اختتمت ندوة تطور العلوم الفقهية في دورتها الحادية عشرة أعمالها البحثية المنعقدة بالعاصمة العمانية مسقط بين الخامس عشر إلى الثامن عشر من شهر جمادى الأولى لعام 1433هـ الموافق له السابع إلى العاشر من شهر إبريل لعام 2012 م، بعد أن شارك فيها كوكبة من رواد الفكر ونخبة الفقهاء من مختلف الأصقاع وشتى بلدان العالم الإسلامي بأوراق عمل بحثية معمقة، دارت موضوعاتها في صلب النظرية الفقهية والنظام الفقهي .
هذا وقد أصدرت الندوة في ختام أعمالها جملة من التوصيات من أبرزها:
أولاً: الفقه الإسلامي فقه قادر على استيعاب المستجدات ومعالجة المستجدات على ضوء الكتاب والسنة وسائر أصول التشريع الإسلامي، وعلى المسلمين أن يستعيدوا الثقة في فكرهم وتراثهم ومشروعهم الحضاري، وأن تعكس برامج الفقه والدراسات الإسلامية هذه الثقة في التواصل والمتابعة والأمل بتسديد الأمة ومستقبلها.
ثانياً: العناية بالنظريات الفقهية ومعرفتها لما تمثله من تأصيل علمي مهم، إذ تُسهلُ التعامل مع المستجدات وتُيسر عملية الاجتهاد واستنباط الأحكام، من خلال استقراء أبواب الفقه وأدلته، وإحكام صلة هذه النظريات بمقاصد الشريعة وتوحيدها لتحديد آليات توظيفها في الاجتهاد المعاصر.
ثالثاً: ربط النظريات الفقهية من جانب أساتذة الدراسات الإسلامية بالواقع المعاصر في المنهجية وطرق التناول والنماذج والأمثلة التطبيقية، بما يجعلها قادرة على التفاعل مع العلوم الاجتماعية والإنسانية في تطورها المعاصر.
رابعاً: دراسةُ القواعد الفقهية المتعلقة بكل نظريةٍ على حدة دراسةً نظريةً وعمليةً؛ حتى يجري تفعيلُها في فقه الحياة المعاصرة.
خامساً: قراءة الاجتهادات الفقهية في الفتاوى وأحكام القضاة وقرارات المجامع الفقهية، وتسكين كل منها في مكانه من النظريات الفقهية والنظام الفقهي في القديم والحديث.
سادساً: تدريب الباحثين والمعنيين بالدراسات الشرعية على الاعتماد على النظريات الفقهية باعتبارها وسيلة للفهم الشامل الذي لا يقتصر على الجزئيات والتفاصيل دون ردّها إلى الكليات والأصول، وأكبر المستفيدين من ذلك أساتذة الأصول والسياسة الشرعية في أقسام الإسلاميات بالجامعات.
سابعاً: ضرورة عناية الباحثين والمشتغلين بالدراسات الفقهية بدراسة اللغة العربية وإتقان علومها وتراثها الأدبي، باعتبار ذلك شرطا ضروريا للاجتهاد وضبط استنباط الحكم من محله، ولذلك لا بد من التبادل والتعاون والتآزر بين أقسام اللغة العربية وأقسام الدراسات الفقهية والإسلامية العامة بالجامعات.
ثامناً: العناية بالتراث الفقهي في كل المذاهب تأصيلا وتطبيقا في ضوء التنظير الفقهي، مع المقارنة بين المذاهب الإسلامية المختلفة لبيان القواسم المشتركة والأصول الواحدة؛ ليعطي ذلك مزيدا من التفاعل الفكري والترابط العقلي.
تاسعاً: ربط النظريات الفقهية الجزئية مثل نظرية الاحتياط ونظرية الاستطاعة بمصادرها الأصولية ودراسة قواسمها المشتركة وتطبيقاتها المتنوعة في كل المذاهب الإسلامية.
عاشراً: دراسة النظريات الفقهية باعتبار مجالاتها بما يفرق بين نظريات الأحوال العادية، كنظرية العرف ونظرية الضرر، وبين نظريات الأحوال الاستثنائية، كنظرية الضرورة ونظرية الظروف الطارئة.
الحادي عشر: العناية بالنظريات ذات التأثير العالمي لبيان تقدم التشريع الإسلامي، ومن أمثلة هذه النظريات نظرية التعسف في استعمال الحق وتطبيقاتها في القانون الخاص والقانون العام.
الثاني عشر: تقديم نظرية العلاقات الدولية في الفقه الإسلامي، وربطها بأصولها المنهجية وقواعدها الفقهية، مع الإشارة إلى الكتابات التراثية في هذا المجال، والاهتمام بوضع ذلك في تصرف أقسام العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعات.
الثالث عشر: الاهتمام بدراسة مناهج الأصوليين باعتبارها أساسا في البحث العلمي، وسبيلا لدراسة التراث الإسلامي عامة والإباضي خاصة، ووسيلة للتفكير النقدي في عدد من القضايا الأصولية، ولهذا الأمر أهمية كبرى في أقسام أصول الفقه وفقه الكتاب والسنة.
الرابع عشر: تُعدُُ الموسوعاتُ الفقهيةُ وكتبُ الفتاوى مورداً خصباً للتاريخ، فقد عنيت بدراسة القضايا الفقهية في ظل الظروف التاريخية التي تشكلت في وقتها، لذا ينبغي الاهتمام بهذه الموسوعات لبيان واقعية الفقه وتأريخ بعض نظرياته، ومن ثم إنجاز دراسات تهتم بتأريخ النظريات الفقهية وتطورها، وأثر الوعاء الحضاري في تشكل تلك النظريات، وطبيعة العلاقة بين تلك النظريات ضمن منظومة التشريع الإسلامي الشامل، واستخدامها في كتابة صحيحة لتأريخ المسلمين الحضاري اجتماعيا وثقافيا، إن التاريخ الثقافي والفقهي لتجديد النظر في التجربة التاريخية أمر شديد الأهمية وينبغي أن تعنى به أقسام التاريخ والآداب والدراسات الإسلامية في الجامعات.
الخامس عشر: هناك دراسات رائدة في مجال التنظير الفقهي، تحتاج إلى إعادة رصد ومعالجة وتحليل ومن المهم تنبيه المشتغلين بالفقه من الأساتذة والدارسين للاهتمام بهذا التراث العلمي المتخصص، وهذه مسائل تهم دارسي الشريعة وفقهها ونظرياتها كما تهم دارسي الحقوق والقانون.
السادس عشر: ضرورة مراجعة كتابات المستشرقين المتعلقة بالتراث الفقهي، وتصحيح ما فيها من تأويل مجانب للصواب، في إطار المنظومة الفقهية من حيث المبادئ والأصول والمقاصد، دون إهمال الاستفادة من الجوانب الجادة والإيجابية في هذه الكتابات، ثم إن الاستمرار في الإفادة من عناية الآخرين بتراثنا الفقهي تقتضي القيام بقراءات نقدية للبحوث الجديدة عندهم، والإدلاء بالبدائل، واستعادة المرجعية الأكاديمية.
السابع عشر: العمل على التعاون بين الأقسام المختصة بالفقه والقانون الخاص والمقارن لتعديل مناهجها باتجاه حضور النظريات الفقهية والأنظمة الفقهية كل في مجاله في ميدان الدرس الجامعي، ويعد ذلك مقدمة ضرورية للربط بين العلوم الإسلامية والعلوم الاجتماعية.
الثامن عشر: الاهتمام بالدراسات النظرية في الأصول والعلل والمقاصد وذلك لما تمثله من نزوع للمراجعة والنقد والتصحيح واتجاه لصنع الجديد عن طريق العمل الدؤوب في البحث الجاد والتطوير.
واختتمت الندوة توصياتها بالتأكيد على أن اجتماعها السنوي وبهمة العلماء المشاركين، قد باتت ما يشبه المجمع الفقهي المتخصص والمنفتح والمتقدم، آملين أن نستمر على هذه السبيل في العمل الخالص لفقه دين الله، وخدمة علوم الإسلام.
ندوة تطور العلوم الفقهية
من طرف
الكلمات المفاتيح:
الآراء
-
مع الشكر والتقدير
-
مع الشكر والتقدير
اترك رد