وليد موحن – باحث في تاريخ شمال المغرب الحديث والمعاصر
خضع المغرب بداية القرن العشرين للحماية الاسبانية والفرنسية بعد جهود مضنية وضغوط عسكرية واقتصادية وسياسية فرضتها الدول الأوربية على المغرب منذ هزيمته المذلة في معركة ايسلي يوم 14 غشت من عام 1844 مرورا بحرب تطوان 1859 /1860 وحرب مليللية 1894 ،ومؤتمر مدريد 1880 ،ومؤتمر الجزيرة الخضراء 1906 ، ناهيك عن مجموعة من المعاهدات والاتفاقيات التسويات التي عملت على الحد من السيادة المغربية ،وهيبة السلطة الحاكمة ،وأدخلت المغرب في دوامة الدول الدائنة لدول الأوربية .لتأتي محطة 30 مارس 1912م التي دقت أخر نعش في مقاومة المد الامبريالي الأوربي الجارف، برغم من الجهود الكبيرة التي قام السلطان عبد الحفيظ خلال فترة حكمه 1908/1912 غير أن الخرق اتسع على الراتق حسب تعبيره في كتابه المعنون “داء العطب قديم”.
لم يكن مغرب القرن التاسع عشر مهيئا لآي صدام عسكري مع قوى الغرب المتقدم، خاصة بعد أن انكشف أمر ضعفه الكبير في واقعة ايسلي ضد الفرنسيين ،في أول صدام له مع أوروبا منذ معركة وادي المخازن.وقد فتح انهزام الجيش المغربي في الواقعة المذكورة باب الأطماع الأوربية في البلد على مصراعيه،ودفع بالقوى الغربية المتصارعة حول مصالحها بالمغرب إلى تجاذب دراماتيكي طويل سينتهي بإنهاك البلد وما استتبع ذلك من إعلان الحماية الفرنسية الاسبانية عليه . بعدما أخد الأوربيين يتحكمون تدريجيا في المسار التاريخي للمغرب أكثر مما يتحكم قيه أهله ،فأصبحت الأمم الغربية كبريطانيا وفرنسا واسبانيا تبحث لها عن مواقع نفوذ في المغرب
بواسطة المبادلات التجارية ومعاهدات الصلح التي ضمنت الحماية لهذه المبادلات ولمصالح التجار عموما بسواحل البلاد ومراسيها.
ولم يزد الطين بله في مطلع الفرن العشرين سوي تلك القروض التي منحتها فرنسا للمغرب، والتي كانت البداية الأولى لفرض نظام الحماية على المغرب.ناهيك عن تلك الثورات التي أشعلها الثائر بوحمارة في شرق المغرب ما بين 1902_1909 .وخير من يصف حالت المغرب المترهلة والسائرة في طريق فقدان السيادة الوطنية هو محمد بن الآعرج السليماني في مخطوطه “زبدة التاريخ وزهرة الشماريخ ” بقوله”خراب العمران وهلاك الرجال ونفاذ الأموال وارتباك الأحوال”.
اترك رد