جريمة التحرش الجنسي وعقوبتها فى التشريع الإسلامي والقانون (دراسة مقارنة) .. د. محمد جبر جميل

د. محمد جبر السيد عبد الله جميل: جامعة المدينة العالمية – ماليزيا
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)
مقدمة
يعد حفظ العِرْضِ أحد مقاصد الشريعة الإسلامية. فقد حرم الله تعالى الأعْرَاض كما حرم الدماء والأموال. وقد خطب بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فى آخر حياته، وفى موقف من أعظم المواقف. ومما قاله صلى الله عليه و سلم فى خُطبَته تلك: ” فإن الله َ حرَّمَ عليكم دِمَاءَكُم و أَموَالَكُم و أَعرَاضَكُم: كَحُرْمَة يَومِكُم هذا فى شَهْرِكُم هذا فى بَلَدِكُم هذا “.
كما أغلقت الشريعة كل الطرق المؤدية إلى انتهاك الأعراض. فقد حرم الإسلام الزنا، واللواط و القذف. كما حرم الوسائل المؤدية إليها. فنهى عن الاختلاط فى غير ضرورة، و الخلوة، والتبرج بالزينة، وأمر بحفظ الفروج، و العفة، و غض البصر، وستر العورات، وحض على تيسير الزواج لمن استطاع، و أمر بالصوم لمن لا يستطيع لكبح غوائل الشهوة. كما أنه فرض أشد العقوبات – و هى حد الزنا – حماية للأعراض، وذَوْداً عن حرمتها، وذلك فى سبيل بناء مجتمع إسلامى يسوده الطهر والعفاف، ودرءا لعوامل التردى والانحلال.
وعلى الرغم مما يدعو إليه الإسلام من تعاليم للحفاظ على الأعراض و صيانتها، إلا أن واقع الحال يشير خلاف ذلك. حيث تشهد بعض البلدان الإسلامية تزايدا ملحوظا فى جرائم العرض. فتشير بعض الدراسات إلى أن مصر باتت تعانى من ارتفاع ملحوظ فى معدل التحرش الجنسى فى الحقبة الأخيرة. فوفقا لأحد التقارير الصادرة عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية و الجنائية فإن عدد قضايا التحرش الجنسى والاغتصاب في مصر ‏على سبيل المثال قد بلغ (52) ألف قضية في عام(2006) وحدها، بعدما اقتصرت على (21) ألف جريمة فى العام الذى سبقه، أى بمعدل ‏(140‏) حالة تحرش و اغتصاب يتم ارتكابها كل يوم.
من ذلك يتضح مدى تغلغل هذه الظاهرة، واتساع نطاقها، وخطورتها على مجتمع اليوم. فضلا عما قد يترتب على ذلك من آثار خطيرة تؤثر سلبا على المجتمع فى حاضره و مستقبله.
ولذا فقد تعالت أصوات عديدة تنادى بوضع الحلول المناسبة للحد من تفاقم هذه الظاهرة.
و بدلا من استلهام التشريع الإسلامى لوضع الحلول الملائمة لمواجهة هذه الظاهرة، اتجهت أنظار بعض الأفراد صوب القانون الوضعي لتجريم هذه الظاهرة، وسن العقوبات التى تراها مناسبة للحد من هذه الجريمة. وذلك انطلاقا من عقيدة خاطئة مفادها أن التشريع الجنائى الإسلامى لا يتفق مع العصر الحاضر، ولا يصلح للتطبيق لليوم، ولا يبلغ مستوى القوانين الوضعية.
و لذا كان من الأهمية بمكان السعي نحو إبراز تمايز التشريع الإسلامى فى نظرته لجريمة التحرش الجنسي، وعقوبتها مقارنة بالقوانين الوضعية. ودعم هذا السعي ما أوصت به العديد من الدراسات من ضرورة إلقاء

المزيد من الضوء علي موضوع التحرش الجنسى لاستخلاص قانون يسهم فى الحد من هذه الظاهرة. وهذا ما حدا بالدراسة الحالية إلي تناول هذه المشكلة بالعرض، والتحليل.

مشكلة الدراسة
تركزت مشكلة الدراسة الحالية في إبراز تمايز التشريع الإسلامى فى تناوله لجريمة التحرش الجنسي – مفهوما وحكما وعقوبة – مقارنة بالقانون المصري.
وبناءا علي ذلك تلخصت مشكلة الدراسة الحالية فى التساؤل الرئيس الآتى :
ما مفهوم جريمة التحرش الجنسى وأركانها، ووسائل إثباتها، وعقوبتها، ومسقطات هذه العقوبة فى التشريع الإسلامى و القانون؟

أهمية الدراسة
تبدت أهمية الدراسة الحالية فى التالى:
الأهمية النظرية:
تمثلت الأهمية النظرية فى استكمال جهود الدراسات السابقة فى مجال الفقه المقارن و ما انتهت إليه من نتائج فى هذا الخصوص بما يسهم فى دفع تطور هذا العلم نحو تحقيق الأهداف المنشودة منه و التى تتركز على إبراز تمايز الشريعة الإسلامية عن غيرها من القوانين الوضعية، و أنها السبيل الأصلح لسعادة البشر فى عاجلهم وآجلهم.
الأهمية العملية:
تمثلت الأهمية التطبيقية للدراسة الراهنة فى السعى نحو الاستفادة من نتائجها فى صياغة قانون اسلامى يحل محل القانون الوضعى للحد من جريمة التحرش الجنسى.

حدود الدراسة
لما كان الغالب من أنواع التحرش هو التحرش الجنسى الذى يقع من الذكور على الإناث، فإن الدراسة الحالية اقتصرت على تناول جريمة التحرش الجنسى التى تقع من الذكور على الإناث و عقوبتها وفقا لآراء الفقهاء فى المذاهب الأربعة المعتمدة (المذهب الحنفي، والمذهب المالكي، والمذهب الشافعي، والمذهب الحنبلي) ، بجانب المذهب الظاهرى عند ابن حزم، ومقارنتها بالنصوص الواردة بشأن هذه الجريمة فى قانون العقوبات المصرى.

منهج الدراسة
اعتمدت الدراسة علي المنهج المقارن. حيث تم تتبع الآراء الفقهية و القانونية حول جريمة التحرش، والمقارنة بينها، و ذلك من واقع المصادر العلمية التى انصبت على هذه الجريمة وتناولتها بالعرض و التحليل. وتم فى ثنايا ذلك إبراز أوجه الالتقاء و الاختلاف بين التشريع الإسلامى و نظيره فى قانون العقوبات المصرى حول جريمة التحرش الجنسى، و ذلك وصولا الى ابراز تمايز التشريع الإسلامى فى هذا الخصوص. واعتمدت الدراسة أيضا على المنهج التحليلى حيث يتم تحليل الأسس التى استندت اليها الآراء الفقهية و القانونية الواردة بشأن مسألة البحث، و مناقشة هذه الأسس.

النتائج:
توصلت الدراسة إلي العديد من النتائج أبرزها ما يلى:
أولا: مع أن مصطلح التحرش الجنسى مصطلح حديث نسبيا فى كل من التشريع الإسلامى والقانون، إلا أن صور التحرش الجنسى قد تعرض لها فقهاء الشريعة تحت مسمى المراودة، وتناولها القانون ضمن جرائم الفعل الفاضح، و هتك العرض، و التعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها.
ثانيا: يعد التحرش الجنسى بالإناث – خارج إطار الزواج – سلوكا محرما فى الشريعة الإسلامية بكافة صوره، إلا أن بعض صور التحرش الجنسى لا تعد جريمة من وجهة نظر القانون.
ثالثا: تفق القانون مع التشريع الإسلامى فيما يتعلق بأركان جريمة التحرش الجنسى. فيلزم لقيام هذه الجريمة فى التشريع الإسلامى و القانون الوضعى ثلاثة أركان هى الركن الشرعىّ، و الركن المادى، و الركن المعنوى.
– جعل الفقه الإسلامى الشهادة فى المرتبة الأولى فى الإثبات، و قدمها على الكتابة و سائر وسائل الإثبات. أما القانون الوضعى فقد جعل الإثبات بالكتابة هو الأصل، و الشهادة هى الاستثناء فى حالات الضرورة فحسب.
رابعا: يعد تحمل الشهادة و أدائها فى الإسلام واجبا دينيا لمن استطاع ذلك، و ذلك امتثالا لأمر الله تعالى ورجاءا فى ثوابه. فالشهادة أمانة من الأمانات و واجب شرعى يجب على المسلم أن يؤديه. بينما لم يرد فى القانون شيئ عن تحمل الشهادة، و لم يلزم الأفراد ذلك،

و إنما تركه إلى أصحاب الشأن يختارون من يشاؤون. أما أداء الشهادة فقد جعله القانون ملزما لمن تعين عليه الشهادة، و إلا عوقب بمقتضى القانون. فقد لاحظ المشرِّع أهمية الشهادة فى الإثبات، فأعطى المدِّعى المكلف بعبء الإثبات حق تعيين الشهود على دعواه، كما سمح للقاضى من تلقاء نفسه أن يقرر استدعاء الشهود فيما يجوز فيه الإثبات بالشهادة متى رأى فى ذلك فائدة فى إظهار الحق..
خامسا: تساهل القانون فى صفة الشهود، وعددهم، و تشدد فى تقدير قيمة الشهادة، و فى تحديد الحالات التى تجوز الشهادة فيها. و خوَّل القاضى تقدير قيمة الشهادة قبولا، و رفضا، و امتناعا، كما أوجب تحليف اليمين للشاهد قبل أداء الشهادة، وعدَّد القانون الحالات التى يجوز فيها الإثبات بالشهادة على سبيل الحصر. و هذا يناقض أحكام الشريعة الإسلامية التى حددت بدقة صفات الشهود، و نصت على نصاب الشهادة، و قبلت الإثبات بالشهادة فى جميع الأحكام دون تفريق بينها.
سادسا: منحت الشريعة الإسلامية القاضى سلطة تقديرية واسعة لتحديد العقوبة التعزيرية المناسبة لجريمة التحرش الجنسى بما يتفق و المصلحة العامة، و بما لا يخالف الشريعة. على حين أن القانون قد حدد للقاضى عقوبات معينة لايتجاوزها و عادة ما تكون غير كافية لزجر الجانى و ردع غيره.
سابعا: يختلف القانون عن الشريعة فى زاوية النظر إلى عقوبة الحبس. فموقف الشريعة من عقوبة الحبس يختلف اختلافا بينا عن موقف القانون الوضعى. فعقوبة الحبس فى القانون هى العقوبة الأولى أو هى من العقوبات الأساسية التى يعاقب فيها فى جريمة التحرش الجنسى.أما فى الشريعة الإسلامية فعقوبة الحبس ليست إلا عقوبة ثانوية. و هى عقوبة اختيارية للقاضى، فله أن يعاقب بها أو يتركها، و ليس له أن يعاقب بها إلا إذا غلب على ظنه أنها مفيدة. وقد أدى هذا النهج الذى سلكه القانون الوضعى إلى ترسيخ الإجرام فى نفوس السجناء بدلا من محاربته.حيث يترتب على جعل الحبس عقوبة أساسية أن يزداد عدد المحكوم عليهم بالحبس. و لا يخفى ما يترتب على ذلك من نفقات باهظة لإعالة المحكوم عليهم بعقوبة الحبس من جانب، و ما ينشأ من اختلاط المسجونين ببعضهم البعض من تحول السجون إلى مباءة للإجرام، نتيجة تأثر المسجونين المبتدئين بالأخلاق الفاسدة لمعتادى الإجرام.
ثامنا: يختلف القانون عن الشريعة فيما يتعلق بعقوبة الغرامة االمالية. فالقانون الوضعى يجعل الغرامة عقوبة أساسية فى معظم الحالات، و يتم تنفيذ الغرامة بطريقتين: الأولى: التنفيذ الجبرى على أموال المحكوم عليه، فإن لم يكن له مال، فالطريقة الثانية، و هى: الإكراه البدنى، و يتمثل فى حبس المحكوم عليه مدة معينة. و هذا يعنى أن عقوبة الغرامة تنتهى بالحبس إذا كان المحكوم عليه فقيرا، مع أن القانون يعتبر عقوبة الحبس أشد من عقوبة الغرامة. ولا تبيح الشريعة الإسلامية حبس المحكوم عليه بمبلغ من المال إلا إذا كان المطالب بالمال قادرا عليه و ممتنعا عن دفعه. أما إذا كان المطالب بالمال عاجزا عنه، فلا يجوز حبسه مقابل المبلغ المحكوم به.

تاسعا: يختلف القانون عن الشريعة فى عقوبة الجلد. فليس فى القانون عقوبة تعرف بالجلد. على حين أن الجلد من العقوبات الأساسية فى الشريعة، فهى عقوبة مقررة للحدود، و عقوبة مقررة فى جرائم التعازير. و ذلك لما لها من ميزات عديدة مقارنة بغيرها من العقوبات. فهى تمتاز بأنها أكثر العقوبات ردعا للمجرمين الخطرين الذين اعتادوا الإجرام. كما انها ذات حدين، حد أعلى و حد أدنى. لذا فيمكن أن يجازى بها كل مجرم بالقدر الذى يلائم جريمته، و يلائم ظروفه فى نفس الوقت. فضلا عن أن تنفيذها لا يثقل كاهل الدولة بالأعباء المالية، و لا يعطل المحكوم عليه عن الإنتاج، و لا يعرض أهله و من يعولهم للضياع، كما هو الحال فى الحبس؛ فالعقوبة تنفذ فى الحال، و الجانى يذهب بعد التنفيذ عليه مباشرة إلى حال سبيله. هذا بجانب أنها تحمى المحكوم عليه من شرور المحابس و ما تجره عليهم من مفاسد خلقية و صحية.
عاشرا: العفو المسقط للعقوبة فى القانون الوضعى يقتصر على العفو الصادرمن ولى الأمر أو من ينوب عنه، على حين أن العفو فى التشريع الإسلامى يشمل عفو ولى الأمر و عفو المجنى عليه.
حادي عشر: لا أثر لتوبة الجانى فى إسقاط العقوبة فى القانون. أما فى التشريع الإسلامى، فيسقط حق المجتمع فى معاقبة الجانى بالتوبة إذا نص ولى الأمر على ذلك.
ثاني عشر: لا يسقط حق العبد فى معاقبة الجانى بالتقادم فى التشريع الإسلامى، بينما يسقط هذا الحق بالتقادم فى القانون.

وقد اقترحت الدراسة الحالية التوصيات الآتية:
أولا: نظرا لانتشار ظاهرة التحرش الجنسى بالإناث – فى الآونة الأخيرة – دعت الدراسة المُقَنِّن الجنائى المصرى إلى ضرورة التدخل بالنص على تجريم التحرش الجنسى بالإناث، و تقرير عقوبة مناسبة للحد منه. و إذا كان تجريم و عقاب ذلك داخلا ضمنا فى نصوص المادتين (268، 269) المتعلقة بجريمة هتك العرض، و المادتين (278، 279) المتعلقة بجريمة الفعل الفاضح، و نص المادة (360 مكرر أ) المتعلقة بجريمة التعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها، إلا أنه من الأولى بالمقنن النص صراحة على تجريم التحرش الجنسى بالإناث على غرار ما فعله بجرائم هتك العرض، والفعل الفاضح، و التعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها، و كذلك على غرار ما فعله كثير من التشريعات الجنائية العربية كالتشريع القطرى. ولذا اقترحت الدراسة على المقنن الجنائى المصرى إضافة الفقرة التالية إلى المادة (360 مكرر أ) و هى: التحرش الجنسى بالإناث يعد جريمة يعاقب عليها القانون.

ويكون نص المادة كالتالى: ” كل من تحرَّش بأنثى بالقول أو بالفعل يعاقب بالعقوبة التعزيرية التى يراها القاضى مناسبة لزجر الجانى و ردع غيره و بما لا يخالف نصوص الشريعة فى مجال العقاب ” . ” و يسرى حكم الفقرة السابقة إذا كان التحرش قد وقع عن طريق التليفون أو الوسائل الالكترونية كالانترنت “. ” فإذا عاد الجانى إلى ارتكاب جريمة من نفس نوع الجريمة المنصوص عليها فى الفقرة السابقة كل مرة آخرى فى خلال سنة من تاريخ الحكم عليه فى الجريمة الأولى يعاقب بالعقوبة التعزيرية المشددة التى يراها القاضى مناسبة لزجر الجانى و ردع غيره و بما لا يخالف نصوص الشريعة فى مجال العقاب “. هذا مع الأخذ فى الاعتبار أن تكون العلة من تجريم التحرش الجنسى هى أنه يعد حقا من حقوق الله تعالى، أى حق المجتمع باعتباره ماسا بحقوق الجماعة، فتكون المصلحة محل الحماية هى صيانة الأعراض و الأنساب، و ليس حماية مبدأ الحرية الجنسية للفرد المعمول به فى القانون. وعلى ذلك يجب تجريم التحرش الجنسى بالأجنبية سواء تم برضائها أم بغير رضائها. بحيث تقوم أركان هذه الجريمة سواء وقعت الجريمة باختيار المجنى عليها أو برضائها أو بغير اختيارها و رضائها.
ثانيا: ضرورة أن تكون الشهادة فى المرتبة الأولى فى الإثبات، بحيث تقدم على الكتابة و سائر وسائل الإثبات، و أن تكون ذات حجية مطلقة فى جميع الوقائع، و أن تحدد صفة الشهود بدقة، والنص على نصاب الشهادة بما لا يخالف تعاليم الشريعة الإسلامية.
ثالثا: ضرورة تدخل المقنن العقابى المصرى لرفع العقوبة المقررة لجريمة التحرش الجنسى بالإناث بما يتناسب مع حرمة الأعراض. ذلك أن مقدار العقوبة المقررة لا تعد زاجرة للجانى فضلا عن كونها غير رادعة لغيره، فالحبس الذى قد لا يحكم به أصلا أو الغرامة التى لا تقل عن مائتى جنيه و لا تزيد على ألف جنيه غير كافية لزجر من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة لا سيما فى ظل تفشى ظاهرة التحرش الجنسى بالإناث فى الآونة الراهنة. لذا اقترحت الدراسة على المقنن العقابى المصرى التالى:
1- توسيع سلطة القاضى فى تقدير العقوبة المناسبة لجريمة التحرش الجنسى. فليس هناك عقوبة معينة لجريمة التحرش الجنسى فى التشريع الإسلامى. ولكن للقاضى أن يختار العقوبة المناسبة من بين العقوبات العديدة التى وضعتها الشريعة للجرائم أو التعزيرية أو بغيرها من العقوبات شريطة أن لا تخالف الأحكام العامة المتعلقة بالعقاب فى الشريعة، و أن تكون أكثر العقوبات ملائمة للفعل الذى يحاكم من الجانى من أجله.
2- الأخذ بالعقوبات المعنوية كعقوبة الوعظ، و التوبيخ، و الهجر، و التشهير على المحكوم عليه إن رأى فى ذلك ردعا له عن معاودة الجريمة.
3- الأخذ بعقوبة الحبس لغير مدة حتى تظهر توبة المحكوم عليه، و ينصلح حاله، و إلا حبس حتى الموت.
4- بالنسبة لعقوبة الغرامة المالية المحكوم بها، إذا كان المطالب بالمال عاجزا عنه، فلا يتسنى حبسه مقابل المبلغ المحكوم به. و لكن السعى نحو توقيع عقوبة بديلة عن العقوبة المحكوم بها.
5- ضرورة تقريرعقوبة الجلد فى جريمة التحرش الجنسى باعتبارها – باتفاق الفقهاء – أنجح العقوبات فى زجر الجانى و ردع غيره.
6- إعطاء الصلاحية القانونية للقاضى لتوقيع عقوبة القتل كعقوبة تعزيرية إذا استلزم الأمر ذلك. فالشريعة تبيح علاج بعض الحالات المستعصية بالقتل إذا تعين ذلك كوسيلة لحماية المجتمع.
رابعا: النص على جواز عفو المجنى عليه فى أى مرحلة من مراحل سير الدعوى الجنائية، و إن صدر بشأنها حكما نهائيا. وأن هذا العفو يسقط حق المجنى عليه فى معاقبة الجانى. و مع ذلك فهو لا يسقط حق المجتمع فى عقاب الجانى. و إنما مرد ذلك إلى ولى الأمر؛ إن شاء عفا، و إن شاء قرر توقيع العقوبة وفقا لما تقتضيه المصلحة العامة.
خامسا: النص على عدم جواز سقوط حق العبد فى معاقبة الجانى بالتقادم.
سادسا: النص على سقوط حق المجتمع فى معاقبة الجانى بالتوبة إذا رأى ولى الأمر على ذلك.


نشر منذ

في

من طرف

الآراء

رد واحد على “جريمة التحرش الجنسي وعقوبتها فى التشريع الإسلامي والقانون (دراسة مقارنة) .. د. محمد جبر جميل”

  1. الصورة الرمزية لـ عبد الله المعتصم
    عبد الله المعتصم

    بالتأكيد ليست هذه هي الدراسة الشرعية الوحيدة التي تناولت هذا الموضوع بناءً على ما جاء في الفقه ومقارنة ذلك بم جاء في القانون الوضعي إلا أن عدم تطبيقها بالشكل المطلوب والموافق للعصر قد لا يظهر الفائدة المرجوة منها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: