بقلم: د. تاج الدين المناني[1]
بسم الله الرحمن الرحيمO الحمد لله رب العالمينO وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدينO
لأهمية السنة النبوية الشريفة في التشريع الاسلامي، ودورها الحضاري والمعرفي في مواجهة التحديات، وانطلاقاً من موقع المسؤولية، وتماشياً مع ما يشهده قسم اللغة العربية بجامعة كيرالا (الهند) من تطور مستمر وتفعيل للقدرات والخبرات، وحرصاً منها على التواصل الفكري المنتج، وتبادل الآراء والمقترحات من خلال المشاركة في المؤتمرات العلمية المختصة، فقد رأى – هذا العام – عقد ندوة دولية علمية خاصة بالسنة النبوية بعنوان “لغة الحديث وفلسفته ودراساته” في 14 – 18 فبراير 2012م للتدارس وتحفيز الجهود المخلصة لتقييم ما تشهده الساحة من دراسات ونشاطات متخصصة حول هذا الموضوع، وللتوصل إلى المنهج الأمثل في التعامل مع السنة النبوية الشريفة على جميع المستويات، كما عقد القسم ندوة دولية حول القرآن الكريم بعنوان “لغة القرآن وتفاسيره وعلومه” في 29، 30 أبريل و1 مايو 2010م و تفضل فيها عددمن العلماء الكبار من مختلف أنحاء العالم.
وسعيا لتوسع المشاركة في هذا العمل قامت اللجنة التحضيرية بمراسلة معظم الجامعات العربية والإسلامية وعدد من المؤسسات العلمية ذات الصلة،من اجل دعوة السادة أصحاب الاختصاص للمشاركة في الكتابة في محاور المؤتمر المقترحة، وقد استجاب مشكوراً عدد منهم، وشارك فيها العلماء والأساتذة والدكاترة والباحثون في الحديث النبوي من الجامعات والمعاهد الإسلامية والكليات العربية من داخل الهند وخارجها من 21 بلد أكثر من 150 مشاركا. ومنهم 82 قدموا مقالاتهم البحثية والعلمية فيها. حيث جاءت مشاركاتهم موزعة على سبعة موضوعات رئيسة هي:
- لغة الحديث النبوي
- المظاهر الأسلوبية والسردية والسيميائية للحديث النبوي
- كتب تفسير وتأويل الحديث النبوي
- ترجمة الحديث النبوي إلى لغات العالم وضمنها اللغة الهندية
- مناهج الحديث المختلفة
- تفاسير الحديث وعصورها
- الفلسفة والمعرفة التي تقدمها الحديث
- إعداد التقارير وصحة الحديث
- إصدارات الحديث عبر الإنترنت
- حادثة 11/09، وانتشار القرآن والحديث في الغرب وبقية العالم بعدها
- التفاسير المعاصرة والحديثة للحديث
- محاولات التشويه والإضافات – والحديث الموضوعي
- العلاقات بين القرآن الكريم والأحاديث النبوية
- مرجع الكون / الأرض / المحيطات / السماء / المواسم / الجحيم والسماء
- وغيرها من المتعلقات الخاصةبالحديث النبوي
ومن نتائج هذه الندوة أنها فتحت ابوابا جديدة إلى البحث والمناقشة في طول الهند وعرضها في مختلف مجالات الأحاديث النبوية اذأنها كانت كنزا مخفيا لدى العلماء الكرام فقط. وألقى العالم الكبير السيد محمد رابع الحسني الندوي خطبة إفتتاحية جذابة. وأورد فيها قول العلامة السيد رشيد رضا منشئ مجلة “المنار” في مقدمة “مفتاح كنور السنة” اذقال: “لولا عناية إخواننا علماء الهند بعلوم الحديث في هذا العصر، لقضي عليها بالزوال من أمصار الشرق، فقد ضعفت في مصر والشام والعراق والحجاز منذ القرن العاشر للهجرة”. وقد عرف علماء الهند بشغفهم بالعلوم الدينية وانتهت إليهم رئاسة التدريس والتأليف في فنون الحديث وشرح متونه ومجاميعه، وسلمت زعامتهم في هذا الموضوع في العهد الأخير.
وفي المؤتمر من أوله إلى آخره أتقن العلماء العرب مساهمة الهند في نشر التراث العربي والإسلامي حتى أن بعضهم قالوا وبدأ فجر الإسلام يطلع على الهند وبدأت أشعته تغمر هذه البلاد الرحبة الفسيحة، ولم يكن ذلك في وقت متأخر عن صدر الإسلام، وإنما كان في عهد الخلافة الراشدة الذي بدأ فيه الإسلام يزحف شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وبدأت موجاته تجتاز الحدود والسدود معلنة في الدنيا كلمة الله ومبشرة بدينه. ولم تكن شبه جزيرة الهند منقطعة عن جزيرة العرب منزل الوحي ومهبط الرسالة ومشرق النور، فقد كان ثمة تجارة بين العرب والهند منذ أقدم العصور. فقد كان تجار العرب يرتادون شواطئ الهند الغربية ويمرون بها إلى جزيرة سرنديب حتى يصلوا إلى شواطئ الهند الشرقية، ومن هناك كانوا يبحرون إلى الصين، وبقيت هذه الصلات التجارية قائمة حتى جاء الإسلام فدخل الهند في العهد المبكر مع التجار المسلمين العرب.
وافتتح هذه الندوة المباركة الوزير الأعظم لولاية كيرالا أومان شاندي وشارك فيها عدد من أعضاء البرلمان الهندي والوزراء من الوزارة المركزية والولايية. وهكذا كانت هناك جلستان خاصتان للنساء اللاتي يعملن في مختلف المجال. والأولى أكادمية والأخرى إجتماعية. وكذلك كانت هناك جلسات لعامة الناس ليفهموا دراسات الحديث النبوي الشريف. والجلسة الحاصة كانت لغير المسلمين اذيلقوا خطباتهم حول موضوع “الرسول الذي عرفته”. ومن المشاركين من خارج الهند:
- أ. د. إبراهيم الريس، المملكة العربية السعودية.
- أ. د. أحمد عبد القادر الشاذلي جامعة المنوفية، مصر.
- أ. د. أحمد فكير، جامعة ابن زهر، السودان.
- أ. د. المكي أقلانية جامعة برونيا، بروناي.
- أ. د. أنبياء يلديريم جامعة الجمهورية التركية.
- أ. د. جلال الدين جامعة سيريلانكا.
- أ. د. عبد الماجد نديم الجامعة الباكستانية.
- أ. عبد الرزّاق بن عمر المعهد العالي للعلوم الإنسانيّة بتونس.
- أ. محمد عبد الغني علوان النبهاري، الجامعة الإسلامية، اليمن.
- د. أحمد بن بالقاسم جعفري، الجامعة الإفريقية أدرار، الجزائر.
- د. أحمد محمود قعدان، أكاديمية القاسمي – فلسطين.
- د. تهاني الصفدي، جامعة الأمير سلطان، كلية البنات
- د. جميل بني عطا جامعة الزرقاء، الأردن.
- د. خديجة زبار الحمداني، جامعة بغداد.
- د. رزاق الطيار، جامعة الكوفة، العراق.
- د. رقية بنت محمد المحارب، جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، الرياض، السعودية.
- د. سعد الدين منصور محمد الجامعة الإسلامية العالمية، ماليزيا.
- د. عادل فتحي رياض جامعة الإمارات العربية المتحدة.
- د. فراس محمد إبراهيم الجامعة الإسلامية بغداد، العراق، مقيم بالأردن.
- د. كبري روشنفكر جامعة تربيت مدرس ايران.
- د. مجدي عز الدين حسن سعد ،جامعة النيلين سودان.
- د. محمد إحسان الله مياه الجامعة الإسلامية بنغلاديش.
- د. محمد الأمين خلادي جامعة أدرار الجزائر.
- د. محمد عبدالله علي العبيدي جامعة قطر.
- د. مسعود أجيبولا عبد الرحيم كلية التربية إلورن، نيجيريا.
- السيد حسن يوسف شهاب الدين، مدرس مادة الفيزياء، سوريا.
ومن الأمور الجذابة لهذه الندوة المباركة العلماء الهنود الماهرون في مجال القرآن والحديث واللغة والفلسفة مثل الدكتور حمزة المليباري الذي يعمل في البلاد الخليجية والدكتور ثناء الله الندوي من جامعة عليكره وغيرهما. عقدت لجنة التوصيات جلستها بتاريخ 25 ربيع الأول 1433 هـ الموافق لـ 18 فبراير 2012 م في الساعة الخامسة مساءا ؛ بمكتب قسم اللغة العربية ،جامعة كيرالا،ترافندرام ، الهند، وذلك بتدبيج التوصيات والمقترحات المتعلقة بحوصلة الأشغال العلمية التي تمت في جلسات الندوة الدولية حول الحديث النبوي الشريف: لغة الحديث وفلسفته ودراساته المنعقد طوال أيام التنادي المبارك من تاريخ 21 ربيع الأول 1433 هـ الموافق لـ 14 فبراير 2012 م، إلى غاية 25 ربيع الأول 1433 هـ الموافق لـ 18 فبراير 2012 م.
أكد هؤلاء الأعضاء وغيرهم من المشاركين على النجاح الكامل في كل المستويات، مع تسجيل رضا كل الأطراف، راجين من الله تعالى أن يسدد خطى الجميع في المستقبل إن شاء الله، وقد بلغت الندوة قمة الفاعلية والتنظيم المحكم، وللاشارة قد بلغ عدد البحوث المرسلة 250 بحث، ثم تم تقديم 82 بحثا من 16 دولة وأكثر من 16 جامعة، وبمشاركة 25 أستاذا من الهند؛ ثم سطر المعنيون التوصيات والاقتراحات التالية، كي تجسد فعليا عما قريب بإذنه تعالى:
التوصيات:
- مواصلة هذه السبيل الناجحة في إثراء الموضوعات للندوات المستقبلية إن شاء الله.
- ضرورة إشراك الطلبة بإعطائهم قسطا من الوقت لأسئلتهم.
- توزيع الملخصات والبحوث على كل الأساتذة المشاركين عبر البريد الإلكتروني؛ قبل انعقاد الندوة بأسبوعين أو أكثر، قصد اغتنام وقت أكثر في إلقاء الورقات.
- يجب تأخير المناقشات بعد تمام ورقات كل جلسة، مع توزيع وقت منصف بين الطلبة والأساتذة.
- نشر المقالات في الموقع الالكتروني للندوة بجامعة كيرالا.
- طبع أعمال الندوة.
- التفطن لطلب الإعانات قبل البدء في الإعلان عن الندوة بزمن يكفي للمتطوعين والمتبرعين.
- تقليص وقت إلقاء الورقة وتحديد عدد المناقشين بعد كل جلسة، بإتقان من رئيس الجلسة والمنظمين، حتى تتاح فرصة للراحة والصلاة أكثر بين الفترة الصباحية والمسائية.
- ضرورة إعادة النظر في طرائق تعلم اللغة العربية وتدريسها للطلبة في الديار الهندية من خلال المناهج التربوية المعنية.
- جميل أن تصطحب بعض الورقات المكتوبة بغير العربية بالترجمة الموجزة على الأقل، والأمر نفسه في المجلة المكتوبة.
- التفكير في بناء موسوعات للحديث الشريف وخطاب النبي صلى الله عليه وسلم والسنة المطهرة باللغة العربية وغيرها.
- التزام الباحث بتدقيق مداخلته قبل الطبع.
- مراعاة العدالة في توزيع الأوقات لعرض الورقات بين الأساتيذ والجلسات.
- حضرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لا مثيل لها في نظام التدريس والتعليم عالميا؛ من أجل ذلك يرجى إعادة النظر الحصيف في إلقاء كل أستاذة مشاركة بحثها علنا في الجلسات العلمية.
- إنشاء موقع إلكتروني للبيان النبوي ودراساته، وتأسيس مجلات دولية محكمة في الشأن نفسه مع ضرورة توجيه الطلبة لدراسة الخطاب النبوي.
- العناية بتعميق الطرح والتطبيق والاستنتاج مع التركيز والدقة؛ بعيدا عن المقدمات والاستطردات والوصف والتنظير والتكرار.
- من مسؤولية الجامعات دراسة لغة الحديث والأساليب النبوية في التربية
- إنشاء مراكز ومعاهد مستقلة لدراسة السنة ونشرها.
مقترحات:
وأما عن المقترحات فهي:
- إقتراح ندوة للخلفاء الراشدين، أو ترتيب مجموعة ندوات حسب الخلفاء لكل ندوته، ثم التفكير في ندوات متسلسلة تخص الصحابة الأجلاء والتابعين الكبار والأئمة الأعلام ثم علماء الأمة.
- جميل هذا التقليد؛ وهو إشراك بعض المسؤولين والأساتيذ والرسميين في إلقاء كلماتهم الطيبة، وكذا توزيع الهدايا عليهم وعلى المشاركين؛ لكن شريطة ضبط زمن كاف، ولا يكون ذلك التقليد على حساب الأوقات في الجلسات.
- التفكير في مجمع علمي عالمي للسنة المطهرة وبيانها، مع تخصيص جائزة للعلماء المهتمين وتكريمهم، وبالأخص المهتمين بالترجمة من العربية إلى لغات العالم.
- ضرورة إنشاء مراكز بحثية نفسية تعنى بالبحث في الطرق النبوية لبناء الشخصية بناء متكاملا.
- ضرورة نشر السنة عبر القنوات الإعلامية
- كان يمكن أن يشارك في المؤتمر إحدى الجامعات الخليجية ليكون التمويل أقوى
كتاب المؤتمر:
وقد نشر قسم اللغة العربية بجامعة كيرالا المجلد الأول لكتاب المؤتمر حيث جمع فيه 36 مقالات مختلفة. ويكون هناك مجلدتان لكتاب المرتمر ويريد القسم أن ينشرهما في أقرب وقت بمشيئة الله. ونشر في هذه الندوة كتابا مؤتمر القرآن السابق في 2010م (لغة القرآن وتفاسيره وعلومه) وكتاب مؤتمر حول (التبادل الثقافي والاجتماعي بين كيرالا والإمارات العربية المتحدة). وقيمة هذه المجموعة الأربعة 1000 روبية هندية و50 دولار أمريكي.
وكانت هناك جولة للمشاركين إلى البحيرة بكولم حيث تناولوا أطعمة لذيذة محلية هندية في القارب الذي ركبوا فيه. لجمهور المشاركين كانت تلك السياحة أول تجربة في حياتهم. وأعلن بعض الأدباء المشاركين خلال الجولة بأنهم سيكتب عن هذه الجولة الجذابة. وبالجملة رأى أهل كيرالا ندوة دولية حقيقية أول المرة في كيرالا.
[1] محاضر بقسم اللغة العربية بجامعة كيرالا، الهند
اترك رد