رشدي بويبري: جامعة ابن زهر، المغرب
الترابط بين اللغة والثقافة بمضامينها المختلفة حقيقة لا يماري فيها أحد وله تجليات متعددة وأبعاد كثيرة. فاللغة بأشكالها التعبيرية المتعددة هي الجسر الأساس الذي تعبر منه الثقافة وتظهر إلى الوجود وتنتقل عبر الزمن وداخل المجتمعات. وتؤكدُ الدارساتُ الحديثةُ بأن اللغةَ والثقافة وجهان لعملة واحدة. وأن الثقافة تتحدَّد باللغةِ مثلما تتحدَّدُ بها، وأن تطويرَ اللغةِ من تطويرِ الثقافة وانحصارَها بانحصارِها، وأن كلَّ محاولةٍ لتوسيع مناطاتِ القولِ في لغةٍ ما هو بالضرورةِ توسيعٌ لمساحاتِ الثقافة فيها و بِها، وأن قصورَ لغةٍ مُعَيَّنةٍ ومحدوديةَ التفكيرِ فيها و بها هو من قصورِ اجتهادِ أهلِها، وتعيش اللغات والثقافات نفس التحديات ومن أبرزها:
ـ تحدي المواكبة.
ـ التأهيل.
ـ القيمة.
ـ التهجين.
ـ الحفاظ على الأصالة.
يفترض في اللغات والثقافات التي تريد الحفاظ على وجودها والاستمرار في الحياة أن تتفاعل مع غيرها و تتلاقح وهو ضرورة مصيرية وواقع قائم لا يمكن الانفلات منه لكن تهديدات الهيمنة والاقصاء ترفع تحديات خطيرة في وجه الهويات اللغوية والثقافية الذاتية والأصيلة.. فبين الانفتاح اللغوي والثقافي والحماية اللغوية والثقافية هناك خطر الذوبان والتهجين أو الجمود و الفناء. وقد ثار جدل كبير في العالم العربي منذ أواخر القرن التاسع عشر بين فريقين متنافرين موضوعه إشكالية التهجين اللغوي وعلاقته بالتهجين الثقافي وطبيعة انعكاساته على هوية المجتمع العربي. وما يزال الجدل قائما بحدة أكبر خاصة مع اتساع دائرة الهجوم الثقافي واللغوي على العالم العربي بصورة غير مسبوقة. فالفريق الأول يهاجم التهجين اللغوي والثقافي ويندد بخطورته بدعوى أنهما سبب رئيس في انهيار الهوية الأصيلة للمجتمع العربي. أما الفريق الثاني فيعتبر أن التهجين، سواء في بعده اللغوي أو الثقافي، تطور طبيعي في سياق نمو المجتمعات وارتقائها واستفادتها من غيرها من الثقافات واللغات. ولم يقتصر الجدل على المثقفين العرب لكن القضية صارت إشكالية فلسفية ومعرفية على مستوى العالم ككل.
ومن أبرز الإشكاليات التي يثيرها هذا الموضوع يمكن صياغتها في التساؤلات التالية:
ـ ما مفهوم التهجين؟ ما دلالة التهجين اللغوي والثقافي؟
ـ ما هي أسبابه ومظاهره؟
ـ ما هي حجج الأطراف المختلفة من التهجين اللغوي والثقافي؟
ـ ما هي امتدادات هذه المواقف وتبعاتها؟
اترك رد