الدراسات الإسلامية: نحو تنسيب للمعرفة الدينية في أفق الانفتاح التداولي

بقلم: الدكتور إدريس مقبول -أكاديمي مغربي

الدراسات الإسلامية جزء من الدراسات الدينية التي تعاني اليوم في الأوساط الجامعية إشكالات لا حصر لها بسبب طابعها النسقي من جهة في تقاطعها مع باقي مكونات ومصوغات البرنامج التعليمي الجامعي وبسبب المناهج البيداغوجية المغلقة والجامدة التي ما يزال القائمون على تدريسها متشبثين بها، وقد انتهى هذا الوضع القلق إلى توسيع الهوة بينها وبين باقي المعارف الدنيوية ، وفقدت الدراسات الإسلامية قيمتها المضافة إذ ضربت الحصار على نفسها بما رسخته من قيم ومبادئ تصادم في كثير من الأحيان روح الشريعة وفلسفة الدين في تنمية خطوط التعارف ودوائر التعاون بين بني البشر.
ولقد بات التفكير في تقويم طبيعة هذه الدراسات جزءا ضروريا من منظومة إصلاح هذه الدراسات حتى تستعيد دورها باعتبارها قاطرة للتواصل لا حجابا حابسا أو آلة شحن للتقاتل.
إن أعطاب الدراسات الإسلامية في جامعاتنا اليوم تحتاج أكثر ما تحتاج إلى جدلنة Dialictisation موضوعاتها وإلى عمليات إصلاح بيداغوجي ومنهجي لمساءلة واقعها حتى لا تصير إلى التحجر والتوثنFitichisation، لأنه ليس من شيء أضر بالمعرفة الدينية على الخصوص وكل معرفة عموما من التنميط في دفاتر ثقافية ومدونات لا تقبل الأخذ والرد، وتنسد على الاجتهاد والحوار.
إن علاقة المعرفة الدينية في الدراسات الإسلامية بالواقع علاقة جدلية ضمن وضع ما، فأي تحول في الواقع يستدعي تحولات في فهم النصوص وطريقة التعامل معها، وجدير بالذكر أنه لم يقدم أي دين –فيما نعلم- صيغا نهائية لأنماط العيش وأشكال ممارسة الحياة، وإنما وضع ضوابط عامة ومؤشرات كلية، لضبط حركة الحياة، وحمايتها من الانزلاق،إلى جانب مجموعة من التدخلات المحدودة هنا وهناك للحد من شيء ما أو إطلاق شيء محدود، أما الأشكال التطبيقية للممارسة الدينية فتظل أمرا تداوليا زمكانيا,وهو خلاف ما تقدمه كراريس الدراسات الإسلامية اليوم في جامعاتنا.
كما يجب التذكير بأن أحد أهم مداخل مواجهة ظواهر تطرف الفكر في عالمنا العربي والإسلامي هي مراجعة طبيعة الأنساق المعرفية الدينية التي تلقن بالمؤسسات التعليمية ومنها المؤسسات الجامعية حيث تدرس الوثوقية والانغلاق والجمود، ويحارب الاجتهاد والتجديد.


نشر منذ

في

من طرف

الآراء

  1. الصورة الرمزية لـ طارق بومود
    طارق بومود

    إن الأدوات القرآئية المعتمدة في فهم المشكلة الحضارية الراهنة في العالم الإسلامي تعتمد على النموذج الغربي في الوصف والفهم والتحليل والتفسيروالتأويل والتفكير؛ مما أفرزت أحكاما ونتائجَ ناشئة عن تلك النماذج المعرفية الجاهزة. ولعل علم أصول الفقه باعتبارعلما قائما أصول قامت على الكتاب والسنة أولا وهي منهجية تأصلت أدواتها من هذين الاأصلية، وقد تفرعت عنها مناهج متعددة في الفهم والاستدلال والاستنباط والتقعيد والتفسير والقياس ونحو ذلك من الوسائل التي لا تقبل التغيير ولا التبديل؛ لأنها ليست من وضع الفقهاء، بل هي أصول تقررت ضمن النصوص القرآنية والسنة النبوية، وكل أصول أقاموه بناء على الدليل الشرعي المؤسس لتلك الأصول. وأما تحولات الزمان والمكان فلا يعني تغييرالأصول واتهامها بالقصور وعدم الشمول والاستمار؛ بل إن هذه الأصول لها منهجية شاملة لمختلف أنشطة التفكير البشري ومنجزاته الحضارية؛ لأنها لها من المرونة والتجديد الداخلي المبني على شروط التأصيل الشرعي، والتي تقرر في علم اصول الفقه العام.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: