كشمير هي أجمل البلدان في العالم ويعدها البعض “جنة الله” في الأرض ويسمي بها البعض “سويسرا للشرق ” . و قال الإمبراطور المغولي العظيم “جهانكير ” عن “كشمير” في اللغة الفارسية حينما زارها للمرة الأولى.
إن كانت ثمة جنة على الأرض ……… فلا بد أن تكون هي هنا ”
لم يكن “جهانكير ” وحده فيما ذهب إليه من وصف لكشمير التي تتمتع بجمال ونقاء أسطوري، فقد ذكر “كاليداس” الشاعر الهندي العظيم قديما “أن كشمير تفوق الجنة حسنا وبهاء، وأنها نبع للسعادة والهناء”. وقال المؤرخ الكبير كالهان: “إنها أجمل بقعة في جبال الهمالايا، حيث تشرق أشعة الشمس”. أما المؤرخ الإنجليزي المعروف باسم “ولتر لورانس” فقد وصفها في القرن التاسع عشر بأنها واد من الزمرد المحاط باللؤلؤ وأرض للبحيرات والينابيع الصافية وللمروج والأشجار الملتفة والجبال الشاهقة والعبير والنسمات الباردة، تمتاز مياهها بالحلاوة ورجالها بالقوة، أما نساؤها فإنهن ينافسن أرض كشمير في خصوبتها”. و أرض كشمير تجري من تحتها الجداول التي تصب فيها مياه الشلالات من قمم الجبال المغطاة بالثلوج، وفيها لمسات الطبيعة الملهمة في وسط الغابات الجميلة والحدائق الغناء ، وتتجلى مظاهر هذه المنطقة الرائعة ، و جمال طبيعتها في أدب شعبها ، و شعرائه و أدبائه بنطاق واسع، وفيما يلى جولة خاطفة حول اللغة الكشميرية و آدابها و تطوراتها.
لا شك أن اللغة الكشميرية قد أصبحت وراثة للبراعة الأدبية المدخرة خلال أكثر من ستة قرون في السنسكرتية و الفارسية ولكنها لم تكن لغة رسمية للحكومات المختلفة عبر العصور ولا لغة الدراسة في المدارس إلى سنين متأخرة ، ويبدو من هذا جليا سبب اضمحلال الصحافة في اللغة الكشميرية وضآلتها ، وهبوط مستوى النثر فيها.ولكن القصص القصيرة التي وضعها مشاهير الكتاب الكشامرة مثل أختر محي الدين و أوميش كوك، و تاج بيجم،تبشر بمستقبل باهر للأدب الكشميري
مثلت “كشمير” ملتقى العلم والثقافة، وهو ما جعلها تكتسب مكانة بارزة في مجال الفن والأدب على مدى العصور. أما في مجال الفلسفة والتصوف بمعنى الإيمان المطلق والشعر وحب الجمال فقد خطا أبناء كشمير جيلا بعد جيل خطوات كبيرة نحو بناء حضارتهم الخاصة . أما الشعر الكشميري فقد احتل مكانة مرموقة وسط الآداب الشعرية ولكن النثر الكشميري لم يصل بعد إلي مستوي النثر من الآداب الأخرى، ويرجع تاريخ التراث الأدبي في اللغة الكشميرية إلى القرن الثالث عشر إذ اختار ” سيتي كانتا ” لغة شعبية يفهمها الجميع لمقالته الدينية الشهيرة. وفي أول الأمر كانت اللغة الشعبية الدارجة تستخدم للأغراض الدينية فقط،فلم تلبث أن أصبحت وسيلة لسائر الاحتفالات و المناسبات الثقافية و الأدبية. وتتجلى النغمة الجديدة للغة الكشميرية في كلام “لال ديد” ومعاصره المصلح الديني “الشيخ نور الدين ولي”يعرف بــ ” نند ريش “.وتشرب شعر “لال ديد” بمقطوعات من الأغاني الصوفية التي تدور حول نظرية “وحدة الوجود” ويدعو شعر نور الدين إلى توازن تام بين القوى المادية والروحية و وجه دعوة حارة متحمسة نحو الأخوة الإنسانية والمساواة الاجتماعية و الوحدة الروحية. وأتى بعد ذلك عصر الشاعر الصوفي محمود جامي و ملك زمام الأدب الشعري الكشميري على نمط ” المثنوى ” الفارسي و منح تحولا جديدا للأدب الصوفي و ألبسه ثوب التجدد والتطور العصري.
وأما التراجم الكشميرية للمؤلفات القيمة الفارسية مثل: “يوسف و زليخا” و “ليلى مجنون” فكانت تعتبر في مقدمة الأعمال الأدبية التي غذت الأدب الكشميري بمواهب الأدب العالمي ، وقدم “هيمال” مثلا حيا لمواهب الأدب العالمي والتضافر الفني والأدبي في قصصه الشهيرة في اللغة الكشميرية.
وأما شعراء البلاط الملكي للسلطان “زين العابدين” فلم ينقلوا “شاهنامه” للفردوسي إلى الشعر الكشميري فقط ، بل نقلوا للغة الكشميرية كثيرا من الذخائر الأدبية العالمية .
اترك رد