الثقافة الهندية: تنوعها و شمولها و عالميتها … محمد شميم النظامي

محمد شميم النظامي باحث- قسم الأدب العربي بجامعة اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية حيدرآباد - الهند
محمد شميم النظامي
باحث- قسم الأدب العربي
بجامعة اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية حيدرآباد – الهندrht, hgik$d,

بسم الله الرحمن الرحيم
مفهوم الثقافة و فعاليتها في بناء المجتمع المتحضر
إن كلمة “الثقافة” تستوعب النشاط البشري بأسره، بما فيه النشاط الفكري و الذهني وفلسفة الذوق و النشاط الروحي و الشعور الأخلاقي و الاجتماعي و الاقتصادي والسياسي؛ لأن الثقافة منبعها ذهن البشر فهي مطمورة و راسخة الأقدام في ذهن الإنسان، و تسمو فوق جميع الاعتبارات في الحياة السياسية المتقلبة التي تخبط دائما الشعور الأخلاقي العام الساري في جسد الشعب كله، ثم إن الثقافة و الدين اصطلاحان متميزان بتميزات مختلفة، فالثقافة اصطلاح جامع، و يشمل صلة المرء بجمال الطبيعة و سحرها و علاقته ببهجة الحياة و نعيمها، وضلعه بالقوة الإبداعية ومقدرته عليها، و ما يجد من لذة و طعم في الحصول على العلم و العرفان، و من نشوة و طرب في إحراز القوة و المناعة، و ملخص القول أن الثقافة عبارة عن جميع المظاهر و المشاهد التي تضعها شعوب مهذبة و متمدنة موضع التقدير و الاحترام في الحياة الدنيوية، و هناك يوجد اتزان غير مستقر بين وجهات النظر الدنيوية والدينية التي تختص بالذهن البشري، فالدين إذا ما أخلع من لباسه الثقافي سيصبح شيئا أجوف مجردا عن المعنى، و كذلك الثقافة إذا انعدم فيها هذا الأثر السامي الذي يفيض به عليها الدين، فإنها لن تسمو و ترتفع إلى تلك القمة التي تتمكن فيها من تحقيق منزلتها الكاملة و احتلال مكانتها المرموقة، ثم إذا أمعنا النظر على اصطلاح الثقافة في مدلوله الواسع و مفهومه الشامل، وجدنا أن هناك تركيبا جذريا ثقافيا في الهند، وهذا التركيب الثقافي لم يكن متغلغلا في الحياة الهندية في الماضي فحسب، بل لا يزال يجري فيها حتى اليوم، رغم هتافات التفرقة و رغم سوء العلاقات الطائفية والخلافات اللغوية والمنافسات الإقليمية والمنازعات الأخرى، فهناك تركيب عنصري، و لغوي، و تجانس في الفن المعماري والبناء، تشابه في العلوم و الآداب والموسيقى و الرقص، و كما أن هناك اقتباس في الفلسفة أو توافق من بعض الجهات.
الهند جنة الشرق و مطلع النور المشرقي
إن الهند وحدة شاملة و انسجام لا يستهان به في التنوع بين مختلف الشعوب و عديد من القبائل، فالثقافة الهندية فسيحة الأرجاء مترامية الأطراف مربوطة بتنوع معالمها الطبيعية و اختلاف أوضاعها الدينية و السياسية و تباين مظاهرها الاجتماعية بالإضافة إلى ذلك ما يوجد من الشعور الملحوظ في تعدد اللغات و تنافر المألوفات وتعارض التقاليد و تباين الطقوس و اختلاف الأعراف.
إن الطرق الثقافية كما تمثلها التقاليد التي يتمسك بها الشعب الهندي و الأديان التي يعتنقها، و الآداب التي جادت بها أقلام كتابها، و الفنون التي أوحت بها طبيعته الفياضة، توضح لنا جليا بوادر ملموسة لهذه الوحدة الشاملة التي تتميز بها الثقافة الهندية، و التي انبرت صورتها المألوفة في أعقاب مساهمة قيمة أسدت إليها مختلف الأجناس البشرية و اللغات المتعددة و الآداب المتنوعة و الديانات ذات المنشأ الهندي أو التي يدين بها الشعب الهندي على اختلاف أوجهها و مسالكها، و كذلك التربة الهندية التي تزخر بحياة نابضة بالروعة و الجمال يسودها فكر من نوع مثالي، انتعش و ترعرع عبر القرون و الأجيال، و أصبحت هذه الحياة والفكر بمثابة أكبر مساهمة أسدتها الهند للعالم كله و هذا الفكر و الحياة التي كانت مادة مشتركة يستلهم منها المسلمون والهنادكة و المسيحيون و أعضاء الطائفة البارسية و أفراد الطبقة السيخية على حد سواء.
كما أن من الواضح البين أن ثقافة الهند تُعد من إحدى الثقافات الموغلة في القدم استمد منها العالم و اغترف من حياضها، كذلك نجد أن الفلسفات التي تبلورت على أرض الهند من فلسفات البوذية و الجينية و ذاع صيتها في الآفاق أخذها الناس بإقبال زائد و تأثروا بهذه النظريات على مدى موسع و قد انتشرت معتقدات هذه الفلسفات في الصين و بورما و الدول المتجاورة للهند كما أن العالم أخذ أشياء كثيرة من فلسفة فيدانت مثل حرية الفكر و الكلام حيث يوجد في كتب التفسير للفيدانت لفظ خاص “أبهيا” بمعنى لا خوف و لا خطر، كما أن بعض الباحثين يقولون أن نظرية الارتقاء الإنساني الجديدة التي تسمى بنظرية “دارون” فإنه يوجد في “ويد” لفظ “رت” و معناه الارتقاء المسلسل و الحياة التي لا نهاية لها و الحياة التي لا تبدأ بالولادة و لا تنتهي بالموت، بل لها قوانين خاصة من قبل أن يخلق الزمان و المكان، فهي حياة مسلسلة غير منقطعة. و كما نجد نظرية أن الإنسان مظهر من مظاهر الله عز وجل، الإنسان و الإله ليسا بشيئين مختلفين، بل إنهما افترقا من جسم واحد أو مادة واحدة، و هذا الذي هو موضوع البحث عند الصوفية تحت عنوان “وحدة الوجود” كما أننا نجد التشابه في الأشكال و المعابد في بعض الدول مثل ميكسيكو و بيرو و كمبوديا و غيرها من الدول و هذا يدل على أنه كانت هناك أثر بالغ و أصل جذري لثقافة الهند على العالم في العصور القديمة، و من جهة أخرى كانت بعض الكلمات من السنسكريتية تستخدم في هذه الدول مثل أرجن و برهما، هذا و قد يوجد تشابه ملموس في الطراز المعماري في هذه الدول.
و لا شك أن نظرية التناسخ نظرية هندية خالصة، تولدت في أذهان الهنود أول مرة في العالم، ثم انتقلت إلى أهل اليونان، و لأجل ذلك نرى كثيرا من مؤرخي الفلسفة اليونانية يعتقدون أنها مأخوذة من الهند و فيثاغورس، و أمبدكاس و أفلاطون، كلهم أخذوها من فلسفة الهند.
و أما تأثيرات الثقافة الهندية على دول الشرق الأوسط و العالم العربي فهي تتبلور في في اللغة و الثقافة العربية من ثلاث النواحي إجماليا:
الأول: كلمات هندية دخلت في العربية بسبب الاحتكاك التجاري والاقتصادي، لأن التجار العرب كانوا يحملون من الهند السلع التجارية الهندية و يحملون معها أسماءها مثل زنجبيل و كافور و الفلفل و القرنفل و غيرها من أسماء النباتات و الحيوانات.
الثاني: القصص الهندي، قد ترجم بعض القصص الهندي مثل “كليلة و دمنة” و “ألف ليلة و ليلة” و غيرها من القصص.
الثالث: الحِكَم، إن الهنود اشتهروا بأنهم أصحاب النكت و الحكم، فاستفاد الأدب العربي من حكم الهنود كما يقول ابن قتيبة: قرأت في كتاب من كتب الهند “شر المال ما لا ينفق منه”، “شر الإخوان الخاذل” و “شر السلطان من خافه البرئ”، و “شر البلاد ما ليس فيه خصب و لا أمن”، هذا و قد نجد أن أبا العلاء المعري كان يأخذ من النظريات الهندية و يعمل بها كعدم أكل اللحم و البيض. و كذلك لعبة الشطرنج جاءت من الهند و تعلمها العرب. كما اقتبسوا و أخذوا في البلاغة من أهل الهند.
انهيار الثقافة الهندية بفقد الاستقلال السياسي
و ظلت الثقافة الهندية تؤثر و ترسخ قدمها على أقطار العالم و تترك بصمات روعتها و و جمالها على الثقافة العالمية منذ نعومة أظفار التاريخ المدون إلى أواخر الإمبراطورية المغولية، ثم وهنت و ضعفت بفقد الاستقلال السياسي و اختفت وراء الأستار حينما أنشب الاستعمار البريطاني أظفار الاحتلال، فلم تكن بريطانيا تعمل لصالح البلاد و تغذية الثقافة الهندية بالقوة و النبض و الحياة و لا تترك للثقافة الهندية تدفع عجلتها إلى الأمام و لا تشجع إلا انكماش علاقة الهند مع البلاد التي كانت هناك علاقة وطيدة بينها و بين الهند قبل النفوذ البريطاني، فالتبادل الثقافي و التفاهم الفلسفي بين الهند و بلاد آسيا الوسطى و بلاد آسيا الشرقية و الشرق الأوسط و بلاد إفريقيا و جيرانها في آسيا الجنوبية الشرقية قد ذبل بهائه و روائه، وغاض مائه و ذوى عشبه.
فقد تضاءلت العلاقات الهندية العربية في هذا العصر بحد كبير و تسرب الانحطاط في كل من الجزيرة العربية و الهند مع استثبات الحكم البريطاني و زحف الاستعمار إلى الشرق الأوسط، و بالتالي تأخرت الثقافة الهندية في إعطاءها و تغذيتها للثقافة العالمية و خاصة الدول العربية، و كل من يتصدى لفحص العلاقات الهندية العربية في هذه الفترة يتوجب عليه أن يأخذ بعين الاعتبار الخلفية الاجتماعية و السياسية والثقافية و روح العصر الحقيقي، فقد كان على العرب خلال هذه المدة أن يحاربوا شرين: مواجهة الاستعباد السياسي على يد الغرب و في طليعتهم فرنسا و بريطانيا من جهة، و مقاومة التحدي الداخلي في مجتمع إسلامي متأخر و هذان النوعان كانا مرتبطين أحدهما بالآخر من جهة أخرى. و لم يكن وضع الهند يختلف عن ذلك كثيرا، ففي النفوذ البريطاني كان هناك يسود الاستعباد في كافة المجالات عقليا و روحيا و فكريا و سياسيا و ثقافيا، و من الناحية الدينية أيضا انحل التمسك بروح الشريعة النقية و مقتضى الدين الخالص إلى حد غرقوا في آفات العقل و ما اخترعت لهم البدعة، فتشكل الشعب في شكل التخلف عقليا و فكريا إلا أنه لم تخل الهند من المصلحين واعين وعيا تاما للأسباب التي جرت بالمجتمع إلى التأخر، و في آخر الزمان ظهر اسم الإمام محمد قاسم النانوتوي و الشيخ رشيد أحمد الجنجوهي و شيخ الهند محمود حسن الديوبندي و مولانا حسين أحمد المدني و مولانا أشرف علي التهانوي و سر سيد أحمد خان و مولانا أبو الكلام آزاد و بقية زعماء السياسة مثل بندت جواهر لال نهرو و مولانا حفظ الرحمن السيوهاروي وشري شنكر و راو ديو و دكتور تارا شند و غيرهم من رجال الثفافة الهندية و قادة الفكر ومن ثم قامت فعلا بعض الحركات الإصلاحية الاجتماعية و الدينية في هذه الفترة لتقاوم هذه التأخر و التخلف.
الأثر السلبي لانقسام الهند
حينما لمع بريق الحرية و تلألأ أمل الاستقلال، و فعلا نالت الهند حريتها انقسمت إلى دولتين: الهند و باكستان، الهتافات والشعارات التي كانت ترفع في سبيل مطالبة دولة مستقلة للمسلمين لم تكن إلا خيبة لآمال المسلمين و هجما على طموحاتهم وإعطاء فتات خبز كقيمة لتضحياتهم التي نتجت عن الشائعات في العالم العربي بصفة خاصة أن الهند دولة الكفر و منبع الأصنام، والمسلمون الذين اختاروا الهند موطنا و مستقرا كأنهم آثروا البقاء في دار الكفر و هذا سيقضي على تشخصهم الديني، وحدث في تلك الآونة أن هاجر عدد هائل من المسلمين إلى باكستان تاركا وراءهم كل ما كانوا يملكون من ثروات الحياة، و لكن الذين آثروا الحياة و البقاء في الهند لم يكن عددهم قليل، فكانوا يتشكلون في صورة أكبر الأقلية، رغم أحداث القتل والعنف الواسعة التي اجتاحت البلاد. وفي خضم ما عرفت بشغب التقسيم، و هذا التقسيم والاضطرابات الطائفية شوهت مكانة الهند و ما كان تتمتع به من سمو الاسم و طيب الذكر الثقافة الهندية في العالم و خاصة في البلدان العربية مما سبب في سوء التفاهم عن الهند. و عندما زار الهند سعادة السفير السيد حسين لمصر في الهند، فلم تثق بهذا الخبر الصحف المصرية و العربية و أذاعت أنه بعث إلى باكستان سفيرا لمصر فيها.
إن القرار بعدم الهجرة إلى باكستان كان قرارا واعيا بل صعبا لجل أفراد وأسر هذه الجالية. و الذين بقوا في الهند أبلوا بلاء حسنا في وجه موجات عنف و تهديدات طائفية عمت البلاد. ومع ذلك، اختار المسلمون وبشكل عام التحالف مع قوى علمانية. إلا أن التمييز والركود الاجتماعي والتهميش التعليمي المتراكم أسفر عن تخلف اقتصادي مطرد للمسلمين في كثير من أنحاء البلاد فيما هبطت نصيب المسلمين في الوظائف الحكومية بشكل متصاعد.
العلاقات الثقافية تأتي بالتفاهم العام
تضاءلت لوامع الثقافة الهندية بدافع فقدان القوة السياسية والاقتصادية جراء الاحتلال البريطاني الغاشم فتأخرت الثقافة الهندية في ضمنها الثقافة الإسلامية في فترة الحكم الإنجليزي، فساد الركود على الحياة الأدبية و الثقافية و الأخذ و الإعطاء في مجالات الحياة المختلفة من دبلوماسية السياسة و الاحتكاك في الاقتصاد و التبادل في الأدب والثقافة و العلم. و هذا ما لمسه قادة الفكر و رجال السياسة و زعماء الشعب الهندي الذين كانوا يعدون على أصابع اليد؛ و لكنهم نشطوا إلى استعادة المجد الغابر وتوجهوا إلى تأسيس مراكز الثقافة و معاهد العلوم، و قاموا فعلا، فعاد النور الذي كان يطل في صورة ضئيلة. و بالتالي هذا الشعور و وجهة التفكير و الواقع الحالي للشعب، لفت انتباه الزعماء و الساسة إلى تأسيس المراكز الثقافية لتطوير العلاقات الودية و إرسال البعثات الثقافية و تنظيم اللقاءات العلمية و الأدبية و الثقافة الدبلوماسية ؛ لأن التعاون الثقافي ضروري من وجهة النظر الأممية و قد وهنت هذه الأواصر بفقد الاستقلال السياسي، فأصبحت روابط الهند مع الجيران ضعيفة متقطعة، وقد كانت هناك تجربة صادقة أن الروابط الثقافية تعمل في سبيل توحيد الشعوب أكثر مما يعمل الاتحاد السياسي، لأن الاتحاد السياسي قوامه النفع الذاتي بينما العلاقات الثقافية تأتي بالتفاهم العام، و أما بالنسبة للهند فالحاجة إلى هذا التفاهم أشد لما أن الشرق قد شاهد اليقظة الجادة و عمت في الشرق حركة التجدد العلمي والثقافي، تستحق أن تدرس بعناية بالغة، وفي أعقاب ما نالت الهند حريتها و كرامتها نشأت علاقات تظهر في صورة عديدة مع الدول الأوربية و أمريكا كذلك لأسباب شتى، فدعت الضرورة إلى إيجاد هذا التفاهم في شكل أوسع من ذي قبل بين بلدان الشرق وإفريقيا خاصة و أقطار أوربا عامة، فكانت ثمة داعية إلى تأسيس مجلس يؤدي دورا فعالا في إنعاش العلاقات الثقافية و تطويرها و نشر المواد الثقافية و عرضها للعالم كله، و تأسست من قبل اللجنة الهندية الإيرانية على إثر قدوم البعثة الثقافية من إيران، و كانت الخطوة سديدة إلى جهة صحيحة تجلب النفع الكثير في توطيد العلاقات الدبلوماسية؛ و لكنها كانت تختص بإيران فقط، فتشكلت دون ما يريدون، لأن الهدف المطلوب من هذه اللجان هو تعميم العلاقة الثقافية مع جميع الأقطار على أساس الصداقة و حسن النية، و تنمية التفاهم و تدعيم السلام العالمي فالزعماء وجدوا في تأسيس “المجلس الهندي للعلاقات الثقافية” على نموذج السالف الذكر – أعني به “اللجنة الهندية الإيرانية” – بغيتهم وغايتهم.
و عصارة القول: إن معالم الثقافة الهندية ترسخ جذورها في العصور القديمة، و يرجع تاريخها إلى بزوغ فجر التاريخ، و تدل الآثار المختلفة التي اكتشفت في داخل البلاد و خارجها كالتي عثر عليها ما قبل الميلاد بـ 3000 سنة مع مصر و بـ 1200 سنة مع الخليج العربي، على تواجد تأثيرات الثقافة الهندية الفلسفات الروحية و العقلية، كما تثبت بالنقوش الثقافية لخامير الموجودة في كمبوديا أن آثارالثقافة الجذرية و معالم الحضارة كانت توجد وكمبوديا منذ زمن قديم، و مع شيوع فلسفة البوذية ذات الأصل الهندي في العالم وخاصة مع الصين و اليابان و دول جنوب شرق آسيا، فتوجد في هذه الدول آثار الديانة و علم النجوم و السياحة و اللغة و الآداب و الحياة الاجتماعية و السياسية الهندية، فكانت هناك البعثات الدينية و الثقافية التي توجهت إلى البلاد النائية كالصين و اليابان من جهة و إلى مصر و آسيا الصغرى من جهة أخرى، و كما كانت هناك العلاقات التجارية الوثيقة التي كانت تسوق رجال التجارة من الهنود إلى بلاد بيزنطية أو تسير بهم إلى البقاع الشرقية الجنوبية من آسيا ليعمروها أو ينشئوا فيها مراكز للثقافة الهندية.
و أما الصلات المشتركة بين الهند و إيران التي ترسخت دعائمها في العهد الإسلامي، فهي واضحة الملامح في جميع ميادين الحياة من التجارة و الثقافة والسياسة و الاقتصاد، و أظهر مثل لهذه العلاقة هي سيادة اللغة الفارسية و اتخاذها مكانة اللغة الرسمية في الحكم الإسلامي على الهند، و هكذا ثبت الفضل للهند أنها قد ساهمت في دفع عجلة الثقافة العالمية إلى الأمام بمساهمات متنوعة و غذتها أحسن غذاء، و أنها أعطت اليونان و الفرس و العرب النظريات العميقة التي أثرت في حياتهم و أدبهم و ثقافتهم حتى اعترفت الدنيا بفضلها في العلم و الحكمة و في الفلسفة و الثقافة الراقية.


نشر منذ

في

من طرف

الكلمات المفاتيح:

الآراء

  1. الصورة الرمزية لـ دكتور / محمد الشباسي
    دكتور / محمد الشباسي

    إن العولمة الثقافية بآلياتها الجبارة المتقدمة خاصة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيث التقنيات الإلكترونية الفاعلة سهلت مهمة الاختراق الثقافى وتسعى جاهدة لتصدرها لنا قهرًا أيديولوجياتها المغايرة لقيمنا وعقيدتنا عبر تلك السموات المفتوحة بفضائها الإلكترونى وعالمها الافتراضى ، الذى غالبًا ما يستهدف تهديد ثقافتنا والنيل من البناء القيمى الفردى وأيضًا المجتمعى، وذلك لإنتزاعنا من ثوابتنا وقيم عقيدتنا للإنزلاق فى القيم الغربية العلمانية عبر هذا الاختراق المقصود والغزو المتعمد الممنهج لإفتعال أزمات وصراعات على مستوى الأنساق القيمية سعيًا للإنزلاق فى مخاطر الصراع القيمى ومشكلاته ليس فقط بين الأجيال بل وعلى مستوى الجيل الواحد بما ينتهى إلى ضعف تماسك المجتمع بل وتفككه وانقسامه نتيجة للتغير القهرى وأحيانًا المفاجئ فى القيم بفعل إصطدامها بهذا الانفجار المعرفى المتنوع عبر تلك التقنيات الفضائية والالكترونية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: