عماري مصطفى: علم الاجتماع السياسي والديني – جامعة أبي بكر بلقايد، الجزائر
مقدمة:
يعتبر العمل التطوعي الهادف إلى خدمة الأفراد ومساعدتهم ،من الأعمال التي عرفتها البشرية مند القديم ،حيث مثل العمل التطوعي أحد الدعائم الهامة لتطوير و تنمية المجتمع الإنساني ،فقد شكل الأفراد هيئات بطريقة طوعية تكونت نظمها من خلال عادات وأعراف، حتى إذا تبلور الفكر الإداري في العصر الحديث أصبحت هذه الهيئات مؤسسات ذات هيكل تنظيمي لجماعة بشرية ، وقد برزت الجمعيات كأحد أشكال التنظيمات الطوعية وتزايد الاهتمام بها مع تنامي دورها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية و حتى الدينية ،حيث لعبت في البلدان المتقدمة دور الشريك لأجهزة الدولة واقتراح الحلول للمشاكل العامة ،أما على مستوى المجتمعات النامية فقد أدت التحولات السياسية ،الاقتصادية و الاجتماعية التي شهدتها خلال العقد الأخير من القرن العشرين إلى تصاعد وتيرة الاهتمام بشكل غير مسبوق بمؤسسات العمل الجمعوي وذلك باعتباره ركيزة رئيسية في عملية التنمية المستدامة.
أما على مستوى المجتمع الجزائري فقد شهد هذا الأخير عبر تاريخه أشكالا متعددة من العمل التطوعي لعبت دورا فاعلا في تلبية احتياجاته و تعتبر “التويزة” أحسن مثال على ذلك، و،الحديث عن العمل الجمعوي على مستوى الممارسة يتجه إلى أهمية هذا العمل وضرورته خاصة بعد مرحلة الانفتاح السياسي و الاقتصادي، وهنا تم بروز عدد كبير من الجمعيات المحلية
و الوطنية وقد شكل ظهور الجمعيات كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني في الجزائر،و تزايد عددها وتنوع مجال نشاطها ،حيث نص القانون المنظم لها على أنها معنية بترقية الأنشطة ذات الطابع المهني ، الاجتماعي ، العلمي ،التربوي ،الرياضي ، الثقافي والديني.
ومهما يكن فإن التنظيمات الجمعوية بصفة عامة لاتزال بمجال نشاطها الجغرافي وسلوكها المؤسساتي بكرا بالنسبة للبحث السوسيولوجي بالنظر إلى الحجم الذي أخذته هذه الظاهرة في المجتمع الجزائري بعد أحداث أكتوبر 1988 والتعديلات الدستورية لسنة 1989، وخصوصا التنظيمات الدينية بشقيها؛ العامل في ميادين النشاط الاجتماعي الثقافي (الجمعيات الخيرية) ، وتلك المرتبطة بالنشاط المسجدي (الجمعيات الدينية المسجدية)، هذه الأخيرة لا تزال هي أيضا بكرا على البحث السوسيوسياسي- الديني والتي سوف نتطرق إليها في دراستا هذه و الموسومة ب” العمل الجمعوي في الحقل الديني بالجزائر بين المقاومة والمأسسة “، ” الجمعيات الدينية المسجدية أنمودجا” نابع من فهم علاقة الديني بالعمل المدني و السياسي والتفاعل بين مكوناته، أي نشاط الجمعيات الدينية داخل المؤسسة الدينية ( المساجد) بين التنظيمي الحكومي و الممارساتي الفعلي.
اترك رد