عمر سليمان ملكاوي: ماجستير في الإعلام – جامعة اليرموك الاردنية
مقدمة :
تحرص كافة المجتمعات المختلفة على ايجاد عدد من القواعد والانظمة الخاصة بها يتفق عليها جميع الافراد ولا يحيدون عن تطبيقها ابدا ,حتى تكون بمثابة الطريق الممهد الذي يوصل الجميع للغاية التي يريدونها , وتحقق لهم الراحة في سبيل تحقيق الهدف الاسمى لهم, وهذا هو الاتجاه الصحيح للخروج من مغبة التخبط والعشوائية وعدم وضوح الرؤيا , لأن الانسان عموما لا يستطيع العيش دون قانون يحدد له الملامح العامة التي يجب ان تكون عليه حركته في هذه الحياة .
واذا ما قسنا ذلك على المجتمعات المهنية على اختلافها وتنوعها, نجد تطبيقا تامالنفس المنهج بالضبط, حيث “يسعى العاملون بالمهن المختلفة إلى تحديد عدد من المبادئ العامة المنظمة لمهنتهم لكي تقوم بالعمل الذي وجدت من أجله ، وتعمل هذه المبادئ على تحديد مسؤليات القائمين على هذه المهنة وكذلك حقوقهم ، هذه المبادئ أتفق على تسميتها أخلاقيات مهنية أو مواثيق شرف مهنية ، فاللطب ميثاق مهني وكذلك المحامين وغيرها من المهن التي تخدم المجتمع ” ([1])
ومن بين هذه المهن المختلفة يبرز الجانب الاعلامي والذي يحتل مكانة خاصة في الوقت الحاضر , كيف لا وقد أصبح جزءا من حياة كل شخص بحيث لا يكاد يتصور حياته بدونه , سواء كان ذلك على المستوى الشخصي للأفراد اوعلى مستوى الدول والحكومات الكبرى على حد سواء, حيث عجّ الفضاء بالمئات من الوسائل الاعلامية المختلفة في أشكالها وانواعها وطريقة عرضها للاحداث والوقائع كنتيجة حتمية لتلك الثورة التكنولوجية التي تعصف بأرجاء هذه المعمورة .
ونحن في المنطقة العربية كجزء من هذا الفضاء الاعلامي الواسع نلحظ في بعض الاحيان ,أن هناك عدد من الخروقات في المبدأ الاساس الذي ينبغي ان تقوم عليه وسائل الاعلام والذي يصفه زهرن حامد بقوله ” تكمن وظيفة الاعلام الرئيسية في احاطة الافراد والجماعات علما بالاخبار الصحيحة الدقيقة والمعلومات الصادقة الواضحة والحقائق الثابتة الموضوعية التي تساعد على تكوين رأي عام صائب في واقعة او حادثة او مشكلة او موضوع هام”([2]) بدون تلوين او توظيف وبوسائل مشروعة , ولكن اذا ما دققنا جيدا ندرك ان الطابع العام في المنطقة العربية على العكس من ذلك, حيث يغلب عليه محاكاة النظام الاعلامي الغربي , بحيث أصبحت عملية استهلاكية واستثمارية واضحة للطريقة الغربية واسلوبها الاعلامي بشكل عام, وكما يقول مكاوي في وصف هذا المنهج الغربي للاعلام ” ضحت وسائل الاعلام الغربية بمسئولياتها تجاه المجتمع في سبيل تحقيق أقصى قدر ممكن من الارباح والعمل على الهاء الناس , بدلا من تقديم الاعلام والثقافة والتسلية المفيدة , وقد انعكس ذلك من خلال الانتشار المتزايد لظاهرة ((الصحافة الصفراء)) التي تعتمد على نشر الفضائح وكشف اسرار الحياة الخاصة , واستخدام اسلوب الاثارة والكذب والتحيز في تقديم الاخبار والمعلومات “([3])وهذا تماما ما يحصل بشكل او بآخر في منطقتنا العربية فلم يعد هناك هم للعديد من وسائلنا الاعلامية سوى الحصول على أكبر قدر ممكن من الارباح عن طريق جذب العدد الاكبر من المتابعين وبأي وسيلة كانت , سواء كانت مشروعة ام غير مشروعة , وفي هذا الصدد ما أجمل ما يقوله شلبي ” اذا كانت بعض المذاهب الغربية قد اطلقت الى حد كبير العمل الاعلامي ولم تقيده بقيود أخلاقية او مهنية , متغاضية عن ذلك في سبيل الحصول على الاخبار ,فان ذلك بالطبع ما لا يمكن ان نوافق عليه او نسلم به , لاننا في عملنا الاعلامي ملتزمون بشرائع الاسلام واحكامه “([4])ومن هذه النقطة تحديدا تأتي هذه الدراسة لتوضح أبرز القواعد والاخلاقيات الاعلامية الواجب تطبيقها وفق منهج – الاعلام الاسلامي – .
اترك رد