حذف الجمل في القرآن الكريم و تأثيره على ترجمة معانيه -ترجمة بلاشير أنموذجا-

إعداد الطالب الباحث: لحسن خمسي – جامعة القاضي عياض – كلية اللغة العربية مراكش -المغرب-

diae.net – شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات والأبحاث

الملخص
تمتاز العربية كغيرها من اللغات البشرية بظاهرة الحذف، و من الطبيعي جدا أن يأتي القرآن الكريم بلسان القوم منتهجا مناهجهم و أساليبهم البلاغية و محققا في كل ذلك كل مظاهر الإعجاز البلاغي فيه، و لأن الحذف آلية من آليات التعبير في اللغة العربية وفق ضوابط و شروط يتعين احترامها فيه، فإن الإلمام به و ببلاغته لا غنى عنه لكل باحث في العربية عموما و في القرآن على وجه التحديد؛ لأن الجهل بهذا المسلك الدقيق من شأنه أن يوقع في كثير من الالتباس و ربما الافتراء و الاتهام للقرآن الكريم، و لا شك أن ترجمة معاني القرآن الكريم تقتضي التمكن الدقيق من اللغتين: المنطلق (L.D) و الهدف(L.A)، ، من: صرف و نحو و بلاغة و معجم و دلالة و تداول و….الخ، حتى تكون ترجمة أمينة و وفية إلى حد مقبول. و نظرا لما يطرحه حذف الجمل من مشاكل جمة في ترجمة معاني القرآن الكريم بشكل عام، و في ترجمة بلاشير بشكل خاص، فإن بحث المشكلة يعد أمرا مهما ، و تبعا لذلك ترتبط إشكالية هذه الورقة أساسا بمشكل ترجمة حذف الجمل: الجملة المعطوفة، و جملة الخبر، و جملة جواب الشرط في القرآن الكريم عند بلاشير و تأثر ذلك على المعنى القرآني في ترجمته.
الكلمات المفاتيح: الحذف-الجمل-الترجمة-القرآن الكريم- بلاشير.

diae.net – شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات والأبحاث

Abstract
Like other human languages, Arabic is characterized by the phenomenon of omission (Deletion),. It is very natural that the Holy Qur’an comes in the mother tongue of the people, adopting their curricula and rhetorical methods, and investigating all these aspects miraculously. Omission is one of the mechanisms of expression in the Arabic language according to rules and conditions that must be respected. knowledge obout omission and its rhetoric is indispensable for every researcher in Arabic in general and in the Qur’an in particular because ignorance of this delicate course of action would result in much confusion and perhaps slander and accusation of the Holy Qur’an, and if the translation of the meanings of the Noble Qur’an requires first and foremost mastery of the two languages: the starting point (LD) and the goal (LA)of : grammar, rhetoric, lexicon, semantics and pragmatics, etc so that the translation would be accurate, faithful and meaningful to an acceptable extent. In view of the many problems posed by the omission of the sentences in translating the meanings of the Holy Qur’an in general, and in the translation of Blacher in particular, researching the problem is an important matter, and accordingly the problem of this paper is mainly related to the problem of translating the deletion of the sentences: the given sentence, and the sentence of the news and the response of the condition in the Holy Qur’an to Blacher, and this influenced the Quranic meaning in its translation.
Key words: Omission – Sentences – Translation – The Holy Quran – Blacher.

diae.net – شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات والأبحاث

مقدمة
لا شك أن القرآن الكريم يعتبر في أعلى مراتب البلاغة العربية، و هو كلام معجز لا يقدر الإنس و لا الجن على أن يأتوا و لو بآية تشه شيئا من القرآن الكريم، و أنى يكون لهم ذلك بعد التأكيد القرآن على نفي الاستطاعة عنهم و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا، يقول الحق سبحانه: ” قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا “(1). و كما هو معلوم أن القرآن الكريم جاء بلسان العرب المبين مخاطبا إياهم بذلك، و هم أهل العربية و فرسان بلاغتها يعرفون دقائق لغتهم و يتفاخرون بذلك، و لعل ما نظموه من أشعار، و ما نثروه من أسجاع و غيرها لدليل واضح على هذه الحقيقة، و لا يعني ذلك أنهم وحدهم المقصودون بالتحدي القرآني، و لكن الأمر يشمل الجنس البشري كله، فضلا عن الجن، و قد ثبت أن أسلوب القرآن جاء وفقا لما عهدته العرب في مخاطباتها متضمنا كل الظواهر الأسلوبية المعروفة في لغتهم العربية، و لعل الحذف أبرز سمة أسلوبية في بلاغة القرآن الكريم، فضلا عما سواه من الكلام البليغ، و الحذف كما هو معروف أنواع كثيرة و يشمل كل مستويات اللغة العربية من: حركات و حروف و كلمات و جمل، و لا نستبعد أن يشمل كذلك نصوصا بكاملها و إن يمكن ذلك في التراث اللغوي، و لعل ذلك راجع بالأساس إلى أن الدراسات اللغوية عامة لم يتجاوز اهتمامها حدود الجملة. و الذي يهمنا هنا هو حذف الجمل في القرآن الكريم باعتبار تأثيره القوي على بناء المعنى القرآني فهما و نقلا من و عن اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية، و لأن حذف الجملة في عمقه يشمل باقي الأنواع الأخرى للحذف ؛ أي حذف الحركة و الحرف و الكلمة و غيرها-،و إن بشكل من الأشكال فإن دراسته و معرفة مواطنه في القرآن الكريم يعد أمرا لا مناص منه على كل دارس للقرآن و باحث و مترجم لمعانيه. و سنحاول الكشف عن تأثير هذا النوع من الحذف؛ أي حذف جلمة الخبر و جملة جواب الشرط، و الجملة المعطوفة، على ترجمة معاني القرآن الكريم عند بلاشير، هذا المستشرق الذي حاز شهرة في الأوساط العلمية الفرنسية و العربية على حد سواء، بالنظر إلى نشأته العلمية و مؤلفاته في اللغة و الحضارة العربية.

diae.net – شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات والأبحاث

هدف البحث
لا شك أن ترجمة معاني القرآن الكريم ليس بتلك السهولة التي تصورها المستشرقون عموما و بلاشير على وجه الخصوص، فهي و إن أجاز علماء الإسلام القيام بها، إلا أنهم اشترطوا لذلك شروطا كثيرة، و لعل التعمق في العربية يأتي على رأس تلك الشروط فضلا عن شروط أخرى، و التعمق هنا بالمعنى الدقيق للكلمة، و تبعا لذلك و بعد قراءة ترجمة بلاشير، يهدف البحث إلى كشف جانب من إخفاق الترجمة البلاشيرية، في نقل المعنى القرآني، من خلال تتبع تعامل المترجم مع حذف الجمل في القرآن الكريم، كما يتغيا البحث المساهمة في إثراء النقاش بخصوص ترجمة معاني القرآن الكريم عن طريق التأكيد على دور الحذف كظاهرة وسمت اللغة العربية عامة و القرآن الكريم بشكل خاص، في الوفاء للنص القرآني معنى و تأثيرا.

أهمية الدراسة
تتحدد أهمية الموضوع في كون دراستي تصب في مجال مهم و خطير للغاية، و يتطلب جهودا جبارة لتأمين النص القرآن من التحريف الذي قد يتسرب إليه من خلال الترجمة، خاصة ترجمات المستشرقين، باعتبار الترجمة اليوم أمرا ضروريا بعد انتشار الإسلام و حاجة غير العرب من المسلمين لفهم أمين للقرآن الكريم بلغاتهم الأصلية.

منهج الدراسة
اقتضت طبيع البحث أن يكون المنهج المتبع تحليليا و تفسيريا و استقرائيا.

خطة البحث
الفصل الأول: تمهيد
المبحث الأول: الحذف في اللغة و الاصطلاح
المطلب الأول: الحذف في اللغة
المطلب الثاني: الحذف في الاصطلاح
المبحث الثاني: الجملة لغة و اصطلاحا
المطلب الأول: الجملة لغة
المطلب الثاني: الجملة اصطلاحا
المطلب الثالث: جملة الخبر
المطلب الرابع: جملة العطف
المطلب الخامس: جملة جواب الشرط
المبحث الثالث: الترجمة في اللغة و الاصطلاح
المطلب الأول: الترجمة في اللغة
المطلب الثاني: الترجمة في الاصطلاح
المبحث الرابع: القرآن في اللغة و الاصطلاح
الباب الأول: القرآن لغة
الباب الثاني: القرآن اصطلاحا
المبحث الخامس: التعريف بريجي بلاشيرRégis Blachère
المطلب الأول: حياة بلاشير
المطلب الثاني: بعض أعماله
الفصل الثاني: حذف الجمل في القرآن الكريم و تأثيره على ترجمة بلاشير
المبحث الأول: حذف جملة الخبر و تأثيره على ترجمة بلاشير
المبحث الثاني: حذف جملة جواب الشرط و تأثيره على ترجمة بلاشير
المبحث الثالث: حذف جملة العطف و تأثيره على ترجمة بلاشير

diae.net – شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات والأبحاث

الفصل الأول: تمهيد
المبحث الأول: الحذف في اللغة و الاصطلاح
لا شك أن تحديد المصطلحات في أي بحث يعد الخطوة المنهجية التي لا غنى عنها؛ لأن تحديد المصطلحات يضع أرضية و تعاقدا ضمنيا بين الكاتب و المتلقي، و تبعا لذلك فقد ارتأينا تحديد المصطلحات المؤطرة للورقة و إثارة بعض قضاياها الضرورية بما يخدم الموضوع، و فق الخطة الآتية:
المطلب الأول: الحذف في اللغة
الحذف في اللغة الإسقاط و القطع، يقول صاحب مختار الصحاح: ” ح-ذ-ف (حذف) الشيء إسقاطه و ( حذفه) بالعصا رماه بها، (حذف) رأسه بالسيف إذا ضربه فسقط منه قطعة ” (2).
المطلب الأول: الحذف في اللغة
أما اصطلاحا: فتعددت تعريفات الحذف بين النقاد و البلاغيين و النحاة بشكل خاص، و تتفق معظم تلك التعريفات في اعتبار الحذف إسقاط جزء من الكلام أو كله لدليل ، يقول قدامة: ” و أما الحذف فإن العرب تستعمله للإيجاز و الاختصار و الاكتفاء بيسير القول إذا كان المخاطب عالما بمرادها فيه”(3). لعل هذا النص يوضح إلى جانب وقوع الحذف في اللغة العربية، بعضا من مقاصده و غاياته و هي الإيجاز و الاختصار و الاكتفاء باليسير من القول للتعبير عن المراد، و من جهة ثانية توضيح الشرط الأساسي لجواز الحذف و هو عنده مرتبط بالمخاطب و علمه بمراد العرب من هذا المسلك، و هو شرط جامع لغيره من الشروط، و هكذا لا يحقق الحذف غايته إلا إذا كان مشتركا بين طرفي التخاطب: المخاطِب و المخاطَب. و من أكثر العلوم اهتماما بالحذف في التراث اللغوي، علم النحو، و علم البلاغة، فالأول كان ينظر إليه من زاوية التركيب و ما يترتب عنه من أحكام إعرابية بشكل خاص، و الثاني ينظر إليه باعتباره مبحثا بلاغيا مرتبطا بالمعاني في علاقتها المتلقي و ما يحدثه من الآثار البلاغية. و تزخر مصنفات العلمين معا بآراء علمية وجيهة عن حقيقة الحذف و بلاغته، و هذه الآراء و غيرها إنما تكشف قيمة الظاهرة في التخاطب عند العرب، و من المفيد هنا أن نورد بعضا من تلك الآراء على النحو الآتي:
يقول شيخ النحاة سيبويه رحمة الله عليه عن الحذف و كثرته في أساليب العرب: ” و ما حذف في الكلام؛ لكثرة استعمالهم كثير”(4). لا يختلف هذا الكلام عما قاله قدامة بخصوص الحذف و خاصة ما تعلق علم المخاطب به و بمقاصده و مواطنه، و لعل كثرة الحذف ترجع بالأساس حسب سيبويه إلى كثرة استعمال العرب له –المحذوف- حتى صار الحذف أحسن من الذكر، و هذا ما أكده ابن جني بقوله: ” فكل ما كان معلوما في القول جاريا عند الناس فحذفه جائز لعلم المخاطب”(5). و قريب من هذا المعنى ما ذهب إليه ابن يعيش (تـ 643هـ) يقول: ” الألفاظ إنما جيء بها للدلالة على المعنى، فإذا فهم المعنى بدون اللفظ جاز ألا تأتي به و يراد حكما أو تقديرا”(6). لعل القارئ من خلال ما تقدم يدرك أن مدار الحذف على المعنى، فابن يعيش يكشف عن وظيفة الألفاظ المقصورة على التعبير عن المعاني و الدلالة عليها، و متى تحققت تلك الوظيفة بترك الألفاظ لا مانع من ذلك، و لعل القارئ منتبه إلى عبارة “جائز” الواردة في النصوص، ما يعني أن الحذف و إن دل على المعاني فليس الأصل و إنما عارض فقط، و تبقى الأولوية للذكر. أما ابن رشيق القيرواني فيرى أن الحذف يتم في العربية إذا دل عليه شيء، و يقصد هنا القرينة اللفظية تحديدا، يقول: ” يحذفون بعض الكلام لدلالة الباقي على الذاهب”. بمعنى أن الحذف لا بد أن يترك أثرا يدل عليه، و هو بهذا التحديد إنما يقصر الأثر على اللفظ دون غيره، مما قد يكون حالا أو عقليا، أما عبد القاهر الجرجاني فقد فصل الحديث عن بلاغة الحذف يقول: ” فإنك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر، و الصمت عن الإفادة أزيد للإفادة، و تجدك أنطق ما تكون بيانا إذا لم تبن”(7)، هكذا يرفع الجرجاني قدر الحذف و يعلي من شأنه و بل و يجعل في قمة الفصاحة و البيان، و هو –الحذف- صنو للصمت في ذلك، و من ثمة نفهم أن الحذف في مواطنه أبلغ من الذكر، و سنتعرف على هذه المزية في ما سيأتي بيانه. و هكذا نخلص إلى أن الحذف آلية من آليات التعبير عن المقاصد و تبليغ المعاني للمتلقي، و هو يتطلب من المتلقي قدرا كبيرا من الإحاطة بهذا المسلك العظيم، و بخاصة متلقي القرآن الكريم حتى يكون أقدر على فهم معانيه و تحصيل دلالاته.
المبحث الثاني: الجملة لغة و اصطلاحا
تعتبر الجملة من أهم عناصر اللغة التي عني بها كثيرا في التراث اللغوي العربي عامة، و بشكل خاص عند النحاة و البلاغيين، و كثيرا ما يتم اعتبارها مرادفا للكلام الذي يستعمله النحاة في اصطلاحاتهم، و لكن المتأمل في التعريفات التي قدمت للكلام يدرك أن الجملة أعم منه، و الذي يرادفها في الحقيقة إنما هو الكلم، و سنوضح هذا المعطى بعد عرضنا للتحديد اللغوي للجملة على النحو الآتي:
المطلب الأول: الجملة لغة
الجملة في اللغة مفرد جُمل، و تعني المجموع و التركيب و التأليف، جاء في محيط المحيط: ” جمل الشيء يجمله جملا جمعه…و الجملة عند بعض النحاة هي الكلام و المشهور أنها أعم منه”(8).
المطلب الثاني: الجملة اصطلاحا
أما اصطلاحا فتعددت تعريفاتها عند الدارسين القدامى ، يعرفها صاحب المفصل بقوله: ” الكلام هو المركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى، و لا يتأتى ذلك إلا في اسمين كقولك: زيد أخوك، و بشر صاحبك، أو فعل و اسم نحو قولك: ضرب زيد، و انطلق بكر، و تسمى الجملة”(9). يبدو أن تحديد الزمخشري يجعل الكلام و الجملة بنفس المعنى و يشترط في كل منهما الإسناد، و هذا التعريف تبناه غيره من النحاة كابن الحاجب في كافيته. و في الحقيقة فالجملة أعم من الكلام كما عرفها الشريف الجرجاني يقول: ” الجملة عبارة عن مركب من كلمتين، أسندت إحداهما إلى الأخرى سواء أفاد كقولك: ( زيد قائم ) أو لم يفد كقولك (إن لم يكرمني) فإنه جملة لا تفيد إلا بعد مجيء جوابه، فتكون الجملة أعم من الكلام مطلقا”(10). فالشريف هنا لا يشترط الإفادة من عدمها في الجملة عكس الكلام الذي اشترط فيه النحاة الإفادة، أما فاضل السامرائي فيجعل الكلم مرادفا للجملة و هما أعم من الكلام يقول: ” الكلم هو ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر سواء كان التركيب مفيدا أم غير مفيد، كقولك: (حضر اليوم محمد) كلام و كلم، و قولك : (إن حضر محمد)، كلم و ليس كلاما، و قولك: (حضر محمد) كلام و ليس كلما، و قولك: ( إن ذهب أخوك إلى المسجد) كلم و ليس كلاما، فإن قلت: ( إن ذهب أخوك إلى المسجد فاذهب معه) كان كلما و كلاما”(11). هذا التعريف للكلم يقوم على أساس مكونات التركيب؛ أي عدد الكلمات التي يتركب منها، و هي ثلاث فما فوق، عكس الكلام الذي يتركب من كلمتين : مسند و مسند إليه مع شرط الإفادة، و من خلال ما سبق يمكن صياغة تعريف توفيقي للجملة و الذي سنعتمد عليه في هذه المساهمة، و هو : الجملة تركيب من كلمتين فأكثر سواد أفاد معنى يحسن الاكتفاء به أو لم يفد، كقولنا:( محمد ناجح)، و( إن حضر علي الحصة) و غير ذلك. و لأن الورقة ستقتصر على ثلاثة أنواع من الجمل و هي: جملة العطف، و الخبر، و جواب الشرط. فمن المفيد أن نقدم تحديدا لكل نوع على حدة كما يلي:
المطلب الثالث: جملة العطف
العطف في اللغة مصدر من قولك ( عطفت الشيء) إذا ثنيته فجعلت أحد طرفيه على طرفه الآخر، و هو أيضا مصدر قولك (عطف الفارس على قرنه) أي كفئه و مساويه في الشجاعة، أي التفت إليه.(12) فالعطف بهذا المعنى يقتضي الاشتراك بين طرفيه و التساوي. و هذا المعنى يظهر بشكل كبير عن النحاة عندما جعلوا المعطوف تابعا و مساويا للمعطوف عليه في الحكم الإعرابي، أما العطف عند النحاة فيعتبر من التوابع في الإعراب و هو على ضربين : عطف بيان و عطف النسق، و الذي يعنينا هنا هو الضرب الثاني، و يعرفه ابن هشام بقوله: ” عطف النسق تابع يتوسط بينه و بين متبوعه أحد الأحرف الآتي ذكرها”(13)، و بهذا نستطيع تعريف عطف الجملة بأنها الجملة الواقعة بعد حرف من حروف العطف و هي : ” الواو، و الفاء، و ثم، و حتى، و أو، و إما، و أم، و لا، و بل، و لكن”(14). و حروف العطف متباينة بعضها عن بعض في الاستعمال و الدلالة: ” فالأربعة الأول للجمع، فالواو للجمع مطلقا و لا ترتيب فيها، و الفاء للترتيب، و ثم مثلها بمهلة، و حتى مثلها، و معطوفها جزء من متبوعه ليفيد قوة أو ضعفا… “(15)، و يعلق صاحب الجمل على هذه الحروف موضحا وظيفتها الإعرابية بقوله: ” اعلم أن هذه الحروف تعطف ما بعدها على ما قبلها فتصيره على مثل حاله من الإعراب”(16). و هذا النوع من الجمل يطرأ عليه الحذف كذلك، و يدل عليه الجزء الأول أو الباقي من الكلام أو علم السامع به.
المطلب الرابع: جملة الخبر
الخبر في اللغة النبأ : جاء عند ابن سيده: ” الخبر النبأ و الجمع أخبار و أخابير جمع الجمع، و خبّره بكذا أنبأه، و استخبره سأله عن الخبر، التخبر السؤال عن الخبر، و رجل خابر، عالم بالخبر، و الخبير: المختبر”(17).
جملة الخبر كما يتضح هي الجملة المتضمنة لنبأ ما، و هي عند النحاة الجملة الواقع خبرا للمبتدأ أو لاسم إحدى النواسخ الحرفية أو الفعلية أو ما يعمل عملها، إذا دخلت على الجملة الاسمية ، و الخبر كما يقول النحاة هو الجزء المتم للفائدة، يقول ابن مالك في ألفيته:
و الخبر الجزء المتم الفائدة كالله برّ و الأيادي شاهده.(18)
يستفاد من قول ابن مالك أهمية الخبر في إتمام فائدة الكلام، و بذلك فحذف هذا الجزء مفردا كان أو جملة لا بد له من دليل يقود إليه حتى لا تفسد الفائدة، ما دام تمامها متوقفا عليه، و لذلك يرى ابن السراج أن حذف الخبر يكون لعلم المخاطب به، يقول: ” الجهة الثانية: أن تحذف الخبر لعلم السامع به”(19). و الخبر كما هو معلوم عند النحاة على ضربين: مفرد و جملة و في كل ضرب أنواع ، و الذي يهمنا بالدرجة الأولى هو الضرب الثاني و أنواعه، يقول صاحب المفصل: ” و (الخبر)الجملة على أربعة أضرب، فعلية، و اسمية، و شرطية، و ظرفية، و ذلك : زيد ذهب أخوه، و عمرو أبوه منطلق، و بكر إن تعطه يشكرك، و خالد في الدار”(20). وقد اشترط النحاة في هذا النوع من الجمل أن يربطها بالمبتدأ رابط، يقول الزمخشري: ” و لا بد في الجملة الواقعة خبرا من ذكر يرجع إلى المبتدأ، و قولك: في الدار، معناه: استقر فيها. و قد يكون الراجع معلوما، فيستغنى عن ذكره، و ذلك في مثل قولهم: البُرُّ الكرُّ بتين، و السمن منوان بدرهم.. “(21). و هذا الشرط ضروري لأن غياب الرابط/الراجع يخرج الجملة من الحكم السابق، فتكون بذلك جملة مستقلة بذاته، و كلاما مفيدا، و لعل الأمر يكشف عن حضور المنطق و النظر العقلي عند النحاة و قدرتهم على إدراك الحدود بين الجمل عامة، درءا للتناقض في بناء القاعدة النحوية بشكل عام.
المطلب الخامس: جملة جواب الشرط
جملة الشرط كما هو معلوم تتكون من طرفين هما: جملة الشرط، و جملة الجواب، و هذا التصنيف يرجع أساسا إلى الأصل النحوي للكلام المفيد الذي يشترط المسند و المسند إليه، و دليلنا على ذلك هو الفائدة التي هي مدار الكلام، و الفائدة كما تقدم بنا تقتضي وجود علاقة إسنادية بين اسمين أو فعل و اسم، أو ما قام مقام أحدهما، فجملة الشرط (المسند إليه) وحدها لا معنى لها، و كذلك الجواب (المسند)، و متى ذكر الطرف الأول استلزم الثاني و لو من باب التقدير، حتى تتحقق الفائدة.
و حد الشرط أنه: ” تعليق حصول مضمون جملة (هي جملة الجواب) بحصول مضمون جملة أخرى (هي جملة الشرط)، كإن جاء زيد أكرمته، و لو جاء الشيخ لتمثلت بين يديه”(22). فجملة جواب الشرط من خلال هذا التعريف هي الجملة المعلق مضمونها و المتوقفة على الشرط الذي يتقدمها، و هي من الجمل كذلك التي تحذف إذا دل عليها دليل.
المبحث الثالث: الترجمة في اللغة و الاصطلاح
المطلب الأول: الترجمة في اللغة
الترجمة في اللغة: مصدر من الفعل الرباعي “ترجم”، و هو في اللغة :”ترجم: الترجمان، المفسر للسان، و في حديث هرقل، قال لترجمانه، الترجمان، بالضم و الفتح: هو الذي يترجم الكلام أي ينقله من لغة إلى لغة أخرى، و الجمع التراجم، و التاء و النون زائدتان، و قد ترجمه و ترجم عنه.” (23)
الترجمة حسب ابن منظور تعني التفسير و النقل، و القائم بالترجمة يسمى ترجمانا أو مترجما، و لفظ ترجم أصيل في اللغة العربية، و هذا يدل على ممارسة العرب للترجمة إن تفسيرا أو نقلا من اللغات الأخرى إلى لغتهم العربية، و القصد منها هي التوضيح كما تفيد ذلك الكلمة “التفسير”.
و يقول الفيروز أبادي في القاموس المحيط :” الترجمان: المفسر للسان، و قد ترجمه و عنه” (24).
و عند الزبيدي في تاجه : “الترجمان” المفسر للسّان و قد ترجمه وترجم عنه إذا فسّر كلامه بلسان آخر، و قيل: نقله من لغة إلى أخرى (25).
و في المعجم الوسيط :” ترجم الكلام: بينه و وضحه، و ترجم كلام غيره، و عنه، نقله إلى لغة أخرى” (26).
المطلب الثاني: الترجمة في الاصطلاح
يعرفها كاتفورد ( Catford) بأنها : ” تعويض المعطيات النصية من لغة ( اللغة المصدر) بمكافئاتها النصية في لغة أخرى (اللغة الهدف) ” (27).
يحرص كاتفورد في تعريفه للترجمة (Translation) على ضرورة إيجاد المكافئات النصية في اللغة الهدف للنصوص المترجمة ، و هذا التحديد في عمقه يراعي الخصوصيات اللغوية، فالمكافئ هنا ليس بالضرورة أن يكون من جنس الأصل، فمن المعلوم أن اللغات تعبر عن نفس المعاني أقصد المعاني المشتركة أم سماه الشاطبي بالدلالة المطلقة بعدة صيغ و طرق تعبيرية مختلفة، فالمعنى الواحد يمكن حمله في أشكال و قوالب لغوية متعددة، و لأدل على ذلك من تحقق التواصل بين الناس رغم اختلاف اللغات و الثقافة، و لا ينبغي هنا أن نغفل حدود العملية التي رسمها كاتفورد، فهي تجري داخل النص، فالمعطيات النصية هي الجديرة بالترجمة و لا ينبغي أن يتجاوزها المترجم حتى لا يخلط بين الأمور، و هذا التحديد كما نفهم يمتح من اللسانيات البنيوية بشكل من الأشكال. و من المجدي أن نتساءل عن قيمة المعطيات الخارج-نصية في عملية الترجمة؟، فالمعطيات النصية ليست معزولة عن المعطيات الخارجية التي تحيط بها خاصة المعطيات الثقافية بالنسبة للنصوص البشرية تمييزا عن النصوص الدينية، و تزداد قيمة السؤال الذي طرحناه كلما اقتربنا من دائرة النص القرآني، فهو نص له خصوصيته الدينية التي تميزه عن غيره من النصوص. إذن يبدو أن هذا التعريف غير كاف للإحاطة بعملية الترجمة إحاطة شاملة.
أما هووس House، فينتبه للجوانب الدلالية و التداولية في تعريفه للترجمة، متداركا بذلك النقص الحاصل في تعريف كاتفورد، يقول : “إنها تعويض النص في اللغة المصدر بمقابله الدلالي و التداولي في اللغة الهدف ” (28). إن الترجمة عند هوس تقوم أساسا على المستويين الدلالي و التداولي، و هو بذلك يؤكد ارتباط الترجمة باللسانيات خاصة في مستوييها الدلالي و التداولي، فالمترجم مطالب بإتقانهما قبل الإقدام على الترجمة لغرض تحقيق التوازن Balance بين النص الأصلي و النص الهدف، فالمستوى التداولي لا يقتصر على البنية الداخلية للنص، و إنما ينفتح على المعطيات الخارجية انفتاحا مقصودا و خادما للنص نفسه، و هذا التعريف من الناحية الإجرائية هو الأنسب للدراسة.
نخلص إلى أن الترجمة من الناحية الاصطلاحية من خلال ما تقدم: نقل النص من اللغة الأصل، إلى اللغة الهدف مع ضرورة الحفاظ على المعاني الأصلية و مراعاة الجوانب اللغوية والدلالية و التداولية و الثقافية ، الشيء الذي يفرض على المترجم أن يكون متمكنا من اللغتين بل الثقافتين بالمعنى الدقيق و الواسع للكلمة، و بشكل خاص ما تعلق بقضية الحذف عموما و حذف الجمل خصوصا حتى يتمكن من استيعاب المعنى الكلي و نقله نقلا دقيقا. و هنا نتساءل هل استطاع بلاشير في ترجمته لمعاني القرآن الكريم أن ينقل المحذوف بشكل يضمن للمتلقي فهم النص القرآني بشكل سليم؟.
المبحث الرابع: القرآن في اللغة و الاصطلاح
الباب الأول: القرآن لغة

القرآن لغة: القرآن مصدر مرادف للقراءة ، جاء في الصحاح: “قرأت الشيء قرآنا جمعته و ضممت بعضه إلى بعض، و منه قولهم : ما قرأت هذه الناقة سلى قط، و ما قرات جنينا، أي لم تضم رحمها على ولد. و قرات الكتاب قراءة و قرآنا، و منه سمي القرآن، و قال أبو عبيدة سمي القرآن، لأنه يجمع السور فيضمها و منه قوله تعالى (إن علينا جمعه و قرآنه )(29) ؛ أي جمعه و قراءته” (30).

diae.net – شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات والأبحاث

الباب الثاني: القرآن اصطلاحا
تعددت تعريفات علماء الإسلام للقرآن من الناحية الاصطلاحية و اختلفت في كثير من الجوانب التي نعتبرها ثانوية، و هي تتفق في المحددات الكبرى المتمثلة في مصدره، و لغته، و المنزل عليه، و إعجازه، و سوره، و لا يسعنا المقام لذكرها جميعا، و سنكتفي بأشهر التعاريف كالآتي:
يعرفه الجرجاني بقوله : ” هو المنزل على الرسول المكتوب في المصاحف المنقول عنه نقلا متواترا، بلا شبهة” (31).
و هذا التعريف تبناه الشوكاني حيث يقول: ” و أما حد الكتاب اصطلاحا فهو الكتاب المنزل على الرسول، المكتوب في المصاحف، المنقول إلينا متواترا ” (32).
المبحث الخامس: التعريف بريجي بلاشير(Régis Blachère)
المطلب الأول: حياة بلاشير
يعد بلاشير من أبرز المستشرقين الفرنسيين المعاصرين الذين اهتموا باللغة و الأدب العربيين، فضلا عن اهتمامه الحضارة العربية ككل، و لد بلاشير في 30 يونيو 1900 في ضاحية مونروج (باريس)، سافر مع والديه إلى المغرب سنة 1915م، قضى دراسته الثانوية في مدرسة فرنسية بالدار البيضاء ثم عين ملاحظا في مدرسة مولاي يوسف في الرباط بعد حصوله على البكالوريا، ثم التحق بالجامعة، و حصل من جامعة الجزائر على الليسانس سنة 1922م، و في سنة 1929م عين في (معهد الدراسات العليا المغربية) بفضل ليفي بروفنصل و استمر في منصبه حتى سنة 1935م، و في عام 1936م حصل على دكتوراه الدولة من جامعة باريس عن رسالتين: الأولى عن: شاعر عربي من القرن الرابع الهجري: أبو الطيب المتنبي. و الثانية: ترجمة فرنسية لكتاب (طبقات الأمم) لصاعد الأندلسي، مع تعليقات كثيرة و مفيدة. عين بلاشير عل إثر ذلك أستاذا للغة العربية الفصحى في (المدرسة الوطنية للغات الشرقية) في باريس، و استمر في هذا المنصب إلى غاية 1950م؛ حيث شغل كرسي اللغة و الأدب العربيين في السربون إلى حين تقاعده عن السبعين عاما، أي سنة 1970م. و توفي في السابع من شهر أغسطس من عام 1973م (33).
المطلب الثاني: بعض أعماله
خلف بلاشير مجموعة من الأعمال إلى جانب رسالتيه للدكتوراه، من ذلك نذكر على سبيل المثال:
1-ترجمة (القرآن) إلى اللغة الفرنسية مع مقدمة طويلة و تفسير قصير، و قد رتب القرآن في هذه الترجمة وفقا لما ظنه ترتيب نزول السور و الآيات، أو ما يسميه الترتيب التاريخي للنص القرآني، متأثرا بآراء المستشرق الألمان تيودور نولدكه صاحب مدرسة النقد التاريخي، و خاصة كتابه تاريخ القرآن، لكن بلاشير عدل عن ذلك في نسخة الثانية للترجمة؛ حيث اعتمد الترتيب الأصلي الوارد في المصحف ، ظهر الجز الأول سنة 1949 و الثاني سنة 1950م، و تقع الترجمة في 1239 صفحة (34).
2- صنف كتابا صغيرا تحت عنوان “مشكلة محمد”، أو ما سماه: “Le problème de Mahomet” ، لخص فيه أبحاث المستشرقين الذين كتبوا محمد صلى الله عليه و سلم .
3- “تاريخ الأدب العربي منذ البداية حتى نهاية القرن الخامس عشر ” لكنه توفي قبل يتمه، و قد ظهر من ثلاثة أجزاء تنتهي عند 125ه/746م (35).
هكذا يتضح أن بلاشير تعمق في اللغة العربية و آدابها، ما أكسبه مكانة علمية متميز كان لها تأثير كبير على تلقي أعماله، و لذلك فإن ترجمته للقرآن الكريم التي تهمنا في هذه الورقة لقيت رواجا و إقبالا كبيرين من القراء الفرنسيين و العرب على حد سواء، بل هناك دراسة و نقد هذه الترجمة.

الفصل الثاني: حذف الجمل في القرآن الكريم و تأثيره على ترجمة بلاشير
يبدو من خلال الاطلاع على ترجمة بلاشير خاصة في طبعتها الجديدة التي اعتمد فيها على ترتيب السور و الآيات كما وردت في المصحف الشريف، على أن المترجم يجهل أو يتجاهل هذه الظاهرة اللغوية المهمة في فهم و استيعاب المعنى القرآني و مقاصده، و لعل حرص بلاشير على حرفية المعنى كما يبدو في ترجمته كان من العوامل التي جعلته لا يلقي اهتماما لهذا العنصر، و الغريب أنه لم يشر لذلك و على سبيل التعليق، على الرغم من كثرة التعليقات التي جعلها أسفل ترجمته للآيات القرآنية، و سنقف عند حذف الجمل: جملة الخبر، و جملة جواب الشرط، و الجملة المعطوفة في القرآن الكريم ، و سنبين تأثير ذلك على ترجمة بلاشير على النحو الآتي-:
المبحث الأول: حذف جملة الخبر و تأثيره على ترجمة بلاشير
جملة الخبر كما هو معلوم في اللغة و الثقافة العربية من الجمل التي تحذف في مواضع إذا دل عليها دليل و وجد المتكلم أن جذفها أولى من ذكرها لعلم المخاطب بها، و ذلك لأغراض بلاغية تتحدد في السياق الذي يجري فيه التواصل بين الطرفين، و قد ورد هذا النوع من الحذف كلام العرب، و تتبعه النحاة و البلاغيون و كشفوا عن مواطنه و فسروا أسبابه كل من زاويته، و بما أن القرآن الكريم نزل بلسان العرب، و وفق سننهم و عاداتهم في التخاطب، فإن حذفه لعناصر الكلام و أجزائه بشكل عام، و جملة الخبر تخصيصا أمر واقع حتما، و قد تناوله علماء العربية و كشفوا عن وظائفه البلاغية، أما الذين جهلوا بمزاياه فاتخذوه مدعاة للسخرية و التنقيص من شأن القرآن الكريم، و لو تأملوا العربية و كلام أهلها ثم القرآن و نظمه لوجدوا في ذلك من الأدلة ما يغنيهم عنا تكلف تلك الآراء، و للأسف الشديد فقد وجد بعض المستشرقين في مثل هذه الآراء ضالتهم و هاجموا القرآن و انتقصوا من شأنه، كما فعل دو ريير، و سفاري، و كازيمرسكي، و جورج سال، و غيرهم ممن حاولوا ترجمة القرآن الكريم إلى لغاتهم، و لعل بلاشير هو الآخر لم يحفل كثيرا بحذف جملة الخبر كغيرها من الجمل الأخرى، فمن ذلك على سبيل المثال:
قوله تعالى: ” الشمس و القمر بحسبان” (36)، لا شك أن المتأمل في هذه الآية الكريمة يجد أن عنصرها الثاني؛ أي الخبر، محذوف، و لا شك أن عدم معرفة بالحذف هنا من شأنه أن يوهم بأن الجار و المجرور متعلقان بمحذوف تقديره كائن أو موجود، كما يقول النحاة، و الحق أن المحذوف جملة تقديرها (يجريان)، يقول ابن هشام (ت761ه): ” الأرجح في قوله تعالى (الشمس و القمر بحسبان) أن يقدر (يجريان) فإذا قدرت (الكون) قدرت مضافا؛ أي جريان الشمس و القمر كائن بحسبان”(37). و متى أدركنا تقدير المحذوف فهمنا المعنى المراد أو الراجح على الأقل، و الذي قد لا يتحقق بجهل الحذف، أما عن دليل التقدير ذلك، فنعتقد أنه تم مراعة لحركة المعنى داخل السورة، و قياسا على الآية اللاحقة التي جاء خبرها جملة فعلية كذلك، يقول تعالى: ” و النجم و الشجر يسجدان”(38)، و هناك أدلة أخرى في مواضع مختلفة توحي بهذا التقدير و ترجيحه على غيره، من ذلك قوله تعالى: ” وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ، ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ “(39)؛ و هنا يرد صراحة لفظ (الجري).
و لنر الآن كيف تعامل بلاشير مع الآية القرآنية في ترجمته، يقول:
« Le Soleil et la Lune sont (soumis) à un cycle»(40)
لا نجد أثرا للمحذوف في ترجمة بلاشير، و لا إشارة للحذف في تعليقه الموجود أسلف الصفحة على الرغم من وجود تعليقات لترجمته، و بغض النظر عما اعتور ترجمته بشكل عام من نقائص، فهو من خلال ما قدمه يكشف لنا عن حقيقتين:
الحقيقة الأولى: و تتعلق بمدى تعمقه في اللغة العربية و علومها عامة، و بخاصة علمي النحو و البلاغة، الشيء أثر على نقله لمعنى الآية بحيث لم تؤد عبارته الفرنسية الحمولة الدلالة و الشحنة التأثيرية التي تؤديها العبارة العربية و القرآنية على وجه الخصوص.
الحقيقة الثانية: ترتبط بمدى اعتماد المترجم على التفاسير القرآنية و الاستفادة من مادتها المعرفية، و خاصة تفسير الزمخشري؛ لأنه من أهم التفاسير المعتمدة عند سابقيه من المستشرقين الفرنسيين الذين ترجموا القرآن الكريم، و هو معروف في أوروبا منذ فترة مبكرة جدا، فلننظر إلى رأي جار الله في هذا الخصوص، يقول: ” (بحسبان) بحساب معلوم و تقدير سوى (يجريان) في بروجهما و منازلهما و في ذلك منافع للناس عظيمة من علم السنين و الحساب”(41). فالزمخشري و غيره قدروا المحذوف على الوجه الأرجح.
هاتان الحقيقتان تردان بشكل مطرد على الأقل في مسألة حذف الجمل في القرآن الكريم عند بلاشير في ترجمته، إن حذف جملة الخبر-على أهميتها في بناء المعنى القرآني- من خلال الأمثلة السابقة و غيرها مما لم يسعفنا المجال لذكرها جميعا، كشفت لنا عن تأثيره على المعنى المنقول بواسطة العبارة البلاشيرية، و لعل هذا النقل له تبعات على المتلقي من حيث كونه لم يتسنى له الإحاطة بالمعنى في صورته الشمولية، و من ثمة لا نعدم أن يكون ذلك مطية لاتهام القرآن، و من جهة ثانية تأثير ذلك على النص الأصلي من خلال تقديمه في تلك الصورة التجزيئية لمعناه، أو على الأصح خيانته بشكل من الأشكال، و من شأن تلك الخيانة هي الأخرى و بنفس التأثير أن تكون عائقا أمام الإقبال على القرآن في نسخته الأصلية، و الملاحظ في ترجمة بلاشير أنها تنحو منحى واحدا في التعامل مع حذف الجمل الخبرية، و يكفي القارئ الكريم أن يطلع على الترجمة ليقف عند هذا الجانب، و درءا للإسهاب ارتأيت الاقتصار على نموذج واحدا في هذا الصدد على أمل أن تتاح الفرصة لاستقصاء كل ذلك في الترجمة.
المبحث الثاني: حذف جملة جواب الشرط و تأثيره على ترجمة بلاشير
على غرار ما رأينا مع بلاشير و تعامله مع حذف الجملة الخبرية، و جدنا الرجل قد قام بالشيء نفسه إزاء جملة جواب الشرط، و هنا نود أن نقرر على أن الشرط في العربية لا يختلف كثيرا عن نظيره في اللغة الفرنسية، اللهم ما تعلق بالخصوصيات اللغوية، و لكن على العموم فالشرط موجود في اللغتين و يتكون من عنصرين: الشرط و الجواب. و ما دام الأمر كذلك فما الذي منع المترجم من الإشارة إلى هذه المسألة على غرار المفسرين حتى يحافظ على الأصل الذي يترجم عنه؟، أليس الشرط مستلزما جوابه؟ أليس لجواب الشرط دور مهم في بناء المعنى و معنى الآية القرآنية؟، و إذا كان حذفه في القرآن الكريم و السكوت عن ذكر المحذوف إنما كان على الأقل لقدرة السامع/ المتلقي على تقديره بفضل ملكته اللغوية و قدرته على تقدير المحذوف جريا على معهود العرب، فضلا عن بلاغة الحذف في القرآن الكريم كما سنرى، فما الذي يضمن لبلاشير هذا المعطى، أليس غي سكوته عن ذلك مغامرة بمن يتوجه إليهم بعمله، و تلبيسه للفهم عندهم، و لنتحقق من دور جملة دواب الشرط في ما قلناه، لنتأمل الأمثلة الآتية:
قال تعالى: ” و لو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا و أن الله شديد العقاب”(42). يقول الإمام الزمخشري في كشافه: ( لو يعلم هؤلاء الذين ارتكبوا الظلم العظيم بشركهم أن القدرة كلها لله على كل شيء؛ من العقاب و الثواب دون أندادهم، و يعلمون شدة عقابه للظالمين إذا عاينوا العذاب يوم القيامة، لكان منهم ما لا يدخل تحت الوصف من الندم و الحسرة و وقوع العلم بظلمهم و ضلالهم…)(43). لا شك أن جملة الشرط في الآية الكريمة حذف منها الجزء الثاني المتعلق بالجواب، حتى يصير المعنى كاملا و واضحا، و لعلنا ندرك في تفسير الزمخشري للآية الكريمة الجزء المحذوف و هو قول المفسر: (لكان منهم ما لا يدخل تحت الوصف من الندم و الحسرة و وقوع العلم بظلمهم و ضلالهم)، فالزمخشري يعرض المحذوف و يستدعيه ليفهم المتلقي المراد من العبارة القرآنية، و هذا ما لم يفعله المترجم حيث يكتفي بقوله:
« Quand ils verront le tourment, puissent ceux qui sont injustes voir que la force est à Allah entièrement et qu’Allah est redoutable en (son) tourment!. »(44)
هكذا يترجم بلاشير الآية حرفيا دون أدنى إشارة إلى الجواب و لو في التعليق، و بذلك يكون قد اجتزأ المعنى القرآني، و أخمد جذوة العبارة، و لو عاد للتفاسير لكان له رأي آخر، إن كان فعلا ينشد الأمانة في ترجمة المعاني القرآنية، نحن لا نشترط على المترجم أن يذكر الجواب المحذوف في ترجمته، و لكننا نؤاخذ عليه عدم الإشارة إلى حذف الجواب في الآية، فضلا عن الإشارة إلى الغرض من الحذف و بلاغته في كلام العرب، و توجيه المتلقي إليه، و لكن السكوت عن الظاهرة يضمر ما يضمره للمعنى القرآني، و لو عن غير قصد من المترجم نفسه، أقول هذا لأن المترجم يزعم من خلال عنوان ترجمته أن يقدم قرآنا باللغة الفرنسية، و هو زعم لا يخلو من مجازفة علما بحقيقة الترجمة و حدودها المكنة بشكل عام، و ترجمة النص القرآني، فضلا عن معانيه. و من ذلك أيضا قوله تعالى:” و لو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد و لا نكذب بآيات ربنا و نكون من المؤمنين”(45). الآية الكريمة تتضمن أسلوبا للشرط، و قد حذف منه الجواب لأن المعنى الحرفي للعبارة خاصة للمتلقي غير العربي ليس كاملا ما دام الجواب محذوف، و لكن التأمل في جملة الشرط و ما تصوره من مشاهد رهيبة يدرك شيئا من الجواب أو على الأقل يضع نفسه في المسار المفضي إلى المحذوف الذي يعني التعظيم و التهويل و التفظيع، قال البغوي (ت 510ه): ( و جواب لو مضمر مجازه: لرأيت أمرا فظيعا)(46). و قال القزويني (ت 739ه): ” أخرج في سورة الخطاب؛ لمّا أريد العموم؛ للقصد إلى تفظيع حالهم، و أنها تناهت في الظهور حنى امتنع خفاؤها، فلا تختص بها رؤية راء. بل كل من يتأتى منه الرؤية داخل في هذا الخطاب”(47). ما يستفاد من القولين معا بغض النظر عن الإصابة في تقدير المحذوف من عدمها، هو أنهما كما غيرهم تفطنوا إلى أن الكلام يحتاج إلى طرفه الثاني، فاجتهدوا ما بوسعهم لتقريب المعنى إلى المتلقي الذي لا يمتلك نفس المؤهلات التي يمتلكها أهل العلم و التخصص، و هذا يحسب لهم، أما بلاشير فقد غض الطرف عن ذلك كله، و نقل ما هو مذكور في الآية و أحجم عن المحذوف، يقول مترجما الآية:
« Ah! Puisses-tu (les) voir quand ils seront mis debout devant le feu et s’écrieront :(plût au ciel que nous fussions ramenées (sur terre) Nous ne traiterions pas de mensonges les aya de notre Seigneur et serions parmi les Croyants.»(48)
و قد يجادل أحد في المسألة و يدافع عن المترجم بحجة أنه لم يكن عارفا بذلك، و الرد يسير جدا، مفاده أن ذلك لا يجزيه في هذا الصدد؛ لأن القيام بالترجمة يكون وفق شروط و ضوابط أسهب في ذكرها أهل العلم، كما أن بلاشير لم يترك لنفسه ما يكف عنه ألسنة النقد، و ذلك واضح في العنوان كما سبقت الإشارة إليه. هذا دون الحديث عن دقة الترجمة التي قدمها بلاشير و مدى إحاطتها و فائها للأصل.
يقول الله عز و جل: ” و سيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها و فتحت أبوابها”(49). إن تدبر القارئ في الآية القرآنية الكريمة، و هو يتتبع المعنى و حركيته، و كيف يتشكل من خلال العلاقات الرابطة بين أجزاء الكلام و أصواته، و بمجرد أن ينتهي إلى آخر الآية يستشعر أن المعنى مستمرا ما دام التركيب في حاجة إلى الجواب، فيقدر المحذوف حتى تصير صورة المعنى مكتملة في ذهنه، و التقدير بلا شك يتخذ منحى إيجابي، بمعنى تحقيق السعادة و الفرح بما أتاهم الله تعالى جزاء تقواهم، و التقدير كما يقول السمين الحلبي (ت 756هـ): ” نالوا من السعادة و الرضا و التكريم و الاطمئنان ما نالوا”(50). أما الإمام الزمخشري فلم يقدر المحذوف رغم إقراره بحذفه، معللا مذهبه بأن الحذف دال على شيء لا يحيط الوصف به، يقول: ” (حتى)هي التي تحكى بعدها الجمل و الجملة المحكية بعدها هي الشرطية إلا أن جزاءها محذوفة و إنما حذف لأنه في صفة ثواب أهل الجنة فدل بحذفه على أنه شيء لا يحيط به الوصف”(51). و مهما يكن الأمر بخصوص دلالة المحذوف في علاقته بالآية الكريمة في صيغتها العربية، التي بمقدورها أن ترشد المتلقي إلى تلمس المعنى أو الاقتراب منه، فهل الأمر متحقق بنفس القدر في ترجمة بلاشير؟ يقول في ترجمة الآية:
« Cependant, ceux qui auront été pieux envers leurs Seigneur seront poussés par groupes vers le jardin. Quand afin ils y arriveront, ses portes seront ouvertes. »(52)
لا توجد في ترجمة بلاشير أدنى إشارة إلى وقوع الحذف على الآية القرآنية، و لا يوجد أي شرح إضافي من شأنه أن يضيء أكثر المعنى و ينقل الصورة إلى المتلقي، على الأدنى أن يستثير انتباهه و يفتح له مجال التأمل في النعيم و الجزاء الذي أعده الله تعالى للمتقين، لم يفعل شيئا من ذلك، على الرغم من أن التفاسير القرآنية تقدم معلومات مفيدة تيسر فهم الآية و إفهامها للمترجم نفسه. و بذلك يتضح لنا أن ترجمة بلاشير لجمل الشرط في القرآن الكريم لم تكن بالشكل الدقيق و المطلوب، مما انعكس على نقل المعنى القرآني و توجيه المتلقي لترجمته لذلك، و لعل حرصه على النقل الحرفي للآية حال دون الترجمة المطلوبة لمعاني القرآن الكريم، و هذا بلا شك من النواقص التي اعترت الترجمة عند بلاشير.
المبحث الثالث: حذف جملة العطف و تأثيره على ترجمة بلاشير
جملة هي العطف أو الجملة المعطوف كما هو معلوم عند علماء العربية من الجمل التي تحذف كذلك، و قد جرى حذف هذه الجملة في القرآن الكريم في مواضع متفرقة و لأسرار دلالية متعددة، و لطائف تداولية جمة، و لعل للحذف أثرا كبيرا في تلقي الخطاب القرآني؛ حيث يحمل المتلقي و هو يحاول الإمساك بالمعنى الكلي، على التدبر و التأمل و كشف العلائق بين أجزاء الكلام فيما بينها، و بينها و بين المخاطَبين، و من ثمة فمعرف الحذف و حقيقته و أسراره من المداخل الهامة الموصلة إلى الفهم السليم لكتاب الله عز وجل، و قد رأينا في الصفحات السابقة كيف أن تجاهل بلاشير للحذف أثر بشكل كبير في ترجمته للقرآن الكريم، حيث لم يستطع الإحاطة بالمعنى في شموليته، و اكتفى بالمعنى الحرفي للآية القرآنية، و جملة العطف هي الأخرى لها وقع عظيم على تسلسل المعاني و تكاملها بما يقرب الصورة من المتلقي، و يجعله يتذوق المعنى القرآني و يستشعر حضوره في دواخله، و من شأن تجاهل جملة العطف أن يلبس على القارئ المعنى، و هذا ما وقع لبلاشير كما سنرى من خلال النماذج الآتية:
قال عز و جل: ” و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا عن أمر ربهم فحق عليه القول فدمرناها تدميرا”(53). إن الإحاطة ببلاغة العرب و استعمالها للغة كفيل بالإقرار أن ثمة جملة عطف محذوفة، و إذا لم يكن القارئ على قدر من تلك الإحاطة، فمن المحتمل الوقوع في وهم يتعارض مع المراد؛ ذلك أنه قد يفهم من ظاهر العبارة أن الله تعالى أمر مترفي القرية بالفسق، و هذا محال و غير مقصود، و إنما التقدير: أن الله تعالى أمر المترفين بالطاعة و الخير، فخالفوا أمره بالمعصية و الفسوق، و استحقوا بذلك عذاب الله تعالى، فانظر كيف أن تقدير المحذوف يكشف المعنى و يدل إليه. يقول الفراء (ت 207ه): ” و فسّر بعضهم (أمرنا مترفيها) بالطاعة (ففسقوا)؛ أي إن المترف إذا أمر بالطاعة خالف إلى الفسوق”(54). و قال أبو عبد الله الرازي: ” و لقائل أن يقول: كما أن قوله: أمرته فعصاني يدل على أن المأمور به شيء غير الفسق، لأن الفسق عبارة الإتيان بضد المأمور به، فكونه فسقا ينافي كونه مأمورا به كما أن كونه معصية ينافي كونها مأمورا به، فوجب أن يدل هذا اللفظ على أن المأمور به ليس بفسق، هذا الكلام في غاية الظهور فلا أدري لم أصر صاحب الكشاف على قوله مع ظهور فساده، فثبت أن الحق ما ذكروه، و هو أن المعنى أمرناهم بالأعمال الصالحة، و هي الإيمان و الطاعة، و القوم خالفوا ذلك عنادا و أقدموا على الفسق”(55). لا شك أن الرازي هنا يناقش قضيتين مهمتين، قضية المأمور به في الآية و الذي يذهب فيه إلى أنه (الأعمال الصالحة) خلاف ما قال به بعض المفسرين، كالزمخشري من أن المأمور به (الفسق مجازا)، و قد بين صاحب البحر المحيط ضعف هذا الرأي و استدل على ذلك، أما القضية الثانية و التي هي مدار اهتمامنا، هي متعلقة بتقدير جملة العطف المحذوفة و هي (خالفوا)، و لعل ما يثير الانتباه هنا، هو حجم العناية و الاهتمام الذي خص به العلماء القرآن الكريم، لأنهم يدركون المسؤولية الملقاة على عاتهم، فضلا عن قيمة القرآن و إعجازه للناس، عكس بلاشير الذي يظهر من خلال ترجمته أنه لا يتهمم بقضايا القرآن الكريم، فهو يتعامل معه بشكل عاد و لا يميز بينه و بين النصوص البشرية الأخرى، فنتأمل ترجمته للآية السابقة، يقول:
« Quand nous voulons faire périr une cité nous ordonnons aux riches et il se livrent à leur scélératesse. La parole contre cette cité se réalise et nous la détruisons entièrement. »(56)
هكذا كعادته سكت بلاشير عن كل ذلك، و كأن المعنى بتلك السهولة و الحرفية التي يتصورها، و حتى إذا كان على علم بالأمر و ما أثير حوله من آراء و نقاش بين المفسرين و العلماء الذين عنوا بالقرآن الكريم، و ارتضى لنفسه ما نقله للقارئ، و هو في ذلك حر بلا شك، و لكن من الناحية المنهجية، لا بد أن يشير إلى أن المسألة فيها خلاف، و يحيل القارئ إلى المصادر قصد الاستزادة في البيان، لأن القول القرآني بلا شك مختلف عن الأقوال البشرية، فهو القول الثقيل كما أخبر القرآن الكريم نفسه، ” إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا “(57)، أما القول البشري فلا يعدو كون قولا خفيفا يعتوره من النقص و القصور ما يحول بين و بين استيعاب القول الثقيل.
ومن أمثلة حذف جملة العطف في القرآن الكريم قوله تعالى: ” فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا”(58). فلعل القارئ يدرك أن انفجار العيون من الحجر إنما هو بالضرب عليه بقدرة الله تعالى، و هذا ما أمر به موسى عليه السلام، و قد حذفت جملة العطف (فضرب) التي دل عليها اللفظ السابق (اضرب)، ليعلم بذلك أن الأخذ بالأسباب و التوكل على الله تعالى هما اللذان يبلغان العبد مراده، و في تقدير المحذوف يقول الزمخشري: ” (فانفجرت) الفاء متعلقة بمحذوف؛ أي فضرب فانفجرت “(59). و هذا المعنى ذهب إليه كذلك الواحدي حيث، يقول: ” أي فضرب فانفجرت “(60). و كذلك الشأن بالنسبة محمد على الصابوني، حيث يقول: ” أي فضرب فتدفق الماء منه بقوة، و خرجت منها اثنتا عشرة عينا بقدر قبائلهم”(61). هكذا يتضح أن أغلب التفاسير تؤكد على حذف جملة العطف (فضرب)، و هذا يعكس وعي علماء العربية بأهمية تقدير المحذوف في فهم المعنى، أما بلاشير فكعادته لم يقل شيئا من ذلك و اكتفى بالظاهر فقط، يقول مترجما الآية:
« Nous dîmes (à Moise) : (Frappe le Rocher de ton bâton) Douze sources jaillirent (du Rocher). »(62)
هكذا ينقل بلاشير المعنى دون أن يقف عند الآية و يبحث عن مكوناتها، و لم يفسر ذلك في تعليقه الذي تناول فيه أشياء أخرى لآيات لاحقة، على الرغم من أن الآية تتضمن ما يوحي بالحذف كما أسلفنا ذكره، و ثمة ما يثير الانتباه في ترجمة بلاشير تلك، فقد كتب المترجم كلمة الحجر كتابة توحي على أنه حجر معروف، و هذا ما يفيده قوله (Rocher)، و قد وقف المفسرون عند هذا و الأقوال فيه كثيرة عرض الزمخشري عددا مهما منها، فما الذي جعل المترجم يقرر ما فعل؟.
حذف جملة العطف من خلال ما تقدم لا يختلف عما رأيناه بخصوص الجملتين السابقتين، فكل نوع من الأنواع الثلاثة مرتبط بشكل كبير بالمعنى في علاقته بالمتلقي، و لعل سكوت بلاشير عن بيان ذلك قد أثر على ترجمته للقرآن الكريم، لو عاد المترجم إلى المصادر العربية و أحاط بهذه الظاهرة لكان ذلك مفيدا له في نقل المعنى القرآني و الحفاظ على الأثر الجمالي للعبارة العربية.

diae.net – شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات والأبحاث

خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
لا يعزب عن شريف فهم القارئ- من خلال ما تقدم- أن ظاهرة الحذف في القرآن عموما و حذف الجمل خصوصا له تأثير قوي على فهم كتاب الله عز وجل، و لا شك أن الفهم الجيد للقرآن يساعد بشكل كبير في نقل معانيه بقدر من الأمانة و الدقة متى تمكن المترجم من شروط ذلك مجتمعة، و لن يتأتى الفهم الجيد للقرآن ذلك إلا بالتبحر في العربية و علوم القرآن و كل ما أفرزه الاحتكاك بالنص القرآني من علوم جمة، و الإحاطة بمعهود العرب و طرائقها في تصريف الكلام. و بما أن الترجمة أساسا عملية نقل و انتقال بين الثقافات الإنسانية ، فلا محيد للمترجم عن معرفة الخصوصيات الثقافية بين: اللغة/الثقافة الأصل (Source Language) و اللغة/ الثقافة الهدف (Target Language)، و قد عاينا كيف تأثرت ترجمة بلاشير بحذف الجمل في القرآن الكريم ؛ لأن المترجم في أحسن الأحوال يجهل الحذف و حقيقته، فضلا عن تأثيره على البنية الدلالية في النص القرآني، و في أسوأ الأحوال أن ترجمته تصدر من خلفية أيديولوجية لا تروم الموضوعية و الدقة. لقد كشفت الدراسة عن أهمية الحذف في بناء المعنى القرآني فضلا عن التأثير البلاغي للظاهرة على المتلقين المتمكنين منه بشكل خاص، و لا شك أن العناية بعلوم العربية كلها مدخل ضروري لفهم و ترجمة المعاني القرآنية، و حسب الموضوع الذي بحثناه أنه أثار قضية مهمة من قضايا ترجمة معاني القرآن الكريم، و التي تحاج –ترجمة معاني القرآن-جهودا متواصلة لتدارك العديد من الاختلالات التي شابت هذا النوع من الأعمال؛ و هي بلا شك من أعقد المباحث التي تطرح تحديات جمة أمام المترجم عامة، و بلاشير خاصة.

diae.net – شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات والأبحاث

الهوامش
(1) الإسراء الآية 88
(2) الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، مختار الصحاح، إخراج دائرة المعاجم في مكتبة لبنان، مكتبة لبنان، 1986م، مادة ح.ذ.ف، ص 54
(3) قدامة بن جعفر البغدادي، نقد النثر، تحقيق أحمد مطلوب و خديجة الحديثي، 1967م،ص 69
(4) سيبويه، الكتاب، تحقيق عبد السلام هارون، بيروت-دار الجيل، ط 2، 1988م، ج 2، ص 130
(5) أبو الفتح عثمان بن جني، الخصائص: تحقيق محمد علي نجار، الهيئة العامة المصرية، القاهرة، ط 4، 1999م، ج 1، ص 360.
(6) ابن يعيش، شرح المفصل، القاهرة، مكتبة المتنبي، (د-ت) (د-ط)، ج1، ص 94
(7) عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، مكتبة الخانجي، ط 5، 2004م، ص 146.
(8) بطرس البستاني، محيط المحيط، مكتبة لبنان- بيروت، طبعة جديدة 1987م، ص 164.
(9) الزمخشري، المفصل في علم العربية، دراسة و تحقيق الدكتور فاخر صالح قدارة، دار عمار للنشر و التوزيع، ط 1، 2004م، ص 32.
(10) محمد السيد الشريف الجرجاني (ت816ه)، معجم التعريفات، تحقيق و دراسة محمد صديق المنشاوي، دار الفضيلة، (د-ط-ت)، ص 70.
(11) محمد فاضل السامرائي، النحو العربي و معان، دار ابن كثير، ط 1، 2014م، ج 1، ص 9.
(12) ابن هشام، أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، و معه كتاب عدة السالك إلى تحقيق أوضح المسالك و هو الشرح الكبير من ثلاثة شروح، تأليف محمد محي الدين عبد الحميد، جار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت ، (د-ط-ت) ، ج 3، ص 246.
(13) المصدر نفسه ص 353.
(14) ابن الحاجب، الكافية في علم النحو و الشافية في علمي الصرف و الخط، تحقيق: صالح عبد العظيم الشاعر، مكتبة الآداب، القاهرة، (د-ط-ت)، ص 53
(15) المصدر نفسه ص 53.
(15) أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت 340هـ)، الجمل في النحو، تحقيق علي الحمد توفيق، مؤسسة الرسالة، دار الأمل، ط 1، 1986م، ص 17.
(16) ابن منظور ، لسان العرب، دار صادر للنشر و الطباعة، القاهرة، ط 4، 2005، مادة خبر.
(17) أبو زيد بن صالح المكودي، شرح المكودي على ألفية ابن مالك، تحقيق: فاطمة راشد الراجحي، الدار المصرية القاهرة، 2004م، ص 167
(18) أبو بكر محمد بن سهل بن السراج، الأصول في النحو، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 3، 1996م، ج1، ص 68.
(19) الزمخشري، المفصل في علم العربية، دراسة و تحقيق الدكتور فاخر صالح قدارة، دار عمار للنشر و التوزيع، ط 1، 2004م ص 49
(20) المصدر نفسه ص 49
(21) عبد الله بن أحمد الفاكهي (ت 976هـ)، شرح كتاب الحدود في النحو، تحقيق المتولي رمضان أحمد الدميري، 1988م، ص 275.
(22) أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور، لسان العرب، دار صادر بيروت 2003، (ترجم) المجلد 12، ص 66.
(23) الفيروزأبادي محمد بن يعقوب. القاموس المحيط ، تحقيق: محمد نعيم المرقسوسي، مؤسسة الرسالة، ط8، 1426ه-2005م، 4/114.
(24) الزبيدي محمد بن محمد بن عبد الرزاق المرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: عبد الستار أحمد فراج، طبعة الكويت، 1385ه-1965م2/211
(25) منتصر عبد الحليم و عطية الصوالحي، و محمد خلف الله أحمد، المعجم الوسيط ، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مكتبة الشروق، ط4، 1425ه-2004م1/81.
(26)Catford , J .C .(1965) A Linguistic Theory of Translation. An Essay in Applied Linguistics , London : Oxford University press, P 20.
(27) House, J (1997) A Model for Translation Quality Assessment, tubingen, p 31.
(28) القيامة 17.
(29) إسماعيل بن حماد الجوهري . الصحاح، تاج اللغة و صحاح العرية، مادة قرأ، ط 1 القاهرة، 1956.
(30) العلامة علي بن محمد الجرجاني . التعريفات، ضبطه و فهرسه محمد بن عبد الحكيم القاضي ،دار الكتاب المصري، القاهرة ، دار الكتاب اللبناني-بيروت، ط1، 1991م . ص 188.
(31) السيوطي جلال الدين. الإتقان في علوم القرآن. تحقيق محمود مرسي، و محمد عوض هيكل، دار السلام، ط1، 2008، ج1/ص 66.
(32) عبد الرحمن بدوي، موسوعة المستشرقين، دار العلم للملايين- بيروت، ط 3، 199″م، ص 127.
(33) المرجع نفسه ص 127.
(34) المرجع نفسه ص 127.
(35) الرحمن الآية 3
(36) ابن هشام، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق: مازن المبارك و محمد علي حمد الله، مؤسسة الصادق، طهران، 1378ه،ـ 2/586
(37) الرحمن الآية 4
(38) يس الآية 38
(39) Le Coran. Traduction selon un essai de reclassement des sourates, G.-P. Maisonneuve, Paris, 1972 , 4/5, p :567
(40) أبو القاسم، الزمخشري، الكشاف، اعتنى به خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، ط 3، 2009م، ص 55.
(41) البقرة الآية 165
(42) الزمخشري، الكشاف، 1/354.
(43) Blachère, R, le Coran , p : 51
(44) الأنعام الآية 27
(45) البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1420ه، ـ59/3
(46) جلال الدين القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة، تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي، بيروت، دار الجيل، ط3. 2/11.
(47) Blachère, R, le Coran , p : 154
(48) الزمر الآية 73.
(49) السمين الحلبي، الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، تحقيق: أحمد محمد الخراط، دمشق دار القلم، (د-ط-ت) 9/85.
(50) الزمخشري، الكشاف، ص 949.
(51) Blachère, R, le Coran , p : 496
(52) الإسراء الآية 16
(53) الفراء، معاني القرآن، عالم الكتب، بيروت، ط3، 1983م، 2/119
(54) أبو حيان النحوي الأندلسي، البحر المحيط في التفسير، دراسة و تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود و آخرون، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1993م؛ ج 6، ص 17
(55) Blachère, R, le Coran , p : 308
(56) المزمل الآية 3
(57) البقرة الآية 60.
(58) الزمخشري، الكشاف، ص 79.
(59) الواحدي، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق: صفوان داودي، دار القلم، دمشق، ط1، 1415هـ، ص 108.
(60) محمد علي الصابوني، صفوة التفاسير، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت لبنان، 2001م، ص 54.
(61) Blachère, R, le Coran , p :36

diae.net – شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات والأبحاث

لائحة المصادر و المراجع
المصادر و المراجع العربية
 القرآن الكريم؛
 ابن الحاجب، الكافية في علم النحو و الشافية في علمي الصرف و الخط،تحقيق: صالح عبد العظيم الشاعر، مكتبة الآداب، القاهرة، (د-ط-ت) ؛
 ابن منظور ، لسان العرب، دار صادر للنشر و الطباعة، القاهرة، ط 4، 2005م ؛
 ابن هشام، أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، و معه كتاب عدة السالك إلى تحقيق أوضح المسالك و هو الشرح الكبير من ثلاثة شروح، تأليف محمد محي الدين عبد الحميد، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت ، (د-ط-ت) ؛
 ابن هشام، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق: مازن المبارك و محمد علي حمد الله، مؤسسة الصادق، طهران، 1378هـ ؛
 ابن يعيش، شرح المفصل، القاهرة، مكتبة المتنبي، (د-ت) (د-ط)؛
 أبو الفتح عثمان بن جني، الخصائص: تحقيق محمد علي نجار، الهيئة العامة المصرية، القاهرة، ط 4، 1999م ؛
 أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت 340هـ)، الجمل في النحو، تحقيق علي الحمد توفيق، مؤسسة الرسالة، دار الأمل، ط 1، 1986م؛
 أبو بكر محمد بن سهل بن السراج، الأصول في النحو، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 3، 1996م ؛
 أبو حيان النحوي الأندلسي، البحر المحيط في التفسير، دراسة و تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود و آخرون، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1993م؛
 أبو زيد بن صالح المكودي، شرح المكودي على ألفية ابن مالك، تحقيق: فاطمة راشد الراجحي، الدار المصرية القاهرة، 2004م؛
 بدوي عبد الرحمن ، موسوعة المستشرقين، دار العلم للملايين- بيروت، ط 3، 199″م، ص 127.
 البستاني بطرس ، محيط المحيط، مكتبة لبنان- بيروت، طبعة جديدة 1987م؛
 البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1420هـ؛
 الجاحظ، الحيوان، تحقيق وشرح عبد السلام هارون، ط 2، 1965م ؛
 الجرجاني عبد القاهر ، دلائل الإعجاز، مكتبة الخانجي، ط 5، 2004م؛
 الجرجاني علي بن محمد. التعريفات، ضبطه و فهرسه محمد بن عبد الحكيم القاضي ،دار الكتاب المصري، القاهرة ، دار الكتاب اللبناني-بيروت، ط1، 1991م ؛
 الجوهري إسماعيل بن حماد . الصحاح، تاج اللغة و صحاح العرية، مادة قرأ، ط 1 القاهرة، 1956؛
 الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، مختار الصحاح، إخراج دائرة المعاجم في مكتبة لبنان، مكتبة لبنان، 1986م ؛
 الزبيدي محمد بن محمد بن عبد الرزاق المرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: عبد الستار أحمد فراج، طبعة الكويت، 1385ه-1965م ؛
 الزمخشري، المفصل في علم العربية، دراسة و تحقيق الدكتور فاخر صالح قدارة، دار عمار للنشر و التوزيع، ط 1، 2004م،
 السامرائي محمد فاضل ، النحو العربي و معان، دار ابن كثير، ط 1، 2014م؛
 السمين الحلبي، الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، تحقيق: أحمد محمد الخراط، دمشق دار القلم، (د-ط-ت)؛
 سيبويه، الكتاب، تحقيق عبد السلام هارون، بيروت-دار الجيل، ط 2، 1988م ؛
 السيوطي جلال الدين. الإتقان في علوم القرآن. تحقيق محمود مرسي، و محمد عوض هيكل، دار السلام، ط1، 2008م ؛.
 الصابوني محمد علي ، صفوة التفاسير، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت لبنان، 2001م،
 الفاكهي عبد الله بن أحمد (ت 976هـ)، شرح كتاب الحدود في النحو، تحقيق المتولي رمضان أحمد الدميري، 1988م ؛
 الفراء، معاني القرآن، عالم الكتب، بيروت، ط3، 1983م؛
 الفيروزأبادي محمد بن يعقوب. القاموس المحيط ، تحقيق: محمد نعيم المرقسوسي، مؤسسة الرسالة، ط8، 1426ه-2005م ؛
 قدامة بن جعفر البغدادي، نقد النثر، تحقيق أحمد مطلوب و خديجة الحديثي، 1967م؛
 القزويني جلال الدين ، الإيضاح في علوم البلاغة، تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي، بيروت، دار الجيل، ط3.، د-ت ؛
 منتصر عبد الحليم و عطية الصوالحي، و محمد خلف الله أحمد، المعجم الوسيط ، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مكتبة الشروق، ط4، 1425ه-2004م ؛
 الواحدي، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق: صفوان داودي، دار القلم، دمشق، ط1، 1415هـ؛
 المصادر و المراجع الأجنبية
 Le Coran. Traduction selon un essai de reclassement des sourates, G.-P. Maisonneuve, Paris, 1972
 Catford , J .C .(1965) A Linguistic Theory of Translation. An Essay in Applied Linguistics , London : Oxford University press.
 House, J (1997) A Model for Translation Quality Assessment, tubingen,

الكلمات المفتاحية: الحذف-الجُمَل-الترجمة-القرآن- بلاشير

diae.net – شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات والأبحاث


نشر منذ

في

,

من طرف

الكلمات المفاتيح:

الآراء

اترك رد