أجمع مشاركون وخبراء وعلماء في الشريعة الاسلامية على ان غياب الخطاب الاسلامي المعاصر المتوازن والمعتدل افسح المجال امام الخطاب المتشدد وتفاسيره الملتوية للاسلام والتي لا تمت لجوهر الشريعة الإسلامية وسماحتها بصلة.
وأكدوا خلال افتتاح أعمال مؤتمر”الخطاب الإسلامي واقعه ومضامينه وآفاقه” الذي تنظمه الجامعة الأردنية بالتعاون مع المبادرة الأردنية للبناء “زمزم” ضرورة إيجاد قوانين رادعة تضبط كل من يقوم بخطاب كراهية ممنهج يمس بقواعد التعايش السلمي وثقافة السلام والتسامح.
وأشاورا إلى أن اسرائيل تعد المستفيد الأكبر من بث خطاب الكراهية والذي تعمل من خلاله على تشريع يهودية الدولة عبر إيجاد ما يسمى بسنية الدولة وشيعية الدولة ومسيحية الدولة في البلاد العربية وتقسيمها بما ينسجم مع الفكر الصهيوني.
وطالبوا العلماء الذي يمثلون الامتداد الحقيقي لفقهاء الإسلام ان يكونوا خط الدفاع الاول عن الاسلام وسماحته القادرعلى تجريد المجموعات المتطرفة من شرعيتها المزعومة أمثال داعش والنصرة وبوكو حرام وكتائب الفضل وغيرها من الفصائل التي تسمي نفسها بالجهادية وهي تحرف الجهاد وتشوهه.
وفي كلمة ألقاها وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الدكتور هايل الداود قال:” إن الأمة تمر بمنعطف تاريخي حاد ولّد مفاهيم مشوشة أدت للعنف وإراقة الدماء واخذت شكل التحريض الطائفي والمذهبي والعرقي، وأثرت على عقول الشباب وحتى بعض الخطباء والمفكرون محققين أهداف أعداء الأمة في تمزيقها وتفتيتها”.
ودعا الداود علماء الأمة إلى ضرورة بذل المزيد من الجهد وتحمل مسؤولياتهم في التركيز على الخطاب الاسلامي المعتدل والمتوازن المضاد للخطاب المتطرف الجافي الغليظ الذي يستند إلى فهم منحرف لدين الإسلام.
وشدد على ضرورة أن يقوم الخطاب الإسلامي المحفز للسلم الاجتماعي على تعزيز ثقافة التسامح والمحبة والتعاون والتعددية والحوار والاختلاف وقبول الآخر وإشاعة السلم بين بني البشر والتاكيد على حرمة الدم وبيان أهمية المواطنة والانتماء و الكلمة الطيبة اللينة، إلى جانب التصدي لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تنشرها الجماعات المتطرفة.
من جانبه قال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور اخليف الطراونة أنه لا مناص من تحمل المسؤوليات للدفاع عن الإسلام وقيم التسامح والاعتدال ومحاربة الارهاب والانغلاق من خلال تعزيز الحوار وتجديد الخطاب الديني.
وأضاف أنه لابد من الاعتراف أن الخطاب الاسلامي اليوم في أغلبيته لا ينسجم مع الواقع وتحدياته وغياب التجديد افسح المجال أمام الخطاب المتشدد الذي يتصف بالغلو والارهاب والتطرف والتحيز للمذهب والجماعة.
ودعا الطراونة الى ضرورة تضافر جهود المؤسسات الأكاديمية وعلماء الدين والدعاة للوقوف في وجه الجهل والخوف والفوضى عبر ايجاد خطاب معتدل يوظف لخدمة قضايا المجتمع وحل مشكلاته، وينقل صورة اكثر نقاء واشراقا عن حضارة أمتنا ورسالتها.
وأكد الطراونة دور الجامعة الأردنية البارز في ارساء خطاب إسلامي عقلاني يعظم قيم السماحة والوسطية والاعتدال من خلال رسالتها الحضارية والانسانية والتي تؤمن بخلق فكر متوازن في محراب الجامعة يقارع خطاب التقسيم والتكفير والتهميش.
منسق عام المبادرة الأردنية للبناء “زمزم” الدكتور ارحيل غرايبة قال إن التحدي الكبير الذي يواجه العلماء واصحاب الفكر يتمثل بالاجابة على سؤال كيفية صياغة الخطاب الاسلامي المعاصر الذي يستنهض العقل ويبني ثقافة التسامح.
وأضاف غرايبة أن المؤتمر يهدف إلى الإسهام في المعالجة الفكرية التي تمس واقع الشباب، من أجل نقلهم نحو آفاق البناء والإبداع والإنجاز، والانخراط والمشاركة في معركة صناعة النهوض في أوطانهم وبلدانهم، وخدمة شعوبهم وأمتهم.
وأكد غرايبة الحاجة إلى خلق أجواء وثقافات لبناء مرحلة جديدة؛ تشعر الشباب بتحقيق ذاتهم وامتلاك الدور الفاعل في معركة الإنجاز، حتى لا يذهبوا للبحث عن تحقيق ذواتهم في أماكن أخرى وعبر أشكال خارج دائرة المألوف ودائرة الفهم الصحيح للدين.
الى ذلك قال الطبيب والباحث في القضايا الاجتماعية الدكتور أحمد الابيض ان المنتج الفكري الاسلامي مايزال اسير التقليدية والتأطير والانحصار في سطحية الأمور وغير قادر على مواجهة التجديد والقضايا المستجدة.
وشدد الابيض على ضرورة ايجاد خطاب غير تقليدي متجدد يخرج عن المالوف ويحاكي عقول الشباب ويكون اكثر انسجاما مع وسائل نقل المعلومات وقادر على الاستجابة لمستجدات العصر وقضاياه الملحة.
من جانبه قال عميد كلية الشريعة في الجامعة الاردنية الدكتور محمد الخطيب ان المؤتمر يهدف الى الوقوف على مواطن القوة والضعف في الخطاب الإسلامي، وتحديد وسائل وآليات تطويره، من خلال الفصل والتمييز بين النصوص الدينية المقدسة وبين الخطاب الإسلامي البشري الذي يستند إلى أصل الدين وإنتاج خطاب إسلامي معتدل يحترم الآخر ويقبل قيم العيش المشترك.
ويسعى المؤتمر بحسب الخطيب الى توظيف الخطاب الإسلامي لخدمة قضايا المجتمع والاسهام في علاج مشكلاته، وتفكيك الخطاب الذي تستند إليه حركات العنف الإسلامي إلى جانب تقديم مادة علمية للهيئات التربوية والتعليمية في مؤسسات الدولة تساعدها على ترسيخ السماحة والوسطية في المجتمع.
وأكد الخطيب في كلمته ان خطورة بحث القضية باتت تمثل اولوية قصوى بعد ان اختطف الخطاب الاسلامي في السنوات الماضية حفنة من المارقين والخوارج الذين شوهوا نصاعة الاسلام ونقائه وأنه ارسل رحمة للعالمين.
وشدد الخطيب على ان التجديد المنشود في الخطاب الاسلامي لا يعني تغيير جوهر الدين واصوله انما يعني اعادته الى النقاء الذي كان عليه يوم نشأته لينهض بالقدرات لاستيعاب مستجدات العصر وما يحمله من قضايا لم تكن معروفة من قبل وتحتاج الى بيان موقف الشريعة منها.
ويناقش المؤتمر على مدار يومين الخطاب الاسلامي في تلاث محاور هي: مفهومه وخصائصه وادواته وايجابياته وسلبياته بالاضافة الى آليات تطويره وتجديده.
وتتناول أوراق العمل الخطاب الإسلامي كرؤية مقاصدية وتمثيله في القضايا السياسية كالقضية الفلسطينية وواقع الخطاب ومظاهر انحرافه ومفهومه في قضايا الاسرة بالاضافة الى الخطاب عند الحركات الاسلامية والمؤسسات الاعلامية وبيئته ولغته وادواته.
مؤتمر الخطاب الإسلامي واقعه ومضامينه وآفاقه
الكلمات المفاتيح:
اترك رد