د. محمـد عبدالـرحمـن عريـف: كاتب وباحــث في تاريخ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية الحديث والمعاصر – مصر
ما يحث من مراهقة أمريكية.. على يد تامب.. جاء بعد أن قررت شرطة الاحتلال الإسرائيلي في أوقات سابقة على مدار شهور من منع صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، وذلك بعد وقوع هجوم بالرصاص وقتل للفلسطينيين. بعدها أعلنت الشرطة الإسرائيلية منع صلاة الجمعة في المسجد الأقصى بالقدس. وتشهد الأراضي الفلسطينية موجة عنف تسببت منذ أول تشرين الأول/أكتوبر 2015 بمقتل 280 فلسطينيًا.
شرفت يومًا بزيارة مدينة القدس، وكذلك مدينة بيت لحم، ودخلت المسجد الأقصى وكذلك كنيسة القيامة. وتذكرت هذه الأحداث.. وفتح القدس التي كانت بعد صراع عسكري وقع في637م الموافق 16ه، بين الخلافة الراشدة الاسلامية والإمبراطورية البيزنطية. وقد بدأت عندما قام جيش المسلمين- تحت قيادة أبو عبيدة بن الجراح-بمحاصرة القدس في شوال الموافق نوفمبر/تشرين الثاني636، بعدها وافق البطريرك صفرونيوس للاستسلام، بشرط إذا قدم فقط الخليفة الراشدي. وفي عام 16هـ، سافر الخليفة عمر بن الخطاب إلى القدس لتسلم مفاتيح المدينة.
نعم من حق هذا الشعب الفلسطيني البطل الذي ما زال يتمسك بحقه في عودته إلى دياره التي هجر منها ويقدم بدون حدود، وإن بقيت معاناة الشعب الفلسطيني مستمرة، واستمرَ الصهاينة بظلمهم ماضون يحتلون الأرض، ويعتدون على الأمة، ولا يقرون بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ذات السيادة الكاملة، ويطلقون سراح كل الأسرى والمعتقلين، ويعيدون من شُردوا من ديارهم، فلن يكون هناك حلا نهائيًا مقبولًا من أبناء فلسطين لهذا الصراع مع المحتل.
إن أي تنازل عن القدس يجب أن يدان، رغم كل محاذير الأمر الواقع الذي أوجده الاحتلال لأن مثل تبريرات سرية، تصب جميعها في خدمة الإحتلال وتكريس يهودية فلسطين على طريقة التفريط بكل شيء بموازاة مفاهيم الخصخصة في ظل إمبراطورية اميركية صهيونية تشيّع الوهم بأنها خاتمة التاريخ.
إن قضية فلسطين كانت دائمًا وأبدًا قضية القدس.. وهذا هو جوهرها الإنساني والسياسي، ولهذا ظلت وستظل قضية مركزية للأمتين العربية والإسلامية، أما ما فعل على مسرح جنيف سابقًا في تلك الحقبة الزمنية، كان بمثابة انقلاب آثم على قدسية النضال من اجل فلسطين ونيل من الصمود الأسطوري للفلسطينيين.. صمود يعبر عن الأمل والإيمان بأن الحق لا يزول بالقوة ولا بواقع احتلال يستعصي حتى على الحجر القبول بظلمه وظلامه. وكذلك من يستمع لترامب ويصمت صمت عميق،، وحزين..
حق كل الفلسطينيين عمومًا والمقدسيين خاصةً.. العودة إلى أراضيهم التي اخرجوا منها في العام 1948.. نعم هو حق تاريخي وشرعي وقانوني بنص القرار 194 الذي أصدرته الأمم المتحدة، أي المجتمع الدولي بأسره بمن في ذلك الولايات المتحدة الاميركية. وأنهم يريدون المساواة ما بين تنازل الفلسطينيين عن أبرز حقوقهم التاريخية وتخلي إسرائيل عن قسم من المكتسبات التي سرقتها نتيجة لحرب 1967 وليس عن كل هذه المكتسبات.
إن الإقرار بتجزئة الأراضي الفلسطينية وتجزئة القدس على أساس الوجود السكاني والمستعمرات الاستيطانية مما يجعل إمكانية قيام دولة فلسطينية ذات سيادة أمراً مستحيلاً في ظل وجود السور الانعزالي سور الفصل العنصري سور برلين الجديد الذي يتلوى كالأفعى في أحشاء الأرض الفلسطينية والذي يحول المدن والقرى الفلسطينية إلى سجون كبير. إن أخطر ما في وثيقة جنيف هي المادة (17) والتي تشمل بندا ختاميًا ينص على إصدار قرار دولي من مجلس الأمن ومن الجمعية العامة للأمم المتحدة يتبنيان الوثيقة كاتفاقية دولية ويلغيان جميع قرارات الأمم المتحدة السابقة بشأن القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهذا سيعتبر أكبر إنجاز سيحققه الاحتلال.
حقً لكم يا أحرار العالم… أن تترحموا على أيام السلام.. فقد سقط العدل على المداخل.. واصلوا نداءات الاستغاثة، واطلاق اللعنات فوق رأس هذا الكيان الصهيوني ما كان لكم في العمر بقية، وذلك على وسائط التواصل الاجتماعي مثلما شئتم، لكن قبل كل ذلك ارفعوا رؤوسكم التي في الرمال، حتى لا تروا ذنوبكم وخذلانكم لهذا الشعب الضعيف فقط، فمن هزمه هم الذين خذلوه وتخلوا عن المطالبة بحقه، وأغلقوا آذانهم عنهم، وهم الذين وعدوهم بالنصر واعتبروهم خطًا أحمر، سيأتي عليكم يوم تترحمون فيه على الحرية ما ظل فيكم فيتو يدمر الإنسانية… وترامب يغدوا ويلعب بقدس الأقداس التي صرخت… فلم تجد مناديًا… فقالت يا ليتها كانت القاضية.
اترك رد