون التجاري عليها ،و أخيراً المحاكم المتخصصة كوسيلة للفصل بين المنازعات الاقتصادية. وأثنى في حديثه على المملكة العربية السعودية على تنظيمها وترتيبها للمنظومة القضائية وأنها “شهدت طفرة تشريعية كبيرة في مجال الاختصاص القضائي لا سيما بالمرافق الاقتصادية ،وما تضمنته من إنشاء محاكم تجارية وعُمالية لسهولة وسرعة الفصل في المنازعات”، مبيناً المقصود بالمرافق العامة الاقتصادية ،ودراسة مدى إمكانية تطبيق قواعد القانون الخاص عليها ودراسة التحكيم كوسيلة للفصل في المنازعات الاقتصادية.
تناولت الجلسة الثالثة والتي ترأسها وكيل الجامعة للشؤون التعليمية (مجالات القضاء والتحكيم في الشريعة والقانون) تناول فيها الدكتور عارف بن صالح العلي من المعهد العالي للقضاء “جهات القضاء التجاري السعودي اختصاصاتها ومآلها” وأوضح الباحث أن البحث يهدف إلى دراسة جهات القضاء التجاري في المملكة من حيث اختصاصاتها ومآلاتها، بحيث يكون هذا البحث مرجعاً يستفيد منه كل ذي شأن سواء أكان قاضياً أو محامياً أو باحثاً أو غيرهم.
وأما حدود البحث فهي دراسة الدوائر واللجان القضائية التي تختص بنظر الدعاوى المتعلقة بعمل تجاري، وتكون أحكامها باتة غير قابلة للتظلم أمام ديوان المظالم، وأما اللجان الإدارية التي تنظر في المنازعات الناشئة عن أنظمة إدارية لها صلة بالتجارة وتُصدر قرارات إدارية قابلة للتظلم أمام جهة قضائية أخرى فهي خارجة عن هذا البحث؛ لأن قراراتها في الواقع تعد قرارات إدارية لا أحكاماً قضائية، ومن أمثلة هذه اللجان لجنة النظر في مخالفات نظام المنافسة، ولجنة النظر في مخالفات نظـام السجل.
وبين الباحث أن جهات القضاء التجاري تختص بالنظر في المنازعات التجارية، وأبرز هذه المنازعات: المنازعات الناشئة عن الأعمال التجارية، وأما المنازعات الناشئة عن الأعمال المدنية فتختص بنظرها المحاكم العامة، ويبرر لإفراد المنازعات التجارية بقضاء مستقل عن القضاء العام (المدني) بأن البيئة التجارية فَرضت قواعد تجارية يراعيها القضاء التجاري، وتهدف هذه القواعد إلى تحقيق السرعة ودعم الائتمان بين أطراف العمل التجاري وذلك بتعزيز الثقة بينهم عند المعاوضة أو الإقراض بالآجل، ومن أمثلة هذه القواعد:تطبيق أحكام الإفلاس التجاري، والتشدد في منح المهلة القضائية.
وأضاف أنه باستقلال القضاء التجاري عن القضاء العام تتحقق فائدة كبرى تتمثل في أن الأنظمة التجارية شائكة ومتشعبة، وتحتاج إلى قضاة متخصصين يركزون خبرتهم في الفصل في الدعاوى الناشئة عن هذه الأنظمة التجارية تحديداً ،وهذا مؤد إلى سرعة البت في الدعوى التجارية، إذ إن تكرار نظر القاضي لنوعية محددة من الدعاوى يجعل أصول هذه الدعاوى ومظانها وسوابقها وحيثيات الأحكام حاضرة في ذهنه فلا يحتاج إلى مراجعة ذلك عند كل دعوى.
وأشار إلى تتنوع جهات القضاء التجاري في المملكة حالياً بين الدوائر التجارية في ديوان المظالم والتي سينتقل اختصاصها إلى المحاكم التجارية المزمع افتتاحها، وبين اللجان القضائية ذات الاختصاص التجاري، وهذه اللجان تتفاوت مآلات بقائها أو انتقالها إلى المحاكم التجارية.
كما بين الباحث أن لجنة تسوية المنازعات المصرفية تختص بالفصل في المنازعات المصرفية وبموجب آلية العمل التنفيذية لنظام القضاء الجديد، فإن انتقال اختصاص هذه اللجنة إلى المحاكم الجديدة مرهون بدراسة وضعها من قبل المجلس الأعلى للقضاء ، وبما أن هذه اللجنة تختص بالنظر في عمل تجاري وهو أعمال البنوك فإن الأصل انتقال اختصاصها إلى المحاكم التجارية، كما تعد لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية أحد اللجان التي سيتأخر انتقال اختصاصها إلى محاكم القضاء العام إلى حين دراسة وضعها من قبل المجلس الأعلى للقضاء، وهذا الانتقال محل إشكال كبير نظراً لتعدد اختصاصات اللجنة والأجدر في نظري هو إنشاء محكمة مختصة بمنازعات الأوراق المالية تكون تحت ولاية القضاء العام بحيث تضاف للمحاكم المتخصصة التي قررها نظام القضاء الجديد، وينتقل إليها كافة اختصاصات اللجنة باستثناء اختصاصها الإداري فيؤول لديوان المظالم.
بعد ذلك شارك الدكتور إبراهيم صبري الأرناؤوط أستاذ القانون التجاري في جامعة المجمعة ببحث بعنوان “وسائل تسوية منازعات عقود الإنشاءات الدولية” بين فيه أن المحور الأساسي لهذا البحث يتعلق بالوسائل القانونية لتسوية منازعات عقود الإنشاءات الدولية ، المعروفة باسم ( عقود الفيديك ) وهي نماذج لعقود خاصة تتعلق بالبناء والتشييد ، يمكن استخدامها محلياً ودولياً تتضمن بين بنودها وسائل تسوية منازعاتها ، من ذلك النماذج التي وضعها الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين ( الفيديك) للعديد من العقود التي تستخدم في تنظيم مختلف أعمال البناء والتشييد ، كأعمال الهندسة المدنية وأعمال المقاولات والأعمال الميكانيكية والكهربائية وأعمال التصميم وتسليم المفتاح .
وأوضح الباحث أن عقود الفيديك من العقود الحديثة نسبياً ، وهي تشكل مصدراً أساسياً من المراجع الدولية في مجال البناء والتشييد ، وقد وضعت هذه العقود لتتواءم مع المخاطر التي تتعرض لها المشاريع الإنشائية الضخمة، وهي تتميز عن غيرها من العقود بإيجاد الحلول للمشكلات القانونية المستحدثة ووسائل تسوية المنازعات التي قد تنشأ بين الأطراف المختلفة ، وذلك بسبب الطبيعة التقنية لهذه العقود وما تستغرقه من فترة زمنية طويلة للتنفيذ ، والتكلفة المالية العالية التي ترتبط بها هذه العقود ، ووجود أطراف دولية متعددة تختلف في أنظمتها القانونية ، كما تتميز عقود الفيديك بأنها عقود تخصصية في أعمال الإنشاءات تنظم حقوق والتزامات أطرافها ، والتوزيع العادل للمخاطر ، وأوامر التغيير لأعمال البناء . ويمكن استخدامها في جميع دول العالم ، لا سيما وأن هذه العقود تفتقر إلى وجود تنظيم تشريعي موحد في الدول العربية، مما يظهر إشكاليات الدراسة .
وأوصى الباحث بتقييم دور المهندس الاستشاري في فض النزاعات بين طرفي عقد الإنشاءات الدولية،و تقييم دور مجلس تسوية المنازعات، وتقييم الوسائل البديلة الأخرى لتسوية منازعات عقود الإنشاءات الدولية ( الفيديك ).
بعد ذلك قدم الدكتور نسيب زيادة مدير مركزالبحرين لتسوية المنازعات التابع للغرفة التجارية في البحرين ورقة بحث بعنوان “قانون التحكيم البحريني الجديد” بين فيها أن هذا القانون هو نتاج لمسيرة التشريع البحريني في مجال التحكيم وذكر الباحث أبرز سلبيات القانون القديم والفروقات بينهما وذكر أن قانون 1971م يعالج القضايا الداخلية دون الدولية، وذكر أن القانون الجديد يأتي في سياق القوانين الحديثة الدولية.
واختتمت الندوة بورقة بحث للأستاذ يوانيس كونستانتنيديس مدير قسم معاهدات التحكيم الاستثماري التجاري والقانون الدولي في مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم التجاري بعنوان “التعايش المتناغم بين مبادئ الشريعة الإسلامية والتحكيم التجاري” بين فيها عدداً من التجارب المطبقة في القانون الماليزي والتي يتم الاسترشاد فيها من خلال الأحكام الشرعية.
اترك رد