تقرير ندوة منهاج مادة التربية الإسلامية في منظومة التربية والتكوين: مقاربات ومداخل للتطوير

بسم الله الرحمن الرحيم

نظم كل من المركز الدولي للأبحاث والدراسات التربوية والعلمية والجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية ، يوما دراسيا في موضوع: ” منهاج مادة التربية الإسلامية في منظومة التربية والتكوين: مقاربات ومداخل للتطوير”، بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالقنيطرة يوم السبت 22 رجب 1437 / 30 أبريل 2016 . تميز بحضور الدكتور فؤاد شفيقي مدير المناهج بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، ورئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن طفيل الدكتور محمد بلحسان، والدكتورة مريم أيت أحمد رئيسة مركز إنماء للأبحاث والدراسات المستقبلية، ونخبة من الخبراء وأساتذة التعليم العالي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، ومفتشي المادة وأساتذتها، وباحثين متخصصين. عرف اليوم الدراسي جلسة افتتاحية وجلستين علميتين :

الجلسة الافتتاحية :

انطلقت الجلسة الافتتاحية التي أدارها الأستاذ لحسن شعيب مفتش تربوي، بكلمة الدكتور فؤاد شفيقي الذي تناول الحديث عن مراحل إصلاح المنهاج الدراسي في المغرب، ومكونات المنهاج بمفهومه الواسع ، كما أشار إلى بعض الإشكالات المرتبطة بمادة التربية الإسلامية والتعليم الأصيل؛ أما كلمة رئيس الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية الأستاذ محمد الزباخ، فتناولت اهتمام الجمعية بتطوير منهاج مادة التربية الإسلامية والأنشطة التي نظمتها في هذا السياق، ثم تناول الكلمة الدكتور ربيع حمو مدير المركز الدولي للأبحاث والدراسات التربوية والعلمية تناول فيها سياق تنظيم اليوم الدراسي والمنهجية العلمية التي اعتمدت في برمجة أنشطته، مشيرا إلى أهم الأهداف المنتظرة منه، كما شكر المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالقنيطرة على احتضان هذا النشاط العلمي.

الجلسة العلمية الأولى : “مراجعة منهاج التربية الإسلامية؛ السياق والانتظارات”

أدار الجلسة الدكتور عبد الصمد الرضى أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالبيضاء، وقد تضمنت ثلاث مداخلات:

  1. ” قراءة في السياق العالمي والمحلي لدعوة مراجعة مناهج التربية الإسلامية” للأستاذ محمد احساين مفتش تربوي سابق وعضو المكتب الوطني للجمعية، تناول فيها السياق الدولي العام وهو سياق متعدد ومتنوع الأبعاد، منه العولمة ومحاولة تجاوز السيطرة الاقتصادية إلى السيطرة الروحية وتنميط الثقافة والقيم، والصورة التي يتم ترويجها عن الإسلام في الغرب، وظاهرة التطرف وبروز الفكر التكفيري؛ أما المرجعيات الضاغطة والمؤسسة للمراجعة فحصرها في عدد من الندوات والمؤتمرات الدولية آخرها مؤتمر مراكش 2016 في مناقشة حقوق الأقليات الدينية في البلاد ذات الأغلبية المسلمة، وضغوطات التمويل الأجنبية، كما وقف عند مختلف المواقف المجتمعية تجاه المراجعة ، لينتقل إلى السياق الوطني المحلي ويستعرض محطات المراجعة التي عرفتها مادة التربية الإسلامية .
  2. ” كرونولوجيا مادة التربية الإسلامية في المنهاج التعليمي المغربي وآفاق للتطوير”، موضوع ورقة الدكتور محمد المسكيني باحث بالمركز الدولي للدراسات والأبحاث التربوية والعلمية، والتي اعتمدت المدخل التاريخي من خلال التنقيب عن تجارب التجديد في التراث التربوي الإسلامي، وتعميق النظر في التطور الذي مرت به مادة التربية الإسلامية، تحديدًا لمنهج السابقين في التجديد، وحدود الإصلاح الذي عرفته منذ إدخالها إلى مناهج التعليم إلى اليوم؛ كما اقترحت الورقة آفاقا للتطوير منها: ترسيخ وتقويم القيم مسؤولية المدرسة بكل موادها وأطرها، والتكوين والتأطير والتقويم بمنطق الدعم والتكوين والمساعدة على التقويم الذاتي، وتجديد التعليم الشرعي في الجامعات، ثم مأسسة البحث التربوي، وتطوير الكتب المدرسية لتستجيب لمنطق الكفايات والتزاوج بين الورقي والرقمي.

3 الدكتور طارق الفاطمي عضو هيئة تحرير مجلة النداء التربوي عرض نتائج دراسة ميدانية استهدفت تشخيص تمثلات المجتمع والفاعلين التربويين حول مضامين مادة التربية الإسلامية في المغرب، وأهم المحاذير والتخوفات لديهم تجاه المراجعة، كما قدم مداخل علمية واقتراحات منهجية لعملية المراجعة.

كما قدم كل من الباحثين الدكتور عبد الله الجباري والدكتور مصطفى قرطاح والأستاذ عبد السلام الأحمر تعقيبات على الأوراق العلمية للجلسة أثرت مضامينها، ليفتح بعد ذلك نقاش علمي مع الحضور.

الجلسة العلمية الثانية: “منهاج التربية الإسلامية والتعليم الأصيل؛ قراءة وصفية تحليلية ومداخل للمراجعة”

ترأست الجلسة الدكتورة مريم أيت أحمد أستاذة التعليم العالي بجامعة ابن طفيل ، حيث عرضت الأوراق الآتية:

  1. “قراءة وصفية تحليلية لمنهاج العلوم الشرعية بالتعليم الأصيل وآفاق التطوير” للأستاذ إدريس علمي عضو اللجنة الوطنية للتعليم الأصيل، وقد استعرض الأسس والمرجعيات التي يقوم عليها منهاج المواد الإسلامية بالتعليم الأصيل، كما تناول مميزاته ومواصفاته من خلال عرض مفرداته، وفي الأخير قدم مداخل للمراجعة والتطوير من أهمها : تأسيس مراجعة المناهج والبرامج على مقاربة تقويمية شاملة للمناهج القائمة، ومراعاة الحاجات التربوية للفئات المستهدفة، و الاستناد إلى نتائج البحث العلمي والتربوي في تحديد الخيارات والتوجهات العامة للمناهج التربوية، واعتبار البعد القيمي خيارا استراتيجيا في بناء المناهج والبرامج.
  2. “قراءة وصفية تحليلية لمنهاج التربية الإسلامية: المفردات والمقاربات البيداغوجية” موضوع المداخلة الثانية التي قدمها الدكتور ربيع حمو، الأستاذ الزائر بالمدرسة العليا للأساتذة بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس فتناول مفهوم مادة التربية الإسلامية وموقعها داخل المنهاج التعليمي، ودلالة اسمها ومرجعيتها الوثائقية، كما استعرض فلسفة بناء مناهج المادة في الثانوي الإعدادي والتأهيلي والاختيارات الديداكتيكية التي عملت على إدماج المادة في المقاربة بالكفايات. ومختلف الاختلالات التي تعتري تلك المناهج على مستوى بنية الوحدات، وعدد الدروس، وواقع الكتب المدرسية، وإكراهات الإعمال الديداكتيكي للمقاربة بالكفايات من حيث جودة التكوين الأساس للأساتذة، وأثر غياب التكوين المستمر ، ليختم مداخلته بعدة اقتراحات للتطوير.
  3. قدم الدكتور محمد بولوز أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالرباط ورقة الثالثة حول “مداخل منهجية لمراجعة منهاج مادة التربية الإسلامية ” لخصها في مداخل مرتبطة بعملية البناء وهي: مدخل المعلوم من الدين بالضرورة – مدخل المقاصد والكليات الشرعية -مدخل القيم الفردية والجماعية – مدخل الواجبات والحقوق؛ ومداخل مرتبطة بمواجهة التحديات الداخلية والخارجية؛ ومداخل مرتبطة بالمخرجات الراشدة.

بعد ذلك قدمت كل من الدكتورة فاطمة أباش مفتشة مادة التربية الإسلامية، و الأستاذ رشيد البقالي كاتب فرع الجمعية بوزان، والأستاذ خالد البورقادي منسق جهوي لمادة التربية الإسلامية بأكاديمية الشرق، تعقيبات أثرت النقاش وقدمت مقترحات متميزة، تلاها فتح نقاش مع الحضور، والذي نبه إلى بعض مجالات التطوير والمراجعة.

الجلسة الختامية :

وفي الجلسة الختامية التي أدارها الدكتور زكرياء السرتي مدير عام شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات تم تقديم شواهد شكر وتقدير لأصحاب الأوراق العلمية، كما شكر الجهات المنظمة والمشاركين على حضورهم وإسهامهم المتميز، وقد تم تثمين جهود الجميع والتي أثمرت اقتراحات غنية تضمنتها الأوراق العلمية والتعقيبات المقدمة والنقاش الذي شهدته الجلسات العلمية. كما تم استعراض بعض التوصيات والتي من أهمها استجماع خلاصات اليوم الدراسي واقتراحاته، ثم رفعها إلى كل من وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.

ختاما :

اعتبر الحاضرون أن اليوم الدراسي كان فرصة لنقاش علمي هادئ ورصين تناول موضوع منهاج التربية الإسلامية من زاوية تربوية علمية تستحضر تحديات الواقع، ومتطلبات المجتمع لتعزيز هويته وبناء شخصية متوازنة للمتعلم المغربي، معتبرين أن موضوع المراجعة والتعديل إن كان مشروعا علميا وتربويا ومنهجيا فإنه ينبغي أن يتناول أيضا كل مكونات المنهاج التعليمي المغربي لتجاوز مختلف أعطاب المنظومة التعليمية المغربية،

وأن تشمل المراجعة كل المواد الدراسية من حيث القيم التي تروجها ولها تأثير سلبي على هوية المتعلمين، وما يمكن أن تنتجه من تطرف وجنوح نحو العنف أو انحراف في شخصية المتعلم.

كما أكد المداخلات على أن منهاج المادة يدعو إلى ترسيخ قيم الإسلام السمحة من خلال مقاربة بيداغوجية تسعى إلى بناء شخصية متوازنة وبناءة، لكن بعض المفردات في المنهاج تحتاج إلى تطوير وتعديل وتكييف لحاجيات المتعلم مراعاة لمراحله العمرية واحتياجاته الآنية ليس في مادة التربية الإسلامية فحسب بل في كثير من المواد الدراسية مما يستدعي المراجعةَ الشاملة لكل المواد المكونة للمنظومة التعليمية ببلادنا عملا بمبدأ التكامل والامتداد والانسجام من جهة وخدمة للأبعاد المختلفة لشخصية المتعلم المغربي من جهة أخرى .


نشر منذ

في

,

من طرف

الآراء

  1. الصورة الرمزية لـ خالد البورقادي
    خالد البورقادي

    كان يوما دراسيا متميزا جمع نخبة من الخبراء والمتخصصين وقدمت فيه اقتراحات عملية لمراجعة منهاج مادة التربية الإسلامية

  2. الصورة الرمزية لـ لحسن وفارس
    لحسن وفارس

    حضرت هذا اليوم فكانت الورقات المقدمة تنم عن رسوخ قدم الأساتذة المحاضرين والمعقبين والمناقشين في البحث العلمي البعيد عن العواطف، بل حتى الجهة الرسمية التي مثلها مدير المناهج تخلت عن اللغة الخشبية،وأكثر الورقات احتياجا لإغناء هي ورقة الدكتور بولوز رغم بعدها قليلا عن موضوع اللقاء لكنها -في نظري- يمكن أن تكون إطارا نظريا لإنشاء منهاج مفصل لمادة التربية الاسلامية .

اترك رد