في بحث علمي: سرطان الغدة الدرقية أصبح وباءا اصطناعيا

أظهرت دراسات بحثية بمشاركة باحث من كلية الطب بجامعة قطر أن الأطباء في العالم يقومون بالتشخيص الزائد للمرضى (over diagnosis) باعتبارهم مصابين ب”سرطان الغدة الدرقية المتمايز” DTC، وهو من أكثر سرطانات الغدة الدرقية شيوعا. ويؤدي هذا التشخيص الخاطئ إلى خلق وباء اصطناعي قد تصل تكلفته إلى مليارات الدولارات، وهي تكاليف سنوية غير ضرورية تشكل عبئا على قطاع الرعاية الطبية.

وفي هذا الإطار، أشار الدكتور سهيل دوي أستاذ مشارك في علم الوبائيات الإكلينيكية في كلية الطب بجامعة قطر والباحث الأساسي في الدراسة، إلى أن التشخيص ل”سرطان الغدة الدرقية المتمايز” في العالم قد زاد ثلاثة أضعاف دوليا وذلك خلال السنوات ال25 الماضية – وأكثر من 15 أضعاف في الدول التي تتوفر فيها برامج الفحص الطبي والتشخيص المبكر لسرطان الغدة الدرقية – بالرغم من أنه لا يوجد أي تغيير على صعيد انخفاض معدل الوفيات بسبب هذا المرض.

وقال الدكتور سهيل دوي، وهو أيضا عالم في الوبائيات الإكلينيكية في معهد الجامعة الوطنية الأسترالية لأبحاث صحة السكان واختصاصي في علم الغدد الصم: “تشمل سرطانات الغدة الدرقية المتباينة بشكل أساسي أورام سرطانية من النوع الحُليمى ( (papillary tumors ومن النوع الجُريى (follicular tumors) ، وهي أورام لا تتطور في أغلب الأحوال لتصبح أنواعا سرطانية إكلينيكية. ولكن الإفراط في الفحوصات الطبية الدقيقة يسهم في اكتشاف المرض في مراحله المبكرة، وينتج عن ذلك عمليات جراحية غير ضرورية.

وأضاف الدكتور دوي: “يعتبر الرصد النشط للمرض وعدم التدخل الجراحي الحل المناسب في أغلب الحالات، إذ يتبع الأطباء هذه الطريقة لعلاج سرطان البروستاتا.”

وفي هذا السياق، سيتم تشخيص حوالي 2500 حالة جديدة للإصابة بسرطان الغدة الدرقية في أستراليا خلال هذا العام. وللعمليات الجراحية لسرطان الغدة الدرقية نتائج هامة على المرضى – فمعظمهم يتلقى بدائل هورمونات الغدة الدرقية مدى الحياة، وبعضهم يواجه صعوبات بعد الجراحة بما فيها تضرر الأعصاب والغدد المحيطة.

ويؤكد الدكتور دوي أن المخرجات البحثية التي تم نشرها في “مجلة علم الأورام السريري” (Journal of Clinical Oncology) ستسهم في تطوير المبادئ التوجيهية الإكلينيكية في جميع أنحاء العالم، وفي توفير المعلومات حول العلاج المناسب لسرطانات الغدة الدرقية المتباينة، بالإضافة إلى التوعية العامة عن هذه الحالة.

وقال الدكتور دوي: “يمكن للأشخاص المصابين بسرطان الغدة الدرقية العيش حياة عادية وغالبا ما يتوفون من جراء أسباب أخرى. ولذلك، يعتبر تشخيص المرض والتدخل الجراحي غير ضروري في حال كانت الأورام حميدة وليس لها تداعيات على المريض. وفي هذا الإطار، هنالك البعض من هذه الحالات التي تتطلب علاجا، شرط أن تتطور الحالة إلى أنواع سرطانية إكلينيكية.

وأضاف الدكتور دوي: “من المقدر أن تبلغ تكاليف الرعاية الطبية المتوقعة لسرطانات الغدة الدرقية المتباينة في عام 2019 في الولايات المتحدة الأميركية أكثر من 3 مليارات دولار أميركي. وإذا استقرأنا توقعات الولايات المتحدة الأميركية، فمن المقدر أن تبلغ تكاليف الرعاية الطبية المتوقعة لسرطانات الغدة الدرقية المتباينة في أستراليا لعام 2019 حوالي 300 مليون دولار أميركي.”

وقام الدكتور دوي بالتعاون مع زملائه بتحليل بيانات دولية لتشريح الجثة من عام 1960 حتى عام 2007، بما فيها بيانات المناطق التي شهدت حالات متزايدة ومنخفضة لسرطانات الغدة الدرقية المتباينة. وبينت هذه الدراسة أن تشخيص سرطانات الغدة الدرقية المتباينة، خاصة في المرحلة العارضية ودون ملاحظة أية أعراض إكلينيكية، لم يتغير على مدى ستة عقود. كما أكدت الدراسة للمرة الأولى أن سرطان الغدة الدرقية قد تحول إلى وباء مع زيادة اكتشاف الإصابات به. وقال الدكتور دوي: “في نهاية المطاف، سيسهم هذا البحث في تحسين نوعية حياة المرضى المصابين بسرطان الغدة الدرقية من جهة، وفي تخفيف الأعباء على النظم الصحية من جهة أخرى.”

وقد ساهم في هذه الدراسة أيضا: لويس فورويا-كناموري وهو طالب دكتوراه بالجامعة الوطنية الأسترالية، والدكتورة كاتي بيل من جامعة سيدني، وجاستن كلارك والبروفيسور بول جلاسزيو من جامعة بوند.


نشر منذ

في

,

من طرف

الآراء

اترك رد