بدأت في منطقة البحر الميت اليوم الخميس اعمال مؤتمر “اجندة الاردن 2018 : تكريس سياسات الاعتماد على الذات” الذي ينظمه مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الاردنية بمشاركة وزراء ومسؤولين ومختصين وحزبيين وخبراء.ويهدف المؤتمر الذي يستمر ثلاثة ايام الى مناقشة مجالات متخصصة في الاقتصاد والسياسة الداخلية والخارجية والموارد البشرية والتعليم والشباب الاردني والحالة الاجتماعية لا سيما وانه ينعقد في ضوء ما يشهده الاردن من اوضاع ومتغيرات اقليمية ودولية وداخلية على درجة كبيرة من الاهمية التي يتوقع استمرار تأثيرها على الاردن ما يستدعي قراءتها وتحليل ابعادها الراهنة والمحتملة والخيارات المطروحة امام الاردن للتعامل مع هذه التحديات والمتغيرات خلال العام الحالي 2018.
والقى رئيس الجامعة الاردنية الدكتور عزمي محافظة كلمة خلال افتتاح المؤتمر، اكد فيها ان مراكز الدراسات والابحاث اصبحت تمثل احد اهم الدلائل الهامة على تطور الدولة وتقديرها للبحث العلمي واستشرافها آفاق المستقبل فهي منجز حضاري متميز، واضاف ان اعمال المؤتمر من اهم مهام مراكز الدراسات اذ تعد عملية دراسة القضايا والمشكلات التي تواجه المجتمع والدولة وتحليلها من اهم الادوار التي تضطلع بها المراكز البحثية عموما، حيث يهدف من خلالها الى معرفة الاسباب التي تكمن وراءها وبلورة رؤى ومقترحات علمية متعلقة بها ووضع الحلول المناسبة لها وهذا ما هو مناط بمؤتمرنا اليوم.
وقال ان طموح مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية ان يرتقي الى الحد الذي يصبح فيه احد الفاعلين في رسم التوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية في الاردن واحد المؤثرين فيها والمشاركين في وضع الحلول لها.
وبين مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور موسى شتيوي ان المركز قام في العام الماضي بإعداد أجندة 2017 بعنوان “صناعة السياسات في مرحلة اللايقين”، وهو اليوم يحاول بهذا الجهد رصد التحديات التي يواجهها الأردن للعام 2018 بعنوان “تكريس سياسات الاعتماد على الذات” بوصفها العنوان الرئيس الذي تتخذه الحكومة، ويؤطر فرضيات الموازنة والخطاب الرسمي، لمناقشة امكانيات وجدية هذا الطرح والتحديات التي تواجهه، ومحاولة رفد سياسات الحكومة بأفكار وبدائل جديدة قد تسهم في التصدي لهذه التحديات والمشكلات بوضع الحلول الملائمة والبدائل المناسبة بشأنها.
واضاف ان هذا الملتقي يأتي ليشكل بناءً وتطويراً على تلك التجربة التي آثرنا أن يشارك فيها جميع الكفاءات الرسمية وغير الرسمية فالتنوع يثري التجربة، ويجعل النتائج أكثر عمقاً وشمولاً.
وقال ان الاردن يواجه اليوم تحديات بالغة الأهمية على الصُعد كافة؛ ففي المجال الاقتصادي؛ هناك المديونية التي تثقل كاهل الموازنة والعجز وارتفاع الأسعار والبطالة وتحدي جذب الاستثمار في ضوء عدم الاستقرار الإقليمي والصراعات والنزاعات المحيطة؛ ما يرفع من منسوب التحديات والصعوبات، ويوّلد أزمة ثقة ومصداقية بين الحكومة والشارع، كما أشارت بذلك استطلاعات المركز مؤخراً.
واشار الى انه وعلى الصعيد السياسي، تبرز بوضوح المستجدات الإقليمية وموضوع القدس وقرار الرئيس الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؛ وما ستطرحه الإدارة الأميركية في خطة متوقعة للسلام في المنطقة، اطلق عليها “صفقة القرن” وإقليمياً أيضاً، هنالك التطورات في سورية والعراق التي ترتبط بعامل الاستقرار السياسي والأوضاع الأمنية والعسكرية والعلاقات الثنائية، كذلك الحال في ملف العلاقة مع الدول العربية والإقليمية.
واضاف انه لا يقل موضوع تطوير القطاع العام والإصلاح الإداري أهمية عن الموضوعين الاقتصادي والسياسي، الذي أكدت عليه الأوراق الملكية النقاشية، وبخاصة الورقة الملكية السادسة التي تحدثت عن ضرورة إجراء هذه الإصلاحات، ومواجهة الاختلالات، والتأكيد على الدولة المدنية وأساسها سيادة القانون، مع أهمية إبراز دور التعليم وتطويره وجودته ليواكب مستجدات الحداثة وتقنيات العصر ، وتحقيق مخرجات استراتيجية تنمية الموارد البشرية.
ومن ابرز جلسات المؤتمر الوضع السياسي الداخلي : التوقعات والتوصيات والازمة المالية : الواقع والتوقعات والديبلوماسية الاردنية في اقليم مضطرب والموارد البشرية والتعليم وخطة تحفيز النمو والمشكلات الاقتصادية والشباب الاردني: الاخطار والتحديات والفرص.
وتركزت الجلسة الحوارية الاولى في المؤتمر على الاوضاع السياسية الداخلية وانجع الطرق للتعامل معها، واكد وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية الدكتور موسى المعايطة ان القضايا الاساسية في هذه المرحلة هي الحالة الاقتصادية ومبدأ الاعتماد على الذات وهي لها مضامين كثيرة اقتصادية وسياسية واجتماعية، قائلا ان اصلاح القطاع العام مهمة كبيرة للدولة الاردنية.
كما اكد اهمية مشروع الاردن في مجال اللامركزية، مشيرا الى ان نتائجها الايجابية ستظهر بعد وقت من الزمن لكنها مشروع هام جدا ومن المهم تأهيل مجالس المحافظات، مشيرا الى انه من اجل انجاح المشروع يجب اعتماد عدة نقاط اساسية اهمها التدرج والاعداد والتأهيل المناسب لكل اعضاء مجالس المحافظات والتوعية بأهمية العمل التكاملي والبدء بعملية التفويض و نقل الصلاحيات.
واشار الى ان هناك لجنة تدرس امكانية نقل الصلاحيات الادارية او المالية الى مدراء الدوائر في المحافظات وعليها ان تنتهي من ذلك خلال شهر، لافتا الى اهمية رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في الوصول الى احزاب سياسية حقيقية تمثل المجتمع سياسيا وتختلف سياسيا وليس على اساس تناقضات عشائرية وغيرها.
وكشف عن انه ستكون هناك حوافز للأحزاب التي ترغب بالاندماج حيث يوجد لدينا عشرات الاحزاب المرخصة والمسجلة وهناك احزاب تحت التأسيس ايضا.
وفي رده على مداخلات الحضور اشار المعايطة الى ان هناك توصية من مجلس الاعيان في الموازنة حول كيفية خلق اقتصاد منتج وكيف يصبح المواطن شريكا في عملية الانتاج.
من جهتها اشارت امين عام حزب حشد النائب السابق عبلة ابو علبه الى اهمية سياسة الاعتماد على الذات التي يتوجب على كل دولة وطنية انتهاجها، مبينة ان الاردن كان ولا زال يعتمد في اقتصاده على مساعدات وقروض خارجية.
وقالت ان البحث عن حلول وطنية اردنية لا معنى له اذا لم يقترن بمشروع تنموي شامل له ابعاد اقتصادية وسياسية وقبل كل ذلك مراجعة الاوضاع الداخلية التي اوصلتنا الى مرحلة من الاختناق الاقتصادي والسياسية ومعالجة اسبابها.
وقالت، ان هناك فراغا سياسيا، والحياة الحزبية وحدها لا تملأ هذا الفراغ ولا بد من إحياء الحياة المدنية واعادة النظر بالتشريعات لتضمن مشاركة جميع اطياف الشعب.
وبين الامين العام لحزب المؤتمر الوطني (زمزم) الدكتور ارحيل غرايبة ان الاحزاب السياسية يجب ان تبتعد عن المسميات الدينية والايديولوجية وان يكون للحزب برنامج سياسي، وأن يكون التنافس بين الاحزاب على البرامج السياسية وكيفية تحقيق الرخاء وخدمة الشعب، لذلك نحن في حزب المؤتمر الوطني “اردنا ان لا يكون هناك شرط لأي انتماء ديني او مربع معين لدخول الحزب ولدينا شخصيات تحمل خلفيات متعددة سياسية ولدينا مسلمون ومسيحيون والبرنامج العام وطني اردني”.
وقال يجب ان لا يصل الى البرلمان الا من يحمل برنامجا سياسيا معلنا ولذلك فالتنافس بين الفرقاء الذين يريدون تشكيل الحكومة يجب ان يكون عبر برامج سياسية معلنة، مشيرا الى ان الذين نجحوا في عضوية مجلس النواب الغالبية العظمى منهم جاءوا على اسس عشائرية.
واكد الناشط السياسي محمد الزواهرة اهمية اشراك الشباب في صناعة المستقبل والعمل السياسي، مشيرا الى ان هناك ازمة ثقة بين المواطن وصانع القرار سواء اكانت حكومات او اجهزة تنفيذية.
وقال ان اغلب الاحزاب اليوم فشلت باستقطاب الشباب لذلك يجب ان تكون هناك برامج حقيقية لدى الاحزاب ويجب ان يشعر الشباب ان الحكومات جادة بإشراكهم في عملية صنع القرار، داعيا الى اعادة صياغة القوانين والتشريعات بما فيها الانتخابات النيابية والبلدية وتخفيض سن المرشح الى عمر اقل لضمان اشرك اكبر عدد من الشباب.
واشار الى اهمية طرح جلالة الملك عبدالله الثانياثناء لقائه طلبة الجامعة الاردنية مؤخرا الذي يدعو الى تخفيض عدد الاحزاب الى اربعة او خمسة احزاب.
وقال ان التحدي الاخر الذي يؤثر على مشاركة الشباب في الحياة السياسية وصنع القرار هو التحدي الاقتصادي وهناك ازمة بطالة حقيقية، مؤكدا ان تمثيل الشباب لا زال ضعيفا ويجب ان يكون هناك تمثيل حقيقي للشباب .
مشاركون: العدالة وسيادة القانون اساس الاصلاح الضريبي
وفي جلسة حوارية حول الازمة المالية واقع وتحديات، اكد مشاركون على ضرورة تبني سياسات اقتصادية تحفيزية تساهم بدعم العجلة الاقتصادية الوطنية، مشيرين إلى أن عمليات الاصلاح الضريبي في العالم ترتكز على سيادة القانون والعدالة.
وقال محافظ البنك المركزي الدكتور زياد فريز، ان هناك مشكلة اقتصادية وطنية عالمية تتعلق بضعف الموارد ومحدوديتها، موضحا ان الاردن استطاع تحقيق انجازات كبيرة خلال العقود الماضية من تطور البنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية بالرغم من العجز المالي الذي شهدته الموازنة على مر السنوات الماضية.
واشار الى ان هناك تحديات متتالية شهدها الاردن من حروب في المنطقة وهجرات لاجئين واضطراب امني في المنطقة، الامر الذي ادى الى مزيد من الانفاق لمواجهة هذه الازمات، إضافة الى عدم اتخاذ القرارات الاقتصادية غير الشعبوية والتي تساهم بتخفيض العجز المالي في الميزانية.
وبين فريز ان التسهيلات الائتمانية المقدمة من الجهاز المصرفي للقطاع الخاص في العام الماضي ارتفعت 8 في المائة مما يعادل 3 اضعاف معدل النمو الاقتصادي والبالغ 3ر2 في المائة.
واكد على ان ادارة الدين العام اصبحت اكثر موضوعية واكثر ضبطا في ظل العمل المستمر من اجل تخفيض كلفة الدين وتحويل الديون من قصيرة الاجل الى طويلة الاجل.
واشار فريز الى ان النظام الضريبي الاردني الاكثر رخاء على مستوى المنطقة وبالرغم من ذلك فان 90 في المائة من ايرادات ضريبة الدخل متأتية من قبل الشركات والبنوك في القطاع الخاص، الامر الذي يوجب اصلاح النظام الضريبي وضبط الاعفاءات والتي بلغت 3 مليارات للعام الماضي بالإضافة الى التهرب الضريبي.
بدوره قال وزير المالية الاسبق الدكتور امية طوقان ان وجود الدعم المالي لميزانية الدولة ادى الى ضعف وتخاذل الادارات المتتالية في اتخاذ القرارات الاقتصادية، الامر الذي يستوجب التفكير الفعلي بالاعتماد على الذات من خلال تغيير النمط الاستهلاكي وموازاة الايرادات للنفقات.
وبين ان الاصلاح الضريبي يجب ان يكون اكثر عدالة، مشيرا الى ان النظام الضريبي المعمول به غير عادل ويؤثر على نسب الاستثمار بسبب تفاوت نسب الضريبة المفروضة على القطاعات الاقتصادية بالإضافة الى ضرورة سيادة القانون في التحصيل الضريبي.
واكد طوقان على ان هناك هدر مالي في الموازنة يتجاوز 20 في المائة يتلخص بأوامر التغيير في المشاريع الرأسمالية والاعفاءات الطبية وغيرها ، مشيرا الى ان الاصلاح الضريبي ضرورة اقتصادية ووطنية .
وبين انه تم اللجوء الى الاقتراض الدولي بأسعار تفضيلية وبضمان الولايات المتحدة الاميركية عن طريقة سندات اليورو بوند من اجل عدم مزاحمة القطاع الخاص في التسهيلات الائتمانية.
ممثل القطاع الخاص باسم السلفيتي اوضح ان 70 في المائة من التحويلات النقدية المعتمد في الاردن يعتمد على الكاش الامر الذي يجعل عملية التهرب الضريبي متاحة، مشيرا الى ان كلفة تحويل المالي عالية في الاردن ، داعيا الى ضروة تخفيض هذه التكلفة لتشجيع المواطنين على استخدام التحويل المالي الالكتروني.
واكد على ضرورة تغيير النمط التفكيري في المشكلة الاقتصادية والابتعاد عن آليات زيادة الايرادات والاتجاه نحو الكفاءة التشغيلية والنزاهة والشفافية في انجاز العمل مع تفعيل الرقابة الفعلية على كافة المشاريع الاقتصادية ، الامر الذي يقود الى نمو اقتصادي حقيقي.
اترك رد