نوارة مختار عثمان/طالبه دراسات عليا في اكاديميه الليبيه الدراسات العليا
الغاية من انشاء المحاكم الجنائية عموما هو تحقيق العدالة عن طريق محاسبة مرتكبي الجرائم ومعاقبتهم ، ولكي تكون المحاكمة عادلة الابد من توافر الحد ادني من الضمانات لأطراف الدعوي ، لذلك قد نصت على الحق في محاكمة عادلة العديد من المواثيق الدولية والاقليمية والمحاكمة العادلة ضرورية على المستويين الوطني والدولي ، الا ان هذه الأهمية تزداد على المستوي الدولي لصعوبات عملية وايدلوجية ، وان المحاكم الجنائية الدولية تعتمد على قبول الدولي في ممارستها لاختصاصها ، وكذلك حاجتها الي المجتمع الدولي لتقديم الدعم المالي والاداري اضافة الي اعتمادها عليه في القبض على المتهمين وتسليمهم اليها .واننا سوف نبحث في موضوع ضمانات العدالة الجنائية الدولية الذي يكفله نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية للمتهم خلال مرحلة المحاكمة ، حيث اننا لا نستطيع القول بتوافر ضمانات المحاكمة العادلة للمتهم في مرحلة المحاكمة اذ تم اهدار ها في مرحلة اخري من مراحل الدعوي ولذلك حرص المشرع الدولي على وجوب توافر هذه الضمانات للمتهم امام محكمة الجنائية الدولية ، وفي هذا الموضوع يثير العديد من الاشكاليات لاسيما محاكمة المتهم خارج دولته لما يشكله من مساس مباشر بحريات الافراد ،لذ احاطه نظام روما الاساسي بمجموعة من الضمانات وهي متمثلة في تصنيف الجرائم الدولية واختصاص المحكمة الجنائية الدولية ”
ومن خلال هذا الموضوع نطرح عدة تساؤلات ماهي الضمانات التي حرص المشرع الدولي لي توافرها للمتهم اثناء المحاكمة ؟ وكذلك ماهي الضمانات وحقوق المتهم بعد المحاكمة؟
أمام غموض موضوع الحقوق و الضمانات المقررة للمتهم ارتأينا طرح الإشكالية التالية :-
– هل يوجد ضمانات وحقوق المتهم في نظام روما الاساسي من اجل محاكمة عادلة أمام المحكمة الجنائية الدولية بالنسبة للشخص المرتكب جريمة دولية ؟ و إذا كانت هذه الحقوق مكفولة دوليا، فما هي أهم الضمانات المكرسة لحمايتها؟
و للإجابة على هذه الإشكالية اتبعنا المنهج التحليلي الوصفي لأنه الأمثل لدراسة هذا الموضوع و الخادم لطبيعة الإشكالية المطروحة حيث سنتعرض أولاً مجموعة المبادئ المكونة لحقوق المتهم و ضماناتها المرافقة لها في اثناء مرحلة المحاكمة امام محكمة الجنائية الدولية الدعوى من خلال تحليل نصوص قانونية من نظام روما الأساسي و المواثيق الدولية التي تعالج هذا الموضوع ، وثانيا ضمانات حقوق المتهم بعد المحاكمة حسب الخطة الاتية:-
المطلب الاول / ضمانات المتهم اثناء المحاكمة”
الفرع الاول / ضمانات المبادئ الاساسية الاجراءات الجنائية”
الفرع الثاني/ حماية حقوق المتهم اثناء المحاكمة”
المطلب الثاني / ضمانات المتهم بعد المحاكمة”
الفرع الاول/ضمانات المتهم متعلقة بصدور الحكم وطعنه ”
الفرع الثاني/ الحق في التعويض”
المطلب الاول
ضمانات المتهم اثناء المحاكمة
من المعلوم أن القاضي في سبيل تحقيق العدالة مكلف بالوصول إلى الحقيقة لضمان تطبيق قانون العقوبات وتعويض المتضرر من الجريمة، لكنه لا يجوز ان يسعى للوصول إلى هذه الحقيقة إلا من خلال الالتزام بالمبادئ و القواعد الإجرائية للمحاكمة القانونية العادلة، لأنه مد بمراعاة ما تطلبه هذه المحاكمة من ضمانات، وسوف نتطرق في هذا المطلب- أهم الضمانات المتعلقة في المبادي الاساسية الإجراءات الاساسية اما الفرع الثاني حماية حقوق المتهم اثناء المحاكمة”
الفرع الأول
ضمانات المبادئ الأساسية للإجراءات الجنائية
تشكل المبادئ الأساسية للقانون الجنائي ضمانةً لجميع أطراف الدعوى، في أي مرحلة من مراحل المحاكمة، لان هذه المبادئ تتصف بالعدالة والإنصاف والاستقامة، ومن ثم ترجع بالنفع على المتهم باعتباره طرف في الدعوى بما تقدمه من عدالة وإنصاف وجلاء للحقيقة، وهذا الامر استقرت عليه اغلب النظم القانونية، ومن أهم هذه المبادئ مبدأ الشرعية في الاجراءات الجنائية، ومبدأ عدم رجعية القانون الجنائي، ومبدأ عدم المحاكمة عن ذات الفعل مرتين، وهو ما سيتم التطرق لكلٍّ منها في فقرة مستقله.
اولا/ مبدأ الشرعية في الإجراءات الجنائية.
إن مبدأ الشرعية يعد ضمانه من ضمانات المتهم في مرحلة المحاكمة، وفي أي مرحلة كانت عليها الدعوى، فهو يكفل للمتهم محاكمة عادلة، اذ انه سيحاكم على جرائم منصوص عليها مسبقاً بموجب نص قانوني داخلي كان أم دولي، ومن ثم حمايته من تعسف القضاء عن طريق رسم الحدود القانونية لمختلف الاجراءات والجرائم والعقوبات و يعد هذا المبدأ حقاً مطلقاً وغير قابل للاستثناء، وقد وجد أساسه في دساتير الدول وقوانينها الداخلية ثم أخذت به الوثائق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي اتفقت في اغلب نصوصها على ألا يدان أي فرد بأية جريمة بسبب فعل أو امتناع عن فعل لم يكن وقت ارتكابه يشكل جريمة بمقتضى القانون الوطني والدولي كما انه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحق في الحرية والأمن الشخصي، حيث يسعى إلى ضمان حق الناس في معرفة الأفعال التي يمكن ان يعاقبوا عليها من غيرها، وهو احد العناصر الأساسية للحق في محاكمة عادلة في ما يتعلق بالمسائل الجنائي اما مضمون هذا المبدأ فهو يتمثل في جانبين هما، ان كل سلوك يعاقب عليه لابد ان يتم تصنيفه في نص القانون وبشكلٍ واضح وصريح على انه مخالفة، والجانب الآخر انه لكي يكون المتهم مسؤولاً جنائياً عن الجريمة المنسوبة إليه لابد انه ارتكب وبشكل تام السلوك الإجرامي بالكيفية التي وصفها القانون وبصورة جلية وصريحة لا لبس فيها، على اعتبار ان تعريفات الجرائم التي تبقى غامضة ومبهمة وغير دقيقة تتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان ويترتب على هذا المبدأ أمور متعددة تصب في ضمانات المتهم في مرحلة المحاكمة، منها أن تفسر المخالفات الجنائية تفسيراً ضيقاً طبقاً للقانون الجنائي، وبعيداً عن القياس، ومن ثم فأن توجيه اية تهمة أو فرض اية عقوبة على أساس القياس لأنواع النشاطات التي لم تقرر في القانون انها جرائم أمر يتنافى مع العدالة، اما اذا كانت هناك حاجة للتفسير فانه ينبغي إلا يعدوا ان يكون تفسيراً ضيقاً ومن هنا فأن أي شك أو غموض يجب ان يفسر لمصلحة المتهم عند القيام بوظيفة التفسير، وهو ما اشار إليه النظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي نص على انه ( .. في حالة الغموض، يفسر التعريف لصالح الشخص محل التحقيق أو المقاضاة أو الإدانة..)
.ثانيا/ مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي”
إن مضمون هذا المبدأ يقضي بعدم سريان القانون الجنائي بأثر رجعي على الأشخاص أو على الجرائم التي يرتكبها هؤلاء الأشخاص قبل سريان القانون الجديد، لان النص هو محل التجريم، فإذا تخلف النص فإن الأشخاص يكونون قد ارتكبوا افعالاً مشروعة وليست مجرمة وهذا المبدأ يعد نتيجة مباشرة لمبدأ شرعية الجرائم، لأن المنع في تطبيق القانون الجنائي بأثر رجعي يعتبر مطلقاً وينطبق في جميع الظروف والأوقات، فلا يجوز ان يدان احد بسبب أي عمل أو امتناع عن عمل لم يكن يشكل وقت ارتكابه جرماً جزائياً بمقتضى القانون المعمول به، بما في ذلك اثناء حالات الطوارئ وفي زمن الحرب كما ان الحق في عدم الإدانة بفعل أو الامتناع عن فعل لم يكن جريمة وقت ارتكابه، هو حق غير قابل للاستثناء، ومع ذلك فلا شيء في هذا المبدأ يخل في الحاكمة ومعاقبة أي شخص عن فعل أو امتناع عن فعل يعتبر جريمة في الوقت الذي ارتكب فيه بموجب مبادئ القانون العامة المعترف بها في المجتمع الدولي، وهو ما أكدته العديد من المواثيق الدولية، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام (1948)، الذي اشار إلى عدم إيقاع عقوبة على المتهم أشد من العقوبة التي كانت سارية في الوقت الذي ارتكب فيه الجريمة كذلك الاتفاقية الاوربية لحقوق الإنسان لعام (1950) ال تي أشارت لنفس المعنى في نصوصها إضافة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام (1966)، الذي اشار إلى عدم جواز إدانة أي فرد بأي جريمة بسبب فعل أو امتناع عن فعل لم يكن وقت ارتكابه يشكل جريمة بمقتضى القانون الوطني أو الدولي وايضاً الاتفاقية الامريكية لحقوق الإنسان لعام(1969)، التي نصت على انه(… لا يجوز ان يدان احد بسبب عمل أو امتناع عن عمل لم يكن يشكل وقت ارتكابه جرماً جزائياً بمقتضى القانون المعمول به…) كما اشار إلى ذلك الميثاق الافريقي لحقوق الإنسان والشعوب والميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام (2004)الذي اكد على (…أنه لا عقوبة على الافعال السابقة لصدور القانون..) اضافة لما تقدم اشار النظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (…لا يسأل الشخص جنائياً بموجب هذا النظام الأساسي عن سلوك سابق لبدأ نفاذ النظام..) علماً ان النظام أورد بعض الاستثناءات، منها الحالة التي يكون فيها القانون الجديد أصلح للمتهم، اذ نص على انه (…في حالة حدوث تغيير في القانون المعمول به في قضية معينة قبل صدور الحكم النهائي، يطبق القانون الأصلح للشخص محل التحقيق أو المقاضاة أو الإدانة…مع ضمانات المحاكمة العادلة للمتهم، بحيث اذا أصبحت العقوبة على فعله اقل أو انها أصبحت غير مجرِمة فان التطـور علـى هـذه العقوبة هو الذي يطبق على المتهم ويستفيد منه.
علماً إن مجموعة من الآليات الدولية التي تتبنى حماية حقوق الإنسان تصدت إلى أي تفسير أو فهم غير صحيح للنصوص التي تضمنت هذا المبدأ ومنها اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان حيث إن اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب كانت تتدارس مدى توافق المرسوم رقم(43) الخاص بالصحف لعام 1993 مع المادة (7) من الميثاق الأفريقي ، فهذا المرسوم الذي كان ذا أثر رجعي في نصه على إن يعاقب بغرامة مالية ثقيلة أو يسجن لمدة طويلة كل شخص يملك أو ينشر أو يطبع صحيفة لم تسجل بموجب المرسوم المذكور، وأدانت اللجنة التفسير الضيق لهذه المادة من الميثاق الذي تبنته الحكومات على اعتبار انه يجب أن تفهم إن المنع لا يتعلق بإدانة وإنزال العقوبة على أفعال التي لم تكن تشكل جريمة وقت ارتكابها فقط، بل يتعلق بتطبيقها بأثر رجعي، فالمتوقع(.. أن ينظر المواطنون إلى القوانين نظرة جدية، فإن تغيرت القوانين وكان أثرها رجعي قوضت سيادة القانون ، لأن الأفراد لا يمكنهم أن يتبينوا في أي وقت من الأوقات أن أفعالهم غير قانونية..)تجدر الاشارة إلى ان هناك بعض الجرائم تتسم بالاستمرارية وامتداد الزمن في ارتكابها أو ارتكاب أفعالها أو أركانها المادية، من بداية أول فعل من أفعالها إلى تحقيق نتيجتها الجرمية، وفي هكذا نوع من الجرائم يطبق القانون استثناء من القاعدة السابقة، كجريمة النقل القسري للسكان التي تأخذ وقتً طويلاً نسبيا”
ثالثا/ حظر المحاكمة على الجريمة ذاتها مرتين”
ويعني هذا المبدأ عدم تقديم شخص قد أدين أو يبرئ من جريمة معينة، مرة أخرى امام المحكمة نفسها أو امام محكمة أخرى، على نفس الجريمة، ويشمل هذا الامر جميع الجرائم مهما كانت خطورتها، ويحتل هذا المبدأ أهمية بالغة تتجسد في النص عليه من قبل المواثيق والاتفاقيات الدولية، كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي اشار إلى أنه(.. لا يجوز تعريض أحد مجدداً للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئَ منها بحكم نهائي وفقاً للقانون وللإجراءات الجنائية في كل بلد..) والاتفاقية الامريكية لحقوق الإنسان التي نصت على انه (..إذا برئَ المتهم بحكم غير قابل للاستئناف، فلا يجوز أن يخضع لمحاكمة جديدة للسبب عينه..) كما اشار البروتوكول رقم (7) لعام (1984)م الملحق بالاتفاقية الاوربية لحقوق الإنسان على انه (..لا يجوز إلزام أي شخص بأن يحاكم أو يعاقب مرة أخرى بإجراءات جنائية في ظل النظام القانوني لذات الدولة بسبب جريمة تم نهائياً تبرئته منها أو إدانته بها طبقاً للقانون والإجراءات العقابية لذات الدولة..)
. وأشار إلى ذلك ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوربي لعام 2000، في نصه على انه (..لا يكون أي شخص عرضة للمحاكمة أو العقوبة مرة أخرى في إجراءات جنائية عن جريمة تمت تبرئته أو إدانته بالفعل بشكل نهائي داخل نطاق الاتحاد طبقاً ووفقاً للقانون..)
. كذلك أشارت المبادئ التوجيهية بشأن الحق في محاكمة عادلة والمساعدة القانونية في افريقيا لعام 2003 إلى نفس المعنى أما في ما يتعلق بالميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام 2004، فقد نص على انه (..لا يجوز محاكمة شخص عن جرم واحد مرتين ولمن تتخذ ضده هذه الإجراءات أن يطعن في شرعيتها…) .
وقد تبنت الأنظمة الأساسية للمحاكمة الجنائية الدولية هذا المبدأ ، كالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الخاصة بيوغسلافيا السابقة لعام 1993 والنظام الأساسي الخاص برواندا لعام1994م أما النظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فقد اشار إلى هذا المبدأ بتفصيل أكثر فأشار إلى انه(… لا يجوز إلا كما هو منصوص عليه في هذا النظام الأساسي، محاكمة أي شخص أمام المحكمة عن سلوك شكل الأساس لجرائم كانت المحكمة قد أدانت الشخص بها أو برأته منها..) ونص ايضاً على انه( لا تجوز محاكمة أي شخص أمام محكمة أخرى عن جريمة من تلك المشار اليها ـ في النظام ـ كان قد سبق لذلك الشخص ان أدانته بها المحكمة أو برأته منها..) وبالتالي فإن هذا المبدأ حسب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يؤدي إلى نتيجتين، إذ أنه لا يجوز للمحكمة محاكمة متهم كان قد سبق محاكمته عن ذات الجرم، كما أنه لا يجوز لأي محكمة أخرى سواء كانت دولية أم وطنية أن تحاكم شخص عن جرم كان قد جرم بسببه، وحكم عليه بسببه من المحكمة الجنائية الدولية. وهذا المبدأ القاضي بعدم جواز تقديم أي شخص لمحاكمة جديدة بموجب نفس الجريمة، يعد نافذاً بمجرد صدور الحكم النهائي بالإدانة الإفراج أو البراءة، ولكي يطبق هذا المبدأ لابد من استنفاذ كل المراجعات القضائية ذات الصلة، علماً ان هناك حالات لا يشملها الحظر المنصوص عليه في هذا المبدأ، مثل قيام محكمة اعلى بإلغاء الحكم الصادر بالإدانة وأمرت بإعادة المحاكمة، أو اذا كانت هناك ظروف استثنائية دعت لإعادة المحاكمة مثل الحصول على أدلة لم تكن متوفرة أو معروفة في وقت التبرئة، اضافة إلى أنه بالإمكان إعادة المحاكمة على ذات الجريمة مرة أخرى اذا ما تم طلب الإعادة من قبل الشخص المعني عند إدانته غيابياً وتجدر الاشارة إلى ان هذا المنع الوارد ضمن هذا المبدأ يشمل المحاكمات الجديدة أو الإدانات بموجب نفس الجرائم أو الأعمال التي قضت بها محاكم نفس البلد، لكنه لا ينطبق على المحاكمات والقرارات القضائية التي صدرت من محاكم البلدان الأخرى”
رابعا/ افتراض براءة المتهم.
و قد تضمن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية النص على مبدأ الشرعية )
نصت المادة (23) من النظام الأساسي على مبدأ لا عقوبة إلا بنص، أنه لا يجوز معاقبة أي شخص دانته المحكمة إلا وفقا للنظام الأساسي للمحكمة.
إن مبدأ براءة المتهم مبدأ قانوني مفاده أن المتهم يعتبر بريئا إلى غاية أن تثبت إدانته بحكم قضائي بات مع احترام كل الضمانات القانونية أثناء الإجراءات المحاكمة المتخذة ضده و ذلك حتى صدور الحكم و عليه فمبدأ افتراض البراءة هو أن الشخص بريء إلى أن تثبت إدانته و هو مبدأ يحكم المعاملة التي يجب أن يلقاها المتهم خلال فترة التحقيقات الجنائية و إجراءات المحاكمة. و قد نصت عليه المادة (66) من نظام روما الأساسي في الفقرة الأولى من هذه المادة الإنسان بريء إلى أن تثبت إدانته أمام المحكمة وفقا للقانون الواجب التطبيق فهذا المبدأ يعتبر من المبادئ الأساسية للحق في المحاكمة العادلة و يظل افتراض البراءة قائما ما لم يثبت العكس، لذلك ينبغي معاملة المتهم معاملة الإنسانية و يبعد عن كل شبهة إلى أن يصدر حكم نهائي بإدانته وفقا للقانون في سياق محاكمة تتفق مع الحد الأدنى للشروط الأساسية المقررة للعدالة و يجب أن يظل افتراض البراءة قائما ما لم يصدر هذا الحكم
وقد جاء النص على هذا الحق في المادة (14/2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ حيث جاء فيها:( من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئاً الى أن يثبت عليه الجرم قانوناً …)
وتعتبر قرينة البراءة من أهم المعايير لضمان محاكمة عادلة وتعني أن الإنسان بريء من التهمة الموجهة له إلى أن تثبت ادانته بحكم قضائي؛ حيث أنه الأصل في الإنسان البراءة ويجب أن يبقى هذا الافتراض قائماً إلى أن يتم اثبات عكسه، ويترتب على افتراض البراءة القاء عبء الإثبات على الادعاء العام فلا يكلف المتهم بأثبات براءته كونها مفترضة، كما يجب أن يفسر الشك لمصلحة المتهم ويترتب على ذلك أن تبني المحكمة حكمها على الجزم واليقين وتبعاً لهذه القرينة فيجب أن يعامل المتهم أثناء المحاكمة على أساس أنه بريء حتى تثبت ادانته، ويكون ذلك بعدم وضع المتهم في قفص حديدي وعدم تكبيله بالأغلال وعدم إرغامه على ارتداء زي معين للسجن وغير ذلك من الممارسات التي قد يجبر المتهم عليها أثناء فترة محاكمته.
الفرع الثاني
حماية حقوق المتهم أثناء المحاكمة
تعتبر العدالة الدولية هي الغاية التي يسعى القانون و المشرع على حد سواء لتحقيقها ،لأنها هي المعيار الدال على الاحترام المكفول لآدمية الإنسان، و مرآة التحضر و الرقي البشري، و تحقيقها يعد نتيجة منطقية لوجود جهاز قضائي نزيه و مؤهل لكفالتها و إرساء دعائمها. فالقانون و المؤسسة القضائية الدولية خصائص لازمة لا غنى عن أي منها لإقامة العدالة، و تعد الضمانات و الحقوق الممنوحة للمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية واحدة من أهم المواضيع المتعلقة بالعدالة و خاصة و أن الإجراءات التي تتم أمام المحكمة الجنائية الدولية هي أخطر الإجراءات الماسة بحقوق الإنسان و حرياته لاسيما في مرحلة المحاكمة إد تمثل قيدا وجوبيا يخضع له المتهم بهدف الوصول إلى الحقيقة باعتبارها غاية العدالة القضائية الدولية. و من هنا يبرز الدور المهم للمحاكمة الجنائية الدولية و كيفية الوصول إلى غاية العدالة فلا ينبغي للمحكمة أن تحرص فقط على مراعاة مصلحة المجتمع الدولي بالإسراع في توقيع الجزاء على المتهمين بارتكابهم الجرائم الدولية، و إنما يجب أن يقابل ذلك الحرص على إرساء آليات و إعمال نصوص تكفل للمتهمين ضمانات في جميع مراحل الدعوى الجنائية لدا فلا يجب أن تكون نظرتها قاصرة في تغليب مصلحة أحد الطرفين على الآخر لاسيما أن إقرار الحقوق و الضمانات الكافية للمتهمين تقاس بمدى احترام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة من خلال نظامها الأساسي ولائحتها لتلك المبادئ الراسخة في التشريع الجنائي الوطني و التي توصل إليها المشرع الوطني و بخاصة الدول المتطورة في هذا المجال و التي دون احترامها سترجع إلى الوراء الشيء الذي دون شك سيحد من مصداقية المحكمة و عليه فتعزيز مكانة المحكمة الجنائية الدولية و توفير القبول العام لها مرهون بما تمنحه و ما توفره للمتهم من حقوق و ضمانات خاصة و أن هذه الضمانات تعد بمثابة السياج الحامي و الدرع الواقي للحقوق و الحريات ، فالمتهم و إن كان قد أخل بنظام المجتمع الدولي بارتكابه أبشع الجرائم الدولية إلا أنه مع ذلك مازال بريئا مما أوجب التحفظ في معاملته و تقييد المساس بحريته بالقدر الضروري و اللازم لاسيما أن احترام حقوق الانسان و حرياته الأساسية أصبح من أهم المقاييس التي تقيم على اساسها وجود سيادة القانون أم لا ؟ بمعنى أن أي نظام قضائي لا يحترم هذه الحقوق والضمانات يفسر على عدم وجود قانون يسيره هو في حد ذاته و سيتم تفصيل ها كما يلي بعد انتهاء إجراءات التحقيق من قبل المدعي العام و قيام الدائرة التمهيدية بدورها في الإحالة تشكل رئاسة المحكمة دائرة ابتدائية للمحاكمة و تحيل القضية إليها متضمنة قرار الدائرة التمهيدية بالإحالة مع محاضر الجلسات و يجوز للرئاسة أن تحيل القضية إلى دائرة ابتدائية لغرض إجراء محاكمة المتهم عن التهمة أو التهم المسندة إليه، و تعتبر التشكيلة الجماعية للدائرة ضمانة للمتهم إ ذ يقع على عاتقها نظر الدعوى ابتداء من عقد الجلسة التحضيرية للمحاكمة و انتهاء بإصدار الحكم فيها و. تتكفل الدائرة الابتدائية بإعداد مسجل كامل للمحاكمة يتضمن بيانا دقيقا لكافة الإجراءات و دلك لضمان حصول المتهم على محاكمة عادلة تتضمن جملة من الحقوق و الضمانات المكفولة قانونا وفقا نص المادة( 67)من نظام روما الأساسي عند البت في أي تهمة يكون للمتهم الحق في أن يحاكم محاكمة علنية مع مراعاة أحكام هذا النظام الأساسي و في أن تكون المحاكمة منصفة و تجري على نحو نزيه و له الحق في الضمانات الدنيا التالية على قدم المساواة التامة أن يبلغ فورا و تفصيلا بطبيعة التهمة الموجهة و سببها و مضمونها، و دلك بلغة يفهمها تماما و يتكلمها . أن يتاح له ما يكفي من الوقت و التسهيلات لتحضير دفاعه و للتشاور بحرية مع محام من اختياره و دلك السرية . أن يحاكم دون أي تأخير لا موجب له .مع مراعاة أحكام الفقرة (2)من المادة (63) أن يكون حاضرا في أثناء المحاكمة و أن يدافع عن نفسه بنفسه أو بالاستعانة بمساعدة قانونية من اختياره و أن يبلغ إدا لم يكن لديه المساعدة القانونية بحقه هذا و في أن توفر له المحكمة المساعدة القانونية كلما اقتضت دلك مصلحة العدالة و دون أن يدفع أي أتعاب لقاء هذه المساعدة إدا لم تكن لديه المكانيات الكافية لتحملها تتمثل اهم هذه الحقوق التي يتمتع بها المتهم دوليا أثناء سير إجراءات محاكمة فيما يلي :-
اولا:- إطلاع المتهم على ملف الدعوى
إن المقصود باطلاع المتهم على ملف الدعوى أثناء سير إجراءات المحاكمة هو تمكينه بصفته أو بواسطة مدافعه من تصفح محاضر التحقيق من أجل أن يحاط علما بالأدلة التي جمعت خلاله و التي فرضت نسب و إسناد التهم إليه و تقديمه للمحاكمة و قد جاء النص على هذه الحالة بشكل صريح في المادة( 02/67 )من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية: ” بالإضافة إلى أية حالات أخرى خاصة بالكشف منصوص عليها في هذا النظام الأساسي يكشف المدعي العام للدفاع في أقرب وقت ممكن الأدلة التي في حوزته أو تحت سيطرته، و التي يعتقد أنها تظهر أو تميل إلى إظهار براءة المتهم أو تخفف من دنبه، أو التي قد تؤثر على مصداقية أدلة الادعاء و عند الشك في تطبيق هذه الفقرة تفصل المحكمة في هذا الامر “. و كذلك تنص القاعدة (76 )من القواعد الإجرائية و قواعد الإثبات على أن :-
1 – يقدم المدعي العام إلى الدفاع أسماء الشهود الذي ينوي المدعي العام استدعاؤهم للشهادة في المحكمة، و نسخا من البيانات التي أدلى بها هؤلاء الشهود سابقا. و يتم ذلك قبل بدء المحاكمة فترة كافية من الوقت و زمن معقول للتمكين من الإعداد الكافي للدفاع باعتباره أهم حقوق المتهم.
2 – يبلغ المدعي العام الدفاع بعد ذلك بأسماء أي شهود إثبات آخرين و يقدم نسخا من بياناتهم عندما يتقرر استدعاء هؤلاء الشهود.
3 – تتاح بيانات شهود الإثبات في أصولها و بلغة يفهمها المتهم و يتحدث بها جيدا . بالإضافة إلى هذه النصوص فقد نصت القاعدة( 77 ) من القواعد الإجرائية و قواعد الإثبات على أن يسمح المدعي العام للدفاع رهنا بالتقيدات على الكشف على النحو المنصوص عليه في النظام الأساسي و في القاعدتين (81 و 82) بفحص أي كتب أو مستندات أو صور أو أشياء ملموسة أخرى في حوزة المدعي العام أو تحت إمرته. تكون مواد لازمة للتحضير للدفاع أو يعتزم المدعي العام استخدامها كأدلة لأغراض جلسة الإقرار أو عند المحاكمة حسب واقع الحال، و يكون قد حصل عليها من الشخص أو كانت تخصه.” فالمشرع الدولي لنظام روما الأساسي و القواعد الإجرائية و قواعد الإثبات كان موفقا عندما مكن المتهم أو محاميه من الاطلاع على ملف الدعوى حيث أن إطلاع المتهم أو محاميه على ملف الدعوى عنصر جوهري لممارسة حق الدفاع على أكمل وجه. ذلك أنه يتمكن من خلاله من الإلمام بوقائع الدعوى و الأدلة القائمة ضده و على ضوئها يمكن أن يرسم خطة دفاعه في تخفيف العقوبة أو تبرئته مما أسند إليه
إلا أنه يبقى حضور المتهم إجراءات المحاكمة من الضمانات الرئيسية لحماية حقوقه، و ذلك لأن حضوره يمنحه الفرصة بأن يكون له دور إيجابي في الدعوى، كما أن حضوره يتيح لهذه الإجراءات المحاكمة أن تسير وفقا للأصول القانونية بالإضافة إلى ذلك فإن حضور المتهم يصب في مصلحته لأن ذلك يمنح له تفنيد و أدلة الخصم و يستفيد من الظروف المخففة أو المطالبة بالاستفادة منها. و بالرجوع لنظام روما الأساسي نجد أن هذا النظام قد نص على حق المتهم في الحضور فالمــادة( 01/67 د/ )منه تقول :” عند البت في أية تهمة يكون للمتهم الحق في أن يحاكم محاكمة علنية مع مراعاة أحكام هذا النظام الأساسي و في أن تكون المحاكمة منصفة و تجري على نحو نزيه و يكون له الحق في الضمانات التالية على قدم المساوات التامة:-
1- أن يبلغ فورا و تفصيلا بطبيعة التهمة الموجهة و سببها و مضمونها، و دلك بلغة يفهمها تماما و تكلمها
2- أن يتاح له ما يكفي من الوقت و التسهيلات لتحضير دفاعه و للتشاور بحرية مع محام من اختياره و دلك في جو من السرية .
3 – أن يحاكم دون أي تأخير لا موجب له .
4- مع مراعاة أحكام الفقرة (2 )من المادة (63 )أن يكون حاضرا في أثناء المحاكمة و أن يدافع عن نفسه بنفسه أو بالاستعانة بمساعدة قانونية من اختياره و أن يبلغ إدا لم يكن لديه المساعدة القانونية بحقه هذا و في أن توفر له المحكمة المساعدة القانونية كلما اقتضت دلك مصلحة العدالة و دون أن يدفع أي أتعاب لقاء هذه المساعدة إدا لم تكن لديه المكانيات الكافية لتحملها “. إلا أنه و إذا كان الأصل أن تجري المحاكمة بحضور المتهم فإن نظام روما الأساسي أعطى الدائرة الابتدائية سلطة إبعاده كإجراء استثنائي عن حضور الجلسة، و ذلك إذا واصل تعمد عرقلة و تعطيل سير المحاكمة و لكن هذه السلطة مقيدة أيضا بتوفير كل وسائل المتابعة للمتهم سواء بواسطة محاميه أو عن طريق استخدام تكنولوجيا الاتصالات إذا لزم الأمر ذلك حتى يستطيع رغم إبعاده من ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه حتى و لو كان خارج القاعة التي تجري بداخلها هذه المحاكمة .فحتى يتمكن المتهم من ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه و يستطيع دحس ادعاءات طلبات المدعي العام، و ادعاءات خصومه، و يوضح للمحكمة الحقائق و الأدلة التي من شأنها إظهار براءته فإن من حق المتهم بارتكاب فعل جرمي حضور جلسات المحاكمة و كذلك لكي تتاح له فرصة مناقشة الشهود في شهادتهم و الخبراء في تقاريرهم و تقديم ما يراه مناسبا ”
ثانيا/: حرية المتهم في الكلام و عدم التزامه بالإجابة على الأسئلة.
إذا كانت قواعد العدالة تلزم المحكمة بمنح الفرصة للمتهم أو مدافعه من أجل أن يعرض على القاضي ما يراه في دفع التهمة المسندة إليه، فعليها و من باب أولى أن تمكنه من إبداء أقواله دون وضع قيد على حريته، إلا في حالة ما إذا حصل تكرار في تلك الأقوال أو خروج عن موضوع الدعوى فعند ذلك يجوز لها أن تمنعه من الاستمرار في المرافعة و قد جاء النص على هذه الحالة بشكل صريح في المادة (01/67 ح)من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بقولها ” عند البت في أية تهمة يكون للمتهم الحق في أن يحاكم محاكمة علنية مع مراعاة أحكام هذا النظام الأساسي، و في أن تكون المحاكمة منصفة و تجري على نحو نزيه و يكون له الحق في الضمانات التالية على قدم المساواة التامة أن يدلي ببيان شفوي أو مكتوب دون أن يحلف اليمين دفاعا عن نفسه”. إلا أن المسألة الجديرة بالاهتمام هي أن المتهم قد يلجأ أحيانا عند استجوابه من قبل المحكمة إلى الصمت و عدم الإجابة على ما توجهه إليه من أسئلة فهل يعتبر هذا من حق المتهم ؟ و هل بإمكان المحكمة أن ترغمه على الكلام و الرد على أسئلتها؟ .
إن حق المتهم في التزام الصمت خلال استجوابه من قبل المحكمة متأصل في مبدأ افتراض البراءة و يعتبر ضمانا للحق في أن لا يجبر المتهم على الشهادة ضد نفسه، أو الاعتراف بالذنب فلا يجوز للدائرة الابتدائية بأي حال من الأحوال أن تجبر المتهم على الشهادة ضد نفسه أو الاعتراف بذنبه، كما لا يجوز لها أن تعتبر امتناع المتهم عن الكلام أو الإجابة عن الأسئلة التي تطرحها عليه قرينة ضده فالمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية بريء حتى تثبت إدانته أمامها . فقد وفق شارع نظام روما الأساسي عندما منح للمتهم الحق في الكلام و إبداء أقواله بحرية و كذلك عندما منحه الحق في السكوت من أن يدخل هذا السكوت في الاعتبار عند تقرير الذنب أو الإعفاء منه .
ثالثا/ الحق في توكيل محامٍ والاستعانة بمترجم
مما لا شك فيه ان الاتهام بجناية امر له خطورته، حيث ان المتهم قد يصيبه الكثير من الاضطراب بما يجعله لا يحسن الدفاع عن نفسه الامر الذي يتطلب وجود من يدافع عنه في هذا الموقف، لذا أوجبت التشريعات الجنائية حضور محامٍ مدافع عن كل متهم لمساعدته في الدفاع، كما وأعطته الحق في الاستعانة بمترجم اذا ما عرض على محكمة لا يفهم لغتها ليحسن دفاعه، والاستعانة بمحامٍ وبمترجم هي من الحقوق المنصوص عليها في الكثير من التشريعات الدولية،
لقد أكدت التشريعات الجنائية على ضرورة ان يكون للمتهم محامٍ يدافع عنه، وهو اجراء جوهري يترتب على مخالفته البطلان، والحكمة من وراء تشريع هذا الامر هي ان جسامة الجرم وخطورة العقوبة التي يكون المتهم معرضاً لها والخشية من ان يكون الاضطراب النفسي والقلق ورهبة الوقوف وراء القضبان، عائقاً نفسياً يحول بين المتهم وبين إبداء دفاعه على النحو الذي يكفل تحقيق العدالة وسلامة سير الدعوى لذا لابد له من توكيل محامٍ على أن تتاح له إمكانيات القيام بمهمته في الحدود التي وضعها القانون لإجراءات المحاكمة في الدعاوى الجنائية . فمهمته هي الدفاع عن موكله، وهو ما لا يمكن تحقيقه مالم يكن على اطلاعٍ كاف المعلومات التي تخص الدعوى، وأول هذه المعلومات هي ما يمكن معرفته من المتهم نفسه، لذا ينبغي ان يكون للمحامي الحق في الاتصال بموكله وبصورة منفردة، وللمتهم حقه في الاتصال بمحاميه بحرية تامة ولو بصورة سرية
للمتهم حق الدفاع على نفسه سواء بنفسه أو بواسطة محاميه و لا يجوز للمحكمة أن تحكم إلا بناء على أدلة سليمة مما يتطلب أن تتاح الفرصة لذوي الشأن للمناقشة و إبداء الرأي، و من هنا جاءت الفكرة إلى تأكيد حق الدفاع عن النفس و يتطلب هذا إبلاغ المتهم بالتهم التي سيحاكم بشأنها و يتطلع على أوراق الدعوى و يحضر إجراءات المحاكمة و تتاح له الفرصة في إبداء الطلبات و الدفوع و أن يكون آخر المتكلمين في الدعوى .فحق الدفاع يعتبر من الحقوق الطبيعية للإنسان، يباشره مستند إلى أصلية براءته فصاحب الحق هو أجدر الناس على استظهاره و من ثم فهو أولاهم بالدفاع بنفسه لا يتناسب و حالته النفسية لا سيما في الاتهامات الخطيرة المسندة إليه، بالإضافة إلى أن المتهم مهما كان مثقفا فقد يعجز عن الإلمام بكل نصوص القانون إلى جانب حاجته لإبداء طلباته و دفوعه و مناقشاته للشهود و دفوع الخصم مناقشة قانونية ليس مؤهلا لها .لذلك و من هنا وجد حق المتهم في مباشرة دفاعه بواسطة شخص مؤهل تأهيلا قانوني يساعده في إظهار حقيقة براءته أو إدانته بعقوبة مخففة من جهة و مساعدة القضاء في أداء واجبه على نحو سليم من جهة أخرى و انطلاقا من هذه الأهمية فقد منح نظام روما الأساسي هذا الحق للمتهم و أوجب على المحكمة توفيره في حالة عدم مقدرة المتهم على الاستعانة بمحام في إطار أحكام المساعدة القضائية”
تستوحي المحاكمات أمام المحكمة الجنائية الدولية صفاتها و أهمها العلنية و الوجاهية و الشفوية من النظام الاتهامي حيث أن أهم إجراءات التقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية تعتمد على حملة من الضمانات التي تكفل للمتهم قدر كبير من العدالة في مواجهة تتمثل أهم هذه الضمانات فيما يلي :-
رابعا/ علنية المحاكمة
إن أهم ضمانة تكفل للمتهم المحاكمة العادلة هي أن يستفيد من محاكمة علنية و عادلة و دون تأخير فقد أعتبر مبدأ المحاكمة العادلة من الحقوق الأساسية التي تمثل المستوى المشترك الذي يجب أن يبلغه كل الشعوب و الأمم و في أن تكون المحاكمة منصفة و تجري على نحو نزيه و يكون له الحق في الضمانات الدنيا التالية على قدم المساواة التامة أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له حيث يجب أن لا تقتصر المحاكمة على الخصوم و إنما تشمل حضور الجمهور و المؤسسات الدولية اللذان يضمنان رقابة أكثر على عدالة الإجراءات لكن وكاستثناء على مبدأ العلنية فقد منحت الفقرة( 2 )من المادة( 68 ) من نظام روما الأساسي لدوائر المحكمة أن تقدم حماية للمجني عليهم و الشهود و المتهم و ذلك بإجراء أي جزء من المحاكمة في جلسات سرية أو السماح بتقديم الأدلة بوسائل إلكترونية أو بوسائل خاصة أخرى، و تنفيذ هذه التدابير بشكل خاص في حالة ضحايا العنف الجنسي أو الأطفال سواء كان مجني عليهم أو شهود ما لم تقضي المحكمة بغير ذلك . فيعتبر مبدأ العلانية في المحاكمات من الضمانات المهمة لحسن سير العدالة و ضمان حقوق المتهم كطرف ضعيف في الدعوى كونه يشكل عنصر مهم من عناصر المحاكمة العادلة و المقصود بعلنية المحاكمة هو أن من حق كل فرد أن يحضر المحاكمة دون قيد أو شرط أو عائق، سوى الإخلال بالنظام حتى تتاح له فرصة مشاهدة إجراءات المحاكمة إضافة إلى السماح بنشر وقائع المحاكمة بواسطة وسائل النشر المختلفة تأتي أهمية العلانية في أنها تحقق العدالة و تضمن عدم التعسف في حق المتهم و تعطي الحق للجمهور بمراقبة ما يدور في جلسات المحاكم من مناقشات و مداولات للاطمئنان على نزاهة الجهاز القضائي بالإضافة إلى أن العلانية تسهم في الردع العام عن طريق مشاهدة الجمهور ما قد يلحق بشخص المتهم من جزاء، و كذلك تمكن العلانية المتهم من التروي في عرض دفاعه لإدراكه أن قاضيه لن يتخذ ضده أي إجراء بمعزل عن رقابة الرأي العام فكيف تم تنظيم العلانية في نظام روما و هل يجوز الخروج عنها و عقد المحاكمة في جلسة سرية ؟تنظيم العلانية في نظام روما الأساسي لقد نص نظام روما الأساسي في المادة( 1/68 )على أنه:” عند البت في أي تهمة يكون للمتهم حق في أن يحاكم محاكمة علنية. مع مراعاة أحكام هذا النظام الأساسي و في أن تكون المحاكمة منصفة و تجري على نحو نزيه”. و إن نظام روما أرسى بهذا النص مبدأ علنية جلسات المحاكمة باعتباره أحد أهم ضمانات المتهم الرئيسية ،وقد أجاز النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن تقرر في ظروف معينة عقد بعض الإجراءات في جلسة سرية و تعد هذه السرية استثناء من المبدأ العام و هو علنية الجلسات و قد حصر نظام روما الأساسي أسباب جعل المحاكمة سرية بثلاث أسباب و هي حماية المعلومات الحساسة أو السرية التي يتعين تقديمها كأدلة .
إلا أن السرية المنصوص عليها في نظام روما تكون في بعض إجراءات المحاكمة و لا تسري على كل الإجراءات، فالسرية ضرورية لحماية المجني عليهم أو الشهود، أو المتهم، أو المعلومات الحساسة و استناد إلى القاعدة التي تقول ” الضرورة تقدر بقدرها ” فإنه يجب الاكتفاء بالسرية في الحدود التي تحقق الهدف الذي انعقدت بسببه سرية الجلسات إذ أن الاستثناء لا يطبق ذلك يجب أن تعلن المحكمة عن موعد و مكان الجلسات و تسهيل من إجراءات حضور المحاكمة و تحرص على مراعاة مصالح الخصوم لا سيما المتهم .
خامسا/ شفوية المحاكمة
يعني مبدأ شفوية إجراءات المحاكمة وجوب أن تجري هذه الإجراءات شفويا أي بصوت مسموع في الجلسة التي تعقدها المحكمة المختصة كون المبادئ الأساسية للمحاكمات الجنائي ة توجب ألا تبنى الأحكام إلا على التحقيقات و المناقشات و المرافعات العلنية و التي تجرى شفويا أمام المحاكم و في حضور الخصوم ، و تتجلى أهمية مبدأ الشفوية كضمانة لحقوق المتهم في كونه يساعد في تقدير الأدلة و الاطمئنان إلى سلامتها و صحتها و الموازنة فيما بينها حتى يستطيع لقاضي أن يؤسس قناعته على الوقائع و المعلومات التي يناقشها و على الإجراءات التي تتم تحت بصره و سمعه في جلسات المحاكمة من دفوع و مرافعات و طلبات و شهادات، كما تبدو أهمية هذا المبدأ في أنه يتيح للمحكمة فرصة المراقبة على إجراءات التحقيق الابتدائي و ما يكون قد شابه من عيوب، كما أن هذا المبدأ يعتبر جزء من حق المتهم في الإحاطة بكل تفاصيل القضية للدفاع عن نفسه .فهل يتبنى نظام روما الأساسي هذه الضمانة و ما هي استثناءاتها ؟
موقف نظام روما الأساسي من مبدأ شفوية إجراءات المحاكمة تنص المادة(2/69 )من الأخير على أن ” يدلي الشاهد في المحاكمة بشهادته شخص، إلا بالقدر الذي تتيح التدابير المنصوص عليها في المادة (68 )أو القواعد الإجرائية و قواعد الإثبات. و يجوز للمحكمة أيضا أن تسمح بالإدلاء بإفادة شفوية أو مسجلة من الشاهد بواسطة تكنولوجيا العرض المرئي أو السمعي فضلا عن تقديم المستندات أو المحاضر المكتوبة رهنا بمراعاة هذا النظام الأساسي و وفقا للقواعد الإجرائية و قواعد الإثبات ويجب ألا تمس هذه التدابير حقوق المتهم أو تتعارض معها ” يتضح أن هذه المادة تنص على مبدأ مراعاة حق المتهم في أن تتم الإجراءات أمام المحكمة شفاهيه باللغة التي يدركها و يستطيع أن يدافع عن نفسه من خلالها و في هذا المجال فإن من حق المتهم الاستعانة مجانًا بمترجم شفوي كفء إذا كان هناك إجراءات أمام المحكمة أو مستندات معروضة عليها بلغة غير اللغة التي يفهمها المتهم فهم تاما و يا تكلمها
سادسا/ التدوين إجراءات المحاكمة
ويقصد بالتدوين تسجيل الإجراء وإثباته بالكلمة المكتوبة، وهو الوسيلة المثلى للتحقق من مدى الالتزام بكافة القواعد التي قررها القانون لضمان سير العدالة وكفالة حقوق الدفاع، وبغير هذه الوسيلة يتعذر على الخصوم ان يقيموا الدليل على عدم حصول الإجراء أو على وقوعه بالمخالفة للأوضاع المقررة قانوناً فالتدوين في الاجراءات التي تتم في جلسات المحاكمات يعد من الأمور الجوهرية التي يجب ان تكتب وتدرج في سجلات المحاكم، على اعتبار ان أي حكم يصدر من المحكمة ينبغي ان يصدر بناء على ادلة ومعلومات ثابتة تمت مناقشتها بصورة علنية امام الخصوم، وأعطوا الحق في دحضها ودحض أقوال الشهود، كما تتضمن الدفوع التي يتقدمون بها مدى استجابة المحكمة لطلباتهم وردها على دفوعهم. ولما للتدوين من أهمية في الاجراءات الجنائية، يلحظ ان المشرع الجنائي الدولي قد حرص على تحقيقه والالتزام به، وهو ما تمت الاشارة إليه في اغلب النظم الأساسية للمحاكم الجنائية الدولية ومنها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي فرض على قلم المحكمة ان يتولى استكمال والمحافظة على سجل المحكمة بما يتضمنه من بيانات دقيقة ومفصلة بجميع إجراءات المحاكمة بعد اعداده من قبل الدائرة الابتدائية، وعلى الرغم من عدم الاشارة في النظام الأساسي لمشتملات سجل المحكمة، إلا انه ينبغي ان يشتمل على جميع الاجراءات التي تتم في المحاكمة، كتاريخ المحاكمة وأسماء هيأة المحكمة وبيان طبيعتها من حيث كونها سرية ام علنية، وأسماء الخصوم والمحامين والشهود ،والإشارة إلى المذكرات التي قدمها المحامين، وبيان الوثائق والأوراق المقدمة وتدوين طلبات الخصوم ووكلائهم والمناقشات والمواجهات والأسئلة والإجابات عليها وتقارير الخبراء والفنيين وجميع الوقائع والادلة التي استندت اليها المحكمة، ومنطوق الحكم الصادر في الدعوى على اعتبار ان ما يتم تدوينه من إجراءات له حجية في الإثبات تتميز بها عن محاضر التحقيق الابتدائي التي يجوز إثبات عكسها بجميع الاورق، وحجيـة المحـاضر التي تدون بها الاجراءات التي تتم في الجلسات، ليس فقط لما تتضمنه بل بالنسبة لوجود الوقائع الواجب ان يتضمنها، اذا كانت قد حصلت ولم يرد ذكرها فيه اذا لم تكن محل نزاع بين الفقهاء. وهذه المحاضر انما تمتعت بهذه الحجية نظراً لتحققها تحت إشراف السلطة القضائية التي تنظر الدعوى وهي شهادة بصحة ما ورد فيها وبالتالي هي اقرب إلى الصحة والدقة من غيرها.”
سابعا/ التقيد بحدود الدعوى
وتعني هذه القاعدة التزام المحكمة بحدود الدعوى الجنائية وفقاً لما ورد في الادعاء، والذي بموجبه دخلت الدعوى في حوزة المحكمة وأصبحت ملزمة بالفصل فيها، وهذه القاعدة تشمل الدعوى بشقيها العيني والشخصي، فإذا تقيدت المحكمة بالحدود الشخصية فإن ذلك يضمن إلا يحاكم شخص آخر غير الشخص الذي أقيمت عليه الدعوى، وإذا تقيدت المحكمة بالحدود العينية فان ذلك ضمان للالتزام المحكمة بالوقائع التي وردت في لائحة الاتهام وان لا تخرج عن هذه الوقائع، وبالتالي فإن تقد المحكمة بعينية الدعوى المعروضة عليها وبشخصيتها يعد هو الركيزة الأساسية لضمان عدالة المحاكمة ولأهمية هذه القاعدة نجد ان النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد أشار اليها لتحقيق السلامة الموضوعية في احكام المحكمة الجنائية الدولية، حيث نص على انه(..يستند قرار الدائرة الابتدائية إلى تقييمها للأدلة ولكامل الاجراءات ولا يتجاوز القرار الوقائع والظروف المبينة في التهم أو في أي تعديلات للتهم…)
. على اعتبار ان هذه القاعدة ترتبط بالنظام العام، فإذا تجاوزتها المحكمة فإن ذلك يؤدي إلى بطلان حكمها، وهو ما أكده النظام بإجازته الطعن بحكم الدائرة الابتدائية أمام دائرة الاستئناف اذا ما وجد غلط في الوقائع، وبعبارة أخرى انه يجوز الطعن في الحكم القطعي الصادر إذا ما أحتوى على خطأ في الوقائع التي رفعت بها الدعوى أياً كانت صورة هذا الخطأ، وهذا الطعن بما أنه مهم لأنه يتعلق بمادة الحكم ومضمونه، لذا نجد ان النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليجيزه لكل من المدعي العام للمحكمة الدولية وللشخص المدان إذا كان الحكم قد صدر ضده، بالطريق القانوني وفي حدود هذا الاتهام، بعد أجراء محاكمة عادلة ونزيهة تتاح له خلالها فرصة التعرف على ما نسب إليه من وقائع وتهمة ارتكابها وكل ما يتعلق بها كي يفهم ما يوجه له من اتهام بصورة جيدة ويعد دفاعه المناسب عن كل التهم والوقائع ووقائع الدعوى التي تتقيد بها المحكمة هي تلك التي ترد في قرار الإحالة أو في أي تعديلات ترد عليها حسبما يشير إلى ذلك النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. شريطة ان تكون هذه التعديلات للوقائع قد تم إحاطة المتهم بها علما وبتفاصيلها وقد أتاحت له السلطة المختصة لغرض إعداد دفاعه الملائم عنها وإلا فلا يجوز محاكمته عنها أو الحكم عليه بموجبها، وهو ما تمت الاشارة إليه في الكثير من المواثيق الدولية وتعني هذه القاعدة التزام المحكمة بحدود الدعوى الجنائية وفقاً لما ورد في الادعاء، والذي بموجبه دخلت الدعوى في حوزة المحكمة وأصبحت ملزمة بالفصل فيها، وهذه القاعدة تشمل الدعوى بشقيها العيني والشخصي، فإذا تقيدت المحكمة بالحدود الشخصية فإن ذلك يضمن إلا يحاكم شخص آخر غير الشخص الذي أقيمت عليه الدعوى، وإذا تقيدت المحكمة بالحدود العينية فان ذلك ضمان للالتزام المحكمة بالوقائع التي وردت في لائحة الاتهام وان لا تخرج عن هذه الوقائع، وبالتالي فإن تقد المحكمة بعينية الدعوى المعروضة عليها وبشخصيتها يعد هو الركيزة الأساسية لضمان عدالة جريان المحاكمة ولأهمية هذه القاعدة نجد ان النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد أشار اليها لتحقيق السلامة الموضوعية في احكام المحكمة الجنائية الدولية…)
المطلب الثاني
ضمانات المتهم بعد المحاكمة
الفرع الاول
ضمانات المتهم متعلقة بصدور الحكم والطعنه
تنص الفقرة( 4)من ديباجة نظام روما الأساسي على أنه:” و إذا تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب ألا تمر دون عقاب و أنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال …”و تنص الفقرة( 5 )على “وقد عقدت العزم على وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب و على الإسهام بالتالي في منع هذه الجرائم من هذه النصوص يتبين أن للمحكمة الدولية حق معاقبة مرتكب الجريمة الذي يستدعي صدور حكم قضائي من قبل الجهة التي منحها نظام روما الأساسي الحق في إصدار الأحكام و ما كان الهدف من اشتراط صدور الحكم للممارسة المحكمة الجنائية الدولية حقها في العقاب هو حماية مرتكب الجريمة من الاعتداء على حقوقه و ضماناته فقد كان لمرتكب الجريمة نتيجة لذلك أن يتمتع بضمانات وحقوق من خلال ذلك الحكم ،يتمثل أهمها في :صدور الحكم بحضوره، تسبيبه، و الطعن فيه.
إن الأصل في إصدار الأحكام الحضورية إذ أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لا يعتد صراحة و بصفة مطلقة بإصدار حكم غيابي ضد المتهم و ذلك ضمانا لمثوله أمام المحكمة الجنائية و توفير الضمانات الكفيلة بحصوله على حقوقه القضائية كاملة وأهم هذه الضمانات تتمثل فيما يلي:-
أولا: صدور الحكم علنا بحضور المتهم”
يصدر الحكم علنا بحضور المتهم و بإجماع القضاة فإذا لم يصدر الحكم بالإجماع فلا بد أن يتضمن آراء الأغلبية و الأقلية كما تصدر الدائرة قراراتها بالمسؤولية الجنائية للمتهم و مدة العقوبة و جبر الضرر و تقدم نسخة من جميع هذه القرارات في أقرب وقت لكل المشتركين في الإجراءات و إلى المتهم بلغة يفهمها و يتكلمها بطلاقة لتحقيق الإنصاف. حيث من حق كل شخص حاكم أمام محكمة أن يعرف الأسباب و الأسانيد التي اعتمدتها المحكمة و أن لا يحاكم إلا أمام قضاة مخولين بسلطة إصدار الأحكام القضائية و أن يصدر عليه حكم القضاة الذين باشروا نظر الدعوى و يجب و يجب أن يصدر الحكم بصورة علنية إذ يهدف مبدأ علانية الأحكام إلى ضمان علانية تطبيق العدالة و خضوعها للفحص العام. و من ثم فلكل فرد أن يطالب بحقه في معرفة الأحكام الصادرة حتى و إن لم يكن طرفا في الدعوى و يمكن إعلان الحكم بالنطق به شفويا في جلسة للمحكمة مفتوحة للجمهور العام أو بنشره في صيغته المكتوبة .و قد فسر الحق في علانية الحكم على أنه يلزم المحاكم بأن توضح حيثيات أحكامها .مع حق المتهم في تسلم بيان يوضح حيثيات الحكم الصادر عليه ضرورة أساسية لكي يمارس حقه في الإستناف.حيث تنص المادة(74 )فقرة (5 )من نظام روما الأساسي بأن يصدر الحكم متضمنا بيانا كاملا و محللا بالحيثيات بناء على الأدلة و النتائج .
ثانيا: تسبيب الأحكام”
في مجال تسبيب الأحكام عامة و الجنائية خاصة يتضح أن تسبيب الحكم هو ضمانة هامة للمتهم، فهو الذي يوضح أن الحكم قد صدر مطابقا للقانون، و أن العقوبة قد وقعت في الحدود التي وردت بنص المادة المطبقة على الواقعة و أن القاضي قد فهم الدعوى فهما كافيا و من ثم فإن القانون أوجب أن يكون هذا التسبيب كافي و واضح يستطيع أن يفهم كيفية وسبب الحكم الصادر من المحكمة أنه متفق مع القانون و على ذلك فالأصل هو تسبيب جميع الأحكام النهائية سواء كانت صادرة بالإدانة أم بالبراءة و إذا كان تسبيب الأحكام قد حظي باهتمام نظام روما الأساسي فإن ضرورة الإلمام به يمكن أن تتم من خلال معرفة المقصود منه و معرفة الفائدة المتحققة من هذا التسبيب إذ بواسطة يمكن أن نتوصل إلى كيف أن التسبيب يمكن أن يشكل ضمانة للمتهم . يؤدي تسبيب أحكام المحكمة الجنائية الدولية إلى إضفاء احترام و ثقة المتهمين و العامة على هذه الأحكام. و يحمي هذه الأحكام من تأثير المزاجية و العاطفة، و يرسخ الضمانات الأساسية لحيادة و نزاهة و استقلال المحكمة، فضلا عن حياد و نزاهة و مصداقية الإجراءات والقرار ثم إن تسبيب أحكام المحكمة الجنائية الدولية يمنح الفرصة للمتهم الإعمال رقابته المباشرة على المحكمة من أجل التعرف على ما إذا كانت فد أحاطت بوجهة نظره في الدعوى إحاطة كافية، و استطاعته أن تفصل فيها سواء بما يتفق أو يتعارض معها و بذلك يستطيع المتهم أن يرى المدى الذي اعتمدت فيه المحكمة على الأسانيد و الدفوع، و مدى ملامة بين العقوبة التي أصدرتها المحكمة و الأسانيد و الدفوع التي اعتمدتها بمعنى آخر مدى معقولية ومصداقية ما خلصت إليه المحكمة من حكم في ضوء ظروف القضية يضاف إلى ذلك أن تسبيب أحكام المحكمة الجنائية الدولية يساعد دائرة الاستئناف في أداء وظيفتها بشكل كامل لأن الفصل في الطعن يوجه أساسا إلى أسباب الحكم ليفندها و الفصل في الطعن يعتمد على مناقشة هذه الاسباب في ضوء تفنيد الطعن لها . فمن جميع ما تقدم يتضح مدى القدر الكبير من الضمانات التي يسهم تسبيب الأحكام الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في تحقيقها للمتهم بشكل خاص و للعدالة بشكل عام، الأمر الذي يمكننا من القول أن التسبيب يشكل ضمانة هامة للمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية .”
ثانيا: الطعن في الحكم”
يؤسس القاضي الجنائي حكمه من واقع ما يطمئن إليه بشأن الجرم المنسوب للمتهم أو عدمه و عندئذ يطبق حكم القانون، و بلما كان احتمال الخطأ وارد إما لقصور إمكانيات القاضي في الإحاطة بجميع عناصر القضية و إما لتضليل بعض الأدلة المعروضة عليه، و من ثم كان من العدالة إذا تضرر أحد الأطراف أن يطعن في الحكم من خلال الطرق التي حددها القانون و وضع لكل منها شروط و إجراءات فالعدالة البشرية نسبية تحكم في القضايا المختلفة حسب ما لديه امن أدلة و وقائع حتى و إن كانت هذه الأدلة مزيفة أو متعارضة مع حقيقة الواقع لذلك يتبني نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فكرة الطعن في هذه الأحكام شأنه شأن كافة النظم القانونية الإجرائية بهدف إصلاح ما قد يعتري الأحكام القضائية من أخطاء قانونية لذلك نص هذا النظام على طرق معينة للطعن منها العادية ممثلة في الاستئناف و غير العادية كالتماس إعادة النظر الأمر الذي يكسب في النهاية هذه الأحكام حجية الأمر المقضي فيه الذي يعتبر ضمانة أساسية للمتهم و عنوان لعدالته فمن حق كل متهم يدان بارتكاب فعل جنائي في أن يلجأ إلى محاكمة أعلى لمراجعة حكم الإدانة الصادر ضده و العقوبة المقدرة عليه و ينطبق بوجه عام هذا الحق في اللجوء إلى درجة ثانية من المحاكمة لمراجعة حكم الإدانة و العقوبات المقررة على شخص يدان بتهمة ارتكاب عل جنائي، بغض النظر عن خطورة جريمته، فيجب أن يراعى الحق في النظر المنصف و العلني خلال مرحلة الاستئناف، و توفير وقت كافي و تسهيلات مناسبة لإعداد عريضة الاستئناف، و الحق في الاستعانة بمحامي الحق في تكافؤ الفرص بين الدفاع و الادعاء و الحق في نظر علني للدعوى و صدور حكم الدرجة الثانية في فترة زمنية معقولة. كل هذه الضمانات إن ما جاءت لتكفل قدر كبير من العدالة و الإنصاف للمتهم ”
ثالثا:-الضمانات للمتهم عند تنفيذ العقوبة”
نصت المادة (77) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على العقوبات الواجبة التطبيق سواء كانت بالسجن لفترة أقصاها 30 سنة أو السجن المؤبد مع فرض الغرامات و مصادرة العائدات و الممتلكات و الأصول المتأتية بصورة مباشرة أو غير مباشرة من تلك الجريمة و يجب أن تكونا لعقوبة التي تقضي بها المحكمة الجنائية الدولية على المتهم تتناسب مع خطورة جريمته وأحواله، و لا يجوز أن تنتهك العقوبة أو أسلوب تطبيقها المعايير الدولية هذا ما كرسته المادة (78 )من نظام روما الأساسي و يجب حظر تسليم أي شخص أو نفيه أو إعادته قسرا إلى أية دولة توجد أسباب قوية تدعو للاعتقاد بأنه قد يتعرض فيها للتعذيب أو العقوبة القاسية و اللاإنسانية و المهينة أثناء تنفيذ حكم السجن ، و بالتالي لا يجوز احتجاز أي شخص يعاقب بالسجن في ظل أوضاع تنتهك المعايير الدولية المحدد في هذا الشأن قد تضمنت المادتين (103) و (106) من نظام روما الأساسي على أن أوضاع السجن تحكمها قوانين دولة التنفيذ و التي يجب أن تتفق مع المعايير السارية على معاملة السجناء و المقررة بمعاهدات دولية مقبولة على نطاق واسع .و خاصة مؤتمر الأمم المتحدة الأول للوقاية من الجريمة و معاملة المجرمين المنعقد بجنيف الذي حدد القواعد الدنيا لمعاملة السجناء و منها :-
– ألا يؤدي نظام السجن إلى زيادة معاناة السجين الملازمة للحرمان من الحرية.
– حظر العقوبات الجماعية.
– عدم استخدام الحبس الانفرادي لفترات طويلة.
– منع وسائل التكبيل، كتغليل الأيدي و الأرجل بالأثقال الحديدية و منع استخدام القوة.
– عدم فرض أية عقوبة تكون أشد من تلك التي كانت سارية المفعول في الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة، إذا حدث بعد ارتكاب الجريمة أن صدر قانون ينص على عقوبة أخف وجب أن يستفيد مرتكب الجريمة من هذا التخفيف تطبيقا لمبدأ تطبيق القانون الأصلح للمتهم .
ثالثا/ الضمانات المتوفرة بعد إتمام العقوبة”
بعد إتمام المدان لمدة العقوبة وفقا لقانون دولة التنفيذ يمكن نقل الشخص الذي لا يكون من رعايا دولة التنفيذ إلى دولة أخرى توافق على استقباله مع مراعاة رغباته، ما لم تأذن دولة التنفيذ للشخص بالبقاء في إقليمها و تتحمل بذلك المحكمة تكاليف نقل الشخص إلى دولة أخرى. إذا لم تتحمل أية دولة تلك التكاليف كما يمكن لدولة التنفيذ وفقا لقانونها الوطني أن تقوم بتسليم هذا الشخص أو تقديمه إلى الدولة التي طلبت تسليمه أو تقديمه بغرض محاكمته أو تنفيذ حكم صادر بحقه سابقا بعد موافقة المحكمة على ذلك و بعد استماعها إلى آراء الشخص المحكوم عليه تقوم الدول الأطراف بتنفيذ تدابير التغريم أو المصادرة التي تأمر بها المحكمة وفقا لإجراءات قانونها الوطني دون المساس بحقوق الغير حسن النية. و لا يجوز لدولة التنفيذ أن تفرج عن الشخص قبل انقضاء مدة العقوبة التي قضت بها المحكمة المتمثلة في دائرة الاستئناف التي لها وحدها حق البت في تحقيق العقوبة مستندة إلى المعايير التالية:-
– تصرف المحكوم عليه أثناء احتجازه بما يظهر انصرافا حقيقيا عن جرمه”
– احتمال إعادة دمج المحكوم عليه في المجتمع و استقراره فيه بنجاح. و إذا كان الإفراج المبكر عن المحكوم عليه سيؤدي إلى درجة كبير من عدم الاستقرار الاجتماعي، أي إجراء مهم يتخذه المحكوم عليه لصالح الضحايا و أي أثر يلحق بالضحايا و أسرهم من جراء الإفراج المبكر، كالمساعدة في تحديد مكان الأصول الخاضعة لأوامر بالغرامة او المصادرة أو التعويض، أو الظروف الشخصية للمحكوم عليه، بما في ذلك تدهور حالته البدنية أو العقلية أو تقدمه في السن و للمحكمة وحدها حق النظر في حكم العقوبة لتقرير ما إذا كان ينبغي تحقيقه عندما يكون الشخص قد قضى ثلثي مدة العقوبة أو 25 سنة في حالة السجن المؤبد يجب أن نشير إلى أن نظام المحكمة الجنائية الدولية جاء بقواعد قانونية دولية ذات طبيعة جزائية محدد خصوصا في آليات و وسائل تهدف من خلالها إلى تكريس مبدأ العدالة الدولية الجنائية، و توفير الحماية الدولية الجنائية للأفراد و الحفاظ على حقوق الإنسان و تحقيق وقاية لاحقة بعد وقوع الانتهاكات الجسيمة التي تدخل محاولة التأثير على الدول و الأفراد بعدم القيام بارتكاب تلك الانتهاكات و هذا من خلال اختصاصها الموسع و الجزاءات الدولية المقررة
الفرع الثاني
الحق في التعويض
عندما يدان شخص بقرار نهائي بارتكاب جرم جنائي و عندما تكون إدانته قد انقضت فيما بعد على أساس أنه تنبين بصورة قاطعة من واقعة جديدة أو مكتشفة حديثا حدوث قصور قضائي، يحصل الشخص المتهم الذي وقعت عليه العقوبة نتيجة الإدانة على تعويض وفقا للقانون ما لم يثبت ؟أن عدم الكشف عن الواقعة المجهولة في الوقت المناسب يعزي كليا أو جزئيا إليه هو نفسه و في الظروف الاستثنائية التي تكتشف فيها المحكمة حقائق قطعية تبين حدوث قصور قضائي جسيم و واضح يمكن للمحكمة بحسب تقديرها أن تقرر تعويضا مناسبا للشخص الذي يفرج عنه الاحتجاز بعد صدور قرار نهائي بالبراءة و إنهاء الإجراءات للسبب المذكور، و يتم الحصول على هذا الحق وفق الإجراءات التالية :-
1 – طلب التعويض: كل من يرغب في الحصول على تعويض لأي من الأسباب المشار إليها في المادة( 85 ) من النظام أن يقدم طلب خطي إلى هيئة رئاسة المحكمة التي تعين دائرة مؤلفة من ثلاثة قضاة لدراسة الطلب. ويجب ألا يكون هؤلاء القضاة قد شاركوا في اتخاذ قرار سابق للمحكمة فيما يتعلق بمقدم الطلب و يقدم طلب التعويض في موعد لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ إخطار مقدم الطلب بقرار المحكمة في الحالات التالية :-
1- عدم مشروعية القبض على الشخص أو احتجازه.
2- نقض الإدانة.
3- حدوث خطأ قضائي جسيم و واضح. يجب أن يتضمن طلب التعويض الأسباب الداعية إلى تقديمه، و مبلغ التعويض المطلوب ويكون لمقدم طلب التعويض الحق في الاستعانة بمحامي . إجراءات التماس التعويض و تحديد قيمته: يقدم طلب التعويض إلى المدعي العام الذي يحيله بدوره إلى رئاسة المحكمة بعد تقديم لاقتراحاته و تعقد الدائرة المؤلفة من ثلاث قضاة جلسة استماع لتبت في الموضوع حيث يتخذ القرار بأغلبية القضاة و يبلغ للمدعي العام و مقدم الطلب، و عند تحديد مبلغ التعويض تراعي الدائرة ما ترتب على الخطأ القضائي الجسيم و الواضح من أثار على الحالة الشخصية و الأسرية و الاجتماعية و المهنية لمقدم الطلب”.
4-الحق في التعويض في حالة التوقيف والاعتقال غير المشروع: وهذا ما نصت عليه الفقرة الاخيرة من المادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( الملحق ” أ ” )، والهدف منها هو ضمان الحق لأي شخص تم اعتقاله أو توقيفه بشكل غير قانوني أن يلجأ الى القضاء لتعويضه عن الاضرار المادية أو المعنوية التي تسبب بها الاعتقال أو التوقيف له وذلك فيما لم تثبت التهمة عليه”
الخاتمة
تكمن أهمية حقوق المتهم في الدعوى الجنائية الدولية التي تنظرها المحكمة الجنائية الدولية كونها جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان التي سعى إلى الحفاظ عليها منذ القدم و تمسك بها على مر العصور محاولا ترسيخها عن طريق تشريع القوانين إذ حرص أعضاء المجتمع الدولي على إبرام عديد المعاهدات و الاتفاقيات الدولية التي تكفل هذه الحقوق و ذلك لأهميتها، و لقد بينت دراسة الحقوق التي يتمتع بها المتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية في مرحلة المحاكمة بما يضمن تحقيق العدالة حيث ان مرحلة المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية و ما تحمله من حقوق و ما تكفله من ضمانات خلال هذه المرحلة الحاسمة التي يتضح فيها مصير المتهم، حيث يعتبر حق المتهم في محاكمة عادلة من أهم الحقوق التي شغلت دعاة حقوق الإنسان الذين عملوا على غرس دعائمه و ضماناته و ما هذه الدراسة إلا محاولة للكشف عن مدى إسهام تلك الضمانات في تهيئة المناخ المناسب للمتهم لبيان موقفه من التهم المسندة إليه .إن ما ورد في نظام روما الأساسي من حقوق للمتهم يعتبر ثمرة جهود ثمينة عمل المجتمع الدولي في إرساء ركائز و دعائم عدالة جنائية دولية تضمن حماية قواعد القانون الجنائي الدولي و مبادئ الشرعية الجنائية الدولية من جميع أشكال و صور الانتهاكات والخروقات التي يعرفها المجتمع الدولي و الإنسانية ككل. و لا يفوتنا في هذا المجال أن ننوه إلى التأثيرات المباشرة للمواثيق الدولية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و ميثاق هيئة الأمم المتحدة، و كذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية على نظام الاساسي المحكمة الجنائية الدولية بحيث أن جميع الحقوق و الضمانات التي تطرقنا إليها في مرحلة المحاكمة نجد لها تأصيلا في المواثيق و العهود المذكورة أعلاه، و التي كرست المحاكمة العادلة كشرط من شروط تحضر الدولة و نزاهة نظامها القضائي في العالم نستخلص من دراستنا لموضوع حق المتهم في محاكمة عادلة الدعوي الجنائية لدولية التي تنظرها المحكمة الجنائية الدولية خلال مرحلة المحاكمة وقد توصلنا إلى أهم النتائج التالية :-
1/ يعتبر موضوع حقوق المتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية من الموضوعات الحيوية المهمة و هذه الأهمية تتأسى من الصلة الوثيقة بحقوق الإنسان تلك الحقوق التي حرصت البشرية جمعاء على صيانتها من خلال تقنين التشريعات و عقد المعاهدات التي جاءت مؤكدة على احترامها .
2- تهدف هذه الدراسة الي تبصير الجميع بما يتمتع به المتهم بجريمة دولية معينة أمام المحكمة الجنائية الدولية من حقوق عندما يجري التحقيق معه أو محاكمته عن تلك الجريمة .
3- معرفة مدى إسهام هذه الضمانات في توفير المناخ الملائم للمتهم من أجل إثبات براءته، علاوة على دورها في تسهيل مهمة الكشف عن الحقيقة مع احترام حقوق الإنسان و أدميته .إن إقرار الضمانات لحقوق المتهم على صعيد نظام روما الأساسي و المطالبة بصيانتها من قبل الأجهزة المختصة يجد له أساسا و مرتكزا في الضمانات التي أقرتها جميع الدول الأطراف في ذلك النظام أو غالبيتها بإرادتها و ترجمتها في مواثيق صارمة . فمن خلال فحص هذه الحقوق و الضمانات المشرعة دوليا لحماية المتهم نخلص إلى مجموعة من توصيات”
التوصيات التالية :-
اولا- تضمين النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية نصا يعهد بتدوين إجراءات التحقيق إلى كاتب مختص ضمانا لحياده و عدم تعسفه ضد المتهم .
ثانيا – توضيح موقف نظام روما الأساسي من قاعدة علانية التحقيق .
ثالثا – تضمين النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية نصا يتيح للمتهم أو محاميه الحق في الاطلاع على أوراق الدعوي”
المراجع
1- سعيد عبداللطيف حسين ، المحكمة الجنائية الدولية تطبيق القضائي الدولي الجنائي – دار النشر النهضة ، ط2 ، القاهرة مصر لسنة 2004م
2-طاهر مختار علي ،القانون الدولي الجنائي الإجراءات الدولية ، دار الكتاب الجديد ، ط1 ، بيروت لبنان”
3-محمد زكي عامر ، الاجراءات جنائية الدولية تقيد بحدود الدعوي بدون طبعة ، دار النشر الفكر العربي، بدون سنة
4-شريف سيد كامل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية تطبيقات الجنائي الدولي الحديث والمعاصر ،دار النهضة العربية ، ط1،قاهرة مصر ، 2004م
المواثيق والمعاهدات الدولية”
1- ميثاق الاتحاد اوربي للحقوق الانسان سنة 2000م
2-ميثاق العربي للحقوق الانسان2004م
المحتويات
المقدمة/————————————————————-
المطلب الاول / ضمانات المتهم اثناء المحاكمة”———————————
الفرع الاول / ضمانات المبادئ الاساسية الاجراءات الجنائية”————————
الفرع الثاني/ حماية حقوق المتهم اثناء المحاكمة”———————————–
المطلب الثاني / ضمانات المتهم بعد المحاكمة”————————————
الفرع الاول/ضمانات المتهم متعلقة بصدور الحكم وطعنه “————————
الفرع الثاني/ الحق في التعويض”———————————————
الخاتمة————————————————————————
المراجع———————————————————————-
اترك رد