برنامج سراج المريدين نكت وتنبيهات، تعقبات واستدراكات … عبد الله الجباري

د. عبد الله الجباري – المغرب

تعرفنا من كثب على كتب ومصنفات الإمام أبي بكر بن العربي المعافري، وأفدنا منها فوائد، وتعرفنا من خلال إحالاته في كتبه على سراج المريدين له، وهو ما جعلنا نتشوف لهذا السفر، ونتعرف على موضوعاته وفوائده، وهو ما لم يحصل سوى في الشهور الأخيرة، حيث صدر في ست مجلدات بدراسة وتحقيق الدكتور عبد الله التوراتي، الذي نشر من قبل كتابين من الخزانة المعافرية، الأمد الأقصى والمتوسط في الاعتقاد، ويبدو من خلال هذه الأعمال، أن الدكتور التوراتي ذا قدرة ومكنة على قراءة المخطوط ورقمه، وهذا يحسب له، ويشجع عليه، إلا أن دراساته التي يصدّر بها المخطوطات المنشورة، لا أجد فيها مسحة علمية ذات شأن، فتراه يقفز على المهم ولا يذكره، ويركز على غير المهم ويملأ به الصفحات الطوال، كما يتجنب طرح السؤال/التساؤل الذي بواسطته يهتدي لحل الإشكالات، ويغوص لحل المعضلات، وقد بقي الدكتور التوراتي وفيّا لمنهجه في دراسته التي رقمها حول سراج المريدين، وهي في مجلد مستقل موسوم بـبرنامج السراج، وهو ما سنحاول تجليته والتحشية عليه في هذا المقام، مما سنورده من ملاحظات وتنبيهات.

1 – بواعث التأليف ومضمون الكتاب

منذ علمت بوجود سراج المريدين في ثبت العلامة المعافري، وأنا في قلق معرفي، أُسائل وأتساءل عن سر هذه التسمية ؟ وعن موضوع الكتاب ؟ وأنا أعرف الرجل فقيها كبيرا، وأصوليا مشاركا، وأديبا بارعا، لكن المريدين كلمةٌ محورية في المعجم الصوفي، فهل اندرج الرجل في سلك المتصوفة ؟ وهل السراج مصنف صوفي يضارع إحياء شيخه وينسج على منواله ؟ إلى غير ذلك من التساؤلات المقلقة، التي لم ألف لها جوابا.

وبعد الاطلاع على برنامج السراج، وجدت فيه مبحثا بعنوان بواعث الإملاء، فيممت وجهي نحوه دون تردد أو تعثر، علّني أجد ما يروي الظمأ، فوجدته اكتفى بباعثين اثنين :

الأول : انبناء المشروع الفكري لابن العربي على ثلاثة ركائز : التوحيد والأحكام والتذكير. وهو ما ركز عليه في أنوار الفجر المفقود، فعمل على إخراج كل ركيزة على حدة، لتلافي ضياع كتابه الموسوعي، وفي هذا السياق، ألّف السراج ضمن ركيزة التذكير. وعزز الدكتور التوراتي هذا الباعث بتصريحات مباشرة من المصنِّف.

الثاني : تخليص علم الزهد والتزكية من الدواخل والمعاطب.

وبقدر ما لا أستبعد الباعثَين المذكورَين، بقدر ما أتعامل معهما بحذر شديد، وعلى فرض تحققهما، فإنهما ينزلان عندي إلى مرتبة أدنى مقارنة مع الباعث الرئيس للتصنيف.

وأول ملاحظة على الباحث، أنه ذكر الباعث الأول في قرابة خمس صفحات، ملأه بأقوال ابن العربي، وهذا مهم ومفيد، لكن الباحث الحصيف لا يركن إلى ما يظهره المؤلف من بواعث، ويكتفي به، لأن كثيرا من المؤلفين قد يستحضرون أثناء التأليف مقاصد وأهدافا، ولكنهم يضمرونها ولا يظهرونها، وتبقى من أهم مهام الباحث، محاولة استخراج المضمر، ووضع الكتاب في سياقه الزمكاني، وتقليب النظر في نصوص المؤلف ذاته، علّه يظفر بما استبطنه المؤلف وأخفاه.

تأسست الدولة المرابطية على الزهد وشظف العيش والابتعاد عن الملذات، وفاقا لما تربى عليه المؤسسون الأوائل في رباط ابن ياسين، وكان الفقهاء قطب رحى الدولة، وأطلق على الدولة دولة الفقهاء، وبعد فترة من الزمن، اختلت موازين الدولة، وظهر ما لم يخطر ببال المؤسسين الأوائل، قال المراكشي : “اختلت حال أمير المسلمين بعد الخمسمائة اختلالا شديدا، فظهرت في بلاده مناكر كثيرة، وذلك لاستيلاء أكابر المرابطين على البلاد، ودعواهم الاستبداد، وانتهوا في ذلك إلى التصريح، فصار كل منهم يصرح بأنه خير من علي أمير المسلمين، وأحق بالأمر منه، واستولى النساء على الأحوال، وأسندت إليهن الأمور، وصارت كل امرأة من أكابر لمتونة ومسوفة مشتملة على كل مفسد وشرير، وقاطع سبيل، وصاحب خمر وماخور”[1] إلخ ما قال المراكشي، ومع ما وصل إليه المجتمع مما ذُكر، بقي الفقهاء صامتين دون نكير، مع العلم أنهم عصب الدولة، فهل كانوا موافقين على ذلك ؟

للاطلاع على الورقة البحثية


نشر منذ

في

من طرف

الكلمات المفاتيح:

الآراء

  1. الصورة الرمزية لـ سمير
    سمير

    مقال سديد، ونقدات لطيفة. لكن شانه أخطاء لغوية عدة، لعلها ناشئة عن العجلة أو عدم المراجعة. نرجو من الدكتور أن يراجعها بالتصويب، حتى لا يتمسك بها التوراتي في رده. ولكم جزيل الشكر والدعاء بالتوفيق.

  2. الصورة الرمزية لـ سمير
    سمير

    مقال سديد، ونقدات لطيفة. لكن شانه أخطاء لغوية عدة، لعلها ناشئة عن العجلة أو عدم المراجعة. نرجو من الدكتور أن يراجعها بالتصويب، حتى لا يتمسك بها التوراتي في رده. ولكم جزيل الشكر والدعاء بالتوفيق.

اترك رد