جريمة الاتجار بالبشر: عندما تستباح الإنسانية … بهاء الدين محمد دومي

بهاء الدين محمد دومي: كاتب ومحامي – الماجستير في القانون التجاري جامعة النيلين

“الإنسانية هي ألا يتم التضحية بإنسان في مقابل غاية”. ألبرت شفايتزر
“إن الإتجار بالأشخاص تحقير لكرامة الإنسان وتهجم على حريته، كما أنه سلب لأبسط حقوقه” جون كيري
إن مايدور في العالم من أحداث وتطور أدى إلى بروز عدد من الظواهر السلبية والسيئة التي طغت على الساحة بشكل مريع
ومن أسواء هذه الظواهر وأشنعها مايعرف بالجرائم العابرة والمقصود بالعابرة أن هذه الجرائم هي جرائم عالمية لا ذات موطن محدد ومن أشهر الجرائم العابرة مايعرف بجريم الإتجار بالبشر
Trafficking in Human Beings.
وهي نوع جديد من أنواع إستباحة الإنسانية كما أنها تشكل عبودية جديدة غابت فيها كل ملامح الإنسانية وأصبح الإنسان سلعة تباع وتشترى والأدهى والآمر أن المجرم هو أيضآ إنسان!!!
1-فما ما هو الاتجار بالبشر؟
عُرّف الاتجار بالبشر على أنه أنشطة استقطاب شخص، أوإيوائه، أونقله، أوتوفيره، أواستحواذه، لإرغامه على العمل القسري أوممارسة الجنس التجاري، وذلك من خلال استخدام القوة أوالاحتيال أوالإكراه، وقد يطلق عليه أيضًا مصطلحات مثل “الاتجار بالأشخاص” و”العبودية الحديثة”.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن الاتجار بالبشر قد عرف دوليًا للمرة الأولى في المادة الثالثة من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، على أنه يتألف من ثلاثة عناصر هي: (أ) “فعل” يتمثل في تجنيد أشخاص أو نقلهم أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم؛ (ب) “وسيلة” تساعد على تحقيق الفعل، مثل التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة ضعف أو إعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر؛ (ج) “غرض” من الفعل المعتزم أو من الوسيلة، أي الاستغلال. وبالتالي فإن موافقة الضحية على الاستغلال المعتزم غير ذي أهمية عند استخدام أي من الطرق المذكورة. ويتعين توافر العناصر الثلاثة في أي فعل لكي يعد “اتجارًا بالأشخاص” في القانون الدولي. والاستثناء الوحيد هو أن عنصر “الوسيلة” لا يكون جزءًا من التعريف عندما يكون الضحية طفلًا.
“إن الاتجار بالأشخاص تحقير لكرامة الإنسان وتهجم على حريته، كما أنه سلب لأبسط حقوقه.”
– جون كيري.
2- تختلف الأشكال والجريمة واحدة
وقد تختلف أشكال الاتجار بالبشر حيث ذكر تقرير الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر لعام 2015 بعض النسب بحسب الغرض المراد به التجارة، فقد كان الاستغلال الجنسي للنساء بنسبة 79% و14% للعمل القسري وسرقة الأعضاء، في حين يتعرض 83% من الضحايا الرجال للعمل القسري ممثلا في التنظيف والبناء والخدمات الغذائية والمطاعم والعمل المنزلي وإنتاج النسيج، و8% للاستغلال الجنسي و1% لسرقة الأعضاء فضلًا عن التجنيد غير القانوني للأطفال.
وبحسب تقرير لـ”منظمة العفو الدولية”، يستخدم المتاجرون أساليب مختلفة لترويع الضحايا والسيطرة عليهم، وهذه بعض وسائل الإتجار:
• الاسترقاق بالمديونية، أو بقيود مالية أخرى لاستبقاء الضحايا في حالة الاتكال، بما فيها احتجاز أجورهم باعتبارها “أمانات”.
• فرض الحجر عليهم ومنعهم من التواصل مع الناس، ومراقبة اتصالاتهم بمن هم خارج البيت أو الموقع والحد منها.
• فصلهم عن عائلاتهم وأقاربهم وجماعاتهم الدينية.
• مصادرة جوازات سفرهم وتأشيرات دخولهم ووثائقهم الثبوتية.
• اللجوء إلى العنف، أو التهديد باستخدامه، ضد الضحايا وعائلاتهم.
• التهديد بإذلالهم عن طريق فضح ظروفهم لعائلاتهم.
• إبلاغ الضحايا بأنهم سيواجهون السجن أو الترحيل بسبب مخالفتهم قوانين الهجرة، إذا أقدموا على الاتصال بالسلطات.
وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية ، حيث قسم التقرير الخاص بمحاربة الاتجار بالبشر لعام 2016 الذي أصدرته الخارجية الأمريكية، دول العالم إلى خمس خانات، وأوضح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن التقرير قُصد به تسليط الضوء على هذه التجارة التي تصل قيمتها إلى “150” مليار دولار، ووصفها بـ”الجريمة المرعبة”، وحدد التصنيف الأمريكي القائمة الأولى في الدول التي قال إنها تتبع الحد الأدنى من قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر، وفي الثاني دول لا تلتقي قوانينها مع هذا القانون، لكنها تقوم بجهود مهمة في هذا المضمار، وهي الخصائص نفسها التي شملت القائمة الثالثة بإضافة رقم كبير للضحايا وغياب دلائل على تطوّر الجهود، بعدها الصنف الرابع الذي حل فيه السودان بجانب “27” دولة منها إيران وجنوب السودان وجيببوتي وجزر القمر وإريتريا وكوريا الشمالية وروسيا وبلاروسيا، فيما حلت كل من اليمن والصومال وليبيا في صنف الحالات الخاصة التي لم يُصنفها التقرير بشكل دقيق، ولم تُصنف أيّ دولة عربية في الخانة الأولى من التقرير، لكن مصر أتت في الخانة الثانية مع البحرين ولبنان والعراق والأردن والمغرب والإمارات، فيما حلّت دول الكويت وعمان وقطر والسعودية وتونس في الصنف الثالث.


نشر منذ

في

من طرف

الآراء

اترك رد