ندوة حقوق المرأة والعنف الجندري

نظم معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية ومركز الأبحاث في المعهد، في مناسبة زيارة وزيرة الدولة السابقة لشؤون المرأة في تشيلي والخبيرة في قضايا المرأة كارمن أندرادي للبنان، ندوة علمية بعنوان: “حقوق المرأة والعنف الجندري”، برعاية رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب وحضوره، تزامنت مع ذكرى مرور ما يزيد عن العشرين عاما على مؤتمر حقوق المرأة العالمي الرابع، الذي عقد في بيجينغ في الصين في العام 1995.
وشارك في اللقاء سفيرة تشيلي مرتا شلهوب، ونخبة من الأساتذة والباحثين في مجال العلوم الاجتماعية وعدد من طلاب الجامعة اللبنانية ولا سيما في اختصاص العلوم الاجتماعية، ولجنة المرأة في نقابة المحامين في لبنان، الى ممثلين جمعيات المجتمع المدني ومنظمات تعنى بحقوق المرأة.
نجار
استهلت الندوة عميدة معهد العلوم الاجتماعية الدكتورة مارلين حيدر نجار بكلمة رحبت فيها باسم المعهد ومركز الأبحاث برئيس الجامعة البروفسور أيوب شاكرة إياه على “تكرمه برعاية اللقاء الأول النوعي للمعهد لهذا العام الجامعي والذي يتركز على المرأة والعنف الجندري”. ورحبت ايضا ب”سعادة السفيرة والسيدة أندرادي والحضور جميعا”.
أيوب
والقى البروفسور ايوب كلمة استهلها ب”الترحيب بسعادة السفيرة وبالسيدة أندرادي وبالحضور في رحاب الجامعة الوطنية التي من محط اهتماماتها الأكاديمية والبحثية المواضيع المثيرة كموضوع العنف الجندري”، مشيرا إلى “حساسية تناول هذا المجال الاجتماعي”، لافتا إلى أنه عمل “مدى سنوات في مجال العلوم الطبية الجنائية بحيث كان من مؤسسي هذا الاختصاص في الجامعة اللبنانية عام 1990 والذي يتعاطى مع المسائل التي لها علاقة بتعريف هويات الأشخاص الذين يقومون باعتداءات مختلفة، ومن بينها الاعتداءات على النساء والأطفال بما فيها الاعتداءات الجنسية”.
وتحدث عن “الأهمية التي يوليها لموضوع العنف الجندري نظرا الى معايشته في مجال عمله لحالات حقيقية في هذا الإطار في لبنان كما في خارجه، ومشاهدته الذاتية لحجم الإساءة تجاه المرأة”، لافتا إلى “ما تمثله هذه الأخيرة بالنسبة إلينا كأم وأخت وابنة”، معتبرا أن “هذه الندوة يمكن أن تعرفنا الى الظروف العامة لأسباب الاعتداء على النساء ومفاعيله أو التمييز العنصري ضد النساء بكل ما في الكلمة من معنى، نظرا الى كونهن فقط نساء”.
وأشاد ب”الدور الناشط للغاية لمعهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية”، مثنيا على “إضاءته على موضوعات كهذه تسهم في مساعدة الإناث اللواتي يعشن في ظروف اجتماعية تسمح بالاعتداء عليهن عبر وسائل وطرق مختلفة ليس أقلها مساعدة المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني كي تقوم بدورها بشكل سليم وعلمي عبر تأهيل متدربين وطلاب وخريجين متميزين من المعهد”، مركزا على “دور الذكور الأساسي في هذا العمل”، وختم مكررا اشادته بدور المعهد: “أشد على أياديكم وأقول لكم إن الجامعة فخورة فيكم”، شاكرا للجهود التي “يبذلها المعهد في هذاالإطار”.
شلهوب
وشكرت السفيرة شلهوب باسمها وباسم “السيدة أندرادي للجامعة اللبنانية على هذه الاستضافة”، معلنة أن “علينا أن نتكلم بكل شيء عن المرأة والرجل لكونهما غير متساويين”، طارحة “العمل للوصول إلى التساوي في الحقوق والفرص والمسؤوليات بهدف إيجاد الإمكانات لأخذ المواقع”، واصفة أندرادي بالتي “جاهدت طوال حياتها للعمل على هذه المواضيع”، موضحة أنهم عملوا في تشيلي على الكثير من القوانين ومع ذلك فهم في حاجة، كما الجميع، إلى “العمل الأفضل في هذا المجال”.
كيال
والقت رئيسة مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعية الدكتورة كيال كلمة قالت فيها: “لا بد أن نكون صريحين بالاعتراف بأننا ما زلنا مقصرين في إنتاج الدراسات العلمية والأبحاث حول مواضيع الجندر، وخصوصا أن نضالات الجمعيات النسوية قد سبقتنا بأشواط في هذا المجال، ونقص الأبحاث يطاول المجالات كافة ولا سيما منها ميكانيكية المساواة الجندرية في مجتمعنا سواء في السياسة، في العمل، في الاقتصاد وفي التشريع الذي لا يزال يعتبر أن اللبنانية ليست مواطنة كاملة قادرة على منح جنسيتها لأبنائها، ناهيك بحقوق المرأة في قرارات الحماية والرعاية لأبنائها، ولا ننسى لغتنا وعمق مفهومها الجندري المتجسد في الأمثال الشعبية في الصور النمطية عن المرأة والرجل، في النكات الشعبية والتي تؤثر بشكل كبير على إنتاج المجتمع لذاته. نحن نعرف أن هذا التقصير يساهم في إضعاف تنامي نشر الوعي في المجتمع فتطوير الفكر في هذا المجال هو جوهري لتفعيل التغيير وهو ما يشكل المستند الحقيقي للمطالبة برسم سياسات اجتماعية أكثر عدالة جندرية”.
وأملت في أن “تشكل هذه الزيارة للوزيرة أندرادي فاتحة طريق لتنامي البحث الأكاديمي الجندري في المعهد ولا سيما بعد تطويرهم لبرامجه ولمركز الأبحاث في المعهد، ولفتح سبل تعاون مع جامعات تشيلي التي سبقتنا بأشواط في هذا المجال البحثي”.
أندرادي
بعد شكر رئيس الجامعة اللبنانية والهيئة التعليمية على “الدعوة الى تبادل الحديث حول مسألة تهم بلدينا لبنان وتشيلي في آن”، رأت أندرادي أن ” طريق النضال لا يزال طويلا من أجل العمل على تحقيق المساواة الحقيقية الفعلية بين الجنسين، وما نطالب به اليوم هو أن يكون المرأة والرجل متساويين في الكرامة وفي الحقوق الانسانية”، موضحة أنها “ستعمل على مشاركتنا خبرتها عبر تجربتها”.
ولاحظت أن “المرأة ما زالت في كثير من القطاعات الانتاجية لا تحصل بسهولة على عمل في مقابل أجر”، مشيرة الى ان “نسبة المشاركة المهنية للمرأة في تشيلي قد بلغت 48 في المئة فقط في مقابل 22,8 في المئة في لبنان”.
واضافت: “وضع نظام سياسي جديد في تشيلي يعتمد على الكوتا وعلى أمور أخرى وبموجبه تتحدد نسب المشاركة بين الذكور والإناث مرتكزين على توزع 40 % إلى 60% وليس بالضرورة أن يكون الـ 60% للرجال والـ 40 % للنساء فمن الممكن أن يكون كذلك أو بالعكس. واللافت ان أي حزب سياسي لا يحترم هذا الأمر في لوائحه الانتخابية يحرم المشاركة في الانتخابات”، لافتة الى أن “لبنان يحتل المرتبة 136 من بين 188 بلدا في العالم بحسب نسبة النساء في البرلمان الوطني في لبنان”.
وتوقفت عند “خمسة تحديات في مجال حقوق المرأة والعنف الجندري”، مشيرة إلى أن “التحدي الأول يفترض بنا أن ننطلق بالسياسات التي تهتم بالمرأة وبحقوقها للوصول إلى سياسات المساواة، أما التحدي الثاني فيرمي إلى تطوير الطابع المؤسساتي الجندري بالارتكاز إلى قوانين تسرع هذا الأمر، بينما يرتكز التحدي الثالث على المشاركة السياسية بوصفها أفق المساواة”، لافتة إلى “وجوب وضع تدابير انتقالية لتحقيق هذه المشاركة ومنها الكوتا النسائية”، واعتبرت أن “مشاركة المرأة الفعلية تسمح ببروز أصوات أخرى وحلول بديلة وتسمح ايضا بوضع سياسات وتحقيق تغييرات تشريعية مهمة للمسألة الجندرية”. وأعلنت ان “التحدي الرابع موضوع التطرف أو معالجة أزمة الرعاية انطلاقا من المسؤولية الاجتماعية المشتركة في ظل نموذج ثقافي رائج ومهيمن يقسم الأدوار النمطية بين المرأة والرجل بشكل يتناقض مع كل التغييرات الاجتماعية والديموغرافية والثقافية في العديد من مجتمعاتنا، ويرمي التحدي الخامس إلى مواجهة العنف بالعنف”.
نقاش
في ختام العرض، ناقش الحضور من الباحثين والأساتذة وطلاب الدكتوراه النقاط التي اثارتها المحاضرة، ثم قدمت الدكتورة حيدر نجار درعا تكريمية الى أندرادي ورسالة شكر وتقدير الى السفيرة شلهوب.

الآراء

اترك رد